مقدمة
يعد التطور الهائل في ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذي يشهده العالم المعاصر في مختلف جوانب الحياة أحد أسس التنمية الاقتصادية، والتي أدت إلى تحقيق تحولات جوهرية في شكل ودور الإدارات الحديثة، الأمر الذي فرض إعادة النظر في الأساليب التقليدية في العملية الإدارية، والعمل على تبني الاتجاهات الحديثة لمواكبة هذه التغييرات (قرود وشين، 2023.
وتعتبر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أحد مقومات النشاط الإداري الحديث، وذلك بفضل التقدم التكنولوجي في وسائل الاتصال، ونتيجة لهذا التقدم، أصبح من الصعب أداء تلك الأنشطة الإدارية بمعزل عن استخدام وسائط تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ففي القرن الحالي، تشهد المجتمعات تحولاً كبيراً من كونها مجتمعات صناعية تستند على الاختراعات الصناعية إلى مجتمعات معلوماتية تقدم حلولاً متطورة وبدائل لحل المشكلات وأداء الأعمال بشكل أفضل (هلالي وآخرون، 2010).
وقد أصبح التطوير الإداري أحد أهم سمات العصر الحاضر، ويجب التعامل معه وتوظيفه بكفاءة عالية، حيث أصبح أمراً ضرورياً لتحقيق النجاح والتطور، ويعتبر ذلك بمثابة تنبيه لقادة ومديري المنظمات بضرورة الاستجابة للمستجدات والتغيرات المحيطة بهم، حتى يكونو قادرين على فهم بيئة التغيير، ومن ثم حسن إدارتها بفعالية والتفاعل معها بإيجابية، ونتيجة لهذا التغيير فقد تحول العمل الإداري من الأساليب التقليدية التي تعتمد على الوثائق الورقية والإجراءات الروتينية، إلى الأساليب الإلكترونية في الإدارة، حيث أنها أصبحت تمثل نوعاً من الاستجابة لتحديات ومتطلبات القرن الواحد والعشرين (كافية وبن حجوبة، 2017).
ولذلك أصبح أمراً ضرورياً أن تتحول المنظمات من نمط الإدارة التقليدي إلى نمط الإدارة الإلكتروني، والتي توفر لها مجموعة من الخصائص والمزايا وتحقق لها السرعة والكفاءة في أدائها، غير أن التحول نحو تبني وتطبيق الإدارة الإلكترونية له العديد من الاحتياجات والمتطلبات الإدارية والتقنية والتي تتطلب من كافة أقسام المنظمة القيام بواجبها لضمان توفير هذه المتطلبات، حيث أن الإدارة المهتمة بالتطوير والتنظيم في أي قسم إداري هي إدارة التطوير الإداري. وبناء على ذلك، فإن نجاح تطبيق الإدارة الإلكترونية في أي منظمة يستند بشكل أساسي على فعالية قيام إدارة التطوير الإداري في تلك المنظمة بدورها لدعم عملية التطبيق (آل دحوان، 2008).
مفهوم الإدارة الإلكترونية
تعتبر الإدارة الإلكترونية مدخلاً معاصراً في تطوير وتحسين العمليات الإدارية في المؤسسات، على خلاف الإدارة التقليدية وأساليبها، باعتبار أن الإدارة الإلكترونية تستند وبشكل أساسي على تطبيق الفكر المعاصر، وتستخدم التكنولوجيا الحديثة ذات الأثر الفعّال في مجال العمل الإداري، الأمر الذي يساعد في الحد من الصعوبات والعقبات التي قد تواجهها الإدارة في عملياتها الإدارية (المتوكل، 2021).
إن ظهور تطبيقات الإدارة الإلكترونية على نطاق واسع يعود إلى التقدم الكبير في تكنولوجيا الحاسوب وتطبيقاته المختلفة، فضلاً عن التطور في الاتصالات وشبكة الإنترنت، وظهور أدوات نظم إدارة قواعد البيانات، وكذلك التزايد في أعداد المؤسسات التي تعمل على تطوير تلك النظم بما يتماشى مع متطلبات الإدارة الإلكترونية. ولقد تعددت تعاريف مفهوم الإدارة الإلكترونية لعدة أسباب من أهمها أنه من المفاهيم الحديثة المرتبطة بالتطور التكنولوجي الذي يتصف بالتغير والتطور السريع (بورقبة وحصباية، 2020).
