ما هو استقطاب الموارد البشرية ؟ ولأي من الإدارات ينتمي داخل المؤسسة، وما الأهداف المرجو تحقيقها به لإضافة قيمة للمؤسسة؟ وكيف يتم داخل المؤسسات وما هي أهم مصادره؟
تعتبر إدارة الموارد البشرية مهمة في أي مؤسسة لما لها من دور فاعل في إدارة الأفراد في مكان العمل، حيث تقوم باختيار الموظفين وتعيينهم وتدريبهم وتوجيههم وتطوير مهاراتهم بما يحقق أهداف المؤسسة، بالإضافة إلى تقييم أدائهم وتحفيزهم والتعامل مع كافة الجوانب التي تتعلق بهم، وعرّفها (الخليل، 2018م، ص6) بأنها: مجموعة وظائف وأنشطة تستخدم لإدارة الموارد البشرية بطريقة بعيدة عن التحيز وبشكل فعال لمصلحة المنظمة والفرد والمجتمع في تنظيم ومجتمع معينين.
وتعتبر إدارة الموارد البشرية إدارة حيوية و هامة داخل المنظمات بحيث تعمل على تحسين أداء الموظفين من خلال توافق أهدافهم مع المنظمة، وتطوير أدوات التقييم العادلة، وتحسين الإنتاجية بالعمل على تطوير وتدريب الموظفين، وتحسين مستوى الموظفين وارتباطهم المهني من خلال الاهتمام ببيئة العمل والاتصال الفعال والشفافية داخل المنظمات، وتحديث الأنظمة والعمليات الإدارية لتحسين جودة الخدمات المقدمة، وضمان استدامة المؤسسات ونجاحها في المستقبل (حجراف، 2019م، 300).
ويتفق معظم الخبراء والممارسين على أن هناك خمسة وظائف أساسية يؤديها المديرون وتتمثل في التخطيط لتحديد الأهداف ووضع المعايير، وصياغة الخطط، والتنظيم بين المهام المحددة والتنسيق والتفويض، وتحديد نوعية الأفراد وكيفية استقطابهم، تكوين وتنمية الكفايات وتقديم ما يلزم من النصح والمشورة، والقيادة وتنمية الروح المعنوية والاحتفاظ بها عند مستويات مرتفعة، والرقابة على مدى تطابق الأداء الفعلي مع المعايير (ديسلر، 2012، ص24).
وانطلاقاً مما سبق، سيتناول هذ المقال استقطاب الموارد البشرية كعملية لتحديد الموظفين وتوظيفهم وتأمينهم في منظمة ما، وهو يتضمن إنشاء حزمة توظيف جذابة وتنافسية تشمل الراتب والمزايا والتوازن بين العمل والحياة وغير ذلك من الحوافز التي تساعد المنظمة على جذب الموظفين الأكثر تأهيلاً وموهبة، ويمكن القيام بذلك من خلال مجموعة متنوعة من الأساليب مثل نشر الوظائف وحملات وسائل التواصل الاجتماعي وإحالات الموظفين ومجلات الوظائف واستراتيجيات التوظيف الأخرى. ومن المهم أن تكفل المنظمات كفاءة وفعالية عملية توظيفها من أجل اجتذاب أفضل المواهب الممكنة، وسيتم التطرق إلى أهدافه وأهميته وخطوات القيام به وأهم مصادره.
مفهوم استقطاب الموارد البشرية:
يعنى باستقطاب الموارد البشرية “أنها عمليات البحث والدراسة والتحري عن موارد البشرية ذات الكفاءة والتأهيل لملء الوظائف الشاغرة في مختلف المستويات التنظيمية والعمل على جذبها وانتقاء الأفضل من بينها للعمل بالمنظمة “. (المغربي والعنقري، ٢٠١٥م، ص ١٢٢)
أهداف عملية استقطاب الموارد البشرية:
يمكن تلخيصها في مجموعة من النقاط نذكر منها (حمود والخرشة، 2011م، ص91-92):
- توفير الأعداد الملائمة من القوى العاملة لملء المناصب الشاغرة في المنظمة بأقل التكاليف.
