تحدثت في المقالة السابقة حول تقنية الواقع المعزز في التعليم، وكيف يمكنها دعم البيئة التعليمية بالتقنية (في حال الحاجة الماسة إليها)، بغرض تسهيل الحصول على المعلومة وفهمها وتحليلها، خاصةً المعلومات المجردة والرموز، ولكن قبل استخدامها وتطبيقها في البيئة التعليمية يجب أولاً معرفة الأسس النظرية التي تقوم عليها هذه التقنية.
تتماشى عمليات التعليم ببيئات التعلم القائمة على تقنية الواقع المعزز مع مبادئ التعلم البنائي والتعلم الموقفي. وتعد النظرية البنائية هي النظرية الرئيسية للتعلم في الوقت الحالي (ويجب أن تكون)، فهي الأكثر مناسبة واستخداماً في التعلم الإلكتروني. فالتصميم البنائي هو مفتاح نجاح المقررات للجيل القادم من المتعلمين. فدور المتعلم هنا هو أنه يسيطر على التعلم ويبني معرفته الخاصة حتى ينتج المعرفة من خلال نشاطه داخل البيئة التعليمية، ويمكن حدوث ذلك من خلال عمليات التفاعل النشط مع مصادر التعلم الحقيقي والافتراضي، والاندماج في بيئة التعلم الحقيقي المعزز بالكائنات الافتراضية، ودور المعلم هنا هو مساعدة المتعلم من خلال تهيئته للبيئة التعليمية له وتوفير مصادر التعلم البشرية وغير البشرية اللازمة. فالمتعلم بحاجة إلى دعم ومساعدة تشجعه وتمكنه من القيام بالأنشطة العقلية وبناء تفسيراته الخاصة عن العالم الحقيقي، وهذا ما يمكن أن توفره تقنية الواقع المعزز.
بينما تفترض نظرية التعلم الموقفي أن التعلم الحقيقي يتم في سياق معين، وأن نوعية التعلم ما هي إلا نتيجة للتفاعلات بين الأشخاص والأماكن والأشياء والعمليات والثقافة المرتبطة بهذا السياق، وهذا يعني أن التعلم الحقيقي يتم من خلال تصميم مواقف سياقية ببيئة حقيقية تساعد المتعلم في بناء تعلمه وتكوين المعاني من خلال تفاعله مع الموقف، فالمهمات التعليمية ليست منعزلة عن سياق الحياة، ويمكن ذلك من خلال تقنية الواقع المعزز التي تقوم على الدمج بين السياق الحقيقي المادي والمعلومات أو مصادر التعلم الافتراضي، هدفها تعزيز ودعم عملية التفاعلات التعليمية الحقيقية.
ولاستخدام الواقع المعزز بالطريقة المناسبة ومن أجل خلق خبرات تعليمية قائمة على إدراك السياق، فهناك طريقتين:
1- الواقع المعزز القائم على الموقع AR Location-Based:
تعتمد هذه الطريقة على الموقع أو التطبيقات التي لا تستعين بالعلامات مثل: الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية المزودة بنظام GPS التي تعرض الوسائط الرقمية على المتعلمين أثناء تواجدهم في البيئة الحقيقية، وهذه الطريقة لا تتطلب إضافة علامات إلى المشهد التعليمي الحقيقي، وإنما تحتاج لأنظمة تتبع واستشعار كالمتوفر في نظام GPS أو البوصلة أو أجهزة التعرف على الصور.
2- الواقع المعزز القائم على العلامات AR Marker-Based:
تعتمد هذه الطريقة على العلامات أو على الرؤية، حيث يتم عرض الوسائط الرقمية على المتعلم بعد أن يتم توجيه كاميرا الهاتف الذكي نحو كائن أو هدف محدد، والذي قد يكون على شكل كود الاستجابة السريعة QR Code أو هدف ثنائي الأبعاد. وحتى يتم استخدام تقنية الواقع المعزز بفاعلية وبطريقة صحيحة وبتكلفة منخفضة، يجب أن يتوفر هذا الكود على أحد الصفحات التي تدرس للمتعلم أو طباعتها على A3 أو A4 وإلصاقها على الحائط؛ فتعمل على تزويد المتعلمين بالمواد التعليمية الضرورية في الوقت الحقيقي من مصادر التعلم الرقمي من خلال الأجهزة المحمولة المتصلة بالإنترنت.
تطبيقات الواقع المعزز في التعليم
سأستعرض بعض من التطبيقات التي يمكن للمعلمين استخدامها بكل سهولة داخل الصف الدراسي، فهي تطبيقات مجانية والأكثر مناسبة لصناعة الواقع الافتراضي.
1- HP Reveal:
سابقاً كان يطلق عليها (Aurasma)، وفكرتها بسيطة جداً وهي أن تقوم بصناعة أي صورة ترغبها سواء جرافيكس أو ملف نصي، ثم يتم مسحها من خلال الهاتف الذكي أو أجهزة التابلت اللوحية (نظام IOS أو نظام Android) حتى تتخذ الإجراء او الفعل المطلوب، وقد يكون الإجراء: عرض فيلم أو عرض شرح إضافي حول معلومة ما أو فتح نافذة موقع إلكتروني، ويمكن من خلال هذه الطريقة إثراء الملصقات الورقية والصور ورموز الاستجابة السريعة QR Code وغيرها.
