يختلف التعلم التعاوني القائم على الويب من حيث تكوين بيئة التعلم وطبيعته وأنشطته، مما أوجد توجهًا نحو نظريات التعلم كالنظريات المتعلقة ببناء المعرفة وتنظيمها، ومن أمثلتها النظرية البنائية والمعرفية والسلوكية. ونجد أن لكل منها نواحي التميز والقصور في مداخل التصميم التعليمي، ولذلك يجب أن يتم التعلم في ضوء نظريات تربوية لتصميم برامج التعلم القائم على الويب. ويؤكد “جرك كريسلي” على أهمية تبني نظرية تربوية خاصة تلك المتعلقة بتصميم المقررات والدروس على الويب أو شبكة الإنترنت (بهاء الدين خيرى، 2005، ص20) ومن هذه النظريات:
النظرية المعرفية Cognitive Theory:
إن عملية التعلم تتضمن استخدام الذاكرة، والدافعية، والتفكير حيث يلعب ذلك دورًا هامًا في تعلم الفرد، لذا فهي تتجه نحو التمركز حول المتعلم والاهتمام بالمشاركة النشطة والفعالة، ويعتبر التعلم فيها عملية داخلية تحدث في الذاكرة، وتقوم على الفهم والإدراك والعلاقات في إطار النظرة الكلية الشاملة لعناصر الموقف. ويتحدد التعلم بناء على أفكار هذه النظرية بحجم العمليات التي يقوم بها المتعلم وبنائه لعمليات جديدة، حيث يستعمل المتعلم أنواع مختلفة من الذاكرة أثناء التعلم، ويكون التعلم هنا أقرب إلى الفروض العملية التي يبدو فيها التفكير وإعمال العقل، أي أن فهم المتعلم للمعنى هو من أهم العوامل التي توجه نحو اختيار الفرض، كما تهتم بالفروق الفردية للمتعلمين وأساليبهم المختلفة. (حمدي ياسين، 2005، ص107؛ بهاء الدين خيرى، 2005، ص21)
وعند تطبيق هذه النظرية في بيئة تكنولوجيا الاتصالات والتعلم الإلكتروني التعاوني القائم على الويب يجب أن:
- تسمح الاستراتيجيات المتبعة للمتعلم بإدراك المعلومات ومعالجتها، حيث يستعمل المتعلم أنظمته الحسية لتحميل المعلومات في شكل أحاسيس، ولذلك يجب مراعاة تصميم مكونات الشاشة من (حجم النص، اللون، الصور، الرسوم، …الخ) حيث يتم التعلم على شكل أحاسيس مثل الفهم.
- معرفة الهدف من الدرس حتى يتمكن المتعلم من معالجة المعلومات في جميع أنحاء العالم.
- تشجيع المتعلم على استعمال مهارات ما وراء المعرفة لمساعدته في عمليات التعلم، لما لها من نتائج إيجابية في التذكر والتعلم.
- تنظيم المعلومات في خرائط مفاهيمية لمنع التحميل الزائد أثناء معالجة المعلومات.
- أثر التداخل ويقصد به تداخل التعلم السابق مع التعلم الجديد (محمد عطية خميس، 2015، ص43).
النظرية البنائية Constructivism Theory:
تعتمد هذه النظرية على أساس أن المعرفة عبارة عن أبنية وتراكيب عقلية، وهذه التراكيب هي كليات منظمة داخليًا وأنظمة ذات علاقات داخلية، والنمو المعرفي عبارة عن أبنية معرفية تعتمد على الخبرة ( حمدي يايسين، 2005، ص120)، حيث تتمركز حول المتعلم، فهو الذي يقوم ببناء تعلمه وتفسيره في ضوء خبراته. فالمعرفة تبنى من الخبرة، والتعلم هو تفسير شخصي للعالم، وهو عملية نشطة يتم خلالها بناء المعاني على أساس الخبرات والتعاون والتشارك، لحدوث تغيرات في التمثيلات المعرفية الداخلية من خلال التعليم التعاوني التشاركي( محمد عطية خميس، 2015، ص43). وتؤمن هذه النظرية بضرورة الأنشطة التعليمية التي تقدم للمتعلم وتتيح له الإمكانيات في اكتشاف التعلم، ويتضمن التعلم ثلاث عمليات هي:
- عملية اكتساب المعلومات الجديدة.