- الإسهام في عملية تقليل عدد الأفراد غير المؤهلين للعمل مما يساهم في تقليل التكاليف الناجمة عن عملية الاختيار النهائي للأفراد المتقدمين للعمل في المنظمة.
- تحقيق المسؤولية القانونية والأخلاقية والاجتماعية من خلال الالتزام بسبل البحث المناسبة بغية الحصول على الكفاءات العاملة لشغل المناصب الوظيفية بصورة مناسبة.
- المساهمة في تحقيق درجة عالية من استقرار الموارد البشرية في المنظمة من خلال جذب المرشحين المناسبين والاحتفاظ بالعاملين الملائمين لدى المنظمة.
- إن القيام بتوفير الوسائل السليمة في استقطاب أكفاء العناصر والمؤهلة من شأنه أن يقلل بشكل واضح التكاليف الناجمة عن عمليات الاختيار والتدريب والتطوير اللاحقة للتشغيل.
فاستقطاب الموارد البشرية جزء هام من أي منظمة، ومن الضروري أن تتاح للمنظمات إمكانية الحصول على أفضل المواهب المتاحة لكي تظل قادرة على المنافسة، ومن المهم جذب الأشخاص المناسبين للوظيفة المناسبة من أجل تعظيم الإنتاجية والكفاءة ونجاح الأعمال، بحيث أن وجود قوة عاملة قوية ومؤهلة أمر أساسي لأي منظمة لتحقيق أهدافها وغاياتها، ويعد توفر الموارد البشرية أساساً لتوفير المهارات والمعرفة والخبرة اللازمة لمساعدة المنظمة على تحقيق أهدافها، وكذلك تسهم الموارد البشرية الجيدة في رفع الروح المعنوية وتحسين خدمة العملاء وبناء صورة إيجابية للمنظمة.
أهمية عملية استقطاب الموارد البشرية:
وتكتسب عملية الاستقطاب أهمية محورية في المنظمة يمكن أن نبرزها في النقاط التالية وفق (عطوات وأيمن، 2020م، ص4):
- الاستقطاب الجيد يفتح جميع أبواب ومصادر العمل المتاحة أمام المؤسسة وكلما ازداد عدد المتقدمين للعمل أصبحت الخيارات واسعة في اختيار الأكفئ والأفضل من بين المتقدمين.
- توصل المؤسسة رسالتها إلى المرشحين بأنها المكان المناسب لهم للعمل والبناء وتطوير حياتهم الوظيفية.
- إن نجاح عملية الاستقطاب هو الخطوة الأولى في بناء قوة العمل الفعالة والمنتجة.
- الحصول على قوى عاملة مؤهلة وذات كفاءة عالية مما يؤدي إلى استقرار العمالة وزيادة فعالية المؤسسة.
- الإسهام في زيادة نجاح عملية الاختيار من خلال التركيز على استقطاب واجتذاب الأفراد المناسبين الذين يتم الاختيار من بينهم، وبالتالي تقليل عدد الأفراد غير المؤهلين لشغل الوظائف.
وعملية استقطاب الموارد البشرية عملية معقدة تنطوي على مجموعة متنوعة من الأنشطة، تبدأ بفهم احتياجات المنظمة ثم تحديد نوع المواهب المطلوبة. بمجرد أن تحدد المنظمة نوع المواهب، يجب عليها الإعلان عن الوظيفة ووضع خطة توظيف، ويمكن أن يكون استخدام الشبكات ووسائل التواصل الاجتماعي طرقًا فعالة للوصول إلى المرشحين المحتملين، وتستطيع المنظمة بعد ذلك مراجعة السير الذاتية والطلبات وإجراء المقابلات وتقييم أفضل المرشحين للمضي قدمًا، بمجرد تحديد المرشح المناسب، يمكن للمنظمة تقديم عرض والتفاوض على الراتب وأي مزايا أخرى، وأخيرًا سيضمن الإعداد والتدريب دمج الموظفين الجدد في المنظمة.
