ارتبط التوجيه بالمجال المهني منذ بدء حركته، وقد ارتبط بدراسة الفرد متناولاً جوانب شخصيته المختلفة (الشخصية والاجتماعية والتربوية والمهنية)، من أجل مساعدته على تطوير إمكاناته أو حل ما قد يعترضه من مشكلات.
وقد وجد التوجيه طريقه في عدد من المجالات واقترن بالمجال الذي يمارس فيه، فهناك التوجيه الشخصي Personal Guidance والتوجيه الاجتماعي Social Guidance والتوجيه المهني Vocational Guidance والتوجيه التربوي Educational [1] Guidance .
والتوجيه يعني: فهم الفرد والاعتراف به وخلق الظروف التي يمكن أن تساعده على تنمية استعداداته لأقصى درجة من أجل تحقيق أكبر قدر من تحقيق الذات والأمن اقتصادياً واجتماعياً؛ وبهذا المعنى فإن التوجيه التربوي يعني مساعدة الفرد بوسائل مختلفة لكي يصل إلى أقصى نموّ له في مجال الدراسة.
والتوجيه والإرشاد عملية مخططة ومنظمة تهدف إلى مساعدة الطالب لكي يفهم ذاته ويعرف قدراته وينمي إمكاناته ويحل مشكلاته ليصل إلى تحقيق توافقه النفسي والاجتماعي والتربوي والمهني وإلى تحقيق أهدافه.
ويُعَدُّ كل من التوجيه والإرشاد وجهان لعمله واحدة وكل منهما يكمل الآخر ، إلا أنه يوجد بينهما بعض الفروق التي يحسن الإشارة إليها هنا :
- التوجيه: عبارة عن مجموعه من الخدمات المخططة التي تتسم بالاتساع والشمولية وتتضمن داخلها عملية الإرشاد، ويركز التوجيه على إمداد الطالب بالمعلومات المتنوعة والمناسبة، وتنمية شعوره بالمسؤولية بما يساعده على فهم ذاته والتعرف على قدراته وإمكاناته ومواجهة مشكلاته واتخاذ قراراته؛ وتُقَدَّم خدمات التوجيه للطلاب بعدة أساليب كالندوات والمحاضرات واللقاءات والنشرات والصحف واللوحات والأفلام والإذاعة المدرسية …الخ
- الإرشاد: فهو الجانب الإجرائي العملي المتخصص في مجال التوجيه والإرشاد، وهو العملية التفاعلية التي تنشأ عن علاقات مهنية بناءة بن مرشد (متخصص) ومسترشد (طالب)؛ يقوم فيه المعلم من خلال تلك العملية بمساعدة الطالب على فهم ذاته ومعرفة قدراته وإمكاناته والتبصر بمشكلاته ومواجهتها وتنمية سلوكه الإيجابي، وتحقيق توافقه الذاتي والبيئي، للوصول إلى درجة مناسبة من الصحة النفسية في ضوء الفنيات والمهارات المتخصصة للعملية الإرشادية (الأهداف العامة للتوجيه والإرشاد).
ويعتبر الإرشاد لب عملية التوجيه، ويعرفه حامد زهران بكونه العملية المخططة التي تساعد الفرد على معرفة ذاته وحل مشكلاته واتخاذ قراراته لتحقيق أهداف واضحة تحقق الصحة النفسية والسعادة للفرد مع نفسه ومع الآخرين[2]، أما محمد ماهر عمر فيرى أن الإرشاد هو عبارة عن: (عملية تعلُّمية تساعد الفرد على أن يفهم نفسه بالتعرف على الجوانب الكلية المشكلة لشخصيته، حتى يتمكن من اتخاذ قراراته بنفسه وحلّ مشكلاته بموضوعية مجردة ؛ مما يسهم في نموه الشخصي وتطوره الاجتماعي والتربوي والمهني ، ويتم ذلك خلال علاقة إنسانية بينه وبين المرشد النفسي الذي يتولى دفع العملية الإرشادية نحو تحقيق الغاية منها بخبراته المهنية)[3].
وعلى الرغم مما تعرض إليه مفهومي التوجيه والإرشاد من تعريفات وتفسيرات، إلا أنه يمكن القول أن التوجيه Guidance والإرشاد Counseling وجهان لعملية واحدة، فهما يعبران عن معنى مشترك يتضمن كل منهما من حيث المعنى الحرفي الترشيد والهداية والتوعية والإصلاح وتقديم الخبرة والمساعدة في التغير السلوكي إلى الأفضل.
