سعت المملكة العربية السعودية للاهتمام بالتعليم منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه، حيث صرفت الميزانيات الكبيرة في سبيل الارتقاء بتعليم أبناء هذه الوطن، في شتى المجالات، واستمر الدعم عاما بعد عام حتى أتت رؤية المملكة العربية السعودية التي دعمت وركزت على أهمية جودة التعليم فهو عماد أي تطور وتقدم.
ويعد التدريس أحد أهم المناشط التربوية المقصودة، التي تحدث بصفة دورية من قبل المعلمين في غرف الصفوف الدراسية على اختلاف مستوياتها، ولذا فإن التدريس يجب أن يكون عصريا، ومتطورا مع تطور الفكر التربوي، وتطور مناشط ومؤسسات المجتمع كافة.
ويعرف (جامل، 2000م) التدريس بأنه مجموع النشاطات التي يقوم بها المعلم في موقف تعليمي لمساعدة المتعلمين على الوصول إلى أهداف تربوية محددة، ولكي تنجح عملية التدريس لابد من توفير الوسائل والإمكانات، واستخدامها بطرائق وأساليب متبعة للوصول إلى أهدافه.
وبالنظر إلى الجهود الحثيثة التي تقوم بها وزارة التعليم مشكورة في منظومة التعليم بشكل خاص، وتدريب المعلمين على التخطيط والتنفيذ والتقويم للموقف التدريسي إلا أنه لا زال الموقف التدريسي في مدارس الملكة العربية السعودية بحاجة إلى المزيد من الاهتمام والتركيز، والتعمق في البحوث والدراسات المتعلقة بهذا الجانب، والتي تشكل هموما أساسية للتدريس في مدارس المملكة العربية السعودية.
ويمكن الحديث عن هموم التدريس في المملكة العربية السعودية من خلال التركيز على المحاور الآتية:
- هموم تخطيط الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية.
- هموم تنفيذ الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية.
- هموم تقويم نجاح الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية.
- تطلعات لنجاح الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية.
1- هموم تخطيط الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية
عرف عبيدات وأبو السميد (2014م) التخطيط التدريسي بأنه مجموع الخطوات والإجراءات والتدابير التي يتخذها المعلم مسبقا قبل تنفيذ الدرس، ويتدرب عليها من أجل ضمان تحقيق تدريس أفضل. وفي ضوء التعريف السابق يمكن استنتاج ما يأتي:
- التخطيط للتدريس إعداد مسبق يتم قبل تنفيذ الدرس.
- التخطيط عملية تنبؤية في معظمها؛ لأن المعلم يتخيل الموقف التدريسي.
- التخطيط عملية شاملة متكاملة تتعلق بتحديد الأهداف وصياغتها، وباختيار الأنشطة والتمرينات والمحتوى الملائم لتحقيق كل هدف، وبأدوات التقويم ووسائله للتأكد من مدى تحقق الأهداف، وبالواجبات ومواد التعلم الذاتي التي ستطلب من الطلاب.
- إن هدف التخطيط هو تحسين عملية التدريس، وهذا في حد ذاته هم يحتاج إلى تدريب من خلال تصميم الموقف التدريسي.
- الهدف النهائي للتخطيط هو تحسين تعلم الطلاب، حيث حدد (قنديل، 2000)، و(الرباط، 2015) مجموعة من المتطلبات لتخطيط الموقف التدريسي؛ وهي:
أولا: معرفة الطلاب
من خلال الحصول على المعلومات والبيانات الشخصية ومعرفة خبراتهم السابقة، ومعرفة أنماط تعلمهم وأنماط ذكاءاتهم والتمثيلات المفضلة لهم.
ثانيا: معرفة المادة الدراسية
وذلك من خلال قيام المعلم بدراسة المادة وتحليلها إلى معلومات وحقائق، ومفاهيم ومصطلحات، وتعميمات ومبادىْ، ومهارات وقيم واتجاهات.