2- CoSpaces edu:
يقوم هذا التطبيق على إنشاء المحتوى من قبل المتعلمين، بحيث يستطيع المتعلمون إنشاء وبناء مجسماتهم ثلاثية الأبعاد وتحريكها بالرمز الخاص به، مما يعمل على استكشاف إبداعات المتعلمين، بالإضافة إلى أن هذا التطبيق يسمح للمتعلمين بعرض إبداعاتهم الافتراضية على أي سطح في العالم الحقيقي داخل الواقع المعزز، ويمكنك من حمل المجسمات بين يديك باستخدام MERGE Cube.
3- Wonderscope:
يقوم هذا التطبيق برواية القصة الرقمية من خلال الواقع المعزز، الذي يحول الأماكن العادية إلى قصص مباشرة تفاعلية، كما يمكن للمتعلمين تعلم كيفية التواصل اللغوي من خلال طرحهم لعدد من الأسئلة على شخصيات القصة التي تظهر أمامهم والاستماع إلى إجاباتهم.
4- Layar:
يمكنك من خلال هذا التطبيق تحسين ورقة العمل التقليدية الخاصة بك أو النشرات أو البطاقات البريدية أو أي عنصر آخر به محتوى تفاعلي، بحيث تشتمل على رسائل فيديو ومواقع إلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي وعروض الصور ومقاطع الموسيقى والكثير من الوسائط المتعددة التفاعلية.
5- Shapes 3D:
يستخدم هذا التطبيق في تعليم الرياضيات والهندسة، حيث يمكنك إنشاء الأشكال الهندسية (الأهرامات والمواد الصلبة …) بكل بساطة ثم استكشاف الأشكال الأكثر تعقيداً تدريجياً.
إيجابيات وسلبيات الواقع المعزز في التعليم
1- الإيجابيات:
1- يدعم التفاعل السلس بين البيئات الحقيقية والبيئات الافتراضية، وتسمح باستخدام واجهة ملموسة لمعالجة الكائن.
2- يخلق تجربة تعليمية مرتبطة بالفصل الدراسي الرسمي، بحيث يمكن للمتعلمين أن يتعلموا خارج الساعات التعليمية وخارج حدود المؤسسة التعليمية.
3- تقديم المعلمين بوسيلة لتعزيز فهم وتوضيح المعلومات المجردة والرموز للمتعلمين داخل الفصل الدراسي، من خلال زيادة الدعائم المادية مع الشروح والرسوم التوضيحية الافتراضية.
4- يتيح تصور العمليات التي من الصعب تجربتها على أرض الواقع، مثل: التفاعلات بين الأحماض الأمينية وعمليات بناء البروتين، والأماكن التي من الصعب الوصول إليها، مثل: تفاعل البراكين وثورانها، وتكون على صورة 2D أو 3D وتطلق على هذه العملية بالمحاكاة.
2- السلبيات:
- إن استخدام الواقع المعزز للحصول على المعلومات أمراً ليس سهلاً، حيث إن عملية إرسال الصورة والتعرف على النص ومن ثم الحصول على معنى النص يستغرق وقتاً طويلاً.
- اعتمادها بشكل كبير على الإنترنت، فبعدم وجود الإنترنت لا فائدة من التقنية.
- إتاحة الدعم الفني والصيانة بشكل مستمر تحسباً لأي أعطال أو مشكلات فنية.
- صعوبات الاستخدام، بحيث يجب تدريب المعلمين والمتعلمين على طريقة استخدامها وتوظيفها بالشكل الصحيح.
الفرق بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز
والفرق الأكبر والمهم بينهم على حسب رأيي هو أن الواقع الافتراضي يأخذ الكائن الحقيقي الواقعي (الإنسان) إلى عالم افتراضي أما الواقع المعزز يجلب الكائن الافتراضي (الأجسام الافتراضية) إلى عالم حقيقي واقعي.
المراجع:
أولاً: المراجع العربية
1. الدريويش (أحمد)، عبدالعليم (رجاء): “المستحدثات التكنولوجية والتجديد التربوي”، أحمد بن عبدالله الدريويش، دار الفكر العربي، 2017م.
2. حسن (هيثم): “تكنولوجيا العالم الافتراضي والواقع المعزز في التعليم”، الخمائل: المركز الأكاديمي العربي، 2018م
3. السلامي (زينب): “نمطا الدعم التعليمي باستخدام الواقع المعزز في بيئة تعلم مدمج وأثرها على تنمية التحصيل وبعض مهارات البرمجة والانخراط في التعلم لدى طلاب كلية التربية النوعية مرتفعي ومنخفضي الدافعية للإنجاز”، الجمعية المصرية لتكنولوجيا التعليم، مجلد (26) – عدد (1).
ثانياً: المراجع الأجنبية
4- Pantelidis, V..(): “Reasons to Use Virtual Reality in Education and Training Courses and a Model to Determine When to Use Virtual Reality”, Themes in science and technology education, 59-70.
5- Saidin. N., Abd Halim. N., & Yahaya. N,. (2015): “A Review of Research on Augmented Reality in Education: Advantages and Applications”, International Education Studies, Vol.8, No.13.