غايات التوجيه والإرشاد
تقدم برامج التوجيه والإرشاد من خلال خدمات مخططة ومنظمة للطلاب؛ وذلك لأجل تحقيق غايات بعيدة المدى تسعى هذه البرامج لتحقيقها، ويصنف موريل (Morrill,1978) [4] هذه الغايات إلى:
- الغايات الإنمائية والوقائية.
- الغايات التربوية – المهنية.
- الغايات التصحيحية – التأهيلية.
أولاً: الغايات الإنمائية والوقائية
تعتبر الغايات الإنمائية والوقائية من الأولويات التي يسعى إليها الإرشاد، وذلك لتحقيق أكبر قدر من النمو السليم لدى الأسوياء والعاديين خلال مرحلة نموهم، وبالتالي تحقيق مستوى أعلى من النضج والصحة النفسية؛ وهذا يساعد على تجنيب الفرد الوقوع في المشكلات والاضطرابات النفسية عن طريق دعم النمو السوي له.
وتظهر الحاجة لتكريس العمل في تحقيق الغايات الإنمائية والوقائية بسبب الظروف المستجدة في حياة الطالب؛ فانتقاله من البيت إلى المدرسة قد يؤدي به إلى فقدان الأمن والطمأنينة، وبالتالي الدخول في صراعات مع المدرسة ونظامها ومع زملائه مما يؤدي بالتالي إلى ظهور عدد من مشكلات التكيف أو ظهور استجابات عدوانية ليثبت الطالب وجوده في جماعة مدرسية جديدة، وقد يكون كل ذلك نتيجة للتربية الخاصة التي تلقاها الطالب في المنزل كالرعاية والاهتمام الزائدين.
ثانياً: الغايات التربوية – المهنية
إن من أهم ما تسعى إليه برامج التوجيه والإرشاد هو تحقيق الغايات التربوية – المهنية، والمتمثلة في تحقيق التوافق الدراسي والمهني للطلاب.
والتوافق الدراسي والمهني مرتبطان فيما بينهما ارتباطاً وثيقاً، مما دعا كثيرا من المختصين إلى اعتبارهما نوعاً واحداً يمكن أن يطلق عليه التوجيه التعليمي المهني؛ نظراً لأن التوجيه التعليمي يهدف إلى إعداد الفرد مهنياً، كما أن التوجيه المهني، في كثير من الأحيان، يتطلب توجيهاً تعليمياً يسبقه إعداداً تربوياً.
ومن أهم ما يسعى المرشد لتحقيقه في هذا المجال:
- تحسين العملية التربوية، ومساعدة المدرسة على القيام بمهمتها على أكمل وجه.
- معالجة المشكلات التربوية التي يعاني منها الطلاب.
- تقديم المعلومات المهنية للطلاب.
- مساعدة الطلاب في اختيار دراستهم المستقبلية.
ثالثاً: الغايات التصحيحية – التأهيلية
هناك فئات من الطلاب يعانون من بعض الاضطرابات السلوكية؛ مثل السرقة والكذب والعناد والتمرد والجنوح … الخ، كما أن هناك فئات أخرى تعاني من إعاقات متنوعة جسمية وعقلية ونفسية، وتتميز هذه الفئات بانحرافها عن السلوك الجماعي المعياري للتلاميذ بسبب نقص التطبيع الاجتماعي؛ فيسلك الفرد المضطرب انفعالياً سلوكاً غير مناسب في مواقف مختلفة من مواقف الحياة اليومية.
وتهدف الخدمات التي يقوم بها المرشد في هذا المجال إلى اكتشاف نواحي عدم التكيف في المجال التربوي والعمل على تلافيها عن طريق تعديل العوامل البيئية المؤثرة؛ مثل نقل الطالب من فصل إلى فصل أو من مدرسة إلى أخرى، كما تهدف إلى التخفيف من القلق النفسي الذي ينتاب الطلاب جراء التغيرات المستمرة الحدوث في حياتهم، والتعرف على ميولهم ومواهبهم وقدراتهم وتنميتها، ومساعدتهم على حل مشاكلهم المختلفة ومساعدتهم على التكيف الاجتماعي والتلاؤم الانفعالي والعقلي.
