المجموعات المرنة في الفصل الدراسي
تعد المجموعات والعمل الجماعي جزءًا من نسيج العديد من الفصول الدراسية، إذ إن تفاعل الطلاب مع واحد أو أكثر من أقرانهم يسهم في بناء المجتمع، ويزيد من مشاركتهم، ويجعل تعلمهم أكثر نشاطًا. ولكن تكمن المشقة في تحديد ما إذا كان من الأفضل تطبيقه وما هي أفضل طريقة لتشكيل المجموعات؟
ولأن إعداد المجموعات يمكن أن يمثل تحديًا وعقدة، نجد الكثير من المعلمين إما أنهم يتجنبون إعداد المجموعات كليًا أو أنهم يُبقون طلابهم في نفس المجموعات، وهذه الممارسة: “التجميع الثابت” تحجز الطلاب في نفس المجموعات لأسابيع أو أشهر متواصلة، حيث أن الطلاب في الأغلب لا يقومون “بالتبديل” بناء على هدف المهمة أو دلائل نتائج الاختبارات، مما يفوت علىهم فرص التعلم من أقرانهم وتطوير علاقاتهم معهم.
وعلى العكس من ذلك، تنظم المجموعات المرنة الطلاب عن قصد وبسلاسة داخل الفصل الدراسي لإكسابهم خبرات تعلىمية مختلفة خلال إطار زمني قصير نسبيًا ( لأسبوعين مثلًا ). وتكون عندها المجموعات متماشية مع غرض المهمة ومُدعمة بنتائج الاختبارات الصفية وسمات الطلاب.
فوائد المجموعات المرنة
بالممارسة الجيدة، نجد أن التجميع المرن يتفوق على التجميع الثابت بثلاث ميزات:
- تجمع المجموعات المرنة جميع الطلاب معًا
حينما يعمل الطلاب في مجموعات صغيرة فإنهم ينعزلون عن باقي زملائهم، ولكن باستخدام المجموعات تكون العزلة مؤقتة، وعلى مدار العام الدراسي وبمرور الأيام والشهور، يتجمع الطلاب للعمل مع نطاق أوسع من أقرانهم بطرق جديدة متجنبين العمل ضمن إطار المجموعة الكاملة باستمرار، أو العمل المستقل، أو التفاعل بداخل المجموعة الثابتة الصغيرة. فالمجموعات المرنة تعمل على تقوية الصداقات الحميمة داخل الفصل عوضًا عن تهديدها.
- توجه المحموعات المرنة الطلاب نحو وجهات نظر جديدة ومتشعبة
ينجذب الأطفال من جميع الأعمار – كما هو الحال عند الكبار- نحو من يشبههم / من يشاركونهم وجهات نظرهم، وتكون لديهم خبرات واهتمامات مشابهة، ويميلون لتقدير نفس الأشياء. ويعد ميلهم للبقاء مع أصدقائهم أمرًا طبيعيًا، بل وأحيانًا يكون مفيدًا. ولكن من الممكن أيضًا أن يجعل الطلاب إما مرتاحين أو عالقين في دوامة العمل مع نفس الأقران يومًا بعد يوم. وهنا تدفعهم المجموعات المرنة إلى الخروج من مناطق راحتهم للتفاعل مع أقران لهم من الممكن أنهم لم يختاروا التعلم منهم أو لم تتح لهم الفرصة لذلك.
- تقاوم المجموعات المرنة الاختلافات في الحالة
تعمل قرارات المعلم بإعداد المجموعات على إرسال رسائل قوية إلى الطلاب عن أدوارهم وقيمتهم في المجتمع الصفي. فعندما يتم وضع الطلاب في مجموعات، “يخمن” أغلب الطلاب الموقف التعليمي (من يكون في مجموعتي؟ من يكون في تلك المجموعة؟ ماذا سنفعل؟ ماذا سيفعلون؟..).
ويقوم الطلاب بإجراء فحص الحالة، فيجمعون الأدلة عما يعتقده المعلم عن قدراتهم، ولكن المجموعات المرنة تصعب الأمر على الطلاب أن يحصروا بعضهم البعض (أو أنفسهم). وتعتمد المجموعات أحيانًا استعداد الطلاب أو مستوى المهارة، ولكنهم يمتزجون في تجميعات مرتكزة على الاهتمامات، التميز التعليمي، الخبرة،…إلخ.
التخطيط للتجميع المرن
لا يعد التخطيط للتجميع المرن بالأمر الصعب أو المستهلك للوقت، ولكنه بالفعل يحتاج لبعض التفكير.
