أتاح الجيل الثاني من الويب إمكانيات هائلة لتمكين كثير من مستخدمي الانترنت من تدوين الكثير من الملاحظات والمقالات والأفكار والحوارات والتعليقات التفاعلية المصحوبة أيضاً بمواد أخرى مثل الصوت والفيديو، حيث أصبح بإمكان أي شخص أن تكون له مساحة خاصة به على شبكة الانترنت يستقبل بها أو يشارك فيها آخرين الرأي والأخبار والتعليقات فيما يمكن أن يشبه دفتر الملاحظات وهو ما صار يعرف بالمدونات Blogs.
وقد برزت ظاهرة التدوين على الانترنت بالشكل الذى يبدو عليه الآن في عام ( 1996 ) مع ظهور موقع ( ديف وينر Dave Einer ) لكتابة الأخبار وتسجيل ردود الفعل بشأنها والتعليقات الخاصة بها ( إدريس لكرينى ، 2009 ) .
وقد دخل مفهوم المدونة حيز الاستخدام عندما قام المدون الأمريكي جون باجر بإطلاق مصطلح Weblog في 17 ديسمبر (1997) لترمز إلي صفحة الانترنت التي يقوم صاحبها بتسجيل يومياته فيها ( محمد عبد الفتاح مراد ، 2006 ، 16 ) .
وتعد المدونات الالكترونية إحدى أبرز تقنيات الويب 2.0 ، حيث وصفها فراج ( 2006 ) بأنها ثاني ثورة في عالم الانترنت بعد البريد الالكتروني، وذلك بعد انتشارها وشهرتها الواسعة بين المستفيدين من الويب لما تتميز به من التفاعلية، وتشكيل التجمعات الالكترونية بين محرريها والمستفيدين منها، كما أن تميزها بمجموعة من الخصائص تجعلها ملائمة للمستخدم العادي كالمرونة والتواصل والثبات والخصوصية والمشاركة المتبادلة وسهولة الاستخدام.
1- مفهوم المدونات
المدونة يقابلها في اللغة الإنجليزية Blog وهى مأخوذة من كلمتي Web log بمعنى سجل الشبكة، ومنها مصدر التدوين Bloging وهو عملية إنشاء المدونة و النشر فيها، و المدونون Bloggers هم الأشخاص الذين يقومون بالتدوين، ثم مجال أو عالم المدونات ( كرة المدونات ) Blogo sphere وهو العالم المترابط من المدونات المتاحة على الانترنت والتي يمكن الوصول إليها من خلال محركات البحث أو من خلال كشافات المدونات Index log ( أحمد حسين، 2009 ).
وإذا كان يمكن تعريبBlog بالسجل أو المكتوب أو الصحيفة أو دفتر اليوميات، إلا أن مدونة هي التعريب الأكثر قبولاً وانتشاراً لهذه الكلمة، والفعل منها دون، أما المدخل الواحد منها فيسمى تدوينة وهو ما يقابل Post في الإنجليزية ( عصام منصور ، 2009 ، 95).
وفي تعريف آخر تعرف المدونة على أنها ” صفحة انترنت شخصية تتولد عن طريق المستخدم، والتي يتم فيها إضافة المحتوى في أسلوب الصحيفة، ويعرض فيها المحتوى بترتيب زمني عكسي من الحديث للقديم ( Richardson , 2006, 134 ).
ويوضح هذا التعريف ارتباط المدونات بالأشخاص للتعبير عن أرائهم وأفكارهم واهتماماتهم بشكل دورى، مع توفير الفرصة لمناقشة تلك الأفكار بواسطة أشخاص آخرين من خلال عملية إتاحة التعليق على التدوينات.