خطوات عملية استقطاب الموارد البشرية:
وبناء على ذلك فإن عملية استقطاب الموارد البشرية في المنظمة تمر بالخطوات التالية: (الشرعة وسنجق، ٢٠١٥م، ص١٤٣)
- تخطيط الموارد البشرية في المنظمة.
- حاجة المدراء من الموارد البشرية.
- تحديد الوظائف الشاغرة في المنظمة.
- النظر في تحليل الوظائف ومراجعة مواصفات شاغلي الوظيفة.
- الاستقطاب: وهو بداية العملية لجذب العاملين للعمل في المنظمة.
مصادر استقطاب الموارد البشرية ومزايا وعيوب كل منها:
وحسب ما ذكر في كتاب المؤسسة العامة للتدريب (2008م، ص36-38) يتم الاستقطاب بطريقتين أساسيتين هما المصادر الداخلية والخارجية:
أولاً: المصادر الداخلية ويقصد به شغل الوظائف الشاغرة من أفراد داخل المنظمة، و يتم وفق هذا المصدر عن طريق النقل أو الترقية أو الإعلان الداخلي، ويتميز هذ النوع بسهولة توفير المعلومات عن المرشحين داخل الشركة، و أن الأفراد على دراية كاملة بأعمال و سياسات ولوائح عمل المؤسسة، مما يحقق الاستقرار وتخفيض معدل دوران العمل، وتخفيض تكاليف التدريب والتأهيل الميداني للعاملين، ولكن هناك بعض السلبيات تتمثل في عدم توافر الكفاءات والمهارات المطلوبة في بعض الأحيان، وقد ينشأ صراع داخلي بين المرشحين، ويقلل فرص الحصول على الخبرات الخارجية التي قد تبعث روح المنافسة والابتكار إلى العاملين في الداخل.
ثانياً: المصادر الخارجية ويقصد به جذب أفراد من سوق العمل الخارجي، ويتميز بتدعيم الوظائف بكفاءات ومهارات ذات خبرات واسعة متعددة لمسايرة التطورات العالمية، وزيادة حدة المنافسة بين القوى العاملة في المنظمة، ومعالجة أي نقص قد يظهر في هيكل الموارد البشرية الفنية داخل المؤسسة، ومن عيوبه ارتفاع تكاليفه، وضياع الوقت والجهد في البحث عن الكفاءات المطلوبة، وقد يقاوم العاملون القدامى عملية الاستقطاب مما يؤثر سلباً على إنتاجيتهم.
ويتم بعدة أساليب ومصادر منها:
1- المواقع الإلكترونية والإعلانات: حيث يمكن للشركات نشر وظائفها على المواقع الإلكترونية المتخصصة في التوظيف وكذلك على وسائل التواصل الاجتماعي.
2- الجامعات والمعاهد التعليمية: حيث يمكن للشركات التواصل مع الجامعات والمعاهد لنشر الفرص الوظيفية والترويج للشركة والتواصل مع الطلاب والخريجين.
3- الشبكات الاجتماعية والعلاقات الشخصية: حيث يمكن للشركات اللجوء إلى شبكاتها الاجتماعية والعلاقات الشخصية للموظفين والمتعاونين للبحث عن مرشحين مناسبين للوظائف المتاحة.
4- المؤتمرات والفعاليات المختلفة: حيث يمكن للشركات الحضور إلى المؤتمرات والفعاليات المختلفة التي تتعلق بصناعتها والتواصل مع الحاضرين للبحث عن مرشحين محتملين للوظائف.
5- الإعلانات في الصحف والمجلات: حيث يمكن للشركات نشر الإعلانات في الصحف والمجلات المحلية والوطنية لجذب الأشخاص الباحثين عن الوظائف.
6- المكاتب الخاصة بالتوظيف: حيث يمكن للشركات التعاون مع المكاتب الخاصة بالتوظيف للبحث عن المرشحين المناسبين.
بحيث يجب على الشركات اختيار المصادر التي تتناسب مع احتياجاتها وميزانيتها واستراتيجيتها العامة للاستقطاب والتوظيف.
