تعتبر عملية إصلاح التعليم قضية مهمة، وهي اللبنة الأولى لإصلاح المجتمع والحياة. ولعل الطالبة تستهل هذه المهمة الأدائية بقصة من التراث الأدبي عن إصلاح التعليم، حيث روت كتب الأدب ”أن صبياً تكلم عند المأمون فأحسن الجواب، فقال له المأمون: ابن من أنت يا غلام؟ قال: أنا ابن الأدب يا أمير المؤمنين، فقال المأمون : نعم النسب.”
تبدأ الطالبة بتوضيح الجودة الشاملة، وهي طريقة جديدة داخل المنظمة تبدأ بالمدخلات ثم العمليات ثم المخرجات، وهي ثقافة جديدة في العمل وفق معايير متفق عليها عالمياً للاستخدام الفعال للموارد البشرية والمادية لتلبية متطلبات احتياجات التنمية الشاملة وتحقيق أهداف المجتمع والمنظمة والأفراد.
حيث نتفق جميعنا أنها قد تعنى بمفهوم الكفاءة والفاعلية من حيث الاستخدام الأمثل لكافة الإمكانات البشرية والمادية بهدف الحصول على مخرجات نوعية لتحقيق القيمة المضافة.
أولا- مرحلة التقييم (إحدى مراحل الجودة)
وضع مدرسة ثانوية للبنات من حيث الإمكانات والمقومات التي تساعد على تحقيق الجودة:
الإيمان لدى مديرة المدرسة بالجودة وتوظيفها في الموارد البشرية والمادية يبدأ من تشكيل فريق للجودة ووجود طاقم الهيئة التعليمية والإدارية ذو كفاءة، يمتلكون الأدوات المتفوقة في كافة المعارف والمهارات والخبرات، ولابد أن تكون للمدرسة رؤية ورسالة وأهداف تؤمن بها مديرة المدرسة ومنسوباتها وطالباتها، وأن يتمتع الممارس التربوي في المدرسة بالاحترافية التقنية ومهارات التواصل والحوار وغيرها من مهارات القرن 21، وأن تكون المدرسة مؤمنة برؤية 2030 وتسعى لتحقيقها في ظل محاورها الثلاث مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
الإمكانيات البشرية:
حيث وجود الأطر ذات الشهادات العليا في المدرسة داعم أساسي، فهي قابلة للتطوير والتجديد وتمتلك أدوات التدريس الفعال وأساليب التقويم المميزة، كما أن إيجاد أنشطة طلابية فعالة وشراكة مجتمعية داعمة وبرامج تطوعية وإشراك أولياء أمور الطالبات في التخطيط والتحسين وإشراك الطالبات المتفوقات دراسياً يسهم في رفع مؤشر مستوى التحصيل الدراسي، وجميعها تمثل الإمكانات والمقومات لتحقيق الجودة.
وكذلك المشاركات الفعالة في المسابقات الدولية والمحلية والحصول على الأوسمة والمراكز المتقدمة، جميعها يؤدي إلى رفع جودة العمل المؤسسي في المدرسة، وكذلك وجود مديرة مدرسة تجيد مهارات القيادة الفعالة والراشدة، إضافة إلى التدريب المستمر والفعال للأطر العاملة، والذي له أثر في رفع جودة الأداء المؤسسي، وإشراك أولياء الأمور في صناعة القرار والعمل على حل المشكلات والصعوبات والمعوقات التي تواجه المدرسة. وأن تكون رؤية ورسالة وأهداف المدرسة واضحة وشفافة ويؤمن بها الجميع وأن تتنقل من مرحلة الورق إلى مرحلة التطبيق، أي ترجمتها على أرض الواقع، ووجود علاقات إنسانية داعمة ومحفزة ومشجعة للابتكار والتطوير، وكذا الاستخدام الأمثل للتقنية في تيسير وتطوير أساليب العمل والتعليم والتقويم بأقل وقت وجهد، من خلال الأنظمة الوزارية أو البرامج التقنية وكذلك نجاح المدرسة إعلاميا، من خلال نشر ثقافتها ورؤيتها ورسالتها وإنجازاتها ووجود مناهج ومقررات متطورة وسريعة مثل نظام المسارات للمرحلة الثانوية الذي كان مسبقاً نظام المقررات، وكذلك وجود ميزانية تشغيلية داعمة ووجود خطة تشغيلية واضحة البرامج مبنيه على تشخيص للواقع وتحليل التحديات والفرص والتهديدات و نقاط القوة والصعف، مع وجود تغذية راجعة باستمرار لعمل الإجراءات التصحيحية، لتصحيح المسار من خلال الرقابة والمحاسبة، يعقبه قياس الرضا الوظيفي للعاملين وجودة الخدمات المقدمة من قبل المدرسة.
