في أوقات الأزمات والمصاعب تهرع كل الأيدي والعقول إلى البحث عن بدائل في كافة المجالات للتغلب على تلك الأزمات وتفادي أضرارها، والتعليم أحد أهم هذه المجالات..
ولعل ما يحدث اليوم في العالم من انتشار الفيروسات والأوبئة التي دفعت الكثير من الحكومات إلى توقيف الدراسة في مؤسسات التعليم حفاظاً على المتعلم، ودفعاً لهذا الضرر، جعل أصواتا عدة تنادي إلى البحث عن بدائل يمكن أن تستمر بها عملية التعلم مع مراعاة البعد والظرف الذي يعيشه العالم اليوم، ولذلك لابد أن نذكر بوجود التعليم الإلكتروني E-Learning كحل لهذه الأزمة.
والتعليم الإلكتروني ليس مفهوماً جديداً أو غريباً ولا وليد هذا الوقت بل تمتد جذوره إلى عقود قليلة. ولست في هذا المقال بصدد التأصيل له أو الحديث عن أهميته أو فاعليته في العملية التعليمية، فهناك عشرات بل ربما مئات الكتب والبحوث والمقالات وبلغات متعددة تناولت ذلك بشكل يصعب حصره. ولكن تكفي الإشارة إلى أن التعليم الإلكتروني هو نمط يعمل على تحقيق أهداف التعلم المحددة مستنداً إلى نتائج البحوث في الميادين الإنسانية والتطبيقية حتى يحقق الأهداف بأعلى درجة من الكفاءة.
ربما ونحن نعيش اليوم حالة من الفزع من انتشار فيروس كورونا Coronavirus في العالم سنعيد التذكير مرة أخرى بحيوية هذا الموضوع، والذي ربما لم يأخذ حقه في دولنا العربية -على الأقل- بشكل يستحقه، وظن البعض أنه مجرد جهاز حاسب آلي أو Tablet أو سبورة إلكترونية توضع في الفصول الدراسية وفقط.
إن الأمر أعمق من ذلك ويستحق نظرة من المسؤولين لتفعيله بشكل يخدم العملية التعليمية بشكل حقيقي.
التعليم الإلكتروني بين القبول والرفض
يعترض بعض التربويين على التعليم الإلكتروني في ضعف عمليات الضبط لأدواته بشكل دقيق بالمقارنة مع التعلم التقليدي، إلا أن المتتبع لرحلة التعليم الإلكتروني يدرك أنه كلما تطورت أدوات وتقنيات التكنولوجيا والإنترنت تطور معها التوظيف التربوي لها لخدمة أهداف التعلم.
فصار ضبط عمليات التدريس والحضور وعمليات التفاعل المتزامن وغير المتزامن من الأمور المتوفرة بشكل كبير في نظم إدارة التعلم LMS وبكفاءة وسهولة، بالإضافة إلى وسائل ضبط عمليات الاختبار الإلكتروني عن بعد بشكل يطمئن له القائمون عليه من حيث تحقيق مبدأ القياس والتقويم دون عمليات غش أو تزوير. ولا زالت إجراءات التحكم والضبط مستمرة ولها من المعايير ما يحقق نواتج حقيقية للتعلم.
على الجانب الآخر ليس التعليم الإلكتروني بديلاً عن المعلم ولكنه يعمل كداعم للمعلم ويساعد في جعله مرشداً وخبيراً لا يتم الاعتماد عليه بشكل كلي كما هو الحال في التعليم التقليدي بل يعمل على تيسير وتسهيل العملية التعليمية.
إن التعليم الإلكتروني ليس فقط بديلا يتم اللجوء إليه في الأوقات الصعاب، بل الأصل أن ينظر إليه على أنه أساس من أسس ودعائم نظم التعليم في بلداننا وأن يتم توظيفه بشكل يضمن تحقيق العائد التعليمي، خاصة في وقت ينشغل فيه التربويون بتحقيق منطلقات جديدة كدور التعليم في تحقيق التنمية المستدامة وتنفيذ الرؤى الطموحة للكثير من دولنا العربية لعام 2030.