ثالثا: معرفة البيئة الصفية
وهذا يعد من الهموم التي يستحسن بالمعلم السعودي كغيره من المعلمين الإلمام بها، والإفادة منها أثناء عملية التخطيط من حيث عدد الطلاب، وحجم الصف، وتوافر الإمكانات المادية والتسهيلات، وتوافر المراجع والمصادر والوسائل، والجو الفيزيائي للصف كالحرارة والبرودة، والأوكسجين والسعة.
رابعا: معرفة أهداف التربية
فمعرفة الأهداف متطلب أساسي يسبق إعداد التدريس، فلا بد من معرفة المعلم لفلسفة التعليم، وأهداف التربية والتعليم عامة، وأهداف المرحلة التعليمية، والمنهج الدراسي، والطلاب، حيث يضعون كل ذلك في اعتبارهم وهم يخططون.
وفي ضوء ما سبق، فإن المعلم السعودي بحاجة إلى فهم أعمق لجانب التخطيط للموقف التدريسي يشمل معرفة الطلاب من خلال الحصول على معلوماتهم، وخبراتهم، وأنماط ذكاءاتهم والتمثيلات المفضلة لهم، كما أنه من المهم له معرفة المادة الدراسية التي سيقدمها للطلاب معرفة عميقة ورصينة، كما يجب معرفة البيئة الفيزيقية حيث يتوجب على المعلم السعودي التركيز عليها، والإلمام بجزئياتها المهمة التي لا غنى عن معرفتها.
2- هموم تنفيذ الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية
تعرف الرباط (2015م) الموقف التدريسي بأنه عملية تتوسط التخطيط للموقف التدريسي وعملية التقويم لذلك الموقف، ويرتبط بهما ولا يمكن فصله عنهما (ص378).
ويعد تنفيذ الموقف التدريسي ترجمة عملية لعملية التخطيط للموقف التدريسي، وهنا يتضح مدى قدرة المعلم على تنفيذ ما خطط له بشكل مناسب، ومتوائم مع الخطة، كما أنه سيتيح للمعلم العوامل التي ستؤثر في تنفيذ الموقف التدريسي كالعوامل الخارجية التي تقع خارج عناصر خطة الموقف التدريسي، والعوامل الداخلية التي تحدث أثناء تنفيذ الموقف التدريسي، ومن المبادئ العامة التي يجب مراعاتها عند تنفيذ الموقف التدريسي كما ذكرتها الرباط (2015):
- توزيع المسؤوليات بين المشاركين في تنفيذ الموقف التدريسي.
- التدريب الكافي لهذه الأطراف المشاركة.
- إعداد المواد اللازمة لتنفيذ الموقف التدريسي.
- توفير البيئة المدرسية المادية اللازمة لتنفيذ الموقف التدريسي.
- استخدام نظام تقويم مستمر يرافق عملية تنفيذ الموقف التدريسي.
- التزام المعلمين باستخدام الخطة المعدة لتنفيذ الموقف التدريسي باعتبارها نقطة انطلاق لتطوير الاستراتيجيات التعليمية (ص321).
والمتأمل في ممارسات المعلم السعودي للموقف التدريسي يجدها بحاجة إلى إعادة التركيز بشكل علمي ودقيق ومخطط، إذ أن أغلب الممارسات في الصف الدراسي تكون دون تخطيط علمي مسبق لهذا الموقف مما يتسبب في الإخلال بجزء، أو جزئيات من هذا الموقف المهم والحيوي.
3- هموم تقويم نجاح الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية
يعرف (الوكيل، والمفتي، 1999م) التقويم بأنه عملية جمع الأدلة التي تساعد على تحديد مدى فاعلية الموقف التدريسي أي مدى تحقيق الموقف لأهدافه المعلنة في الخطة.
