التربية الإسلامية

مُجتمع المدينة النبوي وبُنى النظام السياسي في دولة الإسلام

تمهيد:

يُعرف النظام السياسي بأنه مجموعة من العمليات والأساليب التنظيمية والثقافية التي وضعها أولئك الذين مارسوا القيادة السياسية منذ (النبي صلى الله عليه وسلم) في العصر الإسلامي وأولئك الذين تولوا منذ ذلك الحين الأدوار القيادية في الدول الإسلامية. (القرآن والسنة والمصادر الشرعية الأخرى) وهناك مهام تنطوي على مشاكل مشتركة تنشأ في نقاط مختلفة من النشاط وكل مشكلة تحتاج إلى معالجة خاصة بتحويلها إلى مشكلة فردية. وهؤلاء يمثلون قواعد الحضارة في الأحداث العامة وفي الشؤون السياسية والعسكرية بشكل عام.[1]

وتشكل المُجتمع النبوي الجديد بعد أن استقر الرسول (صل الله عليه وسلم) وأصحابه المهاجرين على أرض المدينة المنورة، وأن أي مجتمع فهو بحاجة إلى أساس قانوني يبين الأسس العامة التي يقوم عليها كيانه الاجتماعي، ويحدد الحقوق والواجبات والالتزامات على أفراد المجتمع وعلاقته بالفئات الأخرى، ومن يتولى الأمور السياسية وحكم المُجتمع.[2]

وقد أخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) مواده من الشريعة الإسلامية. (في أوقات الأزمات، مثل مجلس الشورى، وتم إنشاء مجلس المستشارين وتم اختيار الأشخاص المناسبين للمناصب السياسية والعسكرية حيث تحتوي القبيلة على عناصر إيجابية، ويمكن أن تكون مفيدة في الإدارة الوطنية، ووضع النبي (صلى الله عليه وسلم) حجر الأساس للحل السياسي من خلال إدراج عناصر مختلفة مثل الجغرافيا الدينية والقضايا الاجتماعية في مدينته. أي انضمام الأوس والخزرج. ويتطلب الانتقال من الفكر إلى الحالة الذهنية التدريب والممارسة في عدة مجالات. منها الولاء للعقيدة، وطاعة النبي (صلى الله عليه وسلم ).[3]

العقد الاجتماعي والتحول التاريخي للعلاقات الاجتماعية والبنية السياسية للعرب:

إن فكرة “التعاقد” هي الفكرة التي تقوم عليها معظم أشكال الإجراءات الديمقراطية الحديثة (المجالس الدستورية ووضع الدساتير وتشكيل البرلمانات، وحقوق الإنسان، والتشريعات القانونية، والمنظمات الدولية، وغيرها من الإجراءات القائمة على فكرة التعاقد بين الحاكم والمحكوم (مثل انتخابات المجالس والانتخابات الرئاسية).

إن الديمقراطيات هي نتيجة مباشرة لفكرة التعاقد التي أسسها توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو وربما ظهرت لأول مرة في جمهورية أفلاطون. وبدأت كفكرة بسيطة على يد غلوكون في كتاب “الجمهورية “وتطورت على مدى القرون التالية، بمساهمة الفكر السياسي التعاقدي، مما أدى إلى ظهور الفكرة، كما هي اليوم في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر ثم في القرنين العشرين والحادي والعشرين.[4]

وقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم في بيئة تمتزج فيها بقايا قيم الملة الحنفية الإبراهيمية؛ من مروءة ونبل وكرم ووفاء. مع ما تولد عن الوثنية من قيم شائكة ومنحرفة كوأد البنات خشية الفقر والعار؛ والحمية الجاهلية التي تُسعر نار الحرب ثأراً لناقة أو بعير. فكان نهجه (صلى الله عليه وسلم) في اصطفاء القيم النبيلة والسمو بها نهجا غير مسبوق؛ وكان له عظيم الأثر في نسج الشخصية الإسلامية التي ستُرسي في أقل من قرن من الزمان دعائم حضارة لم تشهد لها البشرية مثيلاً.

وكانت المسافة بين الإسلام يوم جاء وبين واقع النَّاس في الجزيرة العربيَّة، وفي الأرض كافَّةً، مسافةً هائلةً وكانت النّقلة الَّتي يريدهم عليها بعيدةً، وكانت تساند الواقع أحقابٌ من التَّاريخ، وأشتات من المصالح، وألوانٌ من القوى، ووقفت كلُّها سدّاً في وجه هذا الدِّين الجديد، الَّذي لا يكتفي بتغيير العقائد، والتَّصوُّرات، والقيم والموازين، والعادات، والتَّقاليد، والأخلاق، والمشاعر؛ إنَّما يريد كذلك أن يغيِّر الأنظمة، والأوضاع، والشَّرائع والقوانين، كما يريد انتزاع قيادة البشريَّة من يد الطَّاغوت، والجاهليَّة؛ ليردَّها إلى الله، وإلى الرسول.

إنَّ التَّغيير الَّذي قاده النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بمنهج الله تعالى بدأ بالنَّفس البشريَّة، وصنع منها الرِّجال العظماء، ثمَّ انطلق بهم ليحدث أعظم تغيير في شكل المجتمع، حيث نقل النَّاس من الظُّلمات إلى النُّور، ومن الجهل إلى العلم، ومن التَّخلُّف إلى التَّقدُّم وأنشأ بهم أروع حضارةٍ عرفتها الحياة. وتربَّى الرَّعيل الأوَّل رضي الله عنهم، على فهم صفات الله، وأسمائه الحسنى، وعبدوه بمقتضاها؛ فَعَظُمَ الله في نفوسهم وأصبح رضاه سبحانه غايةَ مقصدهم، وسعيهم، وقام النَّبيُّ بمنهجه القرآني ـ بتغيير في العقائد، والأفكار والتصور، وعالم المشاعر والأخلاق في نفوس أصحابه؛ فتغيَّر ما حوله في دنيا النَّاس، فتغيَّرت المدينة، ثمَّ مكَّة، ثمَّ الجزيرة، ثمَّ بلاد فارس، والرُّوم في حركةٍ عالميَّةٍ تسبِّح، وتذكر خالقها بالغدوِّ، والآصال فكان اهتمام المنهج القرآني في العهد المكيِّ بجانب ترسيخ المنظومة الفكرية والعقدية بشتَّى الأساليب؛ فغمرت قلوبهم معاني الإيمان، وحدث التحول العظيم الذي انعكس على العالم بأسره.[5]

وقد استخدم الرسول (صل الله عليه وسلم ) أدوات في توحيد العرب، وهناك عدّة مقوّمات اتّبعها في أثناء مسيرته الدعوية ساهمت في توحيد العرب ونجاح تأسيس الدولة الإسلامية، كبناء المسجد والذي كان أول ما فعله بعد هجرته للمدينة والذي كان لها عظم الأثر في توحيد المسلمين وبث التماسك والرسوخ بينهم، خاصة وأن هم يلتقون فيه خمس مرات في اليوم، ويتعلّمون فيه العقيدة والأحكام وتُعقد فيها الاجتماعات، إلى غير ذلكم الأمور التي أثّر تأثيرا إيجابيا عظيماً على وحدة المسلمين آنذاك والمؤاخاة بين المسلمين بعد أن وصل إلى المدينة كان من أوائل ما قام به أيضاً أن قام بالمؤاخاة  بين المهاجرين والأنصار فأصبح المسلمون أخوة ذاب تبينهم عصبيّات الجاهلية الأولى، وزالت فروق اللون والنسب، وجمعهما النبيّ على كلمة الإسلام ودين الحقّ. [6]

