التعليم عن بعد هو نوع من أنواع التعليم الإلكتروني وهو نظام تعليمي قائم على الفصل المادي ما بين المدرسين والمتعلمين وإيصال المدرسين للمادة التعليمية للمتعلمين عبر تقنيات الاتصال بدلا من الانتقال إلى المؤسسة التعليمية أو موقع الدراسة، أي أن هذا النظام التعليمي لا يتطلب الوجود المادي للمدرس والمتعلم في نفس الرقعة المكانية مما يؤدي إلى نقل العلم من أماكن تجمعه إلى أماكن بعيدة ومتعددة.
فمن الفرص المتعددة التي تتيحها لنا التكنولوجيا لدينا التدريس عن بعد، فيمكن للمدرس أن يتواصل مع طلبته عن بعد عن طريق وسائل التكنولوجيا والاتصال كما يمكن لكل شخص مجاز أو له شهادات تعليمية في تخصص ما أن يقدم معارفه ومهاراته في منصات متعددة على العالم الافتراضي باسم المدرس اونلاين ويمكنه أن يتقاضى على ذلك أجرا في المقابل.
أما التعلم عن بعد فهو سلوك شخصي يقوم به المتعلم لاكتساب المعلومات والخبرات والمعرفة والحصول على المادة التعليمية عن طريق وسائل التكنولوجيا والاتصال.
وفي زمن الكورونا لجأت جميع دول العالم إلى اعتماد التعليم عن بعد، وإن لم يكن شائعا من قبل في بعض الدول وخاصة الدول العربية إلا أنه كان الوسيلة الوحيدة لاستكمال العملية التعليمية التعلمية ما بين المدرسين والمتعلمين في زمن التباعد الاجتماعي في إطار الحفاظ على سلامة أطراف العملية التعليمية التعلمية وتقليل عدد المصابين للحد من انتشار الجائحة والتغلب عليها.
سنتحدث في السطور القليلة القادمة عن أهم المزايا والتحديات التي واجهت أطراف العملية التعلمية خلال التعليم عن بعد في ظل ظروف الكورونا.
في المغرب مثلا سارعت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في إطار ضمان الاستمرارية البيداغوجية وتمكين المتعلمين من متابعة دروسهم إلى إنشاء مواقع إلكترونية بها دروس ومحاضرات رقمية، مصورة وأخرى مكتوبة يتابع من خلالها المتعلمون دروسهم وفق الأوقات المناسبة لهم كبوابة TelmidTICE على سبيل المثال، بالإضافة إلى تقديم مجموعة من الدروس والمحاضرات والندوات على القناة التلفزية الرابعة “الثقافية” بالنسبة للتعليم الأساسي وقناة الرياضية للتعليم العالي وحصص خاصة بالتوجيه المدرسي والمهني على قناة “العيون”، فضلا عن آليات أخرى يتم استعمالها من طرف الأساتذة في إطار تواصلهم مع متعلميهم.
وفي إطار ضمان الإنصاف وتكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين في المملكة المغربية من مَن يستطيعون تتبع دروسهم بأريحية في إطار وجود تغطية شبكة الإنترنيت بشكل جيد في المجال الحضري مع المتعلمين المتواجدين في العالم القروي والذين قد لا يتوفرون على تغطية شبكة الإنترنيت أبدا، فتم اللجوء كحل لذلك إلى توزيع كراسات للدعم التربوي والتعلم الذاتي على مليون متعلم بالمستويات الست للتعليم الابتدائي ممَن يتواجدون بالمناطق النائية بالمجال القروي من طرف الوزارة المكلفة بالمجال التربوي والتعليمي.
لكن رغم هذه الإجراءات تبقى هناك عدة تحديات تواجه كلا من المدرسين والمتعلمين في إطار التعليم عن بعد، نذكر لكل منها ما يلي:
نبدأ من المشاكل الفنية التي قد تصيب كلا الطرفين المدرس والمتعلم معا والمتمثلة في انقطاع أو ضعف صبيب الإنترنيت أو انقطاع التيار الكهربائي المفاجئ ما يحول دون قدرة المدرس على إتمام شرحه وقدرة المتعلم على استعادة تركيزه ومواصلة الطرفين لإجراء الدرس المقام مسبقا.
عدم إلمام الطرفين أحيانا بكيفية الاستخدام السليم للحاسوب والإنترنيت وكذلك عدم إجادتهم أحيانا لاستخدام المنصات المستعملة لإجراء الدروس، فإما أن يترك المدرس الأمر برمته ويوقف تواصله مع المتعلمين قطعا إلا في الضرورة، أو يلجأ لاستخدام هذه المنصات وفقا لما يعرفه. أما بالنسبة للمتعلم فقد لا يحضر للعديد من الحصص لجهله بكيفية الاستخدام الصحيح لهذه المنصات أو يستخدمها هو الآخر بطرق عشوائية.
عدم وجود أي استعمال زمن للحصص بحيث أنها تمر بشكل عشوائي مما يتسبب في عدم حضور العديد من المتعلمين لعدم معرفتهم بوجودها أو لمعرفتهم المتأخرة بذلك.
كذلك الإرسال المتأخر للدرس أو العرض المراد مناقشته من طرف المدرس أو المتعلم المكلف بذلك فلا يجد باقي المتعلمين الوقت لدراسة ما أرسل إليهم وتحديد أسئلة لمناقشته.
غياب تكافئ الفرص بين المتعلمين بحيث هناك من المتعلمين من لا يساير الدروس ما دامت تمر عن بعد وما دام عامل الإجبارية قد انتفى ومنهم من يكتفي بالنسخ واللصق ما دامت الإجابات موجودة على الإنترنيت وما دام الأستاذ لا يراقبهم مباشرة بينما هناك من يعمل بكل جهد ويساير دروسه عن بعد كما كان يسايرها حضوريا في الفصل.
نكتفي بهذا الحد من التحديات التي لا تعد ولا تحصى والتي تواجه كلا من المدرس والمتعلم في إطار التعليم عن بعد ونمر للمزايا التي يستفيدها الطرفان من هذه التجربة:
أول هذه المزايا تكمن في غياب الحاجة للوجود الفعلي في الصف في وقت زمني محدد وبذلك يتوفر للمتعلم متسع من الوقت قد يستغله في إجراء دورات تكوينية في تخصصه أو في تخصصات أخرى أو تعلم مهارات ولغات جديدة، كما يمكن استغلال هذا الوقت في استدراك الدروس التي سبق انجازها وفهمها بشكل جيد والتحضير الجيد للامتحان بالنسبة للمستويات المطالبة بإنجاز امتحان نهائي في آخر السنة.
ازدياد فرص التواصل بين المدرسين والمتعلمين حتى خارج أوقات الحصص، فيمكن للمتعلم التواصل مع المدرس ليستفسره عن ما لم يفهمه متى ما كان في حاجة لذلك.
تواصل المتعلمين مع الأساتذة بكل سهولة وجرأة في إطار الاحترام بدون رهبة المشاركة والوقوع في الخطأ.
كما يمكن للمدرس الاستعانة بالصور ووسائل الإيضاح لشرح المادة التعليمية للمتعلمين وبالتالي يوصل المعلومات بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.
التعليم عن بعد يفيد المتعلم في مهارات الإملاء والإنشاء والارتقاء بالأسلوب حيث يضطر للكتابة الصحيحة باللغة العربية الفصحى أو اللغة الفرنسية أو الإنجليزية السليمة دون استخدام الاختصارات للإجابة على أسئلة المدرس أو التواصل معه.
وأخيرا فالتعليم عن بعد يخلق منظومة تعليمية متطورة قادرة على مواكبة العصر الرقمي ومتماشية مع التقدم المتسارع في العالم.
هو ضرورة من ضرورات الواقع وتحديات اليوم ومتطلبات العصر