يعتبر منحى التلعيب أو استراتيجية التلعيب كما تطلق عليها بعض الأدبيات من المواضيع التربوية الحديثة، كما أن بدايتها لم تكن في مجال التربية وإنما في مجال إدارة الأعمال، والتسويق كما استخدمته الكثير من الشركات الناشئة لزيادة إنتاجية موظفيهم، وزيادة المبيعات عن طريق زيادة تفاعل المستخدمين (Dicheva et al., 2015). ثم بدأ استخدامه في العديد من مجالات الحياة: التعليمية والاجتماعية والرياضية والصحية. ومن أشهر الأمثلة على التطبيقات القائمة على التلعيب والتي تم استخدامها في مجالات مختلفة من الحياة: تطبيق أطلقته جامعة كابلان Kablan University، حيث قامت الجامعة بعمل شبكة توظيف داخلية على شكل لعبة، بحيث يحصل الطلبة على أوسمة نظير قيامهم بأعمال مهمة تساعدهم على الحصول على الوظيفة المناسبة، وتطبيق mindbloom وهو تطبيق مثالي، يعالج جوانب حياتك المختلفة كالحياة المهنية أو الاجتماعية أو حتى الدينية بطريقة بسيطة، فعن طريقه تستطيع تصفح المهام الجيدة التي يجب أن تقوم بها حتى تروي بها شجرة حياتك، ويوفر التطبيق بعض المصادر من فيديوهات ومقالات ملهمة ومحفزة لقراءتها، وكلما قمت بفعل جيد زادت كمية المياه ورويت شجرتك، وكلما استمعت لملف صوتي أو شاهدت فيديو ملهما فسيزيد ضياء الشمس. ومن الأمثلة على التطبيقات أيضاً تطبيق أطلقته سلسلة ماريوت العالمية للفنادق Marriot Hotels-resourt حيث يقوم اللاعب بتصميم مطبخه الخاص، مستخدما ميزانية محددة له في اللعبة، بالإضافة إلى خدمة العملاء والزبائن. ويكسب اللاعب نقاطا على رضى العميل أو الزبون ويخسر نقاط على الخدمات السيئة التي يقدمها للزبون. وتعتبر اللعبة طريقة مبتكرة وحديثة للتوظيف في الفندق. ومن الأمثلة على التطبيقات القائمة على التلعيب، تطبيق superbetter وهو تطبيق يساعدك في التغلب على العادات السيئة واكتساب عادات جديدة عن طريق لعبة مصممة على يد خبير في التلعيب. الجميل بالأمر أن التطبيق يأخذ اللاعب خطوة خطوة لبعض التمارين ليبدأ بعد ذلك العمل على أهدافه الخاصة، ويمكن للاعب من خلال التطبيق تحديد التحديات التي يريد مواجهتها. وأخيرا فقد انتجت شركة دومينوز بيتزا تطبيق Pizza Hero والذي تقوم فكرته على إتاحة الفرصة للاعب لتصميم بيتزا من المكونات المتوفرة له، ويحصل على النقاط مقابل كل شخص يشتري البيتزا التي صممها.
وقد جاء استخدام التلعيب لأول مرة من قبل مبرمج الحاسوب نيك بيلينغ Nick Pelling في عام 2002، و هو يعد أول استخدام موثق لهذا المصطلح في عام 2008، ولكن لم يبدأ العمل به فعلياً إلا في النصف الثاني من عام 2010 (العصيمي ، 2017).
ويعرف التلعيب بأنه “تطبيق عناصر اللعبة الإلكترونية من أجل تحقيق هدف معين، أو حل مشكلة محددة، أو زيادة الدافعية نحو الإنجاز، أو تحسين مستوى في ميادين أخرى غير ترفيهية مثل: الإعلام والتسويق والصحة والتعليم”.(Kapp, 2012, p.10) ، ويقصد بعناصر اللعب، هي الأساسيات التي تقوم عليها الألعاب، أو ميكانيزمات الألعاب كما يطلق عليها في بعض الأدبيات، مثل الشارات والأوسمة ولوحة الشرف (قائمة المتصدرين) والنقاط والمراحل، وإشعارات الفوز والمكافآت وشريط التقدم والأفتار والملف الشخصي والسرد أو القصة (سيناريو اللعبة)… ولقد أشارت بعض الدراسات مثل ( Aldemir et al., 2018 ) بأن أكثر عناصر التلعيب تكراراً وثباتاً في الأدب التربوي تتمثل في النقاط والأوسمة ولوحة الشرف (قائمة المتصدرين) والمراحل والمكافآت.
