تعد التكنولوجيا من أهم الظّواهر التي ناقشها كثير من الباحثين والمفكرين، وكلّ يراها من منظوره الخاص الذي قد يختلف فيها عن الآخر، ولعلّ ذلك يرجع لاختلاف التّخصصات والاهتمامات بين الباحثين ناهيك عن تطوّر الخصائص المتعلّقة بالتكنولوجيا، فقد كان ينظر إليها في الماضي باعتبارها جميع الوسائل التي اكتشفها الإنسان في صراعه ضد الطّبيعة، ثمّ أصبحت لاحقاً تعدّ الوسيلة أو الأداة المهمة لقضاء حاجاته، مما حدا بعدد من المفكّرين إلى الاعتقاد بأنها المسؤولة عن كافة التّغييرات الّتي تحدث في المجتمعات، وتحديداً بعد أن غيرت ملامح كثير من الأنظمة العالميّة والاجتماعيّة وقضت على أنظمة أخرى.
كما فرضت التّغييرات المتسارعة والناجمة عن الثّورة العلميّة في تكنولوجيا المعلومات لدى التّربويين رغبة ملحة لاستخدام تكنولوجيا الحاسوب في التّعليم وبشكل واسع. ولعل أهم مظاهر هذا التّطور العلميّ كانت الشّبكة العنكبوتيّة “الإنترنت” حيث أصبح العالم قرية صغيرة، والمعلومات تجتاز حواجز الزّمان والمكان، وعليه صار لزامًا على التّربويين مواكبة تلك التّغييرات، بل وإتقان استخدام الوسائل الحديثة واستنباط أساليب تعلّم جديدة، فالعالم اليوم تجاوز مميّزات التّعلم الإلكتروني، وتحول لطرحه بديلاً للتّعليم التّقليدي أو ملازماً له، مما حدا بالمؤسسات التّعليمية والتّربوية الإسراع لإدخال تكنولوجيا التّعليم إلى حيّزها، لتظل مواكبة للعصر في التواصل والتّفاعل والتجدد.
كما أن اعتماد التّقنيات التّكنولوجية التّربوية يجعل التّعلّم علماً له أصوله وأسسه ومرتكزاته، إلى جانب كونه تحديثاً تربوياً، يحسّن نواتج التّعلّم ويثريه. وتعتبر التّقنيات الحديثة فعّالة في عرض المفاهيم، والمساعدة على التّكيّف المستمر ومحاولة الاستجابة ووضع الحلول لصعوبات التّعلم لدى الطّلبة، وتقديم التّغذية الرّاجعة الفوريّة.
وتجدر الإشارة إلى أن الحاسوب قد يساعد في رفع مستوى تحصيل الطّلبة، كما يوفر اهتماماً خاصاً بحسب قدرات واستعداد ومستوى كل طالب، ناهيك عن التّدريب والتوضيح المتنوع لجميع المفاهيم العلميّة، وتشخيص جوانب الضعف والعمل على علاجها بفضل ما يتمتع به الحاسوب من تنوّع في الأساليب كالصّوت والصّورة والحركة والتّفاعل بين الطّلبة والمعلّمين والبرنامج.
التّكنولوجيا الرّقمية Digital Technology
يمكن اعتبار العام 2005 بداية التأريخ للعصر الرّقميّ، وهو العام الذي تمكّن فيه الإنسان من تخزين المعلومات بالصّيغة الرّقميّة أكثر منها بالصّيغة التّماثليّة. والتّكنولوجيا الرّقمية هي تلك التي تستخدم النبضات “البتات بطريقة رقميّة” دون الاهتمام بالوسط الفيزيائي، ودون الحاجة للورق، والبت أصغر وحدة لتمثيل البيانـات الرّقمية، وتأخذ القيمة واحد أو صفر، حيث يتم تمثيل المعلومات والصّور والأصوات بعدد كبير من البتات، والتي يتم تخزينها على وسائط متعددة كأقـراص الحاسـوب الممغنطـة أو المدمجة، ويقصد بها التكنولوجيا التي تقوم بتحويل النـصوص والأشـكال والأصوات إلى سلاسل الصّفر واحد؛ لتصبح قابلة للمعالجة الحاسوبيّة والولوج فـي الوسائط المتعدّدة.
وهي التكنولوجيا التي تستخدم الاستراتيحيات المدعومة بالحاسوب لدعم التّعلم والتّعليم، وتتباين الأساليب والأدوات المتبعة في هذا المجال.
تكنولوجيا المعلومات Information Technology
يمكن اعتبارها التّعليم الذي يقدّم المحتوى التّعليميّ بوسائط إلكترونيّة مثل الشّبكة العنكبوتيّة، أو الأشرطة السّمعيّة-البصريّة، أو أقراص اللّيزر. ويمكن تعريفه بأنه طريقة للتّعلّم والتعليم بوساطة آليات الاتصال الحديثة، كالحاسوب والشّبكات بأنواعها، والوسائط المتعدّدة بهدف إيصال المعلومة للمتعلّمين بأسرع وقت، وأقل كلفة، وبصورة يمكن من خلالها إدارة العمليّة التّعليميّة وضبطها ما أمكن مع القدرة على القياس والتقييم لأداء المتعلّمين.
يشهد العالم تسارعاً متلاحقاً في التّطور التّكنولوجي التّقني، بحيث من غير الممكن الاستغناء عنها في مختلف المؤسسات، لتأثيرها الواضح في رفع مستوى الأداء والجودة، بل والسرعة في تقديم الخدمات والشّفافية في العمل، مما دفع الدّول لتطبيق الإدارة الإلكترونية وتراجع من الإدارة التّقليدية، مع الانتقال للتّطبيقات الحديثة في التّعامل مع الملفات إلكترونياً، لما لها من ميزة تنافسيّة و كونها محركا أساسا للابتكار والتّفكير الابداعيّ.
كما يطلق على القرن ال21 عصر الثّورة التّكنولوجية والانفجار المعرفيّ، فقد شهدت ثمانينيّات القرن الماضي وبدايات القرن الحادي والعشرين تقدماً هائلاً في تكنولوجيا المعلومات، وحولت التّكنولوجيا الحديثة والتّقنيات الرّقمية العالم إلى بلدة صغيرة. وانعكس ذلك التّطور على مجالات الحياة المختلفة، ومنها مجال التّعلّم والتّعليم، الذي يعتمد على تلك التّقنيات التّكنولوجيّة، أو ما تسمى بتكنولوجيا المعلومات.
وعليه، يمكن القول أن تكنولوجيا المعلومات تتمثّل في القدرة على إيجاد الطّرق والأدوات الأكثر ملاءمة لتخزين المعلومات وتنظيمها، ناهيك عن سرعة استرجاعها عند الحاجة، بالإضافة إلى عرضها بأفضل الطرق وأكثرها سهولة وسلاسة وفائدة، كما أنها تساعد على اتخاذ القرارات عند الضرورة، باعتبارها أداة هامة وأساسية في غالبية التّطبيقات الإداريّة والتّربويّة والتّعليميّة والتّسويقية وغيرها، ولعل الصّناعات المتعلّقة بالمعلومات تعتمد على قواعد المعلومات والحاسوب هو الجهاز الوسيط لذلك كله.
وتعرّف تكنولوجيا المعلومات بأنها مجموعة الأجهزة والأدوات التّي توفّر عمليّة التّخزين الآمن والسّريع للمعلومات، بصرف النظر عن نوعها وطبيعتها، بل أنها تعمل على معالجتها واسترجاعها ونقلها والزّيادة عليها، أو حذفها والتّعديل عليها بعد ذلك، وذلك من خلال أجهزة اتصالات متنوعة، من وإلى أي مكان واستقبالها من أي مكان في العالم.
المراجع:
الشهراني، حامد (2021) واقع استخدام المحسوسات الإلكترونية، مجلة التربية، 192(2):155-204
القلاف، نادية(2021) تأثير التدريس باستخدام الفصول الإلكترونية “التفاعلي – التعاوني – التكاملي”، مجلة كلية التربية، 37(5): 1-30.
موضوع حساس للغاية لم ينل نصيبه من الدراسة من طرف االمهتمين بالشأن التربوي.