- عملية تحويل معرفي بحيث تكون المعرفة مفيدة وذات معنى للمتعلم.
- عملية تقويم بهدف تحديد ما طرأ على المعلومات الجديدة من تحول بحيث تناسب المهمة التي يقوم بها المتعلم.
ويمكن تحديد افتراضات هذه النظرية” كانتر” (Kantar, 2013, pp.101-115) في النقاط الآتية:
- بناء المعرفة يتم من الخبرة: بمعنى أن التعليم عملية بنائية يقوم فيها المتعلم بنفسه ببناء تمثيل داخلي للمعلومات مستخدمًا في ذلك خبرته السابقة.
- يقوم المتعلم بعمل تفسير شخصي: فلكل متعلم تفسيره الخاص، وفي التعلم البنائي لا يشترك أكثر من شخص في تفسير واحد بنفس الطريقة للواقع الذي يحيط بكل منهم.
- التعلم التشاركي: بمعنى أن هذا النوع من التعلم يناقش المعنى المعروض من خلال أكثر من وجهة نظر واحدة ويأتي النمو المفاهيمي من خلال المشاركة للموقف أو المفهوم استجابة لوجهات النظر.
- التعلم يحدث من خلال مواقف حقيقية: ينبغي أن يتم التعلم من خلال وضع المتعلم في مواقف تعليمية حقيقية يتم إعدادها وتجهيزها بحيث تقوم على أساس براهين قوية تعكس إحساس المتعلمين بالعالم الحقيقي.
النظرية المعرفية الاجتماعية Social- Cognitive Theory:
تؤكد النظرية المعرفية الاجتماعية على أن عملية التعلم هي عملية بنائية لتكوين البنية المعرفية الجديدة وعمليات جديدة، وعلى أن يبني المتعلم معارفه الخاصة من التفاعلات الاجتماعية عبر التفاعل المباشر بين المتعلمين أثناء تفاعلهم مع الأحداث التعليمية الموقفية، والتي يطلق البعض عليها التعلم الموقفي، أي أنها خطط اجتماعية المنشأ. ويجب أن تقدم الخبرات التعليمية في صورة مواقف اجتماعية واقعية من خلال سياقات العالم الحقيقية أو تحويلها إلى مواقف افتراضية عبر تكنولوجيا التعلم القائم على الويب.
وعند تطبيق هذه النظرية في بيئة تكنولوجيا الاتصالات والتعلم التعاوني القائم على الويب يجب (Swann, 2013, pp61-74) أن يتم:
- بناء المعرفة بدلًا من تلقينها للمتعلم.
- بناء التعلم في شكل متتابع وذي معنى.
- التأكيد على العمل التعاوني والتشاركي.
- التأكيد على تعديل الأنشطة بشكل مستمر.
- تقديم الخبرات في صورة مواقف حقيقية.
- تبادل المعلومات والإجابة على التساؤلات بناء على أسلوب المعرفة في معالجة المعلومات.
- إعطاء الفرصة للمتعلم لاتخاذ القرار في تعلم الأهداف.
المراجع:
- بهاء الدين خيرى فرج، 2005، أثر تقديم تعليم متزامن ولا متزامن على تنمية المهارات المعرفية للطلاب المعتمدين والمستقلين على المجال الإدراكية لمقرر منظومة الحاسب الآلي لطلاب إعداد معلم الحاسب الآلي بكليات التربية النوعية) رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية النوعية، جامعة المنوفية.
- حمدي محمد ياسين، 2005، التعلم نظريات-تطبيقات، القاهرة، ]د.ن[.
- محمد عطية خميس، 2003، منتوجات تكنولوجيا التعليم، ط1، القاهرة: دار الكلمة.
- محمد عطية خميس، 2015، مصادر التعلم الإلكتروني، ط1، ج1، القاهرة، دار السحاب.
Kantar, L, D.(2013). Demystifying Instructional Innovation: The Case of Teaching with Case Studies. Journal of the Scholarship of Teaching and Learning. 13 (2). p101-115. EJ1011686.