ومما يشير الى أهمية التلعيب هو انعقاد أول قمة له في سان فرانسيسكو في عام 2011 حضرها 400 شخص من المهتمين بالتلعيب، تلتها سلسلة من المؤتمرات الاقليمية والدولية، التي عكست أهمية التلعيب في جميع جوانب الحياة Lloyd, 2014))، كما أوصى المؤتمر الدولي الثامن للحوسبة الذكية ونظم المعلومات (ICICIS)، والذي عقد في الفترة ما بين (15-18 نوفمبر 2016) في القاهرة بضرورة الاهتمام بالاستراتيجيات الحديثة مثل التلعيب لتطوير عملية التعليم، وجاء من ضمن توصيات المؤتمر الدولي الحادي عشر لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي عقد في اندونيسيا، بضرورة الاهتمام بالتعلم بالتلعيب في العملية التعليمية (الجريوي، 2019).
إن أكثر ما يميز التلعيب هو قدرته على تعديل السلوك غير المرغوب، وتنمية السلوك المطلوب (Folmer, 2005)، وقد عرّف بعض الباحثين التلعيب من المنظور العلمي السلوكي على أنه عملية تحول في السلوك المحدد من خلال تجارب مرحة ((Reiners &Wood, 2015.وأرى أن ذلك يتطلب إعدادا جيدا للتطبيقات التي تقوم على منحى التلعيب، فليس كل تطبيق قائم على التلعيب بإمكانه أن يرفع التحصيل أو أن ينمي الدافعية الذاتية، بل على العكس تماماً، فقد أشارت بعض الدراسات إلى انخفاض الدافعية الذاتية لدى بعض الطلبة اللذين استخدموا التلعيب، وقد يرجع ذلك إلى تصميم التطبيق القائم على التلعيب، والذي لم تراعي الجوانب التربوية فيه، فمن الممكن أن يكون هناك مبالغة في الهدايا والمكافآت للاعبين، بحيث تفقد المكافآت أهميتها، ومن الممكن أن يكون هناك تكرار لنفس المراحل والشخصيات والأحداث مما يخلق الملل لدى الطلبة.
إيجابيات التلعيب في التعليم :
يعتبر التلعيب في التعليم منحى لتحفيز الطلبة على التعلم باستخدام عناصر الألعاب في بيئات التعلم، بهدف تحقيق أقصى قدر من المتعة والمشاركة من خلال جذب اهتمام المتعلمين لمواصلة التعلم، ويمكن أن يؤثر على سلوك الطالب من خلال تحفيزه على حضور الفصل برغبة وشوق أكبر، مع التركيز على المهام التعليمية المفيدة (القايد، 2015)، ومن أشهر ايجابيات التلعيب في التعليم، والتي تجعل مبادرات تطبيقه ناجحة في الفصول الدراسية، منح الطلبة كامل الحرية في امتلاك تعلمهم، وتحفيز السلوك نحو التعلم، حيث أن تقديم التعلم في سياق من الخيال، أو من خلال بيئة وهمية غير مألوفة قد تجعل التعلم أكثر جاذبية وأقرب لعاطفة المتعلم، فتدفعه لاستكشاف خياله بشكل مريح، مما يحفز سلوكه نحو التعلم (Asgari & Kaufman, 2004) ، كما يلعب التلعيب دوراً بارزاً في تكوين اتجاهات إيجابية نحو التعلم، ولقد ذكرت العديد من الأدبيات إيجابيات التلعيب، والتي نلخص أهمها في رفع المستوى التحصيلي للطلبة وتنمية الدافعية الذاتية ممارسة المتعلم العديد من العمليات العقلية أثناء اللعب كالفهم والتحليل والتركيب واكتساب المتعلم عادات فكرية مختلفة مثل: حل المشكلات، والمبادرة، والتخيل، بالإضافة الى تنمية الكفاءة الذاتية والقدرات الذهنية لدى الطلبة، كما أثبتت الدراسات فاعلية التلعيب في تخفيف توتر المتعلم، ومساعدته في السيطرة على مشاعره وانفعالاته أثناء عملية التعلم (جابر، 2017؛ الفارس، 2018؛ القايد، 2015؛ القزاز، 2018؛ Alswaier, 2017; Asgari & Kaufman, 2004; Folmer, 2015)
المصادر والمراجع:
جابر، سامر(2017). معوقات توظيف وسائل تكنولوجيا التعليم في تدريس العلوم- حال معلمي العلوم في الثانويات الرسمية للضاحية الجنوبية. (رسالة ماجستير غير منشورة). الجامعة الإسلامية: بيروت.
