يُعرف علم النفس بأنه ذلك العلم الذي يدرس نشاط المخ كوحدة متكاملة في أدائها للوظائف الأعلى والأرقى للكائن الحي كوحدة في ذاتها وفي تفاعلها مع البيئة من حولها وتأثرها بها. ويعتبر علم النفس مظلة للعديد من العلوم التي تتفرع منه منها: علم النفس التربوي ، علم النفس الإرشادي، علم النفس النمو، علم النفس البيئي الذي سوف نتناوله في سلسلة من المقالات التي ستنشر حصريا على مدونة تعليم جديد، وهذا هو المقال الثاني الذي سيتناول أهداف التعليم البيئي وبعض نتائج الدراسات المرتبطة به. يمكنكم قراءة المقال الأول من خلال الرابط التالي: علم النفس البيئي : نشأته والعوامل التي أدت إلى ظهوره ونظرياته ومجالاته
التعليم البيئي مفهوم يشمل رؤية للتعليم تسعى إلى تمكين الناس من جميع الأعمار من تحمل المسؤولية عن إيجاد مستقبل مستدام.
تعريف التعليم البيئي
هو عملية الاعتراف بالقيم وتوضيح المفاهيم من أجل تطوير المهارات والمواقف اللازمة لفهم وتقدير الترابط بين الإنسان وثقافته ومحيطه البيوفيزيائي.
الأهداف المعتمدة عالميا للتعليمي البيئي
- الوعي: العمل على اكتساب الأفراد والجماعات الوعي والحساسية للبيئة الجمالية والمشاكل المتعلقة بها.
- المعرفة: أي اكتساب مجموعة متنوعة من الخبرات في البيئة والمشاكل المرتبطة بها.
- المواقف: أي اكتساب مجموعة من القيم والمشاعر التي تثير القلق بالنسبة للبيئة والدافع للمشاركة الفعالة في تحسين البيئة وحمايتها.
- المهارات: أي اكتساب المهارات للتعرف على المشاكل البيئية وحلها.
- المشاركة: لتزويد المجموعات الاجتماعية والأفراد بفرصة للمشاركة بنشاط على جميع المستويات في العمل من أجل حل المشاكل البيئية
التعليم البيئي يمكن أن يساعد على:
- حماية الصحة البشرية.
- تعزيز التنمية المستدامة (حماية البيئة ومنع التلوث بالتزامن مع التنمية الاقتصادية).
- خلق الاهتمام في مجموعة واسعة من الوظائف في مختلف المجالات البيئية.
- تعزيز التعلم في جميع مجالات التعليم.
- تعزيز الرغبة في حماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
نتائج الدراسات التي تناولت التعليم البيئي
أجريت العديد من الدراسات في علم النفس البيئي، وتناولت هذه الدراسات جوانب مختلفة ومن أهم هذه الجوانب ما يلي:
أولا: التأثيرات الوراثية والبيئة
تمثل الجينات ما بين حوالي 50 في المئة و 70 في المئة من التباين في الإدراك على مستوى السكان. أجريت دراسات حول التأثيرات الوراثية والبيئية ونتج عنها:
أ- أن الوراثة تؤثر على زيادة الإدراك من الرضاعة إلى الرشد أي أن التأثير الوراثي يزداد مع زيادة العمر.
ب- أن كبار السن المقيمين في الحي الحضري أفضل في الوضع المعرفي من أهل الريف لكن معدل الانخفاض المعرفي لديهم أسرع.
ج- أن الوراثة تعمل على زيادة الإدراك في السياقات الاجتماعية والاقتصادية الأكثر ثراء (أي جين × تفاعل الحالة الاجتماعية والاقتصادية). أي أن التأثيرات الوراثية تزداد مع زيادة الفرص البيئية وبالتالي توثر على التحصيل الدراسي.