وتلخيصاً لما سبق فإن استقطاب الموارد البشرية هو عملية تحديد المرشحين المناسبين للوظيفة وجذبهم وتوظيفهم، فهو جزء أساسي من عملية التوظيف ويتضمن عدة خطوات، بما في ذلك تحليل الوظائف، وتحديد مصادر المرشحين، والفحص والاختيار، وعرض الوظيفة.
تحليل الوظيفة هو الخطوة الأولى التي تعتمد عليها عملية الاستقطاب، والتي تتضمن تحديد المهارات والمعرفة والخبرة المطلوبة لوظيفة معينة، مما يساعد في تطوير توصيفات ومواصفات وظيفية دقيقة يمكن استخدامها لتحديد مصادر المرشحين.
يتضمن تحديد مصادر المرشحين الوصول إلى المرشحين المحتملين من خلال قنوات مختلفة، بما في ذلك الجامعات ووسائل التواصل الاجتماعي وإحالات الموظفين ووكالات التوظيف، وتهدف هذه الخطوة إلى اجتذاب مجموعة كبيرة من المرشحين لضمان اختيار جيد للمرشحين المؤهلين.
ويلي ذلك عدة خطوات تتضمن الفحص والاختيار ومراجعة السير الذاتية وإجراء المقابلات والتحقق من المراجع لتحديد أفضل مرشح للوظيفة، من أجل تحديد المرشح الذي يناسب متطلبات الوظيفة وثقافة المؤسسة بشكل أفضل.
ويجب أن يتضمن عرض الوظيفة تمديد عرض العمل للمرشح المختار، والذي يتضمن تفاصيل مثل التعويض والمزايا وتاريخ البدء، تهدف هذه الخطوة إلى إقناع المرشح المختار بقبول الوظيفة والانضمام إلى المنظمة.
وعموما، يؤدي اجتذاب الموارد البشرية دوراً حاسماً في ضمان استقطاب الشركة وتوظيف المرشحين المناسبين لهذه الوظيفة، وهو أمر ضروري لنجاح المنظمة ونموها وتحقيق ميزة تنافسية.
المراجع:
الخليل، عبد الرحمن. (2018م.) إدارة الموارد البشرية. (د.ط). سوريا: الجامعة الافتراضية السورية.
ديسلر، جاري.(2012م)، إدارة الموارد البشرية. المملكة العربية السعودية: دار المريخ للنشر.
جحراف، عايض. (2019)، تصور مقترح لتطوير إدارة الموارد البشرية بالتعليم الجامعي السعودي في ضوء الخطط التنمويرة و رؤية (2030). مجلة العلوم التربوية 3(2)، 293-351.
المغربي، عبد الحميد والعنقري، عبد العزيز (٢٠١٥م). إدارة الموارد البشرية لمواجهة تحديات وبناء استراتيجيات القرن الواحد والعشرين. دار المريخ للنشر: الرياض.
الشرعة، عطا الله محمد تيسير وسنجق، غالب محمود (٢٠١٥م). إدارة الموارد البشرية: الاتجاهات الحديثة وتحديات الألفية الثالثة الدار المنهجية للنشر والتوزيع عمان.
عطوات، زليخة وأيمن، نعيمة. (2020م)، أثر آليات الاستقطاب على أداء العاملين، الجزائر: جامعة قاصدي مرباح ورقلة.
حمود، خضير والخرشة، ياسين. (2011م)، إدارة الموارد البشرية، ط4، دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة الأردن.
المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، (2008م). إدارة الموارد البشرية، المملكة العربية السعودية: الإدارة العامة لتصميم وتطوير المناهج.
موضوع جدير بالاهتمام وهو صمام أمان بالنسبة لإقتصاد ناجح
شكرا استاذة على هذا الطرح المفيد
احسنتي الطرح و الاختزال و مراجع جيدة جدأ اشكر الله اولا تم انتي عن ما تعلمت من خلال قرائتي لمقالتك هدة
شكراً لكم