هل يجب على الطلاب أن يظلوا في مجموعة واحدة أم أن يعملوا في ثنائيات؟ وهل من الأفضل أن يدرسوا منفردين أم في مجموعات ثلاثية؟ وهل المجموعات الرباعية كبيرة للغاية أم صغيرة للغاية لعمل بانوراما؟ وهل بإمكان الطلاب اختيار فرقهم، أم أن هذا من واجب المعلم؟ وهل مستوى المهارة هو ما يهم أكثر لتنفيذ مهمة المجموعة، أم اهتماماتهم؟
يوضح هذا المخطط التجميعي العوامل التي يجب على المعلم أن يوليها الأهمية الأكبر عند عملية صنع القرار.
مخطط المجموعات المرنة |
|
الاستخدام أو الغرض من التجميع
ما الخبرة التعليمية التي دفعت إلى اتخاذ قرار التجميع؟ |
|
المدة/ الفترة الزمنية
كم من الوقت سيستغرقه العمل في مجموعات؟ |
|
سمات الطلاب ما هي السمات المعنية لتنفيذ المهمة أو اكتساب الخبرة التعليمية؟ |
|
التكوين/ المهنية
هل يجب أن تكون المجموعة متجانسة أم غير متجانسة بالنسبة لخصائص الطلاب؟ |
|
التوزيع/ الحجم
ما هو أفضل توزيع لهذا النشاط التعليمي؟ ما هو الحجم الأنسب للمجموعة – مع وضع الأهداف بعين الاعتبار – ؟ |
|
التكوين/ التشكيل
كيف سيتم تشكيل المجموعات؟ |
|
التفكير في التجميع المرن
عند التخطيط للتجميع المرن، نجد أن الغرض والمدة تقع ضمن الاعتبارات الأولى: ماذا سيؤدي الطلاب في المجموعة؟ ولماذا سيقومون بذلك؟ ولكم من الوقت؟ هل سيتدربون أم أنهم سيطبقون مهارة؟ سيقومون باكتشاف محتوى جديد أم أفكار جديدة؟ سيحللون قصيدة أم بيانات من دراسة استقصائية مسحية؟ سيعملون على مشروع طويل / أم قصير الأمد؟.. أيًا ما كان السبب، يجب أن يكون مناسبًا بشكل جيد للعمل في مجموعات – حيث يكون من الأفضل – إنجاز المهمة مع الآخرين، بدلًا من تنفيذها بشكل مستقل.
وبنفس القدر من الأهمية يجب أخذ سمات الطلاب عند تكوين المجموعات بعين الاعتبار. ما هي السمات الضرورية لتنفيذ مهمة محددة؟ وهل الطلاب في مستويات مختلفة من تمكنهم من مهارة معينة (مثل: قراءة نص معقد، حل معادلات، أو إجراء تجارب)؟ وإذا كان الوضع كذلك، فيكون من المنطقي وضع الطلاب في مجموعات لها نفس الاستعداد وتكليف كل مجموعة بعمل يستهدف مناطق قوة أو ضعف محددة لديهم.
هل موضوع الدرس يحتاج المزيد من “الإضافات”؟ ربما وضع الطلاب في مجموعات ذات اهتمامات متشابهة لاكتشاف الموضوع من خلال تلك “العدسة” سيزيد من الدافعية، ومن خلال المتابعة المبدئية، يستطيع الطلاب أن يدخلوا في مجموعات لها اهتمامات مختلطة لاستكشاف الموضوع باتساع أكبر. ويمكن لتفضيلات الطلاب للوصول إلى المحتوى (مثل: القراءة حول الموضوع، مشاهدة الفيديوهات عنه) أن تخدم بطريقة أخرى في تكوين مجموعات متجانسة. وتعمل المجموعات غير المتجانسة بشكل جيد عندما يكون هناك خليط من وجهات النظر والخلفيات: النوع، المعتقدات، الأنشطة اللاصفية كلها تكون ذات أهمية.
ويجب أن يكون توزيع وحجم المجموعة مرتبطين بالغرض من المجموعات. فتقسيم الفصل إلى مجموعتين يمكن أن يفيد في حالة المناظرة الصفية. وقد تمثل ثلاث أو أربع دوائر مكونة من 6 إلى 8 طلاب الخيار الأمثل لمناقشة قصص قصيرة اختارها الطلاب حسب ميولهم، ولعمل بانوراما، فتكوين مجموعات صغيرة من 3 إلى 4 طلاب سيكون الأفضل. ويكون من الأنسب العمل في ثنائيات متباينة في الاستعداد عند العمل في المختبر.
