لم يعد بالإمكان الاعتماد فقط على النموذج التقليدي في التعليم، أو الاعتماد على المعلم فقط كمحور لعملية التعلم، فقد تغير دور المعلم إلى دور المرشد والموجه وأصبح من الضروري الاعتماد على أساليب تدريسية حديثة أكثر مرونة، تساعد على تدعيم ذاتية المتعلم وتلبية احتياجاته وتفعيل دوره في العملية التعليمية، كما تدعم دور المعلم في كونه مدربا ميسرا لعملية التعليم والتعلم. ومن أمثلة هذه الأساليب الحديثة: التعلم المعكوس”المقلوب” القائم على التدوين المرئي، والذي يعتمد على إعطاء المتعلم المحتوى العلمي قبل تلقيه في الفصل التقليدي، مما يعطي فرصة داخل الفصول التقليدية لممارسة الأنشطة التعليمية والنقاش.
يعتبر التعلم المعكوس تقنية جديدة للتعليم والتعلم، وهو مثل أي تقنية جديدة جيدة في أي مجال، يعمل على مزج الطرق مع بعضها، مع الاحتفاظ بكل ما هو صحيح وسليم، و يسمى أيضا: التعلم المعكوس، العكسي، الفصل الدراسي المعكوس، الصف المعكوس أو ” المقلوب”، لكنها جميعًا تركز على استخدام التكنولوجيا بما في ذلك الأدوات والمحتوى.
1- تعريف مفهوم الفصول المقلوبة “المعكوسة” Flipped Learning
يعد التعلم المقلوب أحد الحلول التقنية الحديثة لمعالجة الضعف التقليدي وتنمية مهارات التفكير عند الطلاب. في التعلم المقلوب يتم توظيف التقنية للاستفادة من التعلم في العملية التعليمية، بحيث يمكن للمعلم قضاء مزيد من الوقت في التفاعل والتحاور والمناقشة مع الطلاب بدلًا من إلقاء المحاضرات، حيث يقوم الطلاب بمشاهدة فيديو قصير للمحاضرات في المنزل، ليتم استغلال الوقت الأكبر لمناقشة المحتوى في الفصل تحت إشراف المعلم.
و يعد التعليم المقلوب “المعكوس” أحد أنواع التعلم المدمج الذي يستخدم التقنية لنقل المحاضرات خارج الفصل الدراسي، وبذلك يعتبر جزءًا من حركة واسعة يتقاطع فيها التعلم المدمج والتعلم بالاستقصاء وغيرها من استراتيجيات التدريس وأساليبه المختلفة التي تسعى إلى المرونة وتفعيل دور الطالب وجعل التعلم ممتعًا ومشوقًا، والشكل التالي يوضح التداخل بين التعلم المعكوس واستراتيجيات التدريس المختلفة.
و التعلم المعكوس أيضا نموذج تربوي تنعكس فيها المحاضرة والواجبات المنزلية بكافة أشكالها، ويعتبر شكلا من أشكال التعليم المزيج الذي يشمل استخدام التقنية للاستفادة من التعلم الذاتي واستغلال الوقت في الفصول الدراسية لأداء الأنشطة والواجبات.
ويعتمد هذا النمط من التعلم على عرض فيديو قصير يشاهده الطلاب في منازلهم أو في أي مكان آخر قبل حضور الدرس، في حين يُخصص وقت المحاضرة للمناقشات والمشاريع والتدريبات، ويعتبر مقطع الفيديو عنصرا أساسيا في هذا النمط سواء تم تسجيله من قِبل المعلم ورفعه على الإنترنت أو تم اختياره من بين مقاطع الفيديو الموجودة مسبقاً على الإنترنت.
فيما عرفه آخرون على أنها: استراتيجية تعليمية ترتكز على أسلوب تعليمي جديد يعتمد على استخدام الوسائط التكنولوجية الحديثة وشبكة المعلومات العالمية بطريقة تسمح للمعلم بإعداد الدروس من خلال مقاطع الفيديو والملفات الصوتية وغيرها من الوسائط، ليطلع عليها الطلاب خارج الصف (في المنزل مثلًا)، من خلال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية قبل حضور الدرس، في حين يخصص وقت المحاضرة أو الحصة للمناقشات وحل التدريبات وتقديم التغذية الراجعة.
2- مميزات الفصول المقلوبة
وللتعلم باستراتيجية الفصل المقلوب فوائد تربوية ومميزات تعليمية كثيرة من أهمها:
– استثمار وقت الفصل بشكل أفضل.
– بناء علاقة قوية بين الطالب والمعلم.
– تحسين تحصيل الطلاب وتطوير استيعابهم.
– التشجيع على الاستخدام الأمثل للتقنية الحديثة في التعليم.
– منح الطلاب الفرصة للاطلاع الأولي على المحتوى قبل وقت الفصل.
– منح الطلاب حافزا للتحضير والاستعداد قبل وقت الفصل، وذلك عن طريق إجراء اختبارات قصيرة أو كتابة واجبات قصيرة عبر شبكة الإنترنت.
– توفير آلية لتقييم استيعاب الطلاب، فالاختبارات والواجبات القصيرة التي يجريها الطلاب هي مؤشر على نقاط الضعف والقوة في استيعابهم للمحتوى، مما يساعد المعلم على التعامل معها.
– توفير الحرية الكاملة للطلاب في اختيار المكان والزمان والسرعة التي يتعلمون بها.
– توفير تغذية راجعة فورية للطلاب من قبل المعلمين في الحصة داخل الفصل.
– تشجيع التواصل بين الطلاب من خلال العمل في مجموعات تشاركية صغيرة.
– المساعدة في سد الفجوة المعرفية التي يسببها غياب الطلاب القسري أو الاختياري عن الفصول الدراسية.
3- معيقات تطبيق نظام الصفوف المقلوبة
قد تعترض استراتيجية الفصل المقلوب صعوبات مثل:
– عدم توافر الأجهزة والبرمجيات اللازمة الضرورية للتسجيل وإعداد الدرس لدى المعلمين.
– عجز بعض المعلمين عن توظيف التقنية بمهارة لتطوير طرق التدريس والتحفيز والتواصل مع الطلبة.
– تمسك بعض المعلمين بالطريقة التقليدية وعدم رغبتهم في التخلي عنها.
– عدم توافر خدمة الإنترنت عند جميع الطلبة.
– تكاسل الطلاب أو انشغالهم عند الاستماع للدرس خارج الصف.
4- خطوات تنفيذ الفصول المقلوبة
ليس هناك طريقة واحدة لتنفيذ التعلم المقلوب، إلا أنه لا بد للطالب من الاطلاع على المادة الدراسية قبل الحضور إلى الحصة الصفية. ففي حال الدرس الذي يعتمد فيه الفيديو لتقديم و شرح المادة للطلبة، يتعين على الطالب أن يتابع الفيديو المتعلق بالحصة الصفية اليوم الذي يسبق الدرس. ويتم حث الطلاب على التركيز أثناء متابعة الفيديو، وبخاصة فيما يتعلق بالمشوشات التي من الممكن أن تُقلل من تركيزهم أثناء متابعة الدرس مثل الهاتف أو الأجهزة اللوحية التي يتعلق بها كثيرًا طلبة القرن الحادي والعشرين. وأثناء متابعة شرح الدرس يقوم الطالب بتدوين الملاحظات والأسئلة، ومن الممكن للطالب أن يستفيد من إمكانية إيقاف الفيديو لتدوين الملاحظات والأسئلة قبل متابعة الشرح. وكذلك يستطيع الطالب إعادة جزئية معينة في الشرح، وهذا أشبه ما يكون بإعطاء الطالب إمكانية إيقاف وتقديم وترجيع المعلم أثناء الشرح.
وفي بداية الحصة/المحاضرة ينبغي إعطاء وقت لأسئلة الطلاب حول المادة التي اطلعوا عليها. وهذا الوقت (الأسئلة والأجوبة) ضروري للإجابة عن أسئلة الطلاب، كما أنه يسمح بالتأكد من أن الطلاب اطلعوا على المادة. فالطالب الذي اطلع على المادة يستطيع أن يسأل ويناقش.
وبعد أن تتم مناقشة أسئلة الطلاب وملاحظاتهم في بداية الحصة يكون المعلم قد جهز النشاط الخاص باليوم، والذي من الممكن أن يشتمل على تجارب مخبرية أو مهام بحثية استقصائية تعطي للطلبة أو نشاط تطبيقي على حل مشكلة فيما يتعلق بالدرس أو حتى اختبار تكويني، وأثناء الحصة الصفية المباشرة.
5- الفرق بين النظام التقليدي والتعلم المقلوب في التدريس
الانفوجرافيك أسفله يحاول تلخيص هذا الفرق:
المراجع:
• متولي، علاء الدين(2015). توظيف إستراتيجية الفصل المقلوب في عمليتي التعليم والتعلم، المؤتمر العلمي السنوي الخامس عشر للجمعية المصرية لتربويات الرياضيات بعنوان: تعليم وتعلم الرياضيات وتنمية مهارات القرن الحادي والعشرين- مصر.
• أبانمي، فهد بن عبد العزيز(2016). أثر استراتيجية الصف المقلوب في تدريس التفسير في التحصيل الدراسي والاتجاه نحو المادة لدى طلاب الصف الثاني الثانوي، مجلة القراءة والمعرفة، العدد(173)، ص21-48، مصر.
• حسن، نبيل السيد محمد(2015). فاعلية التعلم المعكوس القائم على تدوين المرئي في تنمية مهارات تصميم الاختبارات الإلكترونية لدى أعضاء هيئة التدريس بجامعة أم القرى، دراسات عربية في التربية وعلم النفس، العدد(61)، ص113-176، السعودية.
مبدأ التنويع في طرائق وأساليب التدريس مبدأ سليم
لزيادة الحافز والتشويق لدى المتعلّمين، ولتفعيلهم
ومشاركتهم. طبعًا اللجوء إلى إعطاء شريط فيديو للمشاهدة
قبل الحصّة قد يسهم في تحقيق هذا الهدف.
كذلك يمكن اللجوء إلى وسائل وطرق أخرى مثل:
تكليف المتعلّمين بقراءة موادّ/نصوص حول موضوع الدرس
مع توجيههم لإعداد أسئلة حول الموضوع تُطرح في النقاش
في الحصّة، ويمكن تكليفهم بكتابة تعليق/رأي شخصيّ حول
المادة المقروءة وعرضها للنقاش في الحصّة.
أبارك مثل هذه المقالات التي تزيد من مشاركة المتعلّمين
وفي تذويت ما يتعلّمونه.
زادني شرفًا مرورك دكتور
موضوع اكثر من رائع وأفكار جميله
موضوع شيقي واستراتيجية فعاله لزيادة الدافعية لدى الطلبة نحو التعلم
السلام عليكم. الموضوع جميل وشيق
من فضلك أنا أبحث في هذا الموضوع وأحتاج المراجع التي حضرتك ّذكرتيها . هل ممكن الحصول عليها.
من أجل التواصل مع جميع الاخوة والأخوات بخصوص هذا الموضوع وتبادل المعلومات المرجو الاتصال على الفايسبوك من خلال هذا الاسم: Abdellah Chaklal
هل بإمكان الحصول على المراجع التى ذكرتيها لانى اكتب رسالتي عن التعلم المقلوب ومحتاجتها؟
اذا ممكن ترسليها على ايميلي فضلا ,ومن لديه رسائل عن الفصول المقلوبه يرسلها فضلا
ايميلي هو:basilroaa@gmail.com
الأستاذه الفاضلة دكتوره دعاء سلام الله عليك ورحمة الله وبركاته. استفسار بسيط عن مصطلح ورد في المقال الا وهو التدوين المرئي هل المقصود به annotation فإن كان ذلك كذلك فهل لي من طلب اخر وهو ارسال الرساله الخاصة باستخدام التدوين المرئي في التعلم المعكوس ولك جزيل الشر والامتنان
هل من الممكن المساعده بالمراحع المستخدمه لعملى بنفس الاستراتيحيه
موضوع جديد وشيق وشرح مبسط كل التقدير لك أستاذة . ولكن مع الأسف لازال التطبيق في بعض الدول العربية ضعيفا للغاية نتيجة ضعف الإنترنت والتقنية الحديثة .