ولم يتوقف عند حد مُعين بل قام بوضع الدستور الإسلامي كان من سياسات النبي الحكيمة أن وضع دستور اًي نظّم العلاقة بين المسلمين وغيرهم، خاصة أنّ الناس قد دخلوا في دين الله أفواجاً بعد الهجرة النبوية، وقد أقرّ في هذا الدستور اليهود الموجودين في المدينة على دينهم وأموالهم، واشترط عليهم عدة شروط، فكان هذا الدستور بمثابة”وثيقة العدل والحرية والمساواة بين جميع طوائف الشعب.[7]

إن موقف النبي من القيم السائدة قام على ثلاثة أمور: النهي والإقرار والتعظيم، مما يسمح بعملية تدريجية لإحداث التحول الأخلاقي المطلوب. تمكين النفس من تشرب هذه القيم بأمان في شكل إسلامي جديد سيشعر أي شخص يقرأ كتب السيرة الذاتية أنه يواجه العملية الصعبة المتمثلة في إرساء القيم الإيجابية. ولإزالة دنس القيم الجاهلية المقززة من النفس من خلال التأكد من ارتباط البنية القيمية بالمصدر الإلهي، لقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي النَّاسَ إِلَى أَقْرَبِ الصَّرَاطِ}. [8] وان الأسلوب الفريد في النبوة؛ صلى الله عليه وسلم، يتم إرسال المختار إلى بيئة مليئة بعدم المساواة. بيئة يقوم فيها النظام الاجتماعي على مبدأ القوة، ويعيش على التجارة والنهب والسلب. وظهور العبيد وطبقة العبيد أمر طبيعي. وسنت عادات وتقاليد وضعت العبيد في مستوى الحيوانات لا، أسوأ من الحيوانات نفسها! كما أن التفاخر بهويتهم ونسبهم دفعهم أيضاً إلى الوقوف إلى جانب مضطهديهم، طالما أنهم أقارب. وآمن بأن كونك جزءاً من نفس القبيلة هو مسألة شرف وكرامة، حتى في مواجهة الظلم. [9]

وقد حاول بعض أهل مكة تنظيم شؤونهم ضمن دوائرهم الضيقة من خلال هاتين المؤسستين المدنيتين. وعن عائشة – رضي الله عنها – أنها سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: “لقد شهدت خلف فودو في دار عبد الله بن جدعان عير، إلا إذا دُعيت للمشاركة” اليوم (أي بعد انتهاء المهمة) سأستجيب!”، وأنا لا أحب أن يكون له معروف أحمر، على الرغم من أنني آذيته. “إن بعض العقلاء (وهم ليسوا شعباً بلا وطن أو قرية) يدركون أنه إذا لم يقوم العدل ولم تتم إعادة الحقوق إلى أسيادها، فإن الظلم الذي يحدث في الأرض المقدسة ستزول هيبة الأرض المقدسة”. مع تراجع قلوب العرب، كان سكان أم القرى يتعرضون للهجوم، فتحدثوا عنه ثم اجتمعوا للدفاع عن المظلومين ضد الظالمين.[10]

ويُشير حلف الفضول إلى معاني ودلالات تتمثل فيما يلي:

  1. يجب على المؤمن أن يشارك وطنه آلامه وآماله وتطلعاته وألا يبقى في برجه العاجي ويشاهد من بعيد ولهذا ترى النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيته عند المشاركة في هذا التحالف. إنه فتى لم يحقق حلمه بعد.
  2. حفظ أهل الجاهلية، رغم جهلهم، القرآن والحديث والسيرة، التي تحكي الجانب المشرق من أخلاقهم: الفروسية، والخلاص، ونصرة المظلوم، ومصافحة المظلوم والظالم.
  3. أن اشتراك النبي صلى الله عليه وسلم في موالاة قومه وهم في شك دليل على الوقوف مع أهل الحق ضد الظالمين، ولو كان منهم. الظالمين. أقرب الأقارب، كما يقتضي القانون. ويقول الله تعالى: (يَا ​​أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَقِوِّمُوا الْقِيَامَ وَاشْهَدُوا لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوْ عَلَى الْوَالِدِينَ وَالأَقْرَبِينَ) [11]، قال القرطبي: “يقول العلماء: إن هذا الحلف الذي كان في الجاهلية هو حلف قوي بالإسلام، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الحلف بعينه.[12]
  4. نصرة المظلوم والوقوف إلى جانبه، ومن الواجب تحقيق ذلك، الدولة التي تنصر المظلوم حتى ينتزع حقه من الظالم هي دولة تبقى حية، لكن ليس إذا كان كذلك. خائف من الظالم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ان الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه” [13] ، وقال الغزالي رحمه الله: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم) ملتزماً بالحق، وعلى كل ظالم مهما عظم، وعلى كل مظلوم، مهما كان عظيما وما مدى تدني مكانته؟ وظيفة الإسلام هي معارضة الظلم في سياسة الدولة والعلاقات الشخصية. [14]
  5. ويؤكد هذا التحالف على مبادئ التعاون والتعاضد والأخوة في عمل الخير، وهي مبادئ إنسانية نبيلة تدعو إلى حب الخير ونشر الفضيلة والتي من أجلها قامت الشريعة السمحة ودعا إليها. قال الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير وينهون عن المعروف وينهون عن المعروف والمنكر أولئك هم المفلحون).[15]

أما دار الندوة فقد كانت كلها من شأن قريش، وما تحتاج إلى زواج ولا حرب ولا مشورة نيابة عنها، بحيث إذا بلغت الجارية سن لبس الدرع، لا ينكسر درعها إلا إذا كانت، ثم يأخذها إلى عائلتها، الذين لن يجمعوا أعلام الحرب منهم أو من أي شخص آخر، إلا في دار نادي فيا، حيث لا يستطيع أي صبي الدفاع عنهم ولم تكن قوافل قريش تخرج منه إلا واستقرت فيه احتراما لقصي ومعرفة بآرائه ومعرفة بفضائله أملا، فامتثلوا لأوامره مثل قصي. إن الدين الذي اتبعه في حياته وبعد مماته، دون أن يفعل أي شيء آخر، كان له تبجيل وعبادة الباطل. [16]

وسميت دار الندوة لاجتماع قبيلة قريش فيها على الخير والشر فلما رأى مشركو مكة أن أصحاب الرسول (عليه السلام) قد حملوا ذراريهم وأولادهم إلى الأوس والخزرج خافوا أن يخرج (النبي صلى الله عليه وسلم ) فاجتمعوا في دار الندوة ولم يبق أحد من أهل الرأي والحكم يستشيرون في أمره فتشاوروا في أمر النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلهم يستشير في أمره، إلا شيخًا كبيراً منا لنجد، كان قد أصابه صمم “.فقال: “أرى أن نأخذ من كل قبيلة غلامًا نحي فًامن كل قبيلة، ونعطيه سيفًا صارماً فيضربونه ضربة رجل واحد، فيتفرق دمه في القبائل، ثم لا يدري بنو عبد مناف-وهم أقرب العشائر إلى النبي صلى الله عليه وسلم-ما يصنعون ثم لا يدرون ماذا يفعلون بعد ذلك .فقال  الفتى النجدي:  “لله در الفتى هذا! والله الرأي وإلا فلا فتفرقوا على ذلك وأجمعوا عليه”. [17]

الأخلاق والقيم في تنظيم الإدارة العامة ولامركزية الحكم واقتصاد السوق:

ان المتفحص في إدارة الدولة الإسلامية في عصر النبوة، يجد هناك صوراً للمركزية الإدارية المطبقة في العصر الحاضر، حيث كانت المركزية في بادي الامر هي الأسلوب الذي سلكة النبي عليه السلام في إدارة شؤون الدولة بعد الهجرة من مكة إلى المدنية، حيث كان الرسول عليه السلام يتبوأ الرئاسة في أمور الدين والدنيا، وتشمل سلطاته الإدارية جميع المرافق ورسم السياسة العامة فيها. [18]