ويعد مفهوم الإدارة الإلكترونية من المفاهيم العلمية المستحدثة، وقد ورد في الأدب النظري عدة تعريفات لهذا المفهوم، ومن التعريفات الشائعة لها ما يلي:
حيث عرفها المطيري (2021: 21) بأنها: “كل الممارسة التي تقوم بها الإدارة من تخطيط، وتنظيم، وضع واتخاذ القرارات، وغيرها، بالاعتماد على الوسائل التكنولوجية، مثل الحاسب الآلي وبرامجه، والإنترنت وتطبيقاته”.
وعرفها بودبوس وزهمول (2020: 32) بأنها: “منظومة إلكترونية متكاملة تعتمد على تقنيات الاتصالات والمعلومات لتحويل العمل الإداري اليدوي إلى أعمال تنفذ بواسطة التقنيات الرقمية الحديثة”.
أما حمزة (2019: 12) فقد عرفها بأنها: “مدخل جديد يقوم على استخدام المعرفة والمعلومات ونظم البرامج المتطورة، والاتصالات للقيام بالوظائف الإدارية التي تعتمد على تطوير البنية المعلوماتية داخل المؤسسة بصورة تحقق تكامل الروية ومن ثم أداء الأعمال، وذلك لاستثمار الوقت والجهد وتعزيز الخدمة وتحقيق الرضا للجميع”.
وذكرها إسماعيل (2010: 13) بأنها: “عملية يتم من خلالها تبادل الأعمال والمعاملات بين الأطراف من خلال استخدام الوسائل الإلكترونية بدلاً من الاعتماد على استخدام الوسائل المادية الأخرى كوسائل الاتصال المباشر”.
كما عرفها أحمد (2009: 25) بأنها: “استخدام الوسائل والتقنيات الإلكتروني بكل ما تقضيه الممارسة أو التنظيم أو الإجراءات أو التجارة أو الإعلان ويطال هذا المعنى حتى الأمور غير الإدارية”.
ويتضح مما سبق، أن الإدارة الإلكترونية: هي نهج إداري حديث يعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إدارة وتنظيم وتخطيط وتنفيذ العمليات الإدارية داخل المؤسسة، بهدف تبسيط العمليات والإجراءات الإدارية، وتقديم خدمات أفضل للمستفيدين، وتحقيق التحسين والتطوير المستمر في أداء المؤسسة وزيادة كفائتها.
أهمية الإدارة الإلكترونية
تعتبر الإدارة الإلكترونية واحدة من أهم نتائج التقدم التكنولوجي البارز في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الحديثة، وأصبحت تمثل التوجه الحديث في مجال الإدارة المعاصرة، إذ يشهد العالم الحالي جهوداً نشطة للاستفادة القصوى من التكنولوجيا الحديثة بهدف تحسين أداء المؤسسات والانتقال بها إلى مؤسسات إلكترونية، وتوظيف شبكة الإنترنت والحاسوب وتطبيقاته المختلفة في تنفيذ وإدارة جميع أعمال ومهام المؤسسات وإنجاز معاملاتها الإدارية، وأداء كافة وظائفها بأقصى سرعة ممكن وأعلى درجات الدقة (الدايني، 2010).
