إن الدّراسات التي تتناول سيكولوجية الطّفل من كافّة نواحيها لم تتسع دائرتها إلا في القرن العشرين وكان الدّافع الرئيس من دراستها إنشاء نظم جديدة للتّربية تحترم خصائص مرحلة الطّفولة وتهيئ الجو الملائم لازدهارها وتطورها. وقد تمت من خلال ملاحظات دقيقة لسلوك الطّفل وأطوار نمّوه وأدّت هذه الدّراسات إلى توسيع أفاق علم النّفس العام وتعديل عدد من أساليبه، كذلك إعادة النّظر في كثير من النتائج التي توصل إليها علماء النّفس والمفكرين والفلاسفة.
ويمكن القول بأنّ نموّ الطّفل العقليّ والمعرفيّ هو عمليّة تطوريّة متعددة الأبعاد، والتي تشمل النّموّ الفكريّ والعقليّ والإدراكيّ واللّغويّ والاجتماعيّ والانفعاليّ ناهيك عن النّمو الجسديّ.
مرحلة الطفولة
ويمكن تقسميها إلى خمس مراحل رئيسة:
- مرحلة ما قبل ميلاد الطفل حتى الولادة: يشعر خلالها الجنين بحركات اللمس منذ الشّهر الثّاني داخل الرّحم ويبدأ الإحساس بالحركة من الشّهر الرّابع والخامس.
- مرحلة المهد: وتبدأ من ميلاد الطّفل حتى نهاية السّنة الثّانية. يبدأ الطّفل في اكتساب مهارات التّذوق ثمّ يبدأ باستكشاف أطرافه وتحريكها. وتعدّ الذّاكرة والانتباه شرطاً أساسيّاً للعمليّات العقليّة.
- مرحلة الطّفولة المبكرّة: تبدأ من العام الثّالث للطفل وتنتهي مع نهاية الخامس. ويبدأ الطّفل الاعتماد على نفسه، ويمكن ملاحظة السلوك الاستطلاعي والاستكشافي، وتظهر بشكل أكثر وضوحاً وظائف الذّاكرة والخيال والإبداع، بالإضافة إلى التّعرف على مفاهيم مختلفة مثل الزّمان، المكان، والعدد والأشكال الهندسيّة.
- مرحلة الطّفولة الوسطى: تبدأ من جيل ست سنوات إلى تسع سنوات. وتتسم هذه المرحلة باتساع آفاق الطفل العقليّة والمعرفيّة، وتعلّمه للمهارات الأكاديميّة كالقراءة، والكتابة، والحساب بالإضافة إلى المهارات الجسميّة.
- مرحلة الطّفولة المتأخرة: تبدأ من جيل التّاسعة حتى جيل المراهقة، وتزداد فيها القدرة على الابتكار، ويزداد لديه حبّ الاستطلاع وتزداد القدرة على التّركيز ونموّ الذّاكرة.
مرحلة المراهقة
هي المرحلة التي تبدأ بالبلوغ وتنتهي بدخول المراهق لمرحلة الرّشد، وتعدّ حاسمة في تطوير الاستقلالية الشّخصيّة وتحمّل المسؤوليّة وبناء الثّقة بالنّفس وتمثل نقطة لانطلاق الفرد من الأسرة نحو المجتمع. وتقسم إلى مراحل ثلاث رئيسة:
- مرحلة المراهقة المبكرة: يحدث خلالها انفجار في النّمو الجسدي، حيث يسعى المراهق إلى الاستقلال والتّخلص من القيود المحيطة به ويكبر لديه الإحساس بذاته وكيانه.
- مرحلة المراهقة الوسطى: تمتاز هذه المرحلة بشعور المراهق بالهدوء والسّكينة بالإضافة إلى إحساسه بالمسؤوليّة الاجتماعيّة والاهتمام بالجنس الآخر.
- مرحلة المراهقة المتأخرة: تعدّ مرحلة التّفاعل وتوحيد أجزاء الشّخصيّة، حيث يكتمل فيها النّمو، وفي نهايتها يصل النّمو االعقليّ إلى ذروته، وتنضج مهارات الاطلاع والذّكاء الاجتماعيّ والتّواصل. بالإضافة إلى التّفكير المنهجيّ والتّكامل الحركيّ الجسميّ. وهي مرحلة اتخاذ القرار حيث تكون الأهداف أكثر وضوحاً.
مرحلة الرشد
يكتمل فيها نضج الإنسان الفكريّ والبدنيّ ومن أهم خصائصها استقرار الذّات، وبناء علاقات ثابتة والمساهمة في المجتمع وتقسم إلى ثلاث مراحل:
- الرشد المبكر: تتسم هذه المرحلة بالنّشاط والحيويّة.