الجريوي، سهام (2019). أثر التعلم بالتلعيب عبر الويب في تنمية التحصيل الأكاديمي، وتمية التفكير الإبداعي لدى طالبات المرحلة الابتدائية. مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس، 17، 17-54.
الحفناوي، محمود (2017). أثر استخدام الأنشطة الالكترونية المبنية على مبدأ التلعيب (Gamification) في ضوء المعايير لتنمية المفاهيم الرياضية لدى التلاميذ الصم ذوي صعوبات التعلم. العلوم التربوية، 4، 31-73.
الصعيدي، رجاء؛ والمطيري، مها ( 2017). استخدام ميكانيكا الألعاب في الكشف عن الموهوبين في محافظة جدة وأثره في مستوى أداء الطلبة. مجلة العلوم التربوية والنفسية، 13، 167-179.
العصيمي، عبدالعزيز بن محمد(2015). واقع استخدام التقنيات التعليمية الحديثة في غرفة المصادر والصعوبات التي يواجها معلمي ذوي صعوبات التعلم في منطقة القصيم. رسالة ماجيستر منشورة. جامعة أم القرى. مكة المكرمة
الفارس، غادة (2018، 6 أبريل). ما هو التلعيب ؟ وكيف يمكن استثماره في التعليم؟. استرجع بتاريخ /11/ 1/2019 من: https://www.new-educ.com/
القايد، مصطفى (2015، 12 يناير). ما هو التلعيب Gamification ؟ وماذا نعني بالتلعيب في التعليم ؟. استرجع بتاريخ 2 /1/ 2019 من : https://www.new-educ.com/gamification-education.
القزاز، منذر (2018). فاعلية توظيف الألعاب الالكترونية التعليمية القائمة على الهواتف النقالة الذكية في اكتساب المفاهيم التكنولوجية والاحتفاظ بها لدى طلاب الصف العاشر الأساسي(رسالة ماجستير غير منشورة). الجامعة الإسلامية، قطاع غزة.
Aldemir, T., Celik, B., & Kaplan, G. (2018). A qualitative investigation of student perceptions of game elements in a gamified course. Computers in Human Behavior,78, 235–254.
Alswaier, R. (2017). The effect of gamification on motivation and engagement. Journal of Information and Learning Technology, 35, 1-47.
Asgari, M. & Kaufman, D. (2004). Intrinsic Motivation and Game Design. Paper presented at the 35th Annual Conference of the International Simulation and Gaming Association (ISAGA) and Conjoint Conference of SAGSAGA, 6 -10 September 2004 Munich, Germany.
Folmer, D. (2015). Game it up: Using Gamification to incentivize your library. Maryland: Roman & Littlefield .
Kapp, K. M. (2012). The gamification of learning and instruction: Case-based methods and strategies for training and education. New York, NY: Pfeiffer.
Lloyd, V.(2014, 25 March). A brief history of Gamification. Retrieved from https://www.thehrdirector.com/features/learning-development/a-brief-history-of-gamification/
Reiners, T., & Wood, L. C. (2013). Immersive Virtual Environments to facilitate authentic education in Logistics and Supply Chain Management. In Y. Kats (Ed.), Learning management systems and instructional design: Best practices in online education (pp. 323-343). Hershey, PA: IGI Global.
شكرا على هذه المعلومه المفيدة
العفو استاذي
شكرا شكرا على مشاركة هذا الموضوع المهم واستفسارى بخصوص التطبيقات المذكوره هل هى مجانية الاستخدام ومتاحة بحيث يمكن استخدامها فى تدريس احد المقررات فى الجامعة
شكرا
مرحبا دكتورة سميحة..كنت قد جمعت المعلومات عن هذه المواقع من بعض التقارير الاجنبية..دكتورتي..
شكرا جدا لهذه المعلومات المفيدة انا باحثة ماجستير وعنوان الرسالة برنامج قائم على استراتيجية التلعيب لتنمية مهارات القراءةفي مرحلة الطفولة المبكرة وساناقش قريبا باذن الله
موضوع التلعيب من المواضيع المهمة جدا…اتوقع ستكون دراسة رائعة.بالتوفيق استاذة ايمان
المجلة بالنسبة لي جانب جديد في فهم وتفعيل العملية التعليمية بأسلوب جديد جدا ..وموضوعات المجلة سوف تكون دافع لي بإذن الله لتعلم معارات تعليمية جديدة لي -كاستاذ جامعي- تواكب عصر التقنية
تمنياتي لك بدوام التميز والتقدم دكتور حجيج