فمن خلال نظم إدارة التعلم الإلكترونية LMS يمكن أن تدير المؤسسة التعليمية عملية التعليم والتعلم بشكل منسق ومنضبط إلى حد كبير، ويمكن للطلاب التفاعل وأداء كل مهام التعليم بشكل تفاعلي، كما يسهل لأولياء الأمور أيضا متابعة أبنائهم ومستوى تقدمهم في التعلم.
من خلال نظم إدارة المحتوى CMS يمكن ترتيب وتنظيم المصادر التعليمية المتنوعة بشكل يمكن أن يساعد المعلم والمتعلم على تحقيق الأهداف التعليمية بشكل متميز.
وهناك العديد من الأدوات والتقنيات التي يمكن توظيفها مثل التعلم الافتراضي: كالواقع الافتراضي Virtual Reality والواقع المعزز” Augmented reality والواقع المختلط Mixed reality وبيئات التعلم الافتراضية Virtual Learning Environment وبيئات التعلم الشخصية PLEs ومنصات التعلم للمقررات الإلكترونية المتاحة عبر الإنترنت MOOCs، إضافة إلى توظيف الألعاب التحفيزية Gamification والفيديو التفاعلي. Interactive Video. ثم الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence الذي ينتظر أن يكون له دور كبير في المستقبل القريب… وغيرها الكثير من مستحدثات تكنولوجيا التعليم والتي تتطور بشكل سريع يرتبط بتطور وتسارع انتشار التكنولوجيا الرقمية.
التعليم الإلكتروني تعليم للمستقبل
إن العديد من الباحثين يؤكدون على أن ما يقارب 85% من الوظائف المرتقبة عام 2030م لم تبتكر بعد، وذلك يعني أنه من المهم ربط المتعلمين بمهارات سوق العمل، والاهتمام بتنمية مهارات التعلم الذاتي. فليس كل ما سنحتاجه مستقبلاً يمكن للمؤسسات التعليمية أن تقدمه لهم الآن، ولذلك من السهل على التعليم الإلكتروني تقديم الدعم والمساعدة فيه.
كما أنه من المتوقع أن يشهد سوق التعليم الإلكتروني معدل نمو سنوي مركب يبلغ 10.26% خلال فترة من 2019 إلى 2023 ليصل إجمالي حجم السوق 286.62 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2023، بالمقارنة مع 159.52 مليار دولار في عام 2017، وذلك حسب تقرير مؤسسة ResearchAndMarket والتي تعد واحدة من أكبر مؤسسات بحوث السوق في العالم. فالأمر إذا ليس فقط عملية مواجهة للظروف الحالية بل هو استثمار في المستقبل القريب.
هذه دعوة إذن إلى إعادة النظر في نظمنا التعليمية ومدى استفادتها من خبراء ومتخصصي تكنولوجيا التعليم وتقنياته في علاج أو تحسين مستوى المؤسسات التعليمية. لعلنا نكون أقدر على مواجهة التحديات المختلفة، وإلا ستكون هذا التحديات وليدة اللحظة يختفي أثرها باختفاء المشكلة أو حلها.
يجب إعادة النظر إلى العملية التعليمية بشكل متكامل لتكون أقدر على مواجهة الأزمات ولتقدم الحلول بشكل فعال لا يؤدي إلى ضياع الفرص أو التأخر في تحصيل المعرفة وأداء المهارة، بل ربما يكون ذلك في مصلحة دعم وتطور عملية التعلم، فهل يمكن أن نستثمر الفرصة؟
مشكلتنا في وطننا العربي باءستثناء القلة لا توجد رؤية واضحة لدولنا تساهم في بناء استراتجية يفهمها و يعمل عليها الجميع ، وعدم وجود خطط بديلة و خاصة في مجال التعليم و التركيز على التعليم التقليدي و إهمال عملية التعلم و التطوير الداتي.
من المفترض أو من الارجح سير العملية التعليمية بخط متوازي مع التعليم عن بعد لان هدا من شأنه تحقيق الآتي:-
تمكي الطالب من مواصلة تعليمه أينما يكون و خاصة :-
1- ظروف انتشار الاوبئة .
2- الحروب و عمليات النزوح و التهجير.
3- مواكبة التطور (الابتكار في التعليم والتحديث..)
شكرا
صحيح تماما كلامك أ. فوزى .. لللاسف تنقصنا الرؤية المتوازنة والمتزامنة للتعليم الالكترونى مع التعلم التقليدى .. شكرا لكم