فهو عملية تشخيص ووقاية للمنهج التربوي، وتتضح عملية التشخيص في تحديد نواحي القوة والضعف في الموقف التدريسي ومحاولة تعرف أسبابها والعلاج يتضح في اقتراح الحلول المناسبة للتغلب على نواحي الضعف والإفادة من نواحي القوة فيه، وتتمثل الوقاية هنا في تدارك الأخطاء مستقبلا.
ويهدف تقويم التدريس إلى تحسين عملية الموقف التدريسي من خلال مراحله كالتخطيط والتنفيذ والتقويم، وتحديد قيمة وفعالية عمليات تخطيط التدريس؛ لاتخاذ قرارات بشأن تبني هذا الموقف التدريسي، أو استمراره، أو تعديله، والكشف عن فعالية التخطيط والتنفيذ لهذا الموقف التدريسي، والتأكد من توافر المعايير السليمة في الأسس التي استند إليها تخطيط وتنفيذ وتقويم الموقف التدريسي.
والمتتبع لممارسات المعلم السعودي في عمليات التقويم لعملية التدريس يجدها بحاجة إلى تركيز أكثر، وتخطيط واضح لعملياتها ابتداء من التخطيط العلمي السليم لها، ومرورا بعملياتها البنائية المختلفة، وانتهاء بعملياته الختامية.
4- تطلعات لنجاح الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية ككل
لا شك أن كل معلم يسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من أهداف الموقف التدريسي الذي خطط لتنفيذه، ولكي يحقق ما تم التخطيط له فلا بد من التركيز على الجوانب الآتية:
أولا: جانب التخطيط للموقف التدريسي من قبل المعلم
- ضرورة الإفادة من عمليات التخطيط المتنوعة للارتقاء بعمليات التخطيط الذاتي للمعلم.
- التدريب على التصميم للتخطيط للموقف التدريسي.
- حضور الدورات التدريبية النوعية في مجال تصميم التخطيط.
- الإفادة من البحوث والدراسات المتخصصة في تصميم التخطيط.
- تفعيل جانب الدروس التطبيقية سواء التفاعلية أو المباشرة.
- الإفادة من التقنية في جانب تطوير عمليات التخطيط.
ثانيا: جانب تنفيذ الموقف التدريسي من قبل المعلم
- الإفادة من عمليات التخطيط السابقة في تنفيذ الموقف التدريسي.
- محاكاة أولية مع مجموعة صغيرة من الطلاب لتفادي بعض الأخطاء الممكنة.
- التقويم البنائي المستمر أثناء تنفيذ الموقف التدريسي.
ثالثا: جانب تقويم تخطيط وتنفيذ الموقف التدريسي
- التأكد من سلامة الخطة التدريسية.
- التأكد من سلامة تنفيذ الخطة التدريسية المكتوبة.
- مراجعة مدى اكتساب الطلاب للخبرات التدريسية.
وختاما، فإن عملية تصميم الموقف التدريسي في مدارس المملكة العربية السعودية بحاجة إلى خبرة وممارسة مستمرة حتى تصبح سهلة ويسيرة حينما يقوم المعلم بالتخطيط والتنفيذ والتقويم للموقف التدريسي، ولعل في مقررات تصميم التدريس ومراجعها المختلفة الفائدة المرجوة لتطوير هذه المهارة والإفادة منها.
المراجع
العدوان، زيد العدوان (217م) . تصميم التدريس. عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع
الحسين، أحمد الحسين (2017م) . صناعة الكتاب المدرسي. الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية
الرباط، بهيرة شفيق (2015م) .المناهج الدراسية رؤية استشرافية. الرياض: دار الزهراء.
قنديل، يس عبدالرحمن (2000) .التدريس وإعداد المعلم. الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية
عبيدات، ذوقان؛ أبو السميد، سهيلة (2014) . استراتيجيات التدريس في القرن الحادي والعشرين. عمان: دار الفكر.