وبعد ان وضع النبي عليه السلام اللبنة الأولى للتنظيم الإداري، فقد شرع في بناء المسجد، فكان مسجد قباء أول مسجد ثم تلاه المسجد النبوي، وتمت المؤاخاة بين المهاجرين والانصار، حيث اتسمت الإدارة في بادئ الأمر بالمركزية بالمفهوم الإداري المعاصر ألا انه سرعان ما تغير الوضع خاصة بعد ان شهدت البلاد الإسلامية وما تبعه من توسع للرقعة الجغرافية، فأصبح النظام اللامركزي   هو المطبق وتحديدا اللامركزية الإقليمية وتمثل ذلك في تعيين الرسول عليه السلام الولاة على مختلف الأنصار. وقد كان الرسول عليه السلام لديه مسؤوليات كبيرة، مما جعله يوكل القيام ببعض المهم والاعمال الى غيره من الصحابة الكرام ومن بينهم علي بن اب طالب رضي الله عنه.[19]  والى جانب تطبيق الرسول عليه السلام لنظام اللامركزية الإقليمية بالمفهوم المعاصر في استعماله للولاة على مختلف البلدان لرعاية المصالح، الا انه سلك نظام اللامركزية المرفقية، وقد تمثل ذلك في تعيينه لبعض الصحابة الكرام لإدارة تلك المرافق التي كانت تحتاج لمن يديرها، وفي هذا النطاق فقد استخدم النبي عليه السلام معاذ بن جبل رضي الله عنه ليعلم النسا دينهم ويفقههم فيه، واستخلفه على تعليم الناس القران الكريم في مكة المكرمة.[20]

وقد تمكن الرسول عليه السلام من  تحويل العنصر الذي تواجد في المدينة من حالة ومجموعة استهلاكية إلى دم جديد يتدفق في عروق الاقتصاد ، فتحول إلى عامل ازدهار ونمو في الإنتاج ، واثمرت المؤاخاة بين المهاجرين والانصار، والتي توجت بالمودة بين الطرفين ، حيث بادر الأنصار بقسمة ما لديهم وما يملكون من أموال  مع المهاجرين ، وقد عالج النبي عليه السلام بحكمة  انعدام الموارد لدى المهاجرين الذين تركوا أموالهم في مكة بطريقة  حافظ فيها على الملكية تلك  لأصحابها، وقد مكنت سياسة المؤاخاة بين المهاجرين والانصار من بناء قاعدة أساسية لاقتصاد قائم على التعاون والتكافل بين العناصر المُشتركة لعناصر العملية الاقتصادية  ، والدخول  في دورة الحضارة بإمكانيات مادية بسيطة .[21]

وبعد ان اقام الرسول عليه السلام  المسجد، فكان أول عمل به أن قام بتأسيس سوق للمسلمين، ليتمكنوا من التعامل فيه على أساس حر، يتم حفظ حقوق جميع الأطراف التي تتعامل فيه وتحميهم من الغش والاحتكار والاستغلال، ومن أجل تخليص أهل المدينة من سيطرة اليهود على الاقتصاد واقتصاد السوق، حيث قام المسلمين باختيار موفق لسوقهم، إذ كان موقع السوق في جهة هي بمثابة المدخل الرئيسي للمدينة سواء من جهة الشام أو من جهة اليمن ومكة ، وسائر القبائل التي تجاور المدينة ، وهذا ما مكنهم من تلقي الوفود حال وصولهم لتوفير المشقة عليهم، ومن اجل القدرة على الالتفاف حول المدينة. ولم يتوقف الرسول عليه السلام عند هذا الحد بل قام بإحياء الأرض الموات، لما لها من قيمة اقتصادية وعاملاً من عوامل الإنتاج، وتوفير مساحة الغذاء والتنمية الاقتصادية وتحقيق الامن الغذائي.[22]

ولما للزراعة من أهمية في اقتصاد السوق، فقد قام الرسول عليه السلام بتنظيم امورها تنظيما كبيراً، حيث قام بزراعة النخيل في بساتين سمين بالحوائط منها حائط مخيريق وحائط ابي الدحداح، حيث كانت تلك الحوائط تحتوي على أنظمة دقيقة للري، من خلال حفر الابار الخاصة، وتوضع عليها السواقي فيتم صب الماء من خلال قنوات تخلل النخيل والأشجار، وكانت تلك البساتين محاطة بأسوار لمنع دخول الناس اليها أو البهائم.[23]

ولما للصناعة من أهمية، فقد أولى الإسلام قضية التصنيع أهمية واضحة، فقد حث على اكتساب الصناعات وأسباب القوة في جميع المجالات، حيث الكثير من الآيات التي تحث عل الصناعات المختلفة كالصناعة العسكرية والصناعة المدنية في مجالات شتى تسهم في الحفاظ على القوة.[24]

قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).[25]

المعارضة السياسية وإدارة التنوع الثقافي في المُجتمع بين مرجعية القيم وإطار النظام الحاكم:

وضع النبي (عليه السلام ) حجر الأساس للمعالجات السياسية عندما أنشأ صلى الله عليه وسلم دوله المدينة من عدة مكونات مختلفة دينيًّا وجغرافيّاً واجتماعيّاً ، إذا حوت الدولة أفراداً من ستة قبائل ، ثلاث منها عربية ، وهي الأوس والخزرج ، وقريش ، وثلاث منها يهودية وهي قريظة والنضير وقينقاع ، وقد اشتملت العلاقات التاريخية بين هذه القبائل على خلافات وصدامات ، فكان لا بد من جمعها تحت منهج سياسي موحد ؛ مثل دستور المدينة( صحيفة المدينة)  ،إذ إن الخروج من عقلية القبيلة إلى عقلية الدولة استلزم التدريب والمِران على عدة أمور ؛ منها الولاء للعقيدة بدل الولاء للقبيلة ، والطاعة للنبي بدل الطاعة لشيخ القبيلة ، والنصرة لإخوان العقيدة ضد إخوان القبيلة ، لقد أعطى النبي هذه الفئات الحقوق ، وفرض عليها الواجبات ، لا سيما تلك التي تتعلق بالدفاع عن المدينة إذا ما هاجمها عدو خارجي ، فضلًا عن منعها من إقامة علاقات سياسية مع العدو الأول لأهل المدينة ، والمتمثل في قريش ، وبهذا يمثل نقلة في الفقه الحضاري السياسي الإسلامي عند المسلمين ، ومعالجة سياسية سليمة تتوافق وطبيعة المرحلة.[26]

وإن هذه النقلة السياسية التي مثلت النواة الأولى للفقه الحضاري في جانبه السياسي ، وإعطاء المساحة لتكوين الدولة المتنوعة الأديان والأعراق والعادات والتقاليد ، هو نفسه ما نراه اليوم من طبيعة الدول في واقعنا المعاصر ، إذا لم تنمُ العقلية السياسية العربية أو حتى الأعجمية نمواً كافيًا لتأسيس هذا النظام السياسي آنذاك ، فكانت الدول عبارة عن قبائل كبيرة أسست كيانات سياسية ؛ كالغساسنة والمناذرة وغيرها ، أو الدول التي أسِّست على الأساس الديني ، على العكس من دولة المدينة التي ضمَّت المضريين والقحطانيين واليهود كفئات متوازنة ، وهو ما يصعب جمعه على غير شخص النبي صاحب القدرة العقلية .[27]

وان إدارة التنوع الثقافي ليس مُصطلحاً حديثاً ولا يدل بالضرورة على الرشادة، وان المقصود بإدارة التنوع هو الإدارة المرتبطة بتحقيق التعددية الثقافية، ومن هذا المنطلق يصعب تقديم تعريف لإدارة التنوع بشكل خاص الا ان صعوبة التعريف لا تغني عن وضوح الأهداف، أي ان يكون هناك بيئة حاضنة أمنة للتنوع، لا تتخذ مجموعة معينة بخصائصها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، معياراً لممارسة الادماج أو الاقصاء.[28]

وعند العودة إلى التجربة النبوية في الحكم. فإن أول ما أقامه النبي الكريم (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)، بعد أن أقام المسجد، كان هو دولة المواطنة، التي عددت الفئات والشرائح المجتمعية التي كانت موجودة في المدينة المنورة في حينه، بمن فيهم اليهود، والعرب المشركين، والبادون في الأعراب حول المدينة، وذلك في الوثيقة التي عُرِفَتْ باسم “وثيقة المدينة”.