- الرّشد الوسطى: وتسمّى أزمة منتصف العمر، حيث تتأثر بعض الوظائف الجسديّة مثل السّمع والبصر ويمرّ فيها بعض الأشخاص ببعض المشكلات الصّعبة.
- الرّشد المتأخر: ترتفع احتمالات الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب وقد يصاب البعض باليأس في هذه المرحلة.
مرحلة الشّيخوخة
- تكون بدايتها في جيل ٦٥ ومن أبرز سماتها تطوّر القدرة على التّحكم بالعواطف والتّكيف مع المتّغييرات الحياتيّة. يستمر فيها تناقص القدرات الجسديّة ووظائف الحواس. ويعاني المسنّون خلال هذه المرحلة من فقدان لقدرة بعض الأعضاء على العمل بشكل جيّد بما في ذلك القلب والجهاز الهضميّ، ناهيك عن ظهور التّجاعيد والتّرهلات وصعوبة الحركة. بالإضافة إلى ضعف عام في الذّاكرة مما يؤدي إلى ظهور أعراض لأمراض مثل الزهايمر والخرف وغيرها.
- يتأثر النّمو بعوامل خارجيّة وداخليّة كما يخضع النّمو لمبدأ الفروقات الفرديّة فلكل فرد سرعته في النمّو ويختلف عن الآخرين.
- العوامل الوراثيّة(الداخليّة): ويقصد بها انتقال السّمات من الوالدين إلى الأبناء من خلال الجينات، والتي تظهر في الصّفات الجسميّة كالشّعر ولون العينين والقدرات العقليّة الخاصة كالذّكاء، بالإضافة إلى الغدد التي لها أثر كبير في تنظيم النّموّ ووظائف الجسم.
- البيئة الجينية: ويقصد بها بيئة الجنين داخل الرّحم بحيث تعدّ الصّحة العامّة للأم من العوامل المؤثرة في نموّ الجنين، بالإضافة إلى جيل الأم وحالتها الانفعاليّة، كما توثر بعض الأمراض المزمنة على النّموّ االعقليّ مثل أمراض القلب والسكري.
- عوامل بيئية(خارجية): وتقسم إلى عدة اقسام:
- الرّعاية الاجتماعية: مثل رعاية الوالدين والمعلمين في تطوير أسس النّموّ العقليّ والمعرفي.
- التنشئة الاجتماعية والعلاقات الإيجابية: مثل التّفاعل مع الآخرين وتعلّم قيم ومعايير اجتماعية تساعد على النّموّ العقليّ والمعرفي.
- التّعليم: توفير بيئة تعليميّة يوفر فرصاً لاكتساب المعرفة والمهارات المختلفة.
- التّحفيز: توفير الألعاب والأنشطة التي تحفز التّفكير الإبداعي وتعزز تطوير المهارات العقليّة مثل التّفكير النقدي وحلّ المشكلات.
- التغذية الصحية: تأثير الغذاء الصحيّ على النّموّ العقليّ والمعرفيّ لا يقدر بثمن، حيث أنّ التّغذية الجيّدة تساهم في تحسين وظائف الدّماغ وتعزّز الانتباه والتّركيز.
تلعب العوامل المؤثرة في النّموّ العقليّ والمعرفي دوراً مهماً في تحديد القدرات العقليّة ومسار التطوّر العقليّ لذلك من المهم توفير بيئية صحيّة وداعمة للأطفال والشباب لتعزيز نموّهم العقليّ والمعرفي.
المراجع
فايز، جمال عطية. علم نفس النّموّ في الطفولة المبكرة. دار الجامعة الجديدة للطبع والنشر والتوزيع، 2008
يحياوي، احمد. كرامة، احمد. 2019. محاضرات في علم النّفس النموّ. جامعة وهران للعلوم والتكنولوجيا.
باناعمة، فوزية بنت عبد الرحمن. 2018. علم النّفس النمو. الكلية الجامعية بمحافظة الليث، قسم التربية وعلم النفس.
شريبة، بشرى أيوب. 2017-2018. علم نفس النّموّ الرشد والشيخوخة. جامعة تشرين، كلية التربية.
ينبغي الحذر من الأخطاء اللغوية
بارك الله بك . بالتوفيق ان شاءالله
دمت في تميز وإبداع دكتوره إيناس تمنياتي لك بكل النجاح والتوفيق
دراسة جيدة بارك الله فى القائمين عليها