إضافة إلى وجود العلاقات الإنسانية من روح التعاون والانضباط والنزاهة وجميع ما سبق يعول عليها تحقيق الجودة في المدرسة.
الإمكانيات المادية:
مرونة المبنى المدرسي وعدم وجود كثافة طلابية، والتوزان بين الطاقة الاستيعابية ومساحات الفصول الدراسية، ووجود مرافق توظف فيها الطالبة المواقف التعليمية التي تعلمتها داخل حجرة الصف، مثل معامل الحاسب والمختبرات ومراكز مصادر التعلم، ووجود مساحات للأنشطة الرياضية والإثرائية ومدى استفادة الطالبات من هذه المرافق.
إن جميع ما ذكر أعلاه يمثل الإمكانيات والمقومات التي تساعد على تحقيق الجودة.
الثقافة المؤسساتية اللازمة:
تمتعت المدرسة بثقافة مؤسساتية وترتب عليها تغيير الأساليب الإدارية السائدة واستبدالها بأساليب أخرى أكثر حداثة تتوافق مع المعايير والمتطلبات العالمية.
التدريب والتثقيف المستمر:
تتمتع المدرسة الحالية بوجود اتجاه عام للتدريب والتثقيف وتنمية قدرات ومهارات العاملين في المدرسة.
وجود فريق استشاري متخصص:
تمتلك المدرسة فريقا استشاريًا يعمل على وضع الخطط والاستراتيجيات وحل المشكلات التي تواجهها المدرسة.
التعاون بين فريق العمل في المدرسة:
- كونت المدرسة فريق عمل متماسك يتشارك في إنجاز المهمات التي يكلف بها.
- تقوم إدارة المدرسة بالمتابعة المستمرة لمستوى الإنجاز المحقق في المدرسة، وذلك بهدف تحديد الصعوبات والعمل على حلها.
- تمتلك المدرسة استراتيجية واضحة تقوم من خلالها بالتطبيق للمبادئ والأفكار المطروحة بهدف تحقيق الأهداف الموضوعة.
ثانيا- المشكلات التنظيمية والإدارية والبشرية والتقنية بالمدرسة
مشكلات تنظيمية
عدم إيمان مديرة المدرسة بالجودة، واعتبارها برنامجا مستقلا، وصعب تحقيقها، بدلاُ من اعتبارها جزءا لا يتجزأ من العمل، والنظر لها على أنها عملية تحايل ومضيعة للوقت. وكذلك ضعف الثقافة التنظيمية وعدم المشاركة من قبل الجميع والذين يرون أنها هدر للجهد.
وجود بيئة محبطة وسلبية، تشعر أن العمل يهدد راحتها، وكذلك ضعف التواصل الفعال والقرارات القائمة على الاعتبارات الشخصية والمتحيزة والفساد الإداري وغياب التفكير الإبداعي وعدم الرضا الوظيفي وانعدام الولاء والانتماء المؤسسي وغياب نظام الحوافز والتشجيع.
مشكلات إدارية
عدم وجود خطة واضحة وضعف أدوات التخطيط، وضعف المهارات القيادية لدى مديرة المدرسة وعدم وجود رؤية أو رسالة واضحة. وكذا ضعف الرقابة الذاتية وعدم وجود تغذية راجعة وغياب المحاسبة وضعف أدوات التقويم وقلة التحفيز والتشجيع والحرمان من التدريب وفرض برامج تدريبية محددة، إضافة إلى ضعف التمويل المالي.
مشكلات تقنية
مكان المدرسة له دور في ذلك، مثل القرى النائية وبعدها عن التطور العمراني وعدم وجود الإنترنت بها، والاعتماد على محلات الخدمات اللوجستية مثل الخدمات العامة في تنفيذ أي عمل تقني. وعدم وجود ميزانية تدعم شراء الأجهزة وإصلاح الأعطال.
مشكلات بشرية
مقاومة التغيير وعدم التطوير، وتغيير المديرات، لأن المديرة الجديدة تختلف رؤيتها عن المديرة السابقة. فيشكل ذلك مشكلة إدارية من حيث الإدارة ومن حيث المرؤوسين وتقبلهم لنمط المديرة الجديدة. وضعف العلاقات الإنسانية وضعف مشاركة أولياء الأمور في التخطيط والتقويم والتعليم والقصور في التدريب، ووجود العنصرية القبلية في بعض القرى.