وفي “عهدة نجران” التي كتبها الرسول الكريم “صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”، لنصارى نجران، والعهدة العمرية التي كتبها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب “رضي اللهُ عنه”، لنصارى القدس، ما يؤكد أن الإسلام يعرف، حتى بالمعنى الدستوري الحديث الذي نعرفه، مفاهيم المواطنة وإدارة التنوُّع الديني وغيره.[29]

والقرآن الكريم يؤكد على أن التنوُّع بشكل عام، هو قانون الله تعالى في خلقه، وهو قانون رباني، أي أنه نافذ ولا يمكن مراجعته أو اعتراضه، فيقول تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}.[30]

وفى عهد الرسول (ص) والذي كانت فترة حكمه قصيرة ولم تكن كافية لتعديل مسار وفكر الناس وقبول الآخر ولكن على الرغم من ذلك يرى د. حسين فوزي النجار أنه عليه السلام لم يضع نظاما للحكم ولم يتناول الشكل أو الأساس الذي نقوم عليه الدولة بأي تفصيل ولم يرد بالقران الكريم ولا فى أحاديث الرسول كلمة دولة أو ما يشير إلى إقامة دولة.[31]

وأن شورى المسلمين للرسول في شؤون الدنيا كانت لونا من المعارضة حيث كان الصحابة يسألون الرسول في بعض الأمور المتعلقة بشئون حياتهم وكثيرا ما كان يتفق الصحابة ويختلفون ويعارضون دون حرج أو تردد في معارضتهم للرسول وهذا التوجه شهدته غزوة بدر عندما طالب الصحابة الرسول بتغيير قراره في منزل الجيش الذي سيلاقي قريشا وقد غيره الرسول فعلا. وبعد المعركة خالف عمر بن الخطاب الرسول فيما يتعلق بأسرى قريش. وامتدت معارضة الصحابة للرسول في غزوة الخندق عندما عارض الأنصار قيام الرسول بتوقيع معاهدة مع حلفاء قريش كي ينصرفوا عن المدينة المحاصرة إلا أن الأنصار لم يوافقوا على المعاهدة فنزل الرسول عن رأيه وعدل عن المعاهدة وقام عليه السلام إلى صحيفة المعاهدة ومحاها.[32]

لقد كانت في الإسلام مشروعية للمعارضة بل وعلى ضرورتها. فقد كانت معارضة ذات صيغة سياسية لم تكن مجرد معارضة لقد كانت في مواجهة النبي الأعظم. وتحقق المعارضة ترشيداً للحكم يسهم في نجاح الحاكم والمحكوم لكليهما والمعارضة في النظرة الإسلامية مؤسسة على عدد من الأصول والمنطلقات التي تمثل أسسا وثوابت في النظرية السياسية الإسلامية منها:[33]

  1. ان حرية الإنسان باعتبارها فطره الله في خلقه لا يجوز كبحها من خلال الاستبداد والاستعباد وهكذا فان هذه الحرية تعطى الإنسان الحق في معارضة ما يراه غير صواب.
  2. فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهذا المبدأ الهام جعل من المعارضة للأخطاء في السياسات أكبر من مجرد حق إنساني بل هي فريضة إلهية وتكليفا دينيا على كل مسلم ومسلمة.
  3. المعارضة موجودة للقيام بفريضة المراقبة والمحاسبة لولاة الأمور فهي وظيفة سياسية دائمة في المُجتمع.
  4. الإسلام ليس ضد التعددية السياسية ولكنه ضد الفرقة في الدين وهناك فارق بينهما، وأن شؤون سياسة الأمه وعمران المجتمعات لا تستقيم عادة بوحدانية الفكر والفردية في الاجتهاد، وفى القرار وفى التنفيذ.
  5. ان الارتكان الى مقولات تلغى الشورى وتفرغها من جدواها برغم عدم إلزامها للولاة والحكام، كما هو الحال في المعارضة التي يريدها البعض فردية حتى لا تكون فاعلة في مواجهة الطغاة والمستبدين انما هي في واقع الأمر موافقة على رؤية نفر من الناس جعلوا فكرهم مكرسا شاءوا أو لم يشاؤوا لخدمة نظم الاستبداد.
  6. إن من أهم مقاصد الشريعة العدل وهو أمر لا بد أن يدركه الناس بان ذلك العدل لن يتحقق بدون أن يتاح للمواطنين فرص الانتظام والتنظيم في جماعات وأحزاب سياسية تسعى عبر الطرق المتميزة إلى تحقيق هذا العدل المنشود.

العلاقات الدولية بين عقد التحالفات وإدارة الحروب والأزمات ودور القيم والأخلاق:

يقصد بالتحالفات عند بعض القانونيين: “الاتفاق المبرم الذي يهدف إلى اتباع سياسة موحدة، سواء في المجالات كافة، أو فيما يتصل بموضوعات مُحددة.[34]

والتحالف السياسي ليس وليد هذا العصر، بل هو قديم جداً، ومنه ما كان لتحقيق الخير والحفاظ على القيم الإنسانية، ومنه ما كان شراً تسلب من خلاله الحقوق الإنسانية، وتضيع عبره القيم والأخلاق التي يتفق عليها جميع الناس. وعادة ما تنشأ التحالفات لوجود مصالح مشتركة بين مجموعة من الأطراف والتي تتصادم مع طرف آخر   كما يتقوى بها أحد الأطراف ممن يتسم بالضعف، بالإضافة إلى وجود حالة من الصراع، التي تستدعي تحالف القوى مع بعضها البعض، ومن أسباب التحالفات في وقتنا الحالي، زيادة نفوذ الدولة القوية ومكانتها وقد يكون التحالف شكلياً في بعض الأحيان، بحيث يكون أشبه بالاحتلال، فتقوم الدولة القوية بالاستيلاء على كل مقدرات الدولة الأخرى ومدخراتها، مقابل أن تحافظ على بقاء السلطة التي لا تتوانى عن خدمتها بأي أمر تريده.

وترتكز العلاقات الدولية الإسلامية مع الدول الأخرى على قيم أخلاقية سامية تتمثل فيما يلي:

  1. العدل: من الطبيعي أن نتوقع أن المجتمع الذي يحترم حقوق المسلمين سوف يثاب المسلمون، وهذا أحد الأسس العقلانية ومبادئ العدالة التي رعاها الإسلام وأقرها في تشريعاته ويجب على المسلمين احترامها ويحترمهم غير المسلمين. وسيكون هناك اتفاق مع غير المسلمين. وحتى لو عصوا المسلمين فإن رد المسلمين يجب أن يكون واحدا: قال الله جل وعلا (فإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عذبتم).[35] ، فلا تعتدوا، وقال تعالى: (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين).[36] ولذلك من المهم مراعاة القيم الاجتماعية مثل احترام النسب والمال والشرف وغيرها عند هؤلاء الأشخاص. ولكن قد يحدث أحياناً أن تهدر دماء بعض الناس داخل المجتمع الإسلامي نفسه، وربما يجب قتل مجرم، وقد يهدر عرض شخص آخر أو ماله. ولكن الأهم من ذلك أن أساس كل ذلك هو بناء علاقات مبنية على العدل والاحترام المتبادل داخل المجتمع. [37]
  2. الإحسان: فكما أنّ المُجتمع الإسلامي محكوم في داخله لبعض القيم الأخلاقية التي توجب على بعضهم أن يحسنوا إلى المساكين والفقراء والمحرومين، كذلك تطرح القيم نفسها بحدود معينة مع المجتمعات الأخرى. فان المجتمعات التي تحترم حقوق المسلمين وترتبط معهم بمعاهدات معينة تكون هي كذلك موضع احترام المسلمين ومحل عطفهم فمن المناسب جدّاً أن يجد هؤلاء المسلمين إلى جانبهم في حالة تعرّضهم إلى الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية كالزلازل، والمجاعات وغيرها والأصل تجري مراعاته ضمن قاعدة (الأولوية) أي تقديم حاجة المجتمع الإسلامي على غيره وتقديم المساعدات في حالة عدم التزاحم إلى المُحتاجين من المسلمين ومن الكفار غير المُحاربين

