لا حاجة لبيان ذكر أهمية المحادثة في تعليم اللغات؛ إذ إنّ معرفة أي لغة إنما ينظر لها بالأساس على مستوى التواصل الشفهي، فابن جنّي في خصائصه (1/ 33) عرف اللغة بقوله: هي أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم.
و يقرر ذلك الناقة (1985 : 151) بقوله: الكلام يعتبر جزءًا أساسيا في منهج تعليم اللغة الأجنبية، ويعتبره القائمون على هذا الميدان من أهم أهداف تعلم لغة أجنبية؛ ذلك أنه يمثل في الغالب الجزء العملي والتطبيقي لتعلم اللغة.. كما أننا حينما نقول (فلان يعرف اللغة الإنجليزية على سبيل المثال) يتبادر إلى الأذهان أنه يتحدثها.
ويذكر رشدي طعيمة (135:2004) مؤكدا أنّ الهدف الأول -إن لم يكن الأخير – من تعليم اللغات هو إكساب المتعلم القدرة على التواصل مع متحدثي اللغة الهدف.
يكاد الإجماع بين علماء اللغة إذن ينعقد على أن الاتصال -إن لم يكن الاتصال والتفاعل- هو الهدف الرئيس من استخدام اللغة. فإن كان كذلك فما هي الأمور التي تساعدنا على تحقيق الهدف من تدريس اللغة والوصول لدرس محادثة ناجح؟!
في هذا المقال سنتطرق إلى 10 أمور إذا أدركناها جيدا سنتمكن من إنجاح درس المحادثة:
1- المحادثة هي المحصلة الطبيعية للتدريس الجيد لمهارتي الاستماع والقراءة، وأي خلل في هاتين المهارتين سينعكس تلقائيا بالسلب عليها.
2- تعتمد المحادثة على اتباع استراتيجيات وأساليب متنوعة ومشوقة.
3- الذكاء الاجتماعي للمعلم يُعد محورا أساسيا لنجاح درس المحادثة، وكلما كان قادرا على فتح موضوعات ومجالات للحديث وبناء علاقات جيدة مع طلابه كان أقدر على تنمية هذه المهارة لديهم.
4- الخطأ ليس عائقا للحديث، بل هو ظاهرة صحية وطبيعية لاكتساب اللغة، والمعلم الماهر يعرف متى وكيف يعالج الخطأ، وينطلق منه لتعلم واكتساب اللغة.
5- عدم تحدث الطالب باللغة لا يعني أنه يفتقر لرصيد لغوي كبير؛ بل هناك عوامل أخرى مؤثرة في الطلاقة والحُبسة اللغوية. والمحادثة بالأساس تهدف إلى إخراج ثروة المفردات المكتسبة في سياق تركيب لغوي مترابط في موضوع ما، فربما كان الخلل في كيفية الإخراج اللغوي وليس عدم وجود الأصل اللغوي.
6- ثقافة المعلم واطِّلاعه هي التي تثري درس المحادثة وتمدد حبله وتجر الطلاب لتوسعة الموضوع المتناول، وتجعله يدير درس المحادثة دون الوقوع في محاذير ثقافية قد تودي ببعض الطلاب إلى الانزواء وعدم المشاركة.
7- حسن اختيار موضوع المحادثة عامل رئيس في نجاح الدرس، فكلما كان موضوع المحادثة ملائما لمستويات الطلاب واهتماماتهم ومثيرا لفضولهم كلما كان التفاعل كبيرا.
8- إذا لم تنجح استراتيجية في درس المحادثة فليس معناه نهاية المطاف والحكم على الطالب بالضعف، أو على الطريقة بالخطأ. الاستراتيجيات كالدواء ما يصلح لمتعلمين قد لا يصلح لغيرهم، وكل متعلم تجربة فريدة عن غيره، جرب استراتيجية أخرى ونوّع وأبدع!
9- وضع قواعد لدرس المحادثة وبيان كيفية إدارة الحديث، وكيفية المداخلة والإضافة والتصحيح، يجعل الدرس منضبطا وتزيد الفائدة.
10- وضوح أهداف تدريس المحادثة والمخرجات التعليمية المطلوبة من الطلاب وفق كل مستوى ومراعاة الأهداف، أمر يجب أن يكون واضح المعالم للمعلم والمتعلم.
وختاما فإن لم يتحدث الطلاب اللغة مع وجود الدافعية فيجب أن يراجع المعلم أساليبه وطرق تقديمه ولا يلوم طلابه!
المراجع:
– الناقة ، محمود كامل (1985 : 151) ( تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى أسسه ـ مداخله ـ طرق تدريسه
– طعيمة، رشدي أحمد (2004:135:) ( المهارات اللغوية : مستوياتها . تدريسها . صعوبتها)
– ابن جنّي (الخصائص) (1/ 33 )
– درس عملي في تنمية مهارة المحادثة: https://www.youtube.com/watch?v=20WF3H-8sHo
مقال جميل عن نعليم اللغه الغربية لفير الناطقين بها،و لكنه يركز على دارسي العربية في المستوى المقدم و ليس المبتدئين الذين يجب تعليمه طريقة نطق حروف العربية بشكل صحبح