استراتيجيات ما وراء المعرفة و تدريس الرياضيات:
من أهم أهداف تدريس الرياضيات تعليم التلاميذ كيف يفكرون، وذلك عن طريق تنمية قدراتهم على كيفية التفكير في التفكير “Metacognition” وكيفية معالجة المعلومات للاستفادة منها في مواقف الحياة المختلفة، حتى يكونوا قادرين على الانتقاء والتجديد والابتكار وممارسة مهارات التفكير وعملياته في مجالات الحياة المختلفة، وتنمية قدرتهم على التعلم الذاتي وكيفية البحث عن المعرفة من مصادرها المختلفة (شهاب،2000،ص2)، وذلك لمواجهة تحديات الحاضر واحتمالات المستقبل. وقد أظهرت الدراسات فاعلية استخدام استراتيجيات ما وراء المعرفة في تدريس الرياضيات.
-
تعريف استراتيجيات ما وراء المعرفة
يعرف كل من براس ودويك (Brass&Duke,1995,P.31) استراتيجيات ما وراء المعرفة على أنها عبارة عن نمط من التدريس يسمح للمتعلم باستخدام مهاراته الخاصة في تطوير تعلم مستقل يمكنه من تحمل المسؤولية الذاتية للتعلم.
ويعرفها (أحمد علي، 2007، ص 13) بأنها مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها التلميذ تحت إشراف وتوجيه من المعلم ليكون على وعي وإدراك بعمليات تفكيره وإدارتها، وأن يفكر فيما يفكر فيه، وأن يعرف الأنشطة والعمليات الذهنية التي تستخدم قبل وأثناء وبعد التعلم للقيام بالعمليات المعرفية وما وراء المعرفية.
وتعرفها (مكة عبد المنعم، 2008، ص 42) بأنها مجموعة من الخطوات والممارسات التي يتبعها المعلم داخل الفصل الدراسي من أجل توجيه سلوك الطلاب إلى الوعي بعملياتهم المعرفية وتفكيرهم وذلك قبل وأثناء وبعد الدراسة بما يمكنهم من تنمية مهارات ما وراء المعرفة والتحصي في الرياضيات.
وفي ضوء التعريفات السابقة لاستراتيجيات ما وراء المعرفة، اتخذ الباحث التعريف الإجرائي التالي لاستراتيجيات ما وراء المعرفة: مجموعة من الإجراءات يقوم بها المتعلم بمساعدة المعلم وتوجيهه، تجعله على وعي بسلوكه وعمليات تفكيره وإدارتها خلال المهمة التعليمية قبل وأثناء وبعد التعلم والتي تساعد المتعلم على تخطيط ومراقبة وتقويم أدائه ومراجعة معارفه وأفكاره.
-
أهمية استخدام استراتيجيات ما وراء المعرفة
استخدام التلاميذ لاستراتيجيات ما وراء المعرفة يزيد من وعيهم بما يدرسونه في الموقف التعليمي “وعي بالمهمة”، وبكيفية تعلمهم على النحو الأمثل “وعي بالاستراتيجية”، وإلى أي مدى تم تعلمهم “وعي بالأداء” (منى عبد الصبور شهاب، 2000، ص2). وكما ترى ربيكا اكسفورد أن استراتيجيات ما وراء المعرفة تساعد التلاميذ على تنظيم المعرفة الخاصة بهم وعلى التركيز والتخطيط والتنظيم والتقويم لمدى تقدمهم في الأداء (ربيكا اكسفورد،1996، ص 21).
-
استراتيجيات ما وراء المعرفة
1) استراتيجية التفكير بصوت عالٍ Thinking A loud Strategy
تعد استراتيجية التفكير بصوت عالٍ استراتيجية من استراتيجيات ما وراء المعرفة، والتي تقوم على وصف – تدريب وسيط شفوي – التلاميذ تفكيرهم بصوت مسموع عندما يفكرون في أداء المهمة وحل المشكلة. فالتفكير بصوت عالٍ تقنية تزيد من قدرة التلميذ على الحكم والتوجه الذاتي الناتج من الفرد ذاته في كل من الجوانب الأكاديمية والاجتماعية (Park,2004).
ويمكن الإشارة إلى أربعة أسئلة يمكن أن يستخدمها التلميذ عندما يفكر بصوت عالٍ يظهر من خلالها عمليات تفكيره:
- ما مشكلتي؟ أو ماذا سأعمل؟
- ما خطتي؟ أو كيف أعمل هذا؟
- هل أستخدم الخطة؟
- كيف عملت؟
وتعتمد هذه الاستراتيجية على قراءة المعلمين لما يدور في تفكيرهم بصوت مسموع أمام التلاميذ وتدريب التلاميذ على ممارستها (Warian,2003) فهي تقوم على مساعدة التلاميذ على تنظيم وتحسين أفكارهم وجعل التلاميذ يفكرون بصوت عالٍ أثناء حل المشكلات. إذ أن التفكير بصوت عالٍ (التحدث عن التفكير) على درجة عالية من الأهمية لأنه يساعد التلاميذ على معرفة مفردات التفكير التي يمكن أن يستخدموها أثناء حل المشكلات بدلاً من التجول العشوائي في الأفكار دون الوصول إلى طريق التفكير الصواب. إضافة إلى أنها تساعد التلاميذ على الاستمتاع، نتيجة إنتاج التفكير والوصول للأفكار المطلوبة (أهداف، خطط، استراتيجيات،… إلخ.) وتوضيح اختياراتهم وفق تفكيرهم (Louca,2003).
2) استراتيجية K-W-L:
تعد استراتيجية K-W-L إحدى استراتيجيات بناء المعنى التي طورها أوجل Ogle.1986))، وهي تشمل ثلاث مراحل:
– المرحلة K: وفيها يحدد التلميذ ما يعتقد أن يعرفه حول الموضوع.
– المرحلة W: وفيها يعد التلميذ قائمة بما يريد أن يعرفه حول الموضوع.
– المرحلة L: يحدد التلميذ ما تعلمه فعلا ً بعد أن يكون قد شارك في أنشطة التعلم الهادفة. أي بعد أن يقرأ أو يسمع أو يلاحظ المعلومات يحدد ما تعلمه (وزارة التربية والتعليم، 1996، ص 253)، (مارزانو وبيكرتج،1997، ص 108)، Jones , 2001) Chen ,2005)
وتساعد هذه الاستراتيجية التلاميذ على استخراج المعلومات السابقة عن الموضوع، وتوضيح الغرض من الموضوع، كما تساعد على مراقبة فهمهم، وتقويم التلاميذ لفهمهم، وتوسيع أفكار التلاميذ فيما بعد الموضوع.
ماذا أعرف؟ | ماذا أريد أن أعرف؟ | ماذا تعلمت؟ |
What I Know? | What I Want To Know? | What I learned? |
4) استراتيجية خرائط المفاهيمConcept Mapping Strategy
تعد استراتيجية خرائط المفاهيم من أهم استراتيجيات ما وراء المعرفة استخداماً ، والتي طورها فريق من جامعة “كورنيل ” والتي يمكن استخدامها في موقف التعليم والتعلم المختلفة كأداة لكشف البنية المعرفية للمتعلم وأغوارها، ومن ثم تنظيمها، سواء كان ذلك في مواقف تعليمية فردية، أو في مواقف التعلم داخل حجرة الدراسة (كمال عبد الحميد زيتون، 1997، ص 246).
وتستند استراتيجية خرائط المفاهيم إلى نظرية التعلم ذي المعنى لأوزبل الذي يبني نظريته في التعلم على افتراض أن الإنسان يفكر عن طريق المفاهيم، ويرى أن تنظيم المفاهيم بشكل هرمي هو متغير مهم في عملية التعلم، وهو يتفق في هذا مع نظرية جانيية في التعلم التي تعتمد في جوهرها على التنظيم الهرمي لمهام التعلم المراد تعلمها أي تعتمد على مبدأ تحليل المهمة، فعند تدريس موضوع معين أو مفهوم ما فإن الأمر يحتاج إلى تحليل ذلك إلى المفاهيم الجزئية الأقل، حتى يمكن في النهاية الوصول إلى المفهوم الأكبر ( عصام وصفي روفائيل، ومحمد أحمد يوسف،2001، ص75).
يمكن للباحث الاستفادة من العرض السابق في استنتاج بعض المضامين والأسس التربوية والتعليمية التي يجب مراعاتها أثناء استخدام استراتيجيات ما وراء المعرفة في تدريس مادة الرياضيات لتلاميذ المرحلة الإعدادية، ومن هذه الأسس ما يلي: (العزب زهران،2004، ص ص 21-22):
1) تدريب التلاميذ على التفكير بصوت عال ٍ أثناء حل المشكلة، ويمكن للمعلم أن يمارس التفكير بصوت عال عند حله لمشكلة أمام التلاميذ ليقلدوه في ذلك حتى يتوصلوا إلى أفضل أنواع الأسئلة في كل خطوة من خطوات حل المشكلة.
2) أن يدرب المعلم التلاميذ على تدوين الأسئلة والملاحظات والنتائج بعد التفكير فيها.
3) الاهتمام بإكساب التلاميذ مهارات مراجعة الأنشطة والعمليات العقلية التي قاموا بها أثناء الحل.
4) تدريب التلاميذ على تعميم النتائج التي تم التوصل إليها وهل هي صحيحة أم تحتاج إلى مراجعة وتدقيق.
5) ضرورة ابتعاد المعلم عن التلقين والتركيز على أن يبذل التلميذ جهدا ً للتوصل إلى عمليات الحل بما يزيد من انتقال أثر التعلم.
6) الاهتمام بتدريب التلاميذ على استخلاص العلاقات الجديدة منطقيا ً بناء على المعلومات والمعارف السابقة التي تعلموها.
المراجع
أولاً: المراجع العربية
- العزب محمد زهران (2004). فعالية استخدام استراتيجيات ما وراء المعرفة في تنمية مهارات حل المشكلات الرياضية لدى طلاب الصف الأول الثانوي، مجلة الجمعية المصرية لتربويات الرياضيات، العدد السابع، يوليو.
- أحمد علي إبراهيم (2007). أثر استخدام استراتيجية ما وراء المعرفة في تدريس الرياضيات على التحصيل وتنمية التفكير الإبداعي لدى تلاميذ الحلقة الثانية من التعليم الأساسي – رسالة ماجستير غير منشورة – كلية التربية – جامعة الفيوم.
- مكة عبد المنعم محمد البنا (2008). استراتيجية مقترحة في ضوء ما وراء المعرفة في تنمية مهارات ما وراء المعرفة والتحصيل في مادة حساب المثلثات لدى طلاب الصف الأول الثانوي ، مجلة تربويات الرياضيات، الجمعية المصرية لتربويات الرياضيات، المجلد 11
- منى عبد الصبور محمد شهاب ( ٢٠٠٠ ). أثر استخدام استراتيجيات ما وراء المعرفة في تحصيل العلوم وتنمية مهارات عمليات العلم التكاملية والتفكير الابتكاري لدى تلاميذ الصف الثالث الإعدادي، مجلة التربية العلمية، المجلد الثالث، العدد الرابع، ص ص ١- 40
ثانيا :المراجع الاجنبية
- Brass,K.&Duke,M.(1995).” Primary Science in an Integrated Curriculum ”, in Fendam , P: ” The content of Science: A Constructivist Approach to its teaching and Learning ” , London , the Flamer Press.
- Louca,E.P.”The Concept and Instruction of Metacognition”.Teacher Development, Vol.7,No.1,2003. Available at : http://www. triangle.co. uk/pdf/viewpdf. asp?j= tde&vol=7&issue=1&year= 2003& article = 4 Louca TDEV7 1 web&id= 62. 135.38.34.
- Warian , c.(2003). Metacognition: Metacognitive Skills and Strategies in Young Readers.( ERIC Document ED 475 210).
جزاك الله خيرا سعادة د . محمد. مقال رائع و مركز.