ويرى خليل (2014) أن الإدارة الإلكترونية تتمثل أهميتها في أنها تساهم في تعزيز كفاءة الأداء واتخاذ القرارات من خلال تحقيق مبدأ سهولة الوصول إلى البيانات والمعلومات، وجعلها متاحة عبر الشبكة الداخلية للمؤسسة وإمكانية الوصول إليها بأقل وقت وجهد ممكن من خلال الإستفادة من أدوات البحث المتاحة، كما أنها توفر المرونة في عمل الموظفين من خلال القدرة على الوصول إلى الشبكة الداخلية بسهولة من أي مكان يتواجد فيه مما يمكنه من العمل في أي وقت ومكان يرغب فيه، وتعمل على تسهيل تنظيم الاجتماعات عن بُعد بين الإدارات المتباعدة جغرافياً، بالإضافة إلى أنها تسهل عمليات حفظ وتخزين البيانات والمعلومات من تعرضها للكوارث والعوامل الطبيعية من خلال إجراء النسخ الاحتياطي لها وحفظها في أماكن خارج حدود المؤسسة.
وتكتسب الإدارة الإلكترونية أهميتها في قدرتها على مواكبة التطور الكمي والنوعي الهائل في تطبيق التقنيات الحديثة وأنظمة المعلومات في عمل المنظمات والمؤسسات، والقدرة على التعامل بفاعلية وكفاءة مع التحولات التي نعيشها في العصر الحالي، ومن كونها تعتبر استجابة فعّالة لتحديات القرن الحادي والعشرين (أبو العلا، 2013).
ويضيف إسماعيل (2010) بأن الإدارة الإلكترونية أصبحت جزءاً هاماً وأساسياً من واقع الحياة المعاصرة، وذلك بفضل التطور الهائل في أنظمة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك بعد أن تطورت أساليب وطرق حماية البيانات والمعلومات على شبكة الإنترنت، كما أن تأثيرها امتد ليشمل كافة جوانب الحياة المعاصرة.
وتذكر زدوري (2018) أن للإدارة الإلكترونية أهدافا متعددة تسعى إلى تحقيقها في إطار تعاملاتها مع المواطنين، تتمثل في تقليل تكاليف الإجراءات الإدارية والعمليات المتصلة بها، وزيادة كفاءة العمل الإداري، وخدمة أكبر عدد من العملاء في وقت واحد، بالإضافة لكونها تعمل على إلغاء العلاقة المباشرة بين الأطراف المعنية إلى أقصى قدر ممكن، الأمر الذي يؤدي إلى الحد من تأثير العلاقات الشخصية في إتمام وإنجاز المعاملات المتعلقة بفرد معين، المساهمة في التخلص من البيروقراطية في العمل، كما أن التقيل من استخدام الوثائق الورقية يساهم في التقليل من التكاليف الإدارية، الأمر الذي يساهم في إيجاد الحلول لمشكلة جوهرية تتمثل في حفظ تلك الوثائق.
وفي ضوء ما سبق، يمكن القول بأن للإدارة الإلكترونية أهمية بالغة بالنسبة للمؤسسات، حيث تكمن أهميتها في كونها تساهم في زيادة كفاءة العمليات الإدارية وزيادة الإنتاجية من خلال التحكم في تلك العمليات، بالإضافة لكونها تساهم في توفير الوقت والجهد من خلال إتاحة الوصول إلى البيانات والمعلومات للموظفين بسرعة وسهولة تامة، كما أنها تمكن من تحسين عملية الاتصال والتواصل داخل المؤسسة من خلال الاستفادة من الوسائل التقنية والتكنولوجية، كما أنها تساعد في التقليل من التكاليف الإدارية من خلال الحد من استخدام الوثائق الورقية وتقليل الحاجة إلى مساحات لتخزينها، وتتيح للمؤسسة متابعة أداء الموظفين، وتحليل البيانات الواردة إليها الأمر الذي يمكنها من اتخاذ القرارات الصائبة.
أهداف الإدارة الإلكترونية
تتمثل أهداف الإدارة الإلكترونية في كونها تساهم في تحسين وتطوير العمليات الإدارية، حيث تسعى هذه الإدارة إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية من خلال تبسيط الأعمال والإجراءات الإدارية، وتعمل على توفير وسائل اتصال ذات فعالية عالية تساهم في تقديم الخدمات بشكل أفضل للأفراد وتلبية احتياجاتهم بالشكل الأمثل، هذا بالإضافة إلى أنها تسعى إلى توفير بيئة عمل أكثر استدامة، وتعمل على تحقيق رؤية ورسالة وأهداف المؤسسة من خلال استخدام التقنيات الحديثة.