وعلى الرغم من امتلاك المدرسة لمتطلبات تطبيق الجودة الشاملة التي سبق الإشارة إليها إلا أن المدرسة تعاني من ضعف التواصل بين إدارة المدرسة وفريق العمل، وهذا لا يعني انعدام التواصل، ذلك أن التواصل موجود بالفعل لكنه ليس على المستوى المطلوب.
ثالثا- سبل التغلب على المشكلات
ويمكن التغلب على تلك المشكلة من خلال وضع استراتيجية واضحة للتواصل بين الإدارة والعاملين في المدرسة، من خلال عقد اجتماعات دورية، ومن خلال إنشاء قنوات تواصل هاتفية أو عبر شبكة الإنترنت وذلك بهدف تعزيز التواصل الفعال (حسين وآخرون، 2014).
تبني نظام المكافأة والحوافز و التدريب والتطوير المستمر وفق الاحتياجات التدريبية، وتطبيق ما تم التدرب عليه، وتدريب مديرة المدرسة و فريقها على إعداد الخطة وتشخيص الواقع وتفعيل نظام الرقابة والمتابعة والتغذية الراجعة وتحسين جودة المباني والمرافق من خلال الاستثمار الأمثل للمباني المدرسية المتاحة، أو الترميم والصيانة، وعمل حلقات تنشيطية لتفعيل التواصل والتعاون بين الأطر العاملة. و إقامة الحفلات المدرسية للطالبات، وتشجيع العمل التطوعي ودعوة الأطر العاملة خارج المدرسة للتحفيز. وخلق أجواء التآلف والتناغم بعيداً عن أسوار المدرسة، لما له من أثر إيجابي في خلق علاقات إنسانية داخل المدرسة.
وكذلك وجود ميزانية داعمة من الممكن استثمارها في الصيانة والترميم والتحفيز وعمل ورش عمل عن الجودة، أو نشرة تعريفية عن الجودة والتقويم المستمر البناء من خلال جلسات التغذية الراجعة وتصحيح المسار.
رابعا- تطبيق عمليات إدارة الجودة الشاملة
يعتبر تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المدرسة المتوسطة من خلال نموذج جائزة بالدريج من نماذج الجودة الشاملة والتي أثبتت فعاليتها. و لنجاح نموذج بالدريج وتحقيقه أهدافه لا بد من توفر عدة متطلبات، وفيما يلي بيان ذلك.
المتطلبات اللازمة لتطبيق النموذج
بالنظر إلى نموذج بالدريج فإن هناك عدة متطلبات لنجاح هذا النموذج، وقد تم تطبيقها على مدرسة متوسطة، وهذه المتطلبات تشمل ثلاث فئات:
- الفئة الأولى: شملت هذه الفئة: القيادة والتخطيط الاستراتيجي والتركيز على الطلاب، وضمان تحسين سمعة المدرسة بين المؤسسات الأخرى، وفي هذه الفئة قامت إدارة المدرسة بدور كبير في التأصيل للنموذج وتحديد الأهداف ووضع الخطط الاستراتيجية.
- الفئة الثانية: شملت هذه الفئة: إدارة العمليات وإدارة تطوير الموارد البشرية، ونتائج الأعمال، وفي هذه المرحلة قامت إدارة الموارد البشرية بتحديد الأطر العامة التي سيتم السير عليها.
- الفئة الثالثة: وتشمل هذه الفئة المعلومات والتحاليل، والتي شكلت القاعدة لتطوير الأداء وتحسينه في المدرسة، وبعد تطبيق هذه المتطلبات بدأت الصورة العامة للنموذج تظهر في المدرسة (يسعد، 2014).
كيفية التعامل – مقاومة التغيير:
كان من الطبيعي أن يترك تطبيق نموذج بالدريج تأثيرًا على بعض العاملين في المؤسسة والذين وجدوا أن هذا النموذج لن يحقق الكثير للمدرسة، ومنطلق رفضهم للتغيير الحاصل هو الخوف من المجهول، والخوف من عدم تحقيق النموذج للأهداف المحددة (الحاج ونوري، 2019). وقد تعاملت إدارة المدرسة مع مقاومة التغيير من خلال تثقيف وتدريب الفئة التي رفضت التغيير الحاصل، وقد عقدت الإدارة عدة ندوات وورش تدريبية وفتحت قنوات تواصل مع الرافضين للتغيير، وكانت النتائج إيجابية حيث تم توضيح النقاط الغامضة بالنسبة لهم، وتم حلها في ضوء معطيات نموج بالدريج.
- توطيد العلاقات الإنسانية في بيئة العمل من خلال عقد فعاليات داخل المدرسة أو خارجها.