مكونات العملية الإرشادية:
إن المرشد المدرسي، وهو يمارس عمله الإرشادي تقع على عاتقه مهام ومسؤوليات متنوعة ، تشكل في مجموعها طبيعة العملية الإرشادية داخل المدرسة ؛ وانطلاقاً من الغايات الأساسية للإرشاد ، فإنه يمكن تفصيل العملية الإرشادية إلى مجموعة من المكونات الأساسية التي تحدد الوظائف الأساسية للعمل الإرشادي (محمد ماهر، 1984) [5] وهي:
- التخطيط Planning
- الإرشاد الفردي والجماعي Individual and group counseling
- التقييم Assessment
- التسكين (التوظيف) Placement
- الإحالة والتنسيق Referral and coordination
- المتابعة Follow – up
- البحث العلمي Research
أولاً: التخطيط Planning
إن من الأسس الهامة التي ينبني عليها العمل الإرشادي هو وضع خطة مناسبة يتم إعدادها من قبل المرشد لتكون أساساً يعتمد عليه في القيام بدوره كاملاً ، كما أنه من المهم جداً التخطيط لكل البرامج الإرشادية بشكل يكفل لها النجاح .
ولا شك أن قيمة أي برنامج إرشادي تكمن في مدى الدقة في تخطيطه لتلبية حاجات المجتمع الذي يطبق فيه، فعدم توخي الدقة في التخطيط للبرنامج يؤدي إلى عدم فاعليته وشل نشاطه، وبالتالي فشل البرنامج في تأدية مهمته.
إن مما يجب ملاحظته عند إعداد خطة العمل الإرشادي أن يكون هناك تفهماً لطبيعة المجتمع المدرسي ، ووضع برنامج يتناسب وهذا المجتمع ، ثم يأتي بعد ذلك تحديد الأهداف التي يسعى المرشد لتحقيقها ، ومن ثم جمع المعلومات اللازمة عن هذا المجتمع لكي يتم بعد ذلك وضع سياسة خاصة يتبعها المرشد في سبيل تحقيق الأهداف التي رسمها، ويلي ذلك القيام بتجربة للتعرف على مدى صلاحية الخطة ، ثم عرضها بعد ذلك على المختصين بالمدرسة لإقرارها.
وتتضمن خطة التوجيه والإرشاد كذلك تعريف الطلاب ببرنامج التوجيه والإرشاد وتشجيعهم على الاستفادة من خدماته.
ثانياً: الإرشاد الفردي والجماعي Individual and group counseling
يواجه الطلاب كثيراً من المشكلات التي ترتبط بجوانب مختلفة من حياتهم مما يجعلهم في حاجة إلى عناية خاصة ، وبالتالي تقديم الخدمات الإرشادية المناسبة، وتقدم هذه الخدمات بشكل فردي أو جماعي، وهما وجهان لعملية واحدة يكمل كل منهما الآخر.
وتحدد طبيعة المشكلة ونوعية الأفراد الطريقة المثلى لاستخدام أحد المنهجين (الفردي والجماعي) اللذين يعتبران متشابهان إلى حد بعيد، والفرق الرئيسي بينهما هو العلاقات المتبادلة بين أعضاء المجموعة.
وإذا كان الإرشاد الفردي يعتمد على بناء علاقة بين المرشد والمسترشد، فإن الإرشاد الجماعي يعرف على أنه عملية ديناميكية تتم بين الأشخاص وتركز على التفكير الشعوري الواعي والسلوك ، وهو يتضمن وظائف علاجية مثل التساهل والتسامح والتوجيه إلى الواقع والتنفيس وتبادل الثقة والاهتمام والعناية والفهم والتقبل والتدعيم، وكل هذه الوظائف تنمو داخل الجماعة الإرشادية التي تتصف بالتفاعل بين أعضائها ، ويستطيع المرشد عن طريق هذا النوع من الإرشاد ملاحظة الفرد داخل الجماعة والطريقة التي يدرك بها نفسه والآخرين داخل الجماعة.
ثالثاً: التقييم Assessment
التقييم عملية نقدية تكشف عن مدى فعالية ما يراد تقييمه ومدى نجاحه أو فشله ، وهو يتضمن عملية إصدار الحكم على قيمة الأشياء أو الأشخاص أو الموضوعات ، وهو بهذا يتطلب استخدام المعايير أو المستويات أو المحكات لتقدير هذه القيمة ، وهو يتم في العمل الإرشادي في ثلاثة ميادين :
- الأول: تقييم العملية الإرشادية، ويعني دراسة استرجاعية نقدية لمعرفة مدى تقدم العملية الإرشادية في ضوء نتائجها وآثارها .