وفي نفس السياق تعرف المدونة على أنها: عدة أجزاء داخل نفس صفحة الويب، تترتب عادة في ترتيب زمني عكسي من الأحدث إلى الأقدم ( Bar-llan , 2005 , 298) وهو ما يعد وصفاً فنياً للمدونات، يوضح العامل المشترك بين جميع أنواع المدونات والذى يتمثل في الترتيب الزمني التصاعدي للتدوينات من الأحدث إلى الأقدم بخلاف المواقع الشخصية والمنتديات.
ويعرف سعيد المصرى ( 2008 ، 4 ) المدونات بأنها ” صفحات يتم إنشاؤها على الإنترنت تحتوي على سجل من المعلومات المتسلسلة زمنياً، تتمثل في نصوص وصور وبرامج ومواد صوتية وفيديو متاحة لجمهور بعينه “، وبالنظر في هذا التعريف نجد أنه يوضح عدة أنواع من المدونات حسب آلية ووسائط التدوين المستخدمة.
وفيما يتعلق بالمدونة التعليمية Educational Blog فقد وصفها محمد عبده عماشة ( 2007 ، 64 ) بأنها : وسيلة تعليمية جديدة يشترك فيها كل من الطلاب والمعلمين والمدراء والخبراء للاتصال فيما بينهم، وتعمل على تحفيز الطلاب لإيجاد صدى لأصواتهم وتمنحهم فرصة المشاركة بآرائهم وإبداء ملاحظاتهم على المعلومات التي يقدمها المعلمون إليهم، ويعتني الطلاب في المدونة التعليمية بالكتابة حول الأحداث الجارية والموضوعات التي لها علاقة بموضوعات التعليم.
2- أنواع المدونات الالكترونية
وتصنف المدونات لعدة محاور منها طبقاً للهدف من استخدامها، ويذكر فهد العبود ( 2007 ) أنواع المدونات طبقاً لأهدافها إلى:
- المذكرات اليومية : وتتم فيها كتابة الأحداث اليومية التي تمر على الشخص بما فيها من مناسبات وتجارب وهموم.
- السياسية : حيث يستخدمها السياسيون في أمريكا و المرشحون للانتخابات النيابية للوصول إلي مناصبهم، وشرح آرائهم وخططهم في التواصل مع جماهيرهم.
- الإنتاج الأدبي : ويكتب فيه الإنتاج الأدبي للأشخاص سواء كان شعراً أو نثراً أو قصصاً أو مقالات أو خواطر، وقد ساعدت المدونات في تشجيع الأدباء والشعراء وظهورهم على الساحة الأدبية.
- التقنية : يدون فيها ما يخص التقنية الحديثة من وسائل تعليمية أو أجهزة محمول أو أجهزة كهربائية، يوضح فيها استخدامها وطريقة تشغيلها وآخر التطورات التي وصلت إليها.
- الاقتصادية : وفيها يكتب ما يخص الاقتصاد والمال والأعمال وسوق الأسهم وأسعار الذهب والعملات.
- إخبارية : وتخصص هذه المدونات للكتابة عن الأخبار اليومية في أي دولة وقد يتم ربطها بمواقع الصحف اليومية.
- تعليمية : وهي التي تستخدم في العملية التعليمية سواء للتعليم أو التدريب.
- شخصية : ويقوم فيها صاحب المدونة بالكتابة عن حياته الشخصية، ويومياته، وهمومه وما يحب وما يكره، فهي مساحة خاصة به وحده.
- مدونات الهوايات : وهي المدونات التي يكتب فيها الأشخاص عن هوياتهم المختلفة كالتصوير.
- مدونات عامة : وهي التي تعتبر مزيجاً من الأنواع السابقة ، والتي يصعب تصنيفها تحت نوع معين لتعدد أغراض الموضوعات التي تطرح فيها.