وهناك أمر آخر يجب وضعه في الاعتبار وهو من أو ماذا سيشكل المجموعات بالفعل. الجواب: يتحكم المعلم دائما في التكوين، حتى إذا قرر أو قررت أن تسمح للطلاب باختيار مجموعاتهم، أو أن تترك القرار لمعايير “عشوائية” (مثل: شهر الميلاد، الطول). وعلى كل حال فإنه يجب أن يكون هدف المهمة وسمات الطلاب في الصدارة عند اتخاذ القرار، ولكي تُعد المجموعات المرنة فعليا، يجب على المعلم أن يتابع تكوينات المجموعات عن كثب طوال الوقت. وعلى مدار عدة أسابيع، حيث يجب أن يكون الطلاب قد حظُوا بفرص العمل داخل مجموعات متنوعة مع مجموعات من الأقران.
المجموعات المرنة : وضع الأساس
مما لا شك فيه أن إدراج الطلاب بجانب العديد من الأقران كل أسبوع لن يُحدث روابط وثيقة أو فورية تلقائيًا. يجب على المعلم أن يتخذ خطوات متأنية لكي يجهز الطلاب للعمل بشكل مترابط مع زملائهم الذين يمكن أن يعتبروهم أو ألا يعتبروهم “أصدقاء” لهم.
ولتهيئة الجو للتجميع المرن، عليك أن تُعلِم الطلاب في بداية العام أنهم سوف يتبادلون المجموعات بشكل مستمر. ثم بعد ذلك استخدم تشكيلة واسعة من التجميعات “العشوائية” للأنشطة الموجزة مثل: فكر/ زاوج / شارك / العصف الذهني / أو الرد على سؤال أو الإجابة الفورية.
ونعرض لكم مثالًا واحدًا يمكن تنفيذه خلال خمسة أيام متتالية أو خمسة أيام على مدار أسبوعين.
المجموعات المرنة : “الإحماء”
المجموعات المرنة : “الإحماء” |
||
اليوم 1/ التجميع 1 | يصطف الطلاب بحسب تاريخ الميلاد (الشهر/ اليوم) ويقوم المعلم بتقسيمهم إلى ثنائيات. | |
اليوم 2/ التجميع 2 | يتسلم الطلاب أوراق اللعب (الكوتشينة) ويقومون بتكوين مجموعات ثلاثية تحمل “نفس الشكل” | |
اليوم 3/ التجميع 3 | يستخدم الطلاب أوراق اللعب ذاتها (أو واحدة جديدة منها) لتكوين مجموعات رباعية تحمل “نفس الرقم” | |
اليوم 4/ التجميع 4 | يتجمع الطلاب في “أربعة أركان” من الحجرة حيث يتوجه الطلاب نحو المكان الذي يتوافق مع طعامهم المفضل: البيتزا، الهمبرغر، التاكو (طبق ميكسيكي)، أو العصائر؛ وسيتم تقسيمهم مرة أخرى إلى مجموعات ثلاثية أو رباعية | |
اليوم 5/ التجميع 5 | يصطف الطلاب بترتيب ألوان قوس قزح حسب ألوان ملابسهم. ويقوم المعلم “بثني” الصف من النهاية المقابلة للطيف ليتجمع الطلاب في ثنائيات | |
وعندما يصبح الطلاب معتادين على هذه الحالة المستمرة من التدفق، يكون قلقهم أقل بشأن من سيكون في مجموعتهم ولماذا. وينتقل تركيزهم على ما يفترض بهم أن ينجزوه في مجموعاتهم وأفضل طريقة للقيام بذلك.
خاتمة
من منظور مثالي، تُحدث المجموعات المرنة بيئة يكون الطلاب فيها أكثر تعاونية وتعاطفا، وأكثر استعدادًا لتحمل المخاطر- مع المحتوى ومع بعضهم البعض، وذلك يمهد الطريق لتنمية إدراكهم لأنفسهم باعتبارهم بشرا وليس فقط باعتبارهم طلابا.
وفي أفضل الظروف، يزيد التجميع المرن من قدرة الطلاب على التصرف باعتبارهم مواطنين يتصفون بالاحترام والمسؤولية والتعاون وهذا شيء يخدمهم ويخدم المجتمع إلى حد بعيد لسنوات قادمة.
المقال الأصلي:
How To Use Flexible Grouping In The Classroom by Jessica Hockett, PhD., and Kristina Doubet, PhD
ترجمه إلى العربية: سمية محمد أحمد محمد حسين
معلمة العلوم والفيزياء باللغة الانجليزية.
شكرا على المعلومات القيمة نتمنى فقط ان نلاحظ فيديوهات لتقديم درو في المراحل العليمية (التعلم النشط واستراتيجيات جديدة
شكرا على جهدك ووقتك أستاذة سمية، موضوع يستحق. في انتظار المزيد.
جزاك الله خيرا الاستاذة سمية كل التقدير والاحترام وانشا الله الموفقية
شكرا للأستاذة سمية على هذا الطرح السديد و على هذه المجهودات المضنية لكن في رأي يبقى فيه الكثير من التساؤلات حول الصعوبات التي يواجهها المعلم في تكوين المجموعات