- الثاني: تقييم البرنامج الإرشادي بشكل عام.
- الثالث: تقييم التلاميذ وتعتبر الاختبارات (نفسية أو تحصيلية ) وسيلة جيدة لتقييم التلاميذ ، واستخدامها يتم لأجل تحقيق أغراض إدارية أو دراسية أو إرشادية وتوجيهية .
- رابعاً: التسكين (التوظيف) Placement هناك ارتباط وثيق بين التسكين والتوظيف ، إلا أن التسكين يعني تسكين الطلاب في فصول معينة ، فهو أشمل من التوظيف الذي يقتصر على الجانب الوظيفي فقط ، ويعتمد التسكين على التصنيف والتقييم عن طريق معرفة قدرات وإمكانات وميول التلاميذ (تقييم) ثم وضعهم في فئات حسب هذه المعايير (تصنيف) ليتم بعد ذلك تسكينهم في فصول أو شعب أو وظائف معينة .
- خامساً: الإحالة والتنسيق Referral and coordination يعتمد المرشد في تنفيذ برامج الإرشاد على إدراكه لدوره ومعرفة قدراته وإمكاناته وحدود نجاحه ، لذا فإنه يجب أن يكون لديه قناعة تامة بأنه لا يملك القدرة الكاملة على حل جميع المشكلات ؛ فالنجاح والفشل في العمل الإرشادي ليس محكوماً بكفاءة المرشد ، ولكنه محكوماً بحدود الطالب وحدود العمل الإرشادي ، وقد وجد أن هناك ارتباطاً بين خبرة المرشد ودرجة استخدامه لعمليات التحويل ؛ فكلما زادت خبرة المرشد في الإرشاد كلما زاد تحويله انتظاما ، وهو يحتاج إلى التحويل عندما يجد أن مشكلة الطالب أكبر من قدرته على التعامل معها ، أو عندما تكثر نقاط الخلاف بين الطالب والمرشد ، أو عندما يوجد علاقة حميمة بينهما ، أو في حال كون المرشد عاجزاً عن إقامة علاقة إرشادية جيدة مع الطالب.
- سادساً: المتابعة Follow – up لا يقتصر دور المرشد على وضع الخطط وتقديم البرامج ، بل لابد من المتابعة الجيدة لما يقدم من خدمات توجيهية وإرشادية ، وتتضح المتابعة في متابعة الحالات الخاصة من الطلاب ذوي العلاقة الإرشادية مع المرشد ؛ وذلك بإيجاد اتصال طوعي بين المرشد والطالب لإشعار الطالب أنه لا يزال موضع اهتمام المرشد ، كما يفيد ذلك في التشجيع المتواصل لمواصلة التحسين الذي ظهر على الطالب والوقاية مما قد يحدث من انتكاسات ، وتتضح المتابعة كذلك في التعرف على وضع الطالب بعد التخرج في الدراسة أو الوظيفة التي التحق بها وما واجهه من صعوبات وما حققه من نجاحات ، وذلك عن طريق مطالبتهم بتقارير دوريه أو دعوتهم لحضور بعض المناسبات في المدرسة أو الاتصال بالمسئولين عنهم في مواقعهم الجديدة .
سابعاً: البحث العلمي Research يتميز المجال التربوي بخصوبته لإجراء البحوث المختلفة للتعرف على سير الحياة المدرسية والمشكلات التي يعاني منها منسوبو المدرسة ، ويتميز المرشد المدرسي بدوره القيادي والاستشاري في البحوث المدرسية ، فهو يحدد أهمية البحث والحاجة إليه ، ويضع أهدافه ووسائل تحقيقها ويوفر أدواته ، ويدير دراسته الميدانية ، ويتحقق من النتائج ويفسرها ، ليقدم بعد ذلك صورة كاملة لما توصل إليه من نتائج إلى منسوبي المدرسة وأولياء الأمور.
نشأة التوجيه والإرشاد في مدارس المملكة العربية السعودية:
تبنت وزارة التعليم (المعارف سابقاً) في المملكة العربية السعودية عملية التوجيه والإرشاد كجانب أساسي في العمل المدرسي بغرض إيجاد البيئة السليمة للطالب ؛ بحيث ينمو نمواً متوازناً في مختلف جوانب شخصيته مع إرشاده لأفضل السبل وأيسرها أثناء تحصيله الدراسي ، وتحقيق أهدافه بصورة خاصة وأهداف مجتمعه بصورة عامة .
فبعد أن وصل التعليم في المملكة العربية السعودية إلى درجة كبيرة من الانتشار وزاد الإقبال عليه ؛ تبنت الوزارة عملية التوجيه والإرشاد لتحقيق الأهداف التربوية والتعليمية.
ومن الملاحظ أن النمو السكاني في ازدياد مستمر وعدد المدارس يزداد يوماُ بعد يوم والهجرة من القرى والأرياف إلى المدن مستمرة والتطور العلمي واستخدام التكنولوجيا أصبح مطلباً من متطلبات الحياة ؛ وما صاحب هذه التغيرات من مشكلات نفسية وانفعالية واقتصادية واجتماعية ، إضافة إلى ازدياد عدد الطلاب في المدارس وتنوع احتياجاتهم ؛ مما أوجد بعض المشكلات المصاحبة لذلك.
وهنا ظهرت الحاجة إلى الإرشاد الطلابي من خلال وجود بعض المشكلات الطلابية ؛ مثل المشكلات السلوكية الانفعالية وزيادة نسبة تسرب الطلاب ووجود الطلاب المتفوقين والمتأخرين دراسياً وغيرهم من الفئات الطلابية التي تظهر حاجتها للإرشاد ، إضافة إلى صعوبة اتخاذ القرارات الخاصة باختيار مهنة أو دراسة معينة .
ومن هنا ، فقد صدر قرار وزير التعليم ( المعارف سابقا ) رقم 216 / خ في 19/10/1401هـ ، والقاضي بتطوير إدارة التربية الاجتماعية بالوزارة إلى الإدارة العامة لتوجيه الطلاب وإرشادهم .
لقد قامت هذه الإدارة بوضع المشروع الأساسي لتوجيه الطلاب وإرشادهم الذي يشتمل على التعريف بتوجيه الطلاب وإرشادهم ومجالات البرنامج وأهميته ووسائل تحقيقه ، كما تم إعداد الميثاق الأخلاقي للعمل الإرشادي ؛ كما وضعت الأهداف العامة للتوجيه والإرشاد ، والمتمثلة في :
1- توجيه الطالب وإرشاده إسلامياً في جميع النواحي النفسية والأخلاقية والاجتماعية والتربوية والمهنية لكي يصبح عضواً صالحاً في بناء المجتمع وليحيا حياة مطمئنة راضية.
2- بحث المشكلات التي يواجهها أو قد يواجهها الطالب أثناء الدراسة سواء كانت شخصية أو اجتماعية أو تربوية والعمل على إيجاد الحلول المناسبة التي تكفل أن يسير الطالب في الدراسة سيراً حسناً ، وتوفر له الصحة النفسية .
3- العمل على توثيق الروابط والتعاون بين البيت والمدرسة لكي تصبح كل منهما مكملاً وامتدادا للآخر لتهيئة الجو المحيط المشجع للطالب لكي يواصل دراسته .
4- العمل على اكتشاف مواهب وقدرات وميول الطلاب المتفوقين أو غير المتفوقين على حد سواء والعمل على توجيه واستثمار تلك المواهب والقدرات والميول فيما يعود بالنفع على الطالب خاصة والمجتمع بشكل عام .
5- إيلاف الطلاب الجو المدرسي وتبصيرهم بنظام المدرسة ومساعدتهم قدر المستطاع للاستفادة القصوى من برامج التربية والتعليم المتاحة لهم وإرشادهم إلى أفصل الطرق للدراسة والمذاكرة .
6- مساعدة الطلاب على اختيار نوع الدراسة والمهنة التي تتناسب مع مواهبهم وقدراتهم وميولهم واحتياجات المجتمع ، وكذلك تبصيرهم بالفرص التعليمية والمهنية المتوفرة وتزويدهم بالمعلومات وشروط القبول الخاصة بهم حتى يكونوا قادرين على تحديد مستقبلهم آخذين بعين الاعتبار اشتراك أولياء أمورهم في اتخاذ مثل هذا القرار .
7- الإسهام في إجراء البحوث والدراسات حول مشكلات التعليم في المملكة على سبيل المثال مشكلة التسرب وكثرة الغياب وإهمال الواجبات المدرسية وتدني نسب النجاح في المدارس…الخ
8- العمل على توعية المجتمع المدرسي (الطالب والمدرس والمدير) بشكل عام بأهداف ومهام التوجيه والإرشاد ودوره في التربية والتعليم. [6]
هل نحن في حاجة للإرشاد:
يعتبر التوجيه والإرشاد على جانب كبير من الأهمية في حياة الطالب وذلك لما يقدمه من خدمات جليلة وهامة للطالب من خلال مساعدته على النمو في مختلف جوانب الشخصية .
والتوجيه والإرشاد المدرسي Guidance and counseling وجهان لعملية واحدة في العمل الإرشادي المدرسي ؛ فالفرق بينهما فرق في الدرجة وليس في النوع ، إلا أن الإرشاد أدق وأكثر تخصصاً في العمل الإرشادي ، بل يعتبره البعض لب عملية التوجيه .
والإرشاد المدرسي ضرورة من ضرورات العمل المدرسي لما يحققه من فوائد في دعم العملية التعليمية ؛ فهو يهتم بالكشف عن قدرات الطلاب ومواهبهم ويعمل على تنميتها ، كما يسعى لاكتشاف ميول الطلاب وإشباع حاجاتهم ، كما يساهم في اكتشاف مشكلات الطلاب ووضع الحلول المناسبة لها ، وهو يساهم في مساعدة الطلاب كذلك في اختيار الدراسات والمهن المستقبلية التي تتناسب وميولهم وقدراتهم وحاجات المجتمع ، مما يساهم في تحقيق التوافق المهني في شخصية الطالب عندما يستطيع الالتحاق بالمهنة / الدراسة والوظيفة التي تناسبه .
وهنا تكمن أهمية ممارسة العملية الإرشادية ، تلك العملية التي لا تعني ممارسة التوجيه والإرشاد المبني على النصح والتوعية وإبداء الرأي والمشورة لجميع الطلاب بالطريقة التي يمكن القيام بها عن طريق الهيئة الفنية والإدارية بالمدرسة .
لقد نشأ التوجيه والإرشاد في أحضان الإشراف الاجتماعي؛ حيث تم فقط تكليف المشرف الاجتماعي (المتوفر في مدارس المملكة آنذاك) بمهام التوجيه والإرشاد؛ ولذا فقد ارتبطت كثير من المفاهيم الإرشادية بمفاهيم الخدمة الاجتماعية والعمل الاجتماعي مع الطلاب ؛ مع ملاحظة الفرق الواضح بين المشرف الاجتماعي والأخصائي الاجتماعي من جهة والمرشد الطلابي من جهة أخرى ، كما إن الاستعانة ببعض المرشدين من التخصصات الأخرى أثر سلباً في الممارسة المهنية للعمل الإرشادي ؛هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فقد تبنى الكثير من المسؤولين مفاهيم العمل الإرشادي التي تتناغم مع الخلفية النظرية والطموحات الشخصية ؛ فاكتسب الميدان قناعات خاصة لا علاقة لها بالميدان الإرشادي ؛ ومن هنا لا بد من القول أن تغيير القناعات الخاصة بالعمل لا بد أن تسبق تغيير الاستراتيجيات ؛ لضمان تحقيق الأهداف.[7]
إشكالية التوجيه والإرشاد
لازمت التوجيه والإرشاد أزمتان امتدتا زمناً ، وساهمتا بشكل كثير في تعثر كثير من السياسات والإجراءات المرتبطة بالعملية الإرشادية ، وهما:
الأزمة الأولى: أزمة المفاهيم
نشأت هذه الأزمة ولازمت نشأة التوجيه والإرشاد حيث نعرف أن التوجيه والإرشاد نشأ في أحضان الإشراف الاجتماعي ، فعندما صدر قرار معالي وزير المعارف رقم 216/خ في 19/10/1401هـ، والقاضي بتطوير إدارة التربية الاجتماعية بالوزارة إلى الإدارة العامة للتوجيه الطلاب وإرشادهم ، كلف المشرف الاجتماعي في المدرسة بالقيام بأعمال التوجيه والإرشاد مع ما في ذلك من ازدواجية التخصص والأدوار؛ فالمرشد الجديد انتقل وتحور عمله من مشرف اجتماعي إلى مرشد طلابي بين عشية وضحاها مع ما في ذلك من تناقض عجيب بين المسؤوليات والأدوار.