وترى عطيوي وعيساوي (2017) بأن الإدارة الإلكترونية تهدف إلى زيادة جودة الخدمة المقدمة من خلال تلبية احتياجات الأفراد بفعالية وتحسينها بشكل مستمر، وتسمح بتحقيق مبدأ الفعالية الأمر الذي يساهم في زيادة الإنتاجية الإدارية في المؤسسة، كذلك تساهم في إعادة بناء الثقة في الإدارة والتي تعد ضرورة أساسية وهامة في تحقيق الحكومة الرشيدة، كما أنها تساهم تبسيط الإجراءات الإدارية للعمل على تلبية احتياجات الأفراد والمؤسسات في ظل اختلاف الفئات التي تستهدفات المؤسسسات، وهي عملية ضرورية من أجل تعزيز وزيادة كفاءة العمل الإداري.
ويضيف العطار (2021) بأن الإدارة الإلكترونية تعمل على ضمان الاستعداد الجيد لعقد الاجتماعات، وتوجيه الجهود نحو تحقيق الأهداف المحددة، والتفحص الجيد للمحتوى عوضاً عن القراءة، والتحليل للكشف عن المشكلات بدلاً من متابعتها، وكذلك تنظيم الملفات وإدارتها بدلاً من الاحتفاظ بها، واستخدام البريد الإلكتروني بدلاً من الوثائق الورقية الصادرة أو الواردة، والعمل على تنفيذ الإجراءات بدلاً من الإعداد لمحاضر الاجتماعات، وكذلك الاهتمام الجيد لتحقيق الإنجازات.
سمات الإدارة الإلكترونية
تقوم الإدارة الإلكترونية على تحويل عملية إنجاز وتنفيذ المعاملات وتقديم الخدمات من النهج التقليدي إلى النمط الإلكتروني الذي يعتمد على الوسائل الإلكترونية. وتتسم الإدارة الإلكترونية بمجموعة من السمات والتي أوردها (عبد العليم وآخرون، 2013) في النقاط الآتية:
- الاستخدام الأمثل للوقت والموارد المالية المتاحة مع تبني أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلفة الأنشطة والأعمال اليومية.
- تقليل الجهد المطلوب في إنجاز المعاملات اليومية بسرعة فائقة من خلال استخدام البريد الإلكتروني في استقبال وارسال الوثائق بدلاً من الاعتماد على المراسلات التقليدية.
- تقليل التكاليف اللازمة للإجراءات الإدارية والعمليات ذات الصلة مع التأكيد على الدقة والشمولية لضمان تغطية كافة جوانب المعاملات والعمليات الإدارية والوحدات المرتبطة بها، وتوفير البيانات والمعلومات الدقيقة والموثوقة لمراكز اتخاذ القرارات والعمل على تيسير تبادلها.
- التخلص من الحاجة لوجود مكان محدد للتواصل مع الموظفين، وإرسال التعليمات والإشراف على أداء المهام وعقد المؤتمرات والندوات من خلال استخدام وسائل الاجتماعات الإلكترونية عن بٌعد.
- تمكين تقديم الخدمات في أي وقت بعد تعميمها وانتشارها في مختلف الإدارات، ومراجعة مواقعها على مدار الساعة، حيث لا يقتصر تنفيذ عملياتها على زمان محدد.
- تقديم الخدمات عبر شبكة الإنترنت دون الحاجة لتواجد الأفراد وحضورهم شخصياً إلى الإدارات، الأمر الذي يؤثر في تقليل الإزدحام في المكاتب، كذلك تسهيل التفاعل من خلال القوائم والنماذج الإلكترونية.
- التقليل من الاعتماد على العلاقات الشخصية والمباشرة بين أطراف المعاملة، الأمر الذي يؤدي إلى الحد من تأثير النفوذ والعلاقات الشخصية في إنجاز المعاملات المتعلقة بأحد الأفراد.