د- أن تدخل الفقر غير سلوكيات الأبوة والأمومة بشكل غير مباشر فيما يتعلق برعاية أبنائهم , وأثر على سلوكيات الأبناء بشكل مباشر فيما يتعلق باستحضار المزيد من رعاية آبائهم مما يدل على أنه لابد من تحديد العوامل البيئية المحددة التي توسع التأثيرات الجينية عبر التنمية وعبر السياقات المختلفة
هـ- تعتبر بيئة التعلم الطبيعية عاملا سببيا متميزا يمكنه التفاعل مع خصائص المتعلم، وخصائص مهمة التعلم أو هما معا، وهي محددة لفاعلية التعليم.
ثانيا: تأثير البيئة على الوظائف التنفيذية
أجريت دراسة أثبتت أن التعرض للبيئات الطبيعية واعتماد استراتيجيات معرفية نشطة لهما تأثير مباشر على الأداء العقلي التنفيذي، وأجريت عدة معالجات تجريبية قدمت فيها مهام للمشاركين من خلال استراتيجيات التعلم النشط واستراتيجيات تقليدية سلبية وتم تقديم فيديوهات أثناء أداء المهام بعضها عن الطبيعة وبعضها عن الحضارة وأظهرت النتائج أن التعرض الوجيز للطبيعة كان له تأثير إيجابي مباشر على الأداء العقلي التنفيذي.
وفي دراسة أخرى ظهر أن الشيخوخة المعرفية هي نتيجة عمليات اجتماعية متعددة، تحددها الظروف الاجتماعية والاقتصادية في مرحلة الطفولة وطوال فترة الحياة. فهناك أدلة كثيرة على أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية المبكرة في الحياة لها تأثير على الوظيفة الإدراكية في الحياة في مرحلة الشيخوخة، فالأشخاص الذين ينتمون إلى أسر أكثر ثراءً يظهرون مستويات أعلى من الذكاء السائل في الشيخوخة وخبرات انخفاض أقوى مع مرور الوقت في الوظائف التنفيذية مقارنة بالأشخاص الذين ينتمون إلى أسر فقيرة.
ثالثا: تأثير البيئة على التعلم
هناك العديد من الدراسات التي حددت العوامل البيئية التي تؤثر على التعلم وهي كالتالي:
- جودة الهواء: تصنف درجة الحرارة والتدفئة ونوعية الهواء ضمن العناصر البيئية الأكثر أهمية في التأثير على إنجاز الطالب. ويتواصل التشديد على أهمية التهوية في المؤسسات التعليمية في حين يرتبط القصور في الهواء الداخلي في المدارس باعتلال الصحة.
- الضوضاء: كان البحث في تأثير المعيشة أو التعلم في المناطق المحيطة بالضوضاء الصاخب مدفوعا في البداية من المخاوف بشأن التعرض للضوضاء الخارجية المزمنة، مثل تلك الناتجة عن الطائرات أو حركة المرور على الطرق. وخلصا إلى للضوضاء البيئية آثار على الصحة والنوم والأداء المعرفي لدى البالغين والأطفال. ويبدو أن الضوضاء المختلفة تتداخل مع مرحلة ترميز الذاكرة، ويفسر ضعف الأداء جزئيا من خلال تدخل أي ضوضاء مع الكلام الداخلي للطالب، وأن الكلام غير ذي صلة يمثل ضوضاء يشتت الانتباه بشكل خاص. وفيما يتعلق بمستويات الضوضاء الداخلية في المدرسة أو في الفصول الدراسية الأخرى، فقد أثبتت بعض الدراسات أن مستويات الضوضاء الخارجية لا تؤثر مثل مستويات الضوضاء الداخلية، والتي كانت تعتمد أساسا على العوامل الداخلية مثل طبيعة نشاط الفصول الدراسية، وعدد الأطفال الخ. وأنه عندما كان الأطفال يشاركون في القراءة الصامتة أصبحت الضوضاء الخارجية أكثر أهمية وربما تشتت الانتباه.