يشير كل من أحمد صادق عبد المجيد ( 2008 ) وهند الخليفة ( 2009 ) إلى أن مكونات المدونة تختلف من مدونة لأخرى، ولكن بشكل عام تتفق جميعها بوجود بعض العناصر الرئيسة والتي يمكن توضيحها كالآتي:
- عنوان رئيس للمدونة : حيث يوجد عنوان الكتروني للمدونة على الويب، كما أن هناك اسماً للمدونة وغالباً ما يكون مماثلاً لعنوانها، مثل مدونة التعليم الالكتروني”
- الصفحات : إضافة إلى الصفحة الرئيسة يمكن أن تحتوي المدونة على عدد متنوع من الصفحات يدون فيها المدون ما يشاء، مثل السيرة الذاتية أو أي موضوعات أخرى.
- الموضوعات : يوجد في المدونات محتوى منظم على شكل موضوعات أو تدوينات مؤرخة أو مؤقتة بشكل يبين متى تم نشر الموضوع.
- التعليقات : تمثل التعليقات ردود فعل القراء على الآراء التي يدلي بها المدون في مدونته، ويدخل المدون كطرف أساسي في تسلسل الحوار برده على التعليقات.
- الأرشيف : وهو عبارة عن سجل أرشيفي لجميع المداخل أو التدوينات السابقة حتى يمكن الوصول إليها بسهولة من قبل الزائرين، حيث ترتب ترتيباً عكسياً من الأحدث إلى الأقدم.
- خدمة الخلاصات : والتي تسمح للقارئ بمتابعة التحديثات المدخلة على التدوينات والموضوعات الجديدة دون زيارة المدونة، كما يمكن توظيف تلك الخدمة في تغذية المدونة بالموضوعات والمستجدات من مواقع أو مدونات أخرى.
- محرك البحث : توفر المدونات خدمة البحث داخل محتويات المدونة، إضافة إلى إمكانية البحث من خلال محركات البحث المشهورة.
- التصنيفات : وهي عبارة عن مواضيع أساسية تكتب عنها بانتظام في مدونتك الالكترونية.
3- مكونات التدوينة
تختلف مكونات التدوينة الواحدة من مدون لآخر حسب الخيارات التي يتيحها المدون، وحسب البرمجية المستخدمة، وحسب نوع المدونة من حيث الاستضافة.
وبشكل عام يرى ( عبد الرحمن فراج ، 2006 ) أن أكثر المدونات تتفق في العناصر الأساسية التالية: عنوان التدوينة، والمحتوى الأساسي للتدوينة، والذي يمكن أن يستخدم كل وسائط التدوين المتعارف عليها والتي من أهمها: النصوص ومقاطع الفيديو وعروض البوربوينت والمقاطع الصوتية والروابط الفائقة أو خليط من تلك المصادر، ويضاف إلى ذلك اسم أو لقب محرر التدوينة، إضافة إلى التوقيت الذى تم فيه نشر التدوينة بالساعة والدقيقة، إضافة إلى وجود التصنيف الذي يدل على القسم الذى تدخل تحته التدوينة وذلك عندما يكون المدون قد أوجد تصنيفات رئيسة تدخل تحتها التدوينات.
كما يوجد خلاصات التدوينات RSS والتي تسمح للقارئ بمتابعة التحديثات المدخلة على التدوينة دون زيارة المدونة، ومن المكونات المهمة للتدوينة أن كل مدخل منها له عنوان URL دائم لا يتغير منذ لحظة نشره على الشبكة وهو ما يطلق عليه المرجعية.
4- الخصائص التربوية للمدونات التعليمية الالكترونية
ساهم استخدام المدونات في التعليم في تحقيق أهداف مباشرة وغير مباشرة، والتي يصعب الوصول إليها بالطرق التقليدية، ومن أهم الفوائد التربوية للمدونات التعليمية ما يلي:
أ- التفاعل
أوضحت الأبحاث التربوية أهمية وجود تفاعل اجتماعي في عمليتي التعليم والتعلم، وهذا ما توفره المدونات، حيث تساعد على إيجاد مناخ من التفاعل الاجتماعي بين الطلاب بعضهم البعض من جهة وبين الطلاب ومعلميهم من جهة أخرى، كما تسهم المدونة بشكل كبير في رفع مستوى تفاعل الطلاب بعضهم البعض وتبادل الأفكار فيما بينهم بيسر وسهولة، إضافة إلى تعرف أفراد جدد مما يرفع من مستوى التفاعل الاجتماعي مع الآخرين ( Kuzu,2007, 47 ).