- تبني نظام الحوافز والمكافآت والتحفيز المستمر والتشجيع المعنوي والمادي.
- المرونة في نقل المعرفة الجديدة حتى يتقبلها جمهور العاملين.
- عقد الدورات والورش واللقاءات والاجتماعات التمهيدية لتقبل فكرة التغيير لتـأهيل العاملين ورفع قابلية التغيير.
- اختيار الوقت المناسب.
- الاستعانة بجهات قوية وداعمة لثقافة التغيير.
- تعزيز رؤية 2030 في اللقاءات والاجتماعات وسلوك العمل، وهي محور التغيير إلى الأفضل.
- مشاركة العاملين في التخطيط لنقل ثقافة التغيير على أرض الواقع، مما يرفع معنوياتهم ويزيد الثقة بأنفسهم.
- الاستماع والإنصات الجيد والرد على تساؤلاتهم وتبسيط المعرفة الجيدة لديهم.
- إرشادهم إلى الكتب أو البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تساعد في نشر ثقافة التغيير.
الإيجابيات والسلبيات لتطبيق نموذج بالدريج
عند تطبيق نموذج مالكوم بالدريج ظهرت عدة إيجابيات في المدرسة، من أبرزها أنه قد سهل عملية التقويم النهائية، وكان له دور كبير في تحديد الصعوبات الموجودة ووضع الأطر للتغلب عليها.
أما السلبيات التي ظهرت من خلال تطبيق نموذج بالدريج، فهي أنه يغفل عنصر العلاقة بين المجتمع والمدرسة، والدور الفعال الذي تقوم به المدرسة في التغلب على المشكلات والظواهر الاجتماعية غير السوية.
وترى الباحثة أن التغلب على هذه السلبيات يمكن أن يتحقق من خلال إنشاء قنوات اتصال بين المدرسة ومنظمات المجتمع من أجل إيجاد دور أكثر فعالية للمدرسة في المجتمع.
الإيجابيات
- تحقيق روح العمل الجماعي.
- نشر ثقافة التشاور.
- تحفير التفكير الإبداعي من خلال استعراض البدائل المقترح.
- فاعلية مهارات التفكير العليا مثل التفكير الناقد في اختيار البديل الأفضل.
- التحسين المستمر من خلال التعديل والتطوير على البدائل.
- صقل مهارات البحث العلمي، من خلال تطبيق خطوات النموذج.
- التحفيز في مواجهة التحديات.
- الاستفادة القصوى من المهارات العقلية لدى أعضاء الحلقة.
- زيادة رضا العاملين عن أعمالهم لأنهم يعملون بشكل مختلف كل مرة.
- جودة التخطيط من خلال التحسين المستمر.
السلبيات:
- تتطلب وقتا طويلا وجهدا مكثفا.
- الملل والرتابة لتكرار الجهد كل مرة.
- عملية مستمرة ومتواصلة وإيقافها يؤثر على جودتها.
قائمة المصادر والمراجع
- الحاج نعاس، خديجة، و نوري، منير. (2019). درجة تطبيق معايير مالكولم بالدريج للجودة الشاملة في مؤسسة اتصالات الجزائر من وجهة نظر العاملين بها. مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، (21)، 29 – 50.
- حسين، أحمد جمعه عبدالرحيم، القصيري، عبده محمد عبده، و مرسي، عمر محمد محمد. (2014). متطلبات تطبيق معايير الجودة بالمدارس الثانوية الصناعية باستخدام نموذج الفجوات. الثقافة والتنمية، 14 (81)، 205 – 232.
- العجمي، منيرة خالد الهيلم، و السعيدي، مجيب علي ملهي. (2020). واقع تطبيق قيادات المدارس الثانوية بدولة الكويت لمؤشرات الأداء في تجويد الأداء المدرسي: دراسة ميدانية. مجلة كلية التربية، 30 (3)، 175 – 201.
- يسعد، فائزة. (2014). تقدير جودة خدمات إدارة المؤسسة الثانوية في ضوء معايير مالكولم بالدريج. عالم التربية، 15 (47)، 281 – 310.
إذا أصلحنا التعليم بالتركيز داخل الفصل واعطيناها الأساسيات في المرحلة الابتدائية وفي المرحلة المتوسطة اكتشاف للمواهب والطاقات وقدرات الطلاب وجعلنا الطالب هو محور العملية التعليميه وبدأ اركان التعليم يصقلون ميوله ومواهبه ليتخصص فيها ويكون المنهج والاستراتيجيات وما يقدم له لتطوير قدراته ومواهبه وتنميتها ورعايتها في المرحلة الثانوية والجامعات سيتقدم التعليم وإذا تