أسباب السرقة العلمية في الأوساط الأكاديمية برسائل الماجستير والدكتوراه لدى طلاب الدراسات العليا بالجامعات السعودية
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد النبي العربي الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الهداة المهديين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد…
يلاحـــظ الناظر المتأمل فــي الرســائل والبــحوث العلمية في الســـنوات الأخيرة، تفشي ظاهرة مـــــن أخطر الظواهر الســــلبية التي تضر بالمجتمع العلمي عـــموما، وبالباحثين الأكاديميين على وجه الخصوص، ألا وهي ظاهرة السرقة العلمية، والتي يتم من خلالها السطو على نصوص الباحثين والعلماء وعلى أفكارهم وكتاباتهم، وتقديمها للناس منسوبة لمن سرقها.
وقد اتخذت هذه الظاهرة، صورًا وأشكالًا وطرقًا متنوعة ومختلفة، واضحة وغير واضحة، مباشرة وغير مباشرة، هدفها انتهاك حقوق الملكية الفكرية للآخرين، كما أن هذه الصور والأشكال والطرائق تطورت وأصبحت سهلة الاستخدام في ظل التقدم المتسارع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
لن يكون الأثر السيئ للسرقة محصورًا لدى الأجيال والطلبة بعدم جدية البحث العلمي والتحصيل الدراسي فحسب، بل سيكون أثره السيئ في المجتمع أكثر خطورة، خصوصا إذا كان السارق طالب دراسات عليا يشغل وظيفة معلم أو مدير مدرسة أو حتى محاضر في جامعة، وعلى عاتقه تربية أجيال من الطلبة وتعليمهم، فأي أجيال ترجى من هؤلاء السارقين؟ (الدهشان ، 2018).
انتشرت السرقة العلمية في المؤسسات الجامعية والبحثية في العالم العربي انتشارا واضحا؛ وكان لانتشارها مجموعة من الأسباب التي تطرقت لها بعض الدراســـــات والبـحوث التربوية، منها دراســة العبيكان والسـميري (2016) ،ودراســـة الدهشان ( 2018) ، ودراســـــة الشــويش ( 2008) ، ودراســـة جاد ( 2019)، والتي كان لها كثيرًا من الآثار السلبية على المجتمع العلمي والأكاديمي، بل تعدت آثارها السلبية إلى كافة النواحي الثقافية والاقتصادية بل والدينية أيضا.
وقد توعد الله جل جلاله من ضيع الأمانة أو خانها فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) (سورة الأنفال: ۲۷)، ومن معاني الأمانات التي دلت عليها الآية الكريمة؛ ما ذكره ابن كثير في تفسيره بأنها الأعــمال التي آمن الله عليها العباد، ومن هذه الأعمال نسبة الرأي والجهد لصاحبه وعدم التدليس بسرقة جهود الآخرين. وقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من غشنا فليس منا ” رواه مسلم، والسرقة العلمية لا شك بأنها مظهر من مظاهر الغش.
وسأتناول في هذا البحث بإذن الله هذه الظاهرة السلبية، وسأبيـن مفهومها، وأشكالها، وأسباب انتشارها، وطرق تجنب الوقوع فيها، سائلًا المولى -عز وجل- أن يوفقني في هذا العمل إنه جواد كريم.
مشكلة البحث :
ذكر العبيكان والسميري (2016) والدهشان (2018) أن بعض الجامعات العربية، شهدت في الآونة الأخيرة ما يشير إلى استشراء ظاهرة السرقات العلمية في بحوث أعضاء هيئة التدريس أو طلبة الدراسات العليا، وفي مجال الرسائل والأطروحات الجامعية حدث ولا حرج عن تجاوزات مهمة وعن نقل حرفي وضعف في التوثيق وغياب الأمانة العلمية، ومن جانب آخر فإن وجود مكاتب متخصصة تقوم بكتابة الرسائل لطلبة الماجستير والدكتوراه مقابل الأجر المادي يضع ظلالا كثيرة وشكوكا أكثر من جودة البحوث، ومدى أهلية هؤلاء الطلبة لنيل درجات علمية بموجبها، بعض هؤلاء الخريجين تراهم بعد تخرجهم يمارسون ذات السلوكيات غير العلمية في بحوثهم وبحوث طلبتهم.
توصل ( الحيدري ، 2013 ) في دراسته التي استهدفت 310 طالب توزعوا على ست كليات في جامعة الملك سعود بالرياض وكان عنوانها ( الإخلال بالأمانة العلمية لدى طلاب الدراسات العليا بجامعة الملك ســــعود في ضوء بعض المتغيرات ) أن هناك إخلالا بالأمانة العلمية لدى طلاب الدراسات العليا وضعفا في الالتزام بها.
وذكر المل (2017) ” أن الأبحاث العلمية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية شهدت تراجعًا ملموسًا في السنوات الأخيرة نظرًا لانتشار ظاهرة الانتحال والسرقات العلمية بها، فأضحت أغلبية أبحاث التخرج أو مقالات الباحثين عبارة عن اجترار لما تم نشره سابقًا فلم تضف جديدًا؛ كما أصبح جُلها لا يحترم أهم مقومات البحث العلمي والمتمثل في الأمانة العلمية التي تقتضي إسناد الأفكار لأصحابها وعدم نقل أو اقتباس أي فكرة دون الإحالة في الهامش إلى مصادرها الأساسية.”
كما أوصــت الدراســـات والبحوث التربوية كدراسة جاد ( 2019 ) ودراســـة الدهشان ( 2018) بضرورة التصدي لهذه الظاهرة من خلال عمل البحوث العلمية التي تبين أشكالها وسبب انتشارها وطرق تجنب الوقع بها ونشرها في الأوساط والمجتمعات الأكاديمية بمجتمع الدراسة للاستفادة منها، و منه كان هذا البحث الذي يعالج هذه الظاهرة وينفذ هذه التوصيات، ويمكن صياغة مشكلة البحث في الأسئلة التالية:
أسئلة البحث :
- ما مفهوم السرقة العلمية ؟
- ماهي صور و أشكال السرقة العلمية الأكثر شيوعا في الوسط الأكاديمي؟
- ماهي أسباب انتشار السرقة العلمية في الأوساط الأكاديمية؟
- ما آثار تفشي آفة السرقة العلمية ؟
- ماهي طرق وسبل تجنب الوقوع في السرقة العلمية ؟
أهداف البحث :
- بيان مفهوم السرقة العلمية.
- معرفة أشكال وصور السرقة العلمية الأكثر شيوعا في الوسط الأكاديمي.
- توضيح أسباب انتشار السرقة العلمية في الأوساط الأكاديمية.
- معرفة آثار تفشي آفة السرقة العلمية.
- معرفة طرق وسبل تجنب الوقوع في السرقة العلمية.
أهمية البحـــث :
1- جمع أسباب السرقة العلمية، وصورها المختلفة، وكيفية مواجهتها والحد من انتشارها.
2- توضيح اللَّبس الذي قد يحدث نتيجة الخلط والربط بين صور السرقات العلمية، وبين البحث العلمي الممنهج، وإظهار الفرق بينهما.
3- التركيز على الطرق والسبل التي يجب على طالب العلم، أو الباحث الالتزام بها كي يتجنب الوقوع في السرقة العلمية.
4- إبراز الدور الأكاديمي في الحد من انتشار تلك الظاهرة، التي قد يقع فيها البعض بصورة غير مُتَعَمّدة؛ نتيجة قلة الوعي الثقافي والعلمي خاصة في مجال البحث العلمي، والكتابة والتأليف.
منهج البحث :
تستخدم هذه الدراسة المنهج الوصفي الاستقرائي التحليلي.
حدود الدراسة :
- الفصل الدراسي الثاني من العام 1441 هـ.
- بعض الرسائل والبحوث التربوية بقاعدة بيانات المنظومة لها علاقة بالسرقة العلمية.
وهذه الدراسة كاملة من هنا
شكرا على هذا المقال التي يتطرق الى ظاهرة خطيرة في المجتمع العلمي . ضف الى ذلك الكذب ، أن ينسب الإنسان ما ليس له لنفسه ، فهذا كذب وهو محرم شرعا وقانونا بل وفي كل الأعراف الدولية.
للأسف تفشت هذه الظاهر بشكل كبير في في جل الجامعات، يجب اتخاذ تدابير ردعية اتجاه مرتكبيها.