وتعد المدونات نوعاً من المذكرات الشخصية، ما يجعلها وسيلة للتعبير عن الذات، وتفجير الطاقات الشخصية للمدون، وتنمية العلاقات والتفاعل بين الأفراد من مختلف المواقع والجنسيات.
إن وجود مجموعات من الأفراد في المدونات تتشارك الأفكار وتتناقش فيما بينهم ينشىء جوا من التفاعل السريع، و الفعال مع إمكانية طرح العديد من الأفكار الجديدة التي تساعد على التوسع في المعلومات و الأفكار ( Du & wagner ,2005;Quible,2005,93 ).
وفي هذا الإطار قام فارمر وآخرون ( Farmer et.al , 2008) بدراسة هدفت إلى تعرف إمكانات المدونات كمصدر فعال في التعليم العالي للمجموعات الكبيرة حين تستخدم في تدريس مقررات الآداب الحرة كمشروع لطلاب الفرقة الأولى من مرحلة البكالوريوس في برنامج الدراسات الثقافية في جامعة ملبورن بأستراليا، وتكونت عينة الدراسة من 225 طالباً يدرسون مجالات الثقافة و الإعلام، تم تدريسهم المقررات عن طريق استخدام المدونات، وتوصلت الدراسة إلى أن استخدام المدونات سهل إدارة التعلم للمجموعات الكبيرة من الطلاب والاستجابة لإسهاماتهم وقراءتها والتعقيب عليها بسبب توفر البرامج، وإمكانية توجيه الطلاب للتفاعل فيما بينهم، كما قدم عدد كبير من الطلاب آراء إيجابية ومشجعة حول تجربة المدونات.
ب- تغيير دور المتعلم
إن استخدام تقنية المدونات في التعلم قد أسهم بدور كبير في تغيير دور المتعلم الذى كان سلبياً متلقيا للمعلومات فقط في ظل النظام التقليدي؛ حيث أصبح محور العملية التعليمية برمتها، وساعد ذلك في جعله إيجابيا متفاعلاً نشطاً باحثاً عن المعلومة، وليس متلقيا لها، وأصبح بفعل المدونات كذلك ناشراً لها.
ج- تغيير دور المعلم
إن التحول من النظام التقليدي الذي يعتبر فيه المعلم محور العملية التعليمية، له وظائف معروفة ومحددة، إلى نظام التعلم الالكتروني الذي يقوم على مبدأ الوصول للمتعلم بصرف النظر عن المكان والوقت، يتطلب تحولاً جذرياً في أدوار المعلم المتعارف عليها في ظل التعليم التقليدي، إلى أدوار جديدة، ينبغي عليه أن يتقنها.
د- تنمية مهارات التفكير
تعد المدونات من أفضل الطرق لتنمية مهارات التفكير المنظم، والتي تسمح للطلاب بالتفسير والتحليل ومعالجة المعلومات وتساعد الطلاب على توضيح أفكارهم ومقترحاتهم.
سجلت عدة تعليقات لمقالات نشرت بهذه المدونة ولم اجد ردودا لها
الا انني اتساءل هل هذه المدونة تخضع للمعايير التي وصعها صاحب المقال
اي الإجابة عن الردود
اشك في ذلك
مقال رائع يستحق القراءة لانه يعطى فكرة جديدة نحو تعليم اكثر قدرة على التميز
لو تتكرم بإرفاق المراجع في آخر المقال مشكورًا.
ممكن تعطونا مثال على المدونه .. هل الانستقرام و التويتر و السناب مدونات ؟
مقال رائع جدا