- استيعاب أكبر عدد ممكن من العملاء في وقت واحد، وزيادة كفاءة عمل الإدارة من خلال التعامل مع المواطنين والشركات والمؤسسات، واكتشاف المشكلات ومعالجتها بشكل مباشر بدلاً من العمل على متابعتها.
- الاستغناء عن نظام الأرشيف الورقي والعمل على تبني نظام الأرشفة الإلكتروني، وإجراء عمليات مسح ضوئي إلكتروني للحفاظ على المعاملات والوثائق الورقية القديمة.
- ضمان السرية والخصوصية للبيانات والمعلومات الحساسة، ومنع وصول الأفراد غير المخولين لها، بالإضافة إلى تطوير أنظمة متطورة للحماية من الدخول غير المصرح به أو الإختراق، الأمر الذي يجعل من الصعب الوصول إلى تلك المعلومات.
أسباب التحول نحو الإدارة الإلكترونية
إن التحول نحو الإدارة الإلكترونية ليس درباً من دروب الرفاهية، وإنما حتمية تفرضها التغيرات العالمية (مسلم، 2015)، وقد أصبح التحول الرقمي وممارسة الإدارة الإلكترونية من الإتجاهات العالمية الحديثة، حيث يجب السعي نحو تطبيقها من أجل تعزيز سرعة إنجاز المهام والمعاملات الإدارية، وتوفير الوقت والجهد، وتقليل التكاليف اللازمة، ومن أجل تحقيق كفاءة أكبر وفاعلية أعلى في كافَّة المهام والأعمال الإدارية المراد إنجازها. ويعتبر هذا التحول الرقمي أحد الركائز الأساسي في تطبيق الإدارة الإلكترونية، ويأتي ذلك بفضل الأنظمة الحديثة والإجراءات التكنولوجية التي تساهم في تبسيط ممارسة هذا النمط الإداري الحديث نسبياً (أبو النصر، 2023).
وترى العبيدي (2014) أن التحول من النمط التقليدي في الإدارة إلى النمط الإلكتروني لا يعتمد على البنية التقنية التي تشمل أجهزة الحاسوب وشبكة الإنترنت وغيرها من الجوانب الفنية، بالرغم من كونها تعتبر ركائز أساسية وهامة في الإدارة الإلكترونية، ولكنها تتمثل في كونها قضية إدارية تستند إلى فلسفة وفكر إداري متطور، وتعتمد على قيادات إدارية واعية تسعى إلى تحقيق التطور الدائم، وتقدم الدعم اللازم لتحقيق مهامهم الرئيسية التي تتمثل في خدمة المستفيدين وتحقيق تطلعاتهم، مع الإلتزام بتحقيق أعلى مستويات من الجودة والإتقان في أداء العمل.
ويضيف ملوك ودلول (2021) إن دواعي تحول المؤسسات من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الإلكترونية تتمثل في التعقيدات الحاصلة في الإجراءات والعمليات الإدارية وأثرها السلبي على زيادة تكلفة الأعمال، والصعوبة في توحيد البيانات والمعلومات لدى مختلف المستويات في المؤسسة، والتحديات التي تواجهها المؤسسة للوقوف على معدلات قياس الأداء، بالإضافة إلى الصعوبات المتمثلة في عدم إمكانية توفير البيانات المطلوبة للعاملين في المؤسسة، وكذلك ضرورة تحقيق عملية الاتصال المستمر بين الأفراد العالمين في المؤسسة على نطاق واسع، وتزايد المنافسة بين المؤسسة الأمر الذي يفرض ضرورة وجود أدوات وآليات التميز داخل كل مؤسسة تسعى للتنافس.
معوقات التحول نحو الإدارة الإلكترونية
تواجه تطبيق الإدارة الإلكترونية عدداً من التحديات والمعوقات الواجب أخذها بعين الاعتبار عند السعي إلى تطبيقها، حيث تتمثل أهم تلك المعوقات في قلة الوعي بأهمية الوسائل الإلكترونية في العملية الإدارية، وضعف الثقة في استخدامها، بالإضافة إلى المشكلات التقنية المتمثلة في عدم توفر البنية التحتية والأدوات اللازمة لتطبيقها، بالإضافة إلى الصعوبات التي تواجههم في التفاعل مع هذه البرمجيات والتطبيقات المحوسبة التي تعتمد في بناءها على اللغة الإنجليزية، ومقاومة التغيير لدى بعض الموظفين والإداريين للتحول نحو الإدارة الإلكترونية وتفضيلهم للطرق التقليدية، وهنا يمكن تصنيف التحديات التي تواجه الإدارة عند تطبيقهم للإدارة الإلكترونية وفقاً لما ذكره العديد من الباحثين على النحو الآتي:
أولاً: المعوقات الإدارية، وتتمثل في الآتي
- عدم وضوح الرؤية، حيث أن وجود رؤية واضحة المعالم أمراً بالغ الأهمية، خصوصاً في الأوقات التي تمر فيها المؤسسة بمرحلة انتقالية، ولذلك يجب أن يكون الموظفين على دراية تامة بالأهداف الرئيسة للمؤسسة، بما في ذلك رسالتها ورؤيتها.
- ضعف التخطيط: حيث يعتبر التخطيط أحد أهم وظائف الإدارة الحيوية، ويمكن من خلاله اتخاذ قرارات استراتيجية مؤثرة في العملية الإدارية، وغالباً ما يواجه بعض العقبات والتحديات.
- حاجة التخطيط للتحول الى الإدارة الإلكترونية إلى مستوى كبير من التحليل والقدرة على التنبؤ بالمستقبل (القطراني، 2020).
ثانياً: المعوقات المالية، وتتمثل في الآتي:
- نقص الموارد المالية المطلوبة لتوفير البنية التحتية اللازمة، بما في ذلك شراء الأجهزة والبرمجيات اللازمة.
- محدودية الموارد المالية المخصصة لعقد التدريبات في مجال تكنولوجيا المعلومات.
- ارتفاع تكاليف صيانة أجهزة الحاسوب، ونقص العمالة الماهرة في هذا المجال (خليل، 2014).
ثالثاً: المعوقات البشرية، وتتمثل في الآتي:
- نقص الخبرات والمهارات لدى المديرين، وعدم توفر حوافز مادية لهم.
- ندرة البرامج التدريبية في مجال التقنيات المتقدمة.
- ضعف المعرفة بتقنيات الحاسوب وتطبيقاته، والمخاوف الذي تتملك العاملين في الإدارة عند استخدامه.
- مقاومة العاملين للتغير، وشعورهم بأنهم قد يفقدون وظائفهم أو يتم تقليص أهميتهم.
- عدم تشجيع القيادات على التعلم الذاتي للحاسوب وتطبيقات الإدارة الإلكترونية، وعدم تشجيعهم على اكتساب معرفة ذاتية فيها.
- خوف الموظفين من الفشل عند التعامل مع التقنيات الحديثة، وضعف مهاراتهم اللغوية وخصوصاً اللغة الإنجليزية (مكيد وجيلالي، 2014).
رابعا: المعوقات الفنية، وتتمثل في الآتي:
- التهديدات التي قد تتعرض لها المواقع على شبكة الإنترنت، مثل التلاعب بالبيانات والدخول غير المصرح به، واستبدال أو تغيير للبيانات.
- المخاطر المتعلقة بإنشاء معلومات خاصة بطالبي الخدمة أثناء تنفيذ وإجراء تعاملات عبر شبكة الإنترنت.
- سرقة المعلومات الشخصية للمستفيد من الخدمات، مثل الاستيلاء على أمواله من خلال سرقة بيانات بطاقاته الاتمانية أو التوقيع الإلكتروني الخاص به.
- نقص البنية التحتية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
- سرعة التغيير العالية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في الوقت الذي يبحث فيه الأفراد عن استقرار نسبي (السكارنه، 2013).
