يشهد عصرُنا الحالي تطورات مُتلاحقة في مجال تكنولوجيا التعليم والتي تفُوق تصورات البشرية واستيعاب عُقُولهم بسُرعة فائقة في مُواكبتها، حيثُ يشهد العالم اليوم ثورةً تكنولوجية رقمية هائلة وانفجاراً معرفياً ومعلوماتياً عجيباً ومُتسارعاً؛ فالطريق المثيل لمُواجهة هذه التطورات هو الازدهار وتقدم التربية ومناهجها، ولاسيما أن الثورة الرقمية وُلدت من رحم العالم الإلكتروني الذي أحدث العديد من التغييرات التكنولوجية والثقافية والاجتماعية، والسياسية والاقتصادية وغيرها.

وتعدُّ تقانة الواقع المعزز إحدى التقانات التي ظهرت مُؤخراً؛ وذلك نتيجة لانفتاح التعليم على التكنولوجيا، وجعله تعليماً ذات غاية ومعنى. كما أنها من إحدى صُور التعلم التفاعُلي؛ حيث لا يلزم فقط تقديم وسيلة اتصال جذابة، بل لابُد أن يكُون المحتوى مهماً بالنسبة للمُتعلمين، وقادراً على تلبية احتياجاتهم.

ماهية الواقع المعزز

يعرّفه الشتري؛ والعبيكان (2016): بأنه دمج الواقع الافتراضي مع العالم الحقيقي من خلال أجهزة الحاسوب بهدف ظهور المحتوى الرقمي؛ كالصُور، والفيديوهات، والأشكال ثلاثية الأبعاد، والمواقع الإلكترونية وغيرها، مما يجعل الطلبة قادرين على التفاعُل مع المُحتوى الرقمي وتذكره بصورة أفضل.

ويُعرّفه لارسن؛ وبوتشولز وبروسدا بأنه: إضافة بيانات رقمية وتركيبها وتصويرها باستخدام طُرق عرض رقمية للواقع الحقيقي للبيئة المُحيطة للكائن الحي. ومن منظور تكنولوجي غالباً ما يربط الواقع المعزز بأجهزة حاسوب يُمكن ارتداؤها، أو أجهزة ذكية يُمكن حملها.

وتُعرّفه الباحثة إجرائياً بأنه: بيئة مُعززة للبيئة الحقيقية من خلال إضافة البيانات الرقمية الافتراضية؛ كالصوت، والصور، و المعلومات، والفيديوهات.

النظريات التي تقُوم عليها تقنية الواقع المعزز في التعليم[1]

1. النظرية الاجتماعية: تُنَظِّر هذه النظرية للعملية التعليمية كالممارسات الاجتماعية؛ فالمعرفة تحدث من خلال مجتمعات الممارسة، فإن نتائج التعلم تنطوي على قُدُرات الطلبة على المُشاركة في تلك الممارسات بنجاح، و تعتمد تقانة الواقع المعزز في تطبيقاتها على التعلم من خلال المُشاركة مع الأقران.
2. النظرية الترابطية: من أهم مبادئها قُدرة الطلبة على تصنيف وفرز المعرفة إلى أجزاء مهمة؛ فهي تنظر إلى الشبكات التي تم بناؤها على أنها عبارة عن عقد Nodes: عقدتين على الأقل؛ حيثُ تُمثل كُل عُقدة مصدراً من مصادر المعرفة التي تتصل فيما بينها بروابط. وعملية التعلم تتم من خلال قُدرة الطلبة على الوُصُول لتلك الروابط بين العُقد والمعلومات المُختلفة بفاعلية. وتقانة الواقع المعزز تعتمد على أحد مبادئ هذه النظرية؛ حيثُ إن التعلم يُمكن أن يكون موجوداً في أجهزة وأدوات غير بشرية، فمن خلال الأجهزة الذكية التي يُمكن حملها، أو ارتداؤها. وما توفره من تطبيقات يُمكن من خلالها إحداث عملية التعلم.
3. النظرية السلوكية (سكنر): ترى هذه النظرية أن السلوك إما أن يكون مُتعلَماً، أو يكون نتاج تعديله من خلال عملية التعلم؛ لذلك اهتمت النظرية السلوكية بتهيئة الموقف التعليمي، وتزويد الطلبة بمثيرات تدفعهم للاستجابة، ثُم تُعزَز هذه الاستجابة. وتقانة الواقع المعزز تسعى إلى تهيئة تلك المواقف التعليمية من خلال ما تشمله من وسائط مُتعددة وتعمل كمُثيرات عملية التعلم.
4. النظرية البنائية: ترتبط بيئات التعلم البنائي ارتباطاً وثيقاً بالتعلم الإلكتروني بشكل عام، وبتقانة الواقع المعزز بشكل خاص؛ فبمُجرد عرض الموضوع باستخدام الوسائط المُتعددة يُتيح بناء المفاهيم من خلال الأنشطة الشخصية، والمُلاحظة ضمن بيئات التعلم، والذي بدوره يُؤدي إلى التعلم الأفضل؛ فمن مبادئ النظرية البنائية أن يبني الطلبة المعرفة بالنشاط الذي يُؤديه من خلال تحقيقه للفهم. حيثُ يتماشى الواقع المعزز جنباً إلى جنب مع مفاهيم التعلم البنائي؛ حيثُ يستطيع الطلبة التحكُم في عملية التعلم الخاصة بهم عن طريق التفاعُلات النشطة مع بيئات التعلم الواقعية والافتراضية في هذه البيئات، وبالتالي اكتساب قدر أكبر من المهارات والمعارف، حيثُ يُترجم الواقع المعزز النظرية البنائية إلى واقع ملموس يُمكن تطبيقه. ولاسيما أن أساليب دمج التعلم النظري والتطبيقي أثبتت جدواها. كما لا يُمكن تجاهل الحاجة المُلِّحة في تطبيق مفاهيم التعلم الإلكتروني، وإعمال مُختلف التقانات بشكل فعّال.

وتضيف الباحثة لما سبق: أن هذه النظريات التي تعتمد على تقانة الواقع المعزز في تطبيقاتها لعملية التعليم والتعلم تقدم أُسسًا واقعيةً تجريبيةً للمُتغيرات التي تُؤثر في عمليتي التعليم والتعلم. كما تقدم توضيحاتٍ حول السُبُل التي يُمكن أن يحدث فيها هذا التأثير.

 

 

---

المراجع

الشتري، وداد؛ والعبيكان، ريم. (2016). أثر التدريس باستخدام تقنية الواقع المُعزز على التحصيل الدراسي لطالبات المرحلة الثانوية في مُقرر الحاسب وتقنية المعلومات، بحث منشور.

فارس، نجلاء؛ وعبد الرؤوف، إسماعيل. (2017). التعليم الإلكتروني مستحدثات في النظرية والاستراتيجية، القاهرة، مصر: عالم الكتب.

[1] (فارس؛ وإسماعيل، 2017م، ص25)