- الإضاءة: تتعلق بعض البحوث في هذا المجال بالمسائل الصحية مثل الصداع والإجهاد والإرهاق، التي كثيرا ما تتفاقم بسبب عدم كفاية الإضاءة و/أو الوقاية من الوهج المرتبط باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولا سيما الحواسيب الشخصية والسبورات التفاعلية، وقد أثبتت بعض الدراسات أن ضوء النهار يؤدي إلى زيادة الإنجاز الأكاديمي.
- الألوان: ترتبط الاعتبارات الجمالية مباشرة باللون: حسب عمر الأطفال، وتعتبر الألوان المختلفة محفزة؛ حيث يفضل الأطفال الصغار الألوان الزاهية. وقد أظهرت بعض الدراسات أن المشاركين ارتكبوا أخطاء أقل عند العمل في الحجرات المطلية بلونهم المفضل، بينما تغير الوقت لإكمال المهام بشكل طفيف في الحجرات المطلية بألوان لا يفضلونها. وفي دراسة لأطفال ما قبل المدرسة استنتجوا أن الأطفال قد أظهروا المزيد من القوة البدنية والمزاج الإيجابي في غرفة ملونة بلون وردي مقارنة بالغرفة ذات اللون الأزرق.
- نوعية البناء: وجدت بعض الدراسات أن المشاركين في غرفة ‘ قبيحة المنظر ‘ أصدروا أحكاما أقل إيجابية حول الصور الفوتوغرافية عكس القيام بنفس المهمة في غرفة ‘ جميلة ‘ وأنه من الواضح أن توفير المباني الجديدة أو تجديد القديمة يمكن أن يكون لها آثار ملحوظة على التحفيز والمشاركة.
ما يجب أخذه في الاعتبار عند بناء مدارس جديدة:
العناصر المادية في البيئة المدرسية لها آثار ملموسة على المدرسين والمتعلمين، على وجه الخصوص: فدرجة الحرارة، والإضاءة ونوعية الهواء والصوتيات لها آثار ضارة على التركيز، والمزاج والعافية والحضور، ومن ثم يجب وضع هذه العناصر في الاعتبار عند بناء مدارس جديدة.
رابعا: تأثير البيئة على رياض الأطفال
هناك الكثير من العوامل التي تؤثر على المدارس عامة وعلى رياض الأطفال بشكل خاص من أهمها الضجيج والظروف الجوية، والإضاءة واللون، وينبغي أن يكون لدى الأطفال مساحة كافية. وهناك علاقة هامة بين التعلم والضجيج، فعدد الأطفال مهم للوصول إلى مستوى منخفض من الضجيج. كما أن نوعية الهواء في مرحلة ما قبل المدرسة هي واحدة من أهم العوامل، لأن الأطفال حساسون للأمراض الناجمة عن سوء جودة الهواء.
التعليم البيئي كأداة للوقاية من التلوث البيئي
ومن الأهداف الهامة للتثقيف البيئي: تحقيق الفهم بشأن التلوث من أجل حماية البيئة على أفضل وجه. وهكذا، غالبا ما تقوم المجموعات المعنية بالتعليم البيئي بتعليم الأفراد والجماعات معلومات ذات صلة بالبيئة، وينبغي أن يتم الاضطلاع بالأنشطة المتعلقة بالتثقيف البيئي على النحو التالي:
- يجب أن يتم إعلام المزارعين من قبل الخبراء حول العواقب السلبية للاستخدام المفرط للأسمدة.
- يجب إعلام الطلاب بعملية إعادة تدوير مواد النفايات.
- ينبغي أن تستخدم الأفلام التعليمية، وعرض الشرائح والعروض، والملصقات للتأكيد على أهمية حماية البيئة.
- يجب استخدام وسائل الإعلام في تعزيز الوعي البيئي.
- يجب أن يكون الناس على علم بأهمية جميع الموارد الطبيعية للحياة.