اما العلاقة مع غير المسلمين المحاربين: فان المهم هنا هو علاقة المسلمين مع غير المسلمين المحاربين ففي الوقت الذي لا يجد المرء أية صعوبة في تسويغ موقف الإسلام من غير المسلمين المحاربين الذين ينتهكون حقوق المسلمين، ويشنون الحرب عليهم، سواء من ناحية الرأي العام أو من ناحية القيم الأخلاقية الحاكمة في المُجتمعات المختلفة، نجد صعوبة كبيرة في تسويغ ما يسمى بالجهاد الابتدائي في الإسلام، فذلك أمر غير مقبول في العُرف السائد حالياً، وقد أدى هذا الأمر بالكثير من علماء المسلمين في هذا العصر إلى توجيه حروب المسلمين في صدر الإسلام جميعاً وجهة دفاعية ليسهل تبريرها. الا ان الحقيقة غير ذلك، وإنّ الأساس في هذا التفاوت، هو فلسفة القيم من وجهة نظر الإسلام ووجهة نظر الآخرين.

عندما يسمح الإسلام للمسلمين بقتال الآخرين فإنه يفتح الباب أمام أخلاق معينة: [38]

  1. ان هذه الحرب ليست مشروعة لاستعمار الآخرين واستغلالهم، بل هي مشروعة لهداية الناس وتثقيفهم وتمهيد طريقهم. إلى الكمال. وبناءً على هذا الهدف، تم تحديد طريقة معاملة المسلمين للمحاربين في مراحلهم المختلفة. ولا بد قبل الحرب من إعلامهم بدعوة الإسلام، ولا يستطيع أحد أن يتصدى لهم إلا إذا وصلت الدعوة إلى آذانهم. وفي رواية متداولة بين الشيعة والسنة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال للإمام على رضي الله عنه وهو في طريقه إلى الزحف: ” لئن يهدي الله بيدك فهو خير له”. لك من هدى الشمس ” تشرق وتغرب.”
  2. عندما تلتقي هاتان الطائفتان يدعو الإسلام إلى قيمة أخلاقية دقيقة، منها على سبيل المثال: احترام المقدسات، سواء كانت هذه المقدسات أشياء احترام غير المسلمين أو غير المُسلمين والمُسلمين، مثل احترام مكة والمسجد الحرام، لأن غير المُسلمين لديهم أيضاً بعض هذا الاحترام للمسلمين إلى حد ما ثم إن الإسلام يحرم الحرب في أوقات معينة، لذلك هناك لا حروب في الأشهر الحرم وأماكن مُحددة.

ولا يحق لأحد أن يعتدي على كبار السن أو الأطفال أو أي شخص محايد لا يشارك في الحرب. كان النبي (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) إذا بعَث جيشًا من المسلمينَ إلى المشركينَ قال:” انطلِقوا باسمِ اللهِ –فذكَرَ الحديثَ وفيه: ولا تَقْتُلُوا وَلِيدًا طِفلًا ولا امرأةً ولا شيخًا كبيراً، ولا تُغَوِّرُنَّ عيْناً، ولا تَعْقُرُنَّ شجرًة إلا شجراً يمنعُكم قِتالاً أو يحجزَ بيْنَكم وبيْنَ المُشركينَ، ولا تُمثِّلوا بآدميٍّ ولا بَهيمةٍ، ولا تَغدِروا، ولا تَغُلُّوا”.[39]

والمبادئ التي يجب احترامها في الحروب وغيرها فالإسلام يراعيها، حتى مع أعدائه الأكثر تصميما، ولن يتم التسامح مع تطبيقها إلا إذا انتهكها العدو بشكل فعلي. والإسلام يريد للحرب أن تكون حرباً شجاعة شريفة واضحة لا يمكن أن تخدع العدو أو تفاجئه، لأنه لا حرب حتى تعلن الحرب، وإذا وقعت الحرب فلا مجال للإبادة أو الحرق، أو حتى الحرق لبيوت العدو ومزارعه، فهو يوفر الطعام والمال ما لم يتخذ العدو هذا النهج. وكانت الحروب تُحسم في ساحة المعركة وبالأسلحة المعروفة في ذلك الوقت. وبعد الحرب جاء دور الأسرى ووضع الإسلام مبادئ لمعاملة الأسرى. والحرب ليست هدف الإسلام، ولا حتى الحرب الدفاعية، مثل الحرب ضد الظالمين تقتصر على رفع الظلم ورد العدوان على النظام وفرض الأمن الإسلامي. [40]

التحول السياسي من نظام مجتمع المدينة إلى نظام الخلافة وأسباب عدم استمرار النموذج الرسولي المثالي والعودة إلى النموذج الامبراطوري الواقعي:

تُشير مسألة الحكم في الحضارة الإسلامية إلى مفهوم الخلافة كمكون أساسي من مكونات التراث السياسي الإسلامي. فالخلافة، كنظام سياسي ذي مرجعية دينية هي محور التمثيل السياسي الإسلامي، وكتجربة تاريخية نموذجا يعيد إنتاجه من خلال رموز لا تكشف عن مصالح الأطراف المتصارعة إلا بشكل غير مباشر، لا تزال الخلافة موجودة كمكون أساسي من مكونات الثقافة السياسية الإسلامية. ولرصد الخلافة كمنظومة قيمية وكتجربة، لا بد من العودة إلى المراحل التأسيسية للدولة الإسلامية برموزها والصراعات التي أنتجها التاريخ الإسلامي لرصد جدلية السياسة والدين في الحضارة الإسلامية. غير أن هذه المحاولة تواجه عدداً من لقيود. التي يواجه جميع الباحثين في موضوع الخلافة من منظور تاريخي، وهذه القيود لا يمكن اتجاوزها، ولكن على الأقل يجب أن نسعى جاهدين إلى إدماج هذه الظاهرة في التأريخ التأويلي الذي يسعى إلى إعادة بناء الماضي ودراسته.[41]

والخلافة هي الرئاسة النظرية للدولة الإسلامية أي نيابة النبي صلى الله عليه وسلم حكم الدولة والإشراف على الدين، أو هي الرئاسة العامة على الدين والدنيا نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي السلطة العليا المنوط بها إدارة الحضارة الإسلامية نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي المكلفة بإدارة حياة المسلمين في الدنيا ونشاطهم في نجاتهم في الآخرة. [42]وَالاِسْتِخْلاَفُ فِي اللُّغَةِ: الاِسْتِخْلاَفُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَهُو َنَقْلا لأَمْر ِمِنْ خَلِيفَةٍ إِلَى خَلِيفَةٍ، وَالاِسْتِخْلاَفُ بِوَزْنِ اسْتِخْلاَفٍ: نَقْل الشَّيْءِ مِنْ شَخْصٍ إِلَى آخَرَ. أما الدلالة اللغوية بالمعنى الاصطلاحي فهيما كان مطلوباً لاستخلاف النبي بعد وفاته، أي: انتهاء النبوة واستمرارها بالقرآن فقط. فالمطلوب كان استمرار نهج محمد في قيادة الحضارة الإسلامية، ولهذا استخدم مصطلح الخليفة بدلًا من ألقاب أخرى كالملك أو الإمبراطور، كما كانت معروفة عند العرب آنذاك. وهكذا، لم يكن الاختيار اعتباطًا بل كان تعبيراً عن المهمة التي كان يحملها.[43] وقد استعمل القرآن المصطلح بصيغتي المفرد والجمع، المفرد بمعنى الوراثة وفيه دلالة على ممارسة السلطة، والجمع بمعنى المسكن والعمارة ، [44] وقد سعى بعض الباحثين إلى تفسير موحّد للفظة بالاستخلاف، واعتبر أن الآيات الاثنتين والعشرين التي ورد فيها ذكر الخليفة بصيغة الجمع والآيتين بصيغة المفرد، تتعلق أساساً بالتاريخ، بالاستخلاف والاستبدال أو التعويض وأحياناً ًبالتموضع أي ” البقاء” خلف شيء أو شخص ما تعتبر متضمنة للفكرة  فإن القرآن الكريم لا يستخدم الخلافة كمؤسسة سياسية فقط، بل ينطوي على دلالات متعددة.[45]