ولذا فقد مورس الإرشاد وطبق في فترة النشأة على يد أناس غير متخصصين وبشكل مفاجئ ومهما كان تهيئتهم لدورهم الجديد فلن يكون مناسباً لتغيير الدور والمهمة.
كما إن مديري المدارس أنفسهم لم يكونوا بعيدين عن هذا التشوش في المفاهيم بين الإشراف الاجتماعي والتوجيه والإرشاد.
لذا لا غرو أن نجد الإرشاد كان خليطاً من الخدمات والإجراءات غير الواضحة للجميع في ظل قناعات كانت تركز على أهمية الأنشطة الطلابية والرحلات المدرسية خصوصاً والمعارض وتسيير أعمال المقصف المدرسي؛ ولذا فقد شغل المرشد الجديد نفسه بتلك المهام ولا ضير أن يطوع مفاهيم وإجراءات الإشراف الاجتماعي لتكون صورة التوجيه والإرشاد .
الأزمة الثانية: أزمة الأدوار
أتت أزمة الأدوار نتاج عدم وضوح لدور المرشد الطلابي ، ويمكن القول أنها كذلك هي نتاج للأزمة الأولى، وهي كذلك نتاج لعدم الإلمام بدور المرشد وحدود عمله.
وهذه المشكلة كانت هي السبب في اتجاه كثير من المعلمين للعمل الإرشادي لقناعاتهم بسهولة دور المرشد ؛ فقد اتجه كثير من المعلمين للتفرغ للعمل كمرشدين للهروب من جداولهم الدراسية وهم يرون أن مهام المرشد تنحصر في جلوسه في مكتبه والتحدث مع زواره من طلاب وأولياء أمور وسواهم متناسين ذلك الدور الهام للمرشد.
وفي نفس الوقت تجاهل مدير المدرسة الذي يعتبر نفسه الآمر الناهي في المدرسة دور المرشد ورأى فيه أنه يمارسه خارج حدود متابعة وإشراف إدارة المدرسة ؛ وقد يكون ذلك بسبب التشوش في فهم دور المرشد ؛ لذا فكثيرا ما كان يتدخل مدير المدرسة في عمل المرشد ويرى أنه من حقوقه ؛ في الوقت الذي نعتقد فيه أن لمدير المدرة حدوداً يجب ألا يتعداها في تعامله مع أداء المرشد الطلابي الفني.
المراجع:
- محمود، محمد ماهر: المرشد النفسي المدرسي، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1984
- زهران، حامد عبد السلام: التوجيه والإرشاد النفسي، عالم الكتب، الطبعة الثانية، القاهرة، 1980
- محمود، محمد ماهر: المرشد النفسي المدرسي، المرجع السابق.
- Morrill, W.H., and others : Dimensions of Counselor functioning .In counseling, process and procedures (Ed) by James Hanson, Macmillan publishing Co. in N.y.1978
- محمود، محمد ماهر: المرشد النفسي المدرسي، المرجع السابق.
- وزارة المعارف في المملكة العربية السعودية : الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد : دليل المرشد الطلابي في مدارس التعليم العام. الطبعة الأولى. 1417
- سالم عبدالله الطويرقي: توجيه الطلاب وإرشادهم ( مشاهد وطموحات )، مكتبة اشراقات للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، جدة، 1437هـ .
الإحالات:
[1] محمود، محمد ماهر: المرشد النفسي المدرسي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984
[2]زهران، حامد عبد السلام: التوجيه والإرشاد النفسي، عالم الكتب، الطبعة الثانية، القاهرة، 1980
[3] محمود، محمد ماهر: المرشد النفسي المدرسي، المرجع السابق.
[4] Morrill, W.H., and others : Dimensions of Counselor functioning .In counseling, process and procedures (Ed) by James Hanson, Macmillan publishing Co. in N.y.1978.
[5] محمود، محمد ماهر: المرشد النفسي المدرسي ، المرجع السابق .
[6] وزارة المعارف في المملكة العربية السعودية: الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد: دليل المرشد الطلابي في مدارس التعليم العام. الطبعة الأولى. 1417
[7] سالم عبدالله الطويرقي: توجيه الطلاب وإرشادهم ( مشاهد وطموحات )، مكتبة اشراقات للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، جدة، 1437هـ.
بحث ثري بالجوانب التربوية الفعالة ، بس لو كان مقرون بامثلة مطبقة باستخدام التكنولوجيا الحديثة ، يصبح مثل يطبق في كل الانظمة المهمة في تطوير التعلم