يُعتبر التفكير من الصفات المُميزة التي تُميّز الإنسان عن سائر مخلوقات الله سبحانهُ وتعالى، كما أن الله عز وجل قد طلب من سائر عباده التفكير والتأمل في مكنونات كونه، والمعلم هو صاحب رسالة تربوية عظيمة، ويجب عليه أن يمتلك العديد من مهارات التفكير بجميع أنواعها ويمارسها بشكل دائم. ويعتبر التفكير التأملي أحد أهم أنماط التفكير التي لها أثر إيجابي على أداء المعلمين داخل المدرسة والبيئة الصفية (الخزام، ٢٠٢٠)، كما يعد التفكير وخصوصاً التفكير التأملي هاما جداً ليس للطلاب فقط وإنّما للمعلمين أيضاً، وقد اُعتبر التأمل معيارا يجب أن يُحقق في المؤسّسات التعليمية والمدارس أيضاً من قبل المعلمين والطلاب، فهو يُعتبر أداة قوية لتعزيز الاستقلالية والثقة بالنفس لدى المعلم (عوض ومجدلاوي، ٢٠١٨).
ومن هنا ستتناول هذه المقالة ثلاثة محاور رئيسية للحديث عنها، بدايةً من التعرف على التفكير التأملي ثم أهمية ودور التفكير التأملي في تطوير المعلم مهنياً، من خلال تطوير مهارات التفكير، أساليب وطرق التدريس، والتقويم الذاتي للأعمال. وأخيراً سنعرض أبسط النماذج التي ستساعد المعلم على ممارسة التفكير التأملي.
التفكير التأملي
يُعرف (Kazu&Demiralp,2012) التفكير التأملي بأنه: “طرح الأسئلة والتعلم من خلال الدروس الشخصية التي مر بها الفرد في الماضي والحاضر والتفكير فيما يجب القيام به لتحسين الحاضر”(ص،١٠٩).
دور التفكير التأملي في تطوير المعلم مهنياً
يُعد التفكير التأملي أحد أدوات التنمية المستدامة للمعلم، فهو يمكنه من ممارسات مهنية واعية، ويكسبه أعلى مستويات نفاذ البصيرة وعمق النظر حول أدائه وسلوكه، بحيث يعمل على تطويره وتحسينه باستمرار. وكون القدرة التأملية سمة من السمات التي يجب أن يتطبع بها المعلم، يجب ممارسة التأمل في عملية تعلمه وتطوير مهاراته وإصدار الأحكام المهنية، مما سيسهم في نموه المهني بشكل مستمر. وقد أكد المربون أن التفكير التأملي هو أفضل السُبل للتطور والنمو المهني للمعلمين (عوض ومجدلاوي، ٢٠١٨).
تطوير مهارات التفكير
تتعدد النواحي التي ينمّيها التفكير التأملي وتزيد من تطوير المعلم، ولعلّ من أهمها تزويده بالعديد من مهارات التفكير، فقد أكد الزهراني (٢٠٢٠)، أن التفكير التأملي يتيح للمعلم فرصا عديدة يستطيع أن يطبق فيها استراتيجيات تفكير جديدة في المواقف غير المألوفة، كما أنه ينمي المرونة التفكيرية لديه. وقد أوضح حمه (٢٠٢١)، أن التفكير التأملي يساعد المعلمين على التفكير الأكثر عمقاً والتأمل بعدة أفكار حول الموقف؛ من شأنها أن تقلل من التسرع والتفكير الروتيني، وتجعل المعلم يعمل بطريقة مخطط لها لتحقيق أهداف معينة.
أما من الناحية الشخصية، فالتفكير التأملي له أهمية خاصة للمعلم؛ فكونه يتفاعل بشكل مستمر مع الطلاب، يجب أن يتمكن من مهارات التحكم والضبط والمراقبة الذهنية، كما أنه يعوّد المعلم على التحري والدقة أكثر، ويجعله يرفض الحلول المطلقة، ويقوده الى الاستقلال في التفكير والعمل ويساعد على زيادة الطرق الأكثر فعالية لحل المشكلات (الزهراني، ٢٠٢٠).
يساعد المعلم في تطوير أساليب وطرق التدريس
يساعد التفكير التأملي المعلم على تطوير أساليب وطرق التدريس، حيث أكد الزهراني (٢٠٢٠) أن التفكير التأملي يزيد من دافعية المعلم مما يساعده على تطوير الاستراتيجيات التعليمية المختلفة، ويمكّن المعلم من أن يصبح قادرا على مواجهة التحديات المختلفة التي يواجهها الميدان التربوي ويقوم بدوره على أكمل وجه. كما أكد حمه (٢٠٢١) أن التفكير التأملي يساعد المعلم على اكتشاف آليات تعليمية جديدة، وتحسين طرائق التدريس وممارسة المسؤوليات الخاصة به بمهنية عالية.
يساعد المعلم في تقويم أعماله
إن التفكير التأملي يتيح للمعلم أن يقوّم أعماله ذاتياً وهذا ما أكد عليه حمه (٢٠٢١)، فالتقويم الذاتي للأعمال من أهم الممارسات التي تطور المعلم مهنياً وتحوله من مستهلك الى منتج للخبرة.
خطوات ممارسة التفكير التأملي
ومن أبسط النماذج التي يمكن أن تساعد المعلم على ممارسة التأمل والتي ذكرها كل من عيسى وطوباسي (٢٠١٨)، نجد نموذج (Gibbs,1988) وهو مكوّن من ٦ مستويات تشكل دورة تكاملية ومتدرجة تبدأ بوصف الموقف أو الخبرة المراد تأملها وتنتهي بوضع الحلول التطويرية المقترحة للمرات القادمة، ولايعد التأمل تأملاً إلا إذا مر بجميع هذه المستويات.
وأول خطوة في التفكير التأملي كما وضحها عيسى وطوباسي (٢٠١٨) هي وصف الموقف المراد تأمله بعبارات وصفية بسيطة، ويجب البعد عن التفاصيل السطحية دون المعنى، ثم يليها بعد ذلك التعبير عن المشاعر والأحاسيس المرتبطة بهذا الموقف، يليها تقييم الموقف وتقييم مشاعرنا ومناقشة ردات الفعل الشخصية وردات فعل الآخرين على الموقف، ثم وبعد ذلك يجب تحليل الموقف وربط هذه الخبرة بخبرات أخرى مشابهة أو حتى مختلفة، وهنا يمكن الاستعانة بالمراجع والمصادر المختلفة. ثم تأتي التفسيرات الخاصة بالموقف وهنا يمكن مناقشة الأسباب التي أدت إلى فشل الخبرة أو التي أدت الى نتائج غير مرضية، وذكر ماذا تعلم الشخص من هذه الخبرة. وأخيراً تُكتب جميع النتائج التي من شأنها أن تُحسن من عملية التطبيق أو الممارسة في المرات القادمة، وكتابة جميع ما تم تعلمه، وجميع ما يرغب بتعلمه في المرات القادمة.
وختاماً:
تحدث المقال من بدايته عما هو التفكير التأملي، وأهمية التفكير التأملي بالنسبة للمعلم، فهو يساعده على التنمية المهنية، ويزيد من دافعيته، ويطور لديه العديد من مهارات التفكير، والقدرة على حل المشكلات، واكتشاف آليات تعليمية، كما يساعد المعلم على تطوير أساليب وطرق التدريس. وأخيراً تم استعراض مقترح يمكن أن يساعد المعلم في ممارسة التأمل بمساعدة نموذج جيبس للتأمل.
المراجع العربية:
الخزام، عوض مفلح. (٢٠٢٠). مستوى التفكير التأملي لدى معلمات الرياضيات للصفوف الثلاثة الأولى في الأردن. المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث. ٦(٢)، ١٠٥-١١٨.
الزهراني، مرضي غرم الله. (٢٠٢٠). مستوى التفكير التأملي لدى طلاب كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى في ضوء بعض المتغيرات. المجلة الدولية للأبحاث التربوية – جامعة الامارات العربية المتحدة. ١(٤٤)، ٤٥-٧٠.
حمه، الهام احمد. (٢٠٢١). أثر استخدام النمذجة المعرفية في تنمية مهارات التفكير التأملي والاتجاه نحو مادة العلوم لدئ طالبات الصف الثامن في اربيل. كلية التربية الاساسية.
عوض، أمل شاكر محمد. مجدلاوي، روناهي عبدالكريم. (٢٠١٨). أثر توظيف كتابة المجلات في رفع مستوى التفكير التأملي لدى طلبة كلية العلوم التربوية والآداب التابعة لوكالة الغوث الدولية. مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعلم العالي. ٣٨ (٣). ٢١٧-٢٣٨ .
عيسى، خليل عبدالقادر. طوباسي، نتالي نبيل. (٢٠١٨). تحسين مستوى الكتابة التأملية في ملفات خبرة مساقي التربية العملية تر٣٥٩ وتر ٣٦٩ في كلية التربية بجامعة بيت لحم. مجلة العلوم التربوية والنفسية. (٢٤) ٢. ٨٧-١٠٦ .
المراجع الأجنبية:
Gibbs, G. (1988). Learning by Doing: A Guide to Teaching and Learning Methods. Oxford: Oxford Further Education Unit.
kazu, H., &Demiralp(2012).Usage status of methods that enhance reflective thinking in primary level programs(Elazig city example)international online journal of Educational sceinces, 4(1), p:131-141.