ان تجربة الحضارة الإسلامية: ثنائية خطاب العناية الإلهية وخطاب ملكية العلاقات الإنسانية المنتجة لظاهرتي السلطة والدولة من لها لسيادة في الإسلام، الله أم الدولة؟ ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُول َوَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُم ْفَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء ٍفَرُدُّوهُ إِلَى اللّه ِوَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). [46]هذه الآية توحي بأن الطاعة هي في الأساس لله وللنبي (صل الله عليه وسلم) وولاة الأمر في الدولة الإسلامية. ويمكن أن يقال إن هذا الأمر يوحي بأن طاعة ما يأمر الله به واجبة، بمعنى أن الله تعالى هو صاحب السيادة في الدولة الإسلامية، وبالتالي فإن إرادته هي المصدر الحقيقي للسيادة. ووفقًا للرواية القرآنية، فإن الله فرض سلطانه من خلال الأنبياء، ولكن اختيار محمد خاتم الأنبياء يوحي بإمكانية إسناد ممارسة السيادة إلى غير الأنبياء. [47]وفي هذا السياق يقول الله عز وجل:(وَاللَّه ُيُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ). [48] ويقول أيضاً (قُلِ اللَّهُمَ ّمَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاء ُوَتَنزِعُ المُلْكَ ممَّنَ تشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). [49]

وشهد مُصطلح الخليفة تحولا من خلافة النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى إمارة المؤمنين ثم إلى خلافة الله في الأرض. وهذا لا يمكن أن يحجب الجذور الأشعرية للاستعمال الأخير (الخلافة الإلهية)، رغم وجود نصوص دينية يمكن أن تبرر كل الاستعمالات وعلى وجه الخصوص إذا تذكرنا أن الدولة الإسلامية هي نتيجة اندماج إن لم يكن تراكب التنظيم الهرمي الآشوري والتراث العربي في إطار الدعوة الإسلامية واعتماد عناصر بنية واحدة وهي (الفارسية) دون أن تطغى على البنية التي اقتبس منها الهيكل كله غير ممكن. [50] وهذا الأمر مرتبط تاريخياً بالدولة العباسية ويعكس تحالف الحضارتين الفارسية والعربية في الإطار الإسلامي وهذا ما أدى إلى رفض فكرة أن الدولة أصبحت تاريخية بسبب الإسلام، لكنه قرأن الإسلام كعقيدة لم يُغير شيئا ًفي الدول الثيوقراطية في آسيا، وأن الاسلام يهدف إلى أن تكون لله الكلمة العليا في الدولة والمُجتمع ومع اعترافه بأن ذلك لم يتحقق في معظم فترات التاريخ الإسلامي، إلا أنه يؤكد أن ذلك لم يتحقق في معظم فترات التاريخ الإسلامي.[51]

ومن الواضح أن الدولة الإسلامية اعتمدت الشورى في انتخاب رئيس الدولة ابتداءً بأبي بكر وانتهاء ًبعلي، ولكن الأمر تغير من زمن معاوية وأصبح نظام التوريث في الخلافة. وقد خلف معاوية ابنه يزيد في الحكم واستمر الحال على هذا المنوال. ومما لا شك فيه أن اغتيال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان كارثة على الدولة الإسلامية، وهدد وجودها وقطع السلسلة العظيمة التي بدأ عمر بن الخطاب في تأسيسه لهذه الأمة. وقد تعرضت الدولة الإسلامية بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى نوعين من المؤامرات، أدت إلى التحول في نموذج الحكم خارجية وداخلية، مما أدى إلى تغيير الأمة من الشورى إلى الوراثة، وقد كان ذلك في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. توبه[52]

ومما لا شك فيه أن الصحابة عندما أقروا معاوية على توريث يزيد، كان ذلك لأنهم يدركون أن هذا في مصلحة استقرار الدولة، وأن البديل سيكون تهديد وجود الدولة الإسلامية، وزعزعة استقرارها، بل إمكانية اقتلاعها ثم اقتلاع الإسلام. ليس من شك أن الصحابة اتخذوا هذا الموقف نتيجة وعي متقدم في الحرص على الدولة الإسلامية.

ومن هنا عندما تحولت الدولة الإسلامية من نظام “الشورى” إلى نظام “الوراثة” كان ذلك نتيجة وعي عميق من الصحابة بأنها خطوة ضرورية لأجل المحافظة على وجود الدولة الإسلامية، وبقاء الإسلام ذاته في سدة التطبيق، وإلا سيكون البديل هو “اقتلاع الدولة” و”اقتلاع الإسلام”.

وحتى عندما تأسست الدولة الإسلامية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلافة الراشدة لم يكن مستوى النظم السياسية في العالم قد بلغ مستوى الدولة بالمفهوم الحالي حيث كان النظام الإمبراطوري هو السائد، ولم تكن أسس التنظيم السياسي عند العرب آنذاك قد ترسخت. وقد أشار العديد من العلماء والمفكرين إلى هذا القصور، وكانت السياسة عند العرب نتيجة تجريبية للتعامل مع الدول والحروب. وأن هشاشة التقاليد السياسية والنظم المؤسسية عند العرب قبل الإسلام كان لها أثر سلبي للغاية في طريقة تلقي القيم السياسية الإسلامية. واتسمت التجربة السياسية الإسلامية على الرغم من عظمتها الأخلاقية والهشاشة المؤسسية، وكان شيوع الاستبداد السياسي من قبل الإمبراطوريات المحيطة بالجزيرة العربية في العالم أجمع عاملاً ضاغطاً على القيم السياسية الإسلامية بشقيها الأخلاقي والبنيوي

ولا غرابة في تأثر الدول الإسلامية الناشئة بمحيطها وخروجها من هيمنة القيم الإمبراطورية بمؤسساتها السياسية وطبيعتها القهرية، خاصة في المجتمعات التي لم تكن التقاليد السياسية قد ترسخت فيها بعد التوسع في الفتح، وكان هذا الانحراف في القيم السياسية الإسلامية، أو بمعنى أدق الانحراف في تطبيقها كان بداية تحول النظام السياسي الإسلامي من الطابع التعاقدي الشورى إلى الطابع القهري الاستبدادي. [53]

الخلاصة:

استخدم مصطلح الخليفة بدلًا من ألقاب أخرى مثل الملك أو الإمبراطور، كما كانت معروفة عند العرب في ذلك الوقت. وبالتالي، لم تكنت سمية الخليفة اعتباطية، بل كان تعبيراً عن المهمة التي كان يحاول القيام بها .وقد استعمل القرآن الكريم الكلمة بصيغتي المفرد والجمع، فاستعمل المفرد للدلالة على الخلافة وممارسة السلطة، واستعمل الجمع للدلالة على الإقامة والعمارة.وقد سعى بعض الباحثين إلى تفسير موحد للكلمة، ويرون أن الآيات الاثنتين والعشرين التي ورد فيها ذكر الخليفة بصيغة الجمع والآيتين بصيغة المفرد تتعلق أساساً بالتاريخ والخلافة والاستخلاف والاستبدال ، وتدل أحياناً على التمركز، أي “الاستخلاف”وراء شيء أو شخص ما.والقرآن الكريم لا يستخدم الخلافة كمؤسسة سياسية فحسب، بل لها دلالات متعددة، فالقرآن الكريم لم يستخدم الخلافة كمؤسسة سياسية فقط.