مراحل التحول نحو الإدارة الإلكترونية
إن التحول نحو الإدارة الإلكترونية يجب أن لا يكون دفعة واحدة، بل يجب أن يكون على عدة مراحل، حيث أن هذا التقسيم يساهم في قبولها من قِبل الأفراد العاملين في المؤسسة ويساعدهم في التكيف معها، وتتمثل هذه المراحل فيما يلي (صيادة وعفيف، 2017):
- امتلاك الإدارة العليا في المؤسسة لقناعة تامة ورؤية واضحة المعالم ورسالة لتطبيق الإدارة الإلكترونية، والعمل على التخلص من التعاملات بالوثائق الورقية، وتوفير المناخ اللازم للعمل في بيئة إلكترونية.
- تدريب وتأهيل المعلمين على كيفية استخدام الحاسوب وتطبيقاته، ويجب أن يتم ذلك من خلال معاهد تدريبية متخصصة في هذا المجال.
- توثيق كافة الإجراءات الإدارية، وتحديد الهدف من كل عملية حيث أنها تؤثر في سير العمل والتطبيق بطريقة نظامية.
- توفير البنية التحتية اللازمة لتطبيق الإدارة الإلكترونية، بما في ذلك أجهزة الحاسوب وشبكة الإنترنت، حتى تتم عملية الاتصال والتواصل بكفاءة وسرعة عالية بين المؤسسات من جهة، وبين المؤسسة والمستفيدين من الخدمة من جهة أخرى.
- حفظ الوثائق الورقية القديمة إلكترونياً من خلال الماسحات الضوئية وتخزينها بشكل يسهل عملية الرجوع إليها عند الحاجة.
- تحويل المعاملات الورقية الشائعة والمستخدمة بكثرة إلى معاملات إلكترونية بهدف الحد من استهلاك الورق.
المصادر والمراجع
أبو العلا، ليلى. (2013). مفاهيم ورؤى في الإدارة والقيادة التربوية بين الأصالة والحداثة. ط1، عمّان، الأردن: دار يافا العلمية للنشر والتوزيع.
أبو النصر، مدحت. (2023). التحول الرقمي والإدارة الإلكترونية: الواقع والمأمول. المجلة العربية للمعلوماتية وأمن المعلومات، 4(11): 45-70.
أحمد، محمد. (2009). الإدارة الإلكترونية. ط1، عمّان، الأردن: دار المسيرة للنشر والتوزيع.
إسماعيل، محمد. (2010). الحكومة الإلكترونية وتطبيقاتها في الدول العربية. ط1، القاهرة: العربي للنشر والتوزيع.
آل دحوان، عبد الله. (2008). دور إدارة التطوير الإداري في تطبيق الإدارة الإلكترونية – دراسة مسحية على العاملين في رئاسة الهيئة الملكية للجبيل وينبع. (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة الملك سعود، الرياض، السعودية.
بودبوس، سامي وزهمول، خالد. (2020). إدارة الموارد البشرية – رؤية استراتيجية وتطبيقات عملية. ط1، بنغازي، ليبيا: دار الكتب الوطنية.
بورقبة، قويدر وحصباية، رحمة. (2020). دوافع التحول نحو الإدارة الإلكترونية في منظمات الأعمال. مجلة كلية الاقتصاد للبحوث العلمية، (6): 1-20.
حمزة، جهرة. (2019). دور الإدارة الإلكترونية في تحسين جودة الأداء الوظيفي: دراسة حالة على الولاية المنتدبة أولاد جلال. (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر.
خليل، نبيل. (2014). إدارة المؤسسات التربوية في بدايات الألفية الثالثة. القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع.
الدايني، رشا. (2010). أثر الإدارة الإلكترونية ودور تطوير الموارد البشرية في تحسين أداء المنظمة: دراسة تطبيقية من وجهة نظر العاملين في مصرف الرافدين (حالة دراسية). (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة الشرق الأوسط، عمّان، الأردن.
زدوري، أسماء. (2018). تطبيق الإدارة الإلكترونية وانعكاسه على الرضا الوظيفي لدى الأفراد العاملين: دراسة ميدانية ببنك الفلاحة والتنمية الريفية. مجلة رماح للبحوث والدراسات، (26): 107-136.
السكارنه، بلال. (2013). التطوير التنظيمي والإداري. ط2، عمّان، الأردن: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
صيادة، بلال وعفيف، خولة. (2017). الإدارة الإلكترونية وأثرها في تحقيق الابداع الإداري. (رسالة ماجستير غير منشورة). جامعه العربي التبسي، تبسة، الجزائر.
عبدالعليم، أسامة والشريف، عمر و بيومي، هشام. (2013). الإدارة الإلكترونية: مدخل إلى الإدارة التعليمية الحديثة. ط1، عمّان، الأردن: دار المناهج للنشر والتوزيع.
العبيدي، بشرى. (2014). مدى توافر متطلبات الإدارة الإلكترونية وأثرها في درجة تطبيقها: دراسة استطلاعية في شركة الزوراء العامة. مجلة المنصور، (22): 59-86.
العطار، هاني. (2021). التجارة الإلكترونية. عمّان، الأردن: دار الأكاديميون للنشر والتوزيع.
عطيوي، سميرة وعيساوي، نادية. (2017). الإدارة الإلكترونية كأداة لتحسين الخدمة العمومية مع الإشارة لتجربة بعض مؤسسات الخدمة العمومية بالولايات المتحدة الأمريكية. مجلة البحوث والدراسات الإنسانية، 11(1): 271-290.
قرود، محمد وشين، سعيدة. (2023). معوقات تطبيق الإدارة الإلكترونية. مجلة دراسات اقتصادية، 17(1): 663-673.
القطراني، خالد. (2020). المعوقات التي تحد من التحول نحو الإدارة الإلكترونية في هيئة الرقابة الإدارية: دراسة حالة بهيئة الرقابة الإدارية فرع إجدابيا. مجلة جامعة بنغازي العلمية، 33(2): 143-151.
كافية، عيدوني وحميد، بين حجوبة. (2017). الإدارة الالكترونية في العالم العربي وسبل تطبيقها (واقع وآفاق). مجلة الأصيل للبحوث الاقتصادية والإدارية، 1(2)، 218-236.
المتوكل، يحيى. (2021). واقع تطبيق الإدارة الإلكترونية في جامعة إب. المجلة العربية للمعلوماتية وأمن المعلومات، 3(6): 81-114.
مسلم، عبدالله. (2015). إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات. ط1، عمّان، الأردن: دار المعتز للنشر والتوزيع.
المطيري، بدر. (2021). درجة تطبيق الإدارة الإلكترونية وعلاقتها بالإبداع الإداري في المدارس الثانوية الحكومية للبنين: دراسة ميدانية. مجلة كلية التربية، 9(28): 111-173.
مكيد، علي وجيلالي، بوذكري. (2014). معوقات تطبيق الإدارة الإلكترونية في الجامعات الجزائرية: دراسة حالة المركز الجامعي بتيسمسيلت. مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية – دراسات اقتصادية، 19(2): 223-242.
ملوك، محمد ودلول، خيرالدين. (2021). عوائق تطبيق الإدارة الإلكترونية في الإدارة المحلية الجزائرية: دراسة ميدانية بمديرة الاتصالات السلكية واللاسلكية -ولاية تبسة-. (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة العربي التبسي، تبسة، الجزائر.
هلالي، حسين وعبدالفتاح، إيمان والألفي، ريم وغنام، غريب والألفي، محمد. (2010). الإدارة الإلكترونية. القاهرة: دار السحاب للنشر والتوزيع.
هذه الدراسة اعتمدت في كثير من جوانبها على النقل من دراستي المنشورة على موقع تعليم جديد وهي بعنوان التحول نحو الادارة الالكترونية في مؤسسات التعليم 2016 ونقل كثير من أفكارها واقتبس الكثير من مضمونها ولكنه لم يشر للاسف الى دراستي من قديم او بعيد. وهذه تدخل في نطاق الامانة غير العلمية للباحث.
ارجو من ادارة الموقع مراجعة هذه الدراسة الحالية مع دراستي المنشورة في موقعكم الوقوف على ما تم من تجاوزات تسئ للموقع وللعلم وللعلماء.