وأن الخلافة التاريخية تعكس تحول الكلمة من دلالة إلى أخرى من خلافة الرسول (صلى الله عليه وسلم) التي يحيل لها لقب خليفة رسول الله وأمير المؤمنين إلى خلافة الله في الأرض (ظل الله في الأرض) وفي كل مرة يتم تجنيد النص الديني لشرعنه هذه الاستعمالات، إن عبر تأويل النص القرآني أو اختلاق الأحاديث، في سياق التحولات السوسيو-تاريخية والاقتصادية والسياسية التي عرفتها الحضارة الإسلامية، وانفتاحها منذ البداية على الحضارات التي دخلت في حظرتها. مما انعكس على تمثل هذه الحضارة لإشكالية الحكم (إشكالية الخلافة)، التي لم تكن ثمرة التطبيق العملي والتاريخي لمفهوم محدد في عقيدة جامدة تفرض مضمون معين للنظام السياسي يتداخل فيه السياسي والديني. وكمفهوم فأهميتها ترجع إلى كونها توجد في مركز التصور الإسلامي للسياسي كنواة صلبة تحيل إليها جميع المفاهيم التي أنتجت هذه الحضارة. كما تكمن أهميتها في علاقتها بالدولة الإسلامية التاريخية ونظم الحكم التاريخية، المرتبطة بالرهانات السياسية للصراع حول المفهوم، التي لا يمكن التطرق إليها مع إغفال أشكال الصراع العقائدي بين السنة والشيعة.

 


الإحالات:

[1]  الطباخ، يس محمد (2020) النظام السياسي في الإسلام، دراسة تاريخية، مجلة الشريعة والقانون، العدد (35) الجزء الثالث، ص: 749.

 [2] بوترعه، محمود (2009) أسس النظام السياسي للدولة النبوية من خلال صحيفة المدينة، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد 20، ص: 54.

[3] نكتل مُحسن يوسف (2022) النبي ومعالجته السياسية في المدينة المنورة، بحث منشور على موقع الالوكة الشرعي، على الرابط: https://www.alukah.net/sharia ، تاريخ النشر :2-1-2022، الدخول 19-4-2024.

[4] أمين، شرف الدين (2017) النشأة التعاقدية لدولة الرسول وتأسيس الوحدة الوطنية ، بحث منشور على موقع مؤمنون بلا حدود ، على الرابط : https://www.mominoun.com/articles، تاريخ النشر :18-5-2017 ، الدخول ك 18-4-2024.

[5] الصلابي، على (2018) المنهج النبوي في بناء القيم في العهد المكي، بحث منشور على الرابط: بتاريخ  https://www.aljazeera.net/blogs/2018/1/23 ، الدخول 21-4-2024.

[6] مركز قطر للتعريف بالإسلام (2010) التعريف بالإسلام، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية – بقطر، ص:217.

[7]  البوطي، سعيد (2008) فقه السيرة النبوية دار السلام، ص: 152.

[8] سورة الإسراء، الآية :9.

[9]  بن خيش، حميد (2016) البناء القيمي في السيرة النبوية، بحث منشور على الرابط: بتاريخ 6/3/2016https://ar.islamway.net/article/578379، الدخول 21-4-2024.

[10]

 سورة النساء، الآية: 135. [11]

[12]  ابن هشام: لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله، ت: عمر عبد السلام السلامي، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية (2000) دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان.

[13] أخرجه أحمد في المسند (30) من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه وصححه الألباني في صحيح الجامع (1973).

[14] فقه السيرة  النبوية ، مرجع سابق ص: 77.

[15]  سورة آل عمران، الآية: 104.

[16] المنمق في أخبار قريش (1989) محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي، تحقق: خورشيد أحمد فاروق دار عالم الكتب، بيروت الطبعة: الأولى، ،ص:158.

[17]   ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع الهاشمي، الطبقات الكبرى (1990) دراسة وتحقيق: محمد عبد القادر، دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، ج1، بيروت، لبنان، ص:50.

 [18]  الكرمي حافظ أحمد (2007) الادارة في عصر الرسول عليه السلام، الطبعة الثانية، دار السلام، القاهرة، مصر، ص: 93.

[19]  مستوري، محمد (2019) مظاهر التنظيم الاداري الحديث في العصر النبوي مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، العدد الأول، المجلد الثامن عشر، ص:163-164.

[20] ابن هشام، ا (1990) لسيرة النبوية، (4)، تحقيق: عمر عبد السالم تدمري، الطبعة الثالثة، دار الكتاب العربي، بيروت لبنان، ص:139)

[21]  لحلو، بخاري (2019) السياسة الاقتصادية للمدينة لمنورة في العهد النبوي، مجلة دراسات اسلامية، المجلد 14 ،العدد (2)، ص:89.

[22] لحلو، بخاري، مرجع سابق، ص: 90.

[23]  الكرمي حافظ عجاج (2007)، الإدارة في عصر الرسول: دراسة تاريخية للنظم 12 الإدارية في الدولة الاسلامية الأولى، دار السلام للنشر والطباعة والتوزيع والترجمة، القاهرة، مصر، ص:168.

[24] أنس ،محمد، الصناعة في التاريخ الإسلامي، بحث منشور على الرابط: بتاريخ 5/11/2011، https://islamstory.com/ar/artical/20481 الدخول: 20-4-2024.

[25] سورة الحديد، الآية :25.

[26] محسن، نكتل يوسف (2022) النبي ومعالجته السياسية في المدينة المنورة، بحث منشور على موقع الألوكة بتاريخ 2/1/2022، https://www.alukah.net/sharia  ، الدخول 22/4/2024.

[27]  محسن، نكتل يوسف (2022) مرجع سابق.

[28]  بوقور إسماعيل، ويوسف زدام (2021) إدارة التنوع الثقافي وتجلياتها في السياسة العامة، مجلة افاق للبحوث والدراسات المجلد (4) العدد (2)، ص:519-520.

[29] التلاوي، أحمد (2018) إدارة التنوُّع والاختلاف في القرآن الكريم والسلوك النبوي.. تأصيل شرعي ومفاهيمي، بحث منشور على الرابط بتاريخ 23/6/2028، https://basaer-online.com/، الدخول 22/4/2024.

[30] سورة هود، الاية:118.

[31] النجار، حسين فوزي (2015) الإسلام والسياسة بحث في أصول النظرية السياسية ونظام الحكم، مطبوعات الشعب، القاهرة، مصر

[32] عمارة، محمد (2021) الاسلام وحقوق الانسان ضرورات لا حقوق – عالم المعرفة، العدد (89)

[33] عمارة، محمد، مرجع سابق.

[34]  منصور مدوح مصطفى (1997) سياسات التحالف الدولي: دراسة في أصول نظرية التحالف الدولي ودور الاحلاف في توازن القوى واستقرار الانساق الدولية، مكتبة مدبولي، القاهرة، مصر، ص: 140.

[35]  سورة النحل الآية: 126.

[36] سورة البقرة الآية: 190.

[37] اليزدي، مصباح (2017) القيم الأخلاقية ودورها في العلاقات الدولية، بحث منشور على الرابط بتاريخ 23/7/2017 https://www.balagh.com/mosoa/article/، الدخول: 20-4-2024.

[38] اليزدي، مصباح، مرجع سابق .

[39] الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد (1995) المعجم الوسيط، تحقيق: أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد – أبو الفضل عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين – القاهرة الصفحة: .4/268 

[40] صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيره (1731)

[41] العروي، عبد الله (2006) العرب والفكر التاريخي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ص: 81.

[42]  غليون، برهان (1993) نقد السياسة – الدولة والدين، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، ص: 60.

[43]  غليون، برهان، مرجع سابق، ص: 60

[44] Agatino Rizzo, Attilio Petrucciani (2022) Khalifa versus Prometheus: Green ethics and the struggle for contemporary sustainable urbanism, DOI: 10.1111/dome.12291.

[45] محمد، كلوفريي (2020) إشكالية الخلافة وثقافة الحكم في الإسلام، مجلة المنارة ن بحث منشور على الرابط بتاريخ 8-4-2020: https://revuealmanara.com، الدخول :23-4-2024.

[46] سورة النساء، آلائه: 59.

[47]  العروي، مرجع سابق، ص: 103.

[48]  سورة البقرة، الآية :248.

[49] سورة آل عمران، الآية: 26.

[50] العروي، مرجع سابق، ص: 29.

[51] العروي، مرجع سابق، ص:121.

[52] التوبة، غازي (2017) لماذا تحولت الخلافة من “الشورى” إلى “الوراثة”؟، بحث منشور على الرابط: بتاريخ  https://www.aljazeera.net/blogs/2017/10/4 ، الدخول 23/4/2024.

[53]  العرادي، عبد الرزاق (2019) طور مفهوم الدولة.. من الخلافة إلى الدولة الوطنية الحديثة (1/4)، بحث منشور على الرابط بتاريخ :2/9/2019 https://www.eanlibya.com  ، الدخول :23/4/2024.

المراجع العربية:

أنس محمد، الصناعة في التاريخ الإسلامي، بحث منشور على الرابط: بتاريخ 5/11/2011، https://islamstory.com/ar/artical/20481 الدخول: 20-4-2024.

ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع الهاشمي، الطبقات الكبرى (1990) دراسة وتحقيق: محمد عبد القادر، دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، ج1، بيروت، لبنان، ص:50.

ابن هشام: لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله، ت: عمر عبد السلام السلامي، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية (2000) دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان.

ابن هشام، (1990) لسيرة النبوية، تحقيق: عمر عبد السالم تدمري، الطبعة الثالثة، دار الكتاب العربي، بيروت لبنان، (4، ص:139)

أمين، شرف الدين (2017) النشأة التعاقدية لدولة الرسول وتأسيس الوحدة الوطنية، بحث منشور على موقع مؤمنون بلا حدود ، على الرابط : https://www.mominoun.com/articles، تاريخ النشر :18-5-2017 ، الدخول ك 18-4-2024.

بن خيش، حميد (2016) البناء القيمي في السيرة النبوية، بحث منشور على الرابط: بتاريخ 6/3/2016https://ar.islamway.net/article/578379، الدخول 21-4-2024.

بوترعه، محمود (2009) أسس النظام السياسي للدولة النبوية من خلال صحيفة المدينة، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد 20، ص: 54.

البوطي، سعيد (2008) فقه السيرة النبوية دار السلام، ص: 152.

بوقور إسماعيل، ويوسف زدام (2021) إدارة التنوع الثقافي وتجلياتها في السياسة العامة، مجلة افاق للبحوث والدراسات المجلد (4) العدد (2)، ص:519-520.

التلاوي، أحمد (2018) إدارة التنوُّع والاختلاف في القرآن الكريم والسلوك النبوي.. تأصيل شرعي ومفاهيمي، بحث منشور على الرابط بتاريخ 23/6/2028، https://basaer-online.com/، الدخول 22/4/2024.

التوبة، غازي (2017) لماذا تحولت الخلافة من “الشورى” إلى “الوراثة”؟، بحث منشور على الرابط: بتاريخ https://www.aljazeera.net/blogs/2017/10/4 ، الدخول 23/4/2024.

صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيره (1731)

الصلابي، على (2018) المنهج النبوي في بناء القيم في العهد المكي، بحث منشور على الرابط: بتاريخ https://www.aljazeera.net/blogs/2018/1/23 ، الدخول 21-4-2024.

الطباخ، يس محمد (2020) النظام السياسي في الإسلام، دراسة تاريخية، مجلة الشريعة والقانون، العدد (35) الجزء الثالث، ص: 749.

الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد (1995) المعجم الوسيط، تحقيق: أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد – أبو الفضل عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين – القاهرة الصفحة: .4/268

العرادي، عبد الرزاق (2019) طور مفهوم الدولة.. من الخلافة إلى الدولة الوطنية الحديثة (1/4)، بحث منشور على الرابط بتاريخ :2/9/2019 https://www.eanlibya.com  ، الدخول :23/4/2024.

العروي، عبد الله (2006) العرب والفكر التاريخي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ص: 81.

عمارة، محمد (2021) الاسلام وحقوق الانسان ضرورات لا حقوق – عالم المعرفة، العدد (89)

غليون، برهان (1993) نقد السياسة – الدولة والدين، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، ص: 60.

الكرمي حافظ أحمد (2007) الادارة في عصر الرسول عليه السلام، الطبعة الثانية، دار السلام، القاهرة، مصر، ص: .93

الكرمي حافظ عجاج (2007)، الإدارة في عصر الرسول: دراسة تاريخية للنظم 12 الإدارية في الدولة الاسلامية الأولى، دار السلام للنشر والطباعة والتوزيع والترجمة، القاهرة، مصر، ص:168.

لحلو، بخاري (2019) السياسة الاقتصادية للمدينة لمنورة في العهد النبوي، مجلة دراسات اسلامية، المجلد 14 العدد (2)، ص:89.

محسن، نكتل يوسف (2022) النبي ومعالجته السياسية في المدينة المنورة، بحث منشور على موقع الألوكة بتاريخ 2/1/2022، https://www.alukah.net/sharia  ، الدخول 22/4/2024.

محمد، كلوفريي (2020) إشكالية الخلافة وثقافة الحكم في الإسلام، مجلة المنارة ن بحث منشور على الرابط بتاريخ 8-4-2020: https://revuealmanara.com، الدخول :23-4-2024.

مركز قطر للتعريف بالإسلام (2010) التعريف بالإسلام، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية – بقطر، ص:217.

مستوري، محمد (2019) مظاهر التنظيم الاداري الحديث في العصر النبوي مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، العدد الأول، المجلد الثامن عشر، ص:163-164.

منصور مدوح مصطفى (1997) سياسات التحالف الدولي: دراسة في أصول نظرية التحالف الدولي ودور الاحلاف في توازن القوى واستقرار الانساق الدولية، مكتبة مدبولي، القاهرة، مصر، ص: 140.

المنمق في أخبار قريش (1989) محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي، تحقق: خورشيد أحمد فاروق دار عالم الكتب، بيروت الطبعة: الأولى، ص:158.

النجار، حسين فوزي (2015) الإسلام والسياسة بحث في أصول النظرية السياسية ونظام الحكم، مطبوعات الشعب، القاهرة، مصر

نكتل مُحسن يوسف (2022) النبي ومعالجته السياسية في المدينة المنورة، بحث منشور على موقع الالوكة الشرعي، على الرابط: https://www.alukah.net/sharia، تاريخ النشر :2-1-2022، الدخول 19-4-2024.

اليزدي، مصباح (2017) القيم الأخلاقية ودورها في العلاقات الدولية، بحث منشور على الرابط بتاريخ 23/7/2017 https://www.balagh.com/mosoa/article/، الدخول: 20-4-2024.

المراجع الأجنبية:

  Agatino Rizzo, Attilio Petrucciani (2022) Khalifa versus Prometheus: Green ethics and the struggle for contemporary sustainable urbanism, DOI: 10.1111/dome.12291

 

 

البحث في Google:





عن د.فارس محمد العمارات

مُتخصص في الدرسات الأمنية والاجتماعية، مُحاضر ومدرب غير متفرغ له عدة مؤلفات، ودراسات منشورة وغير منشورة. شارك في العديد من المؤتمرات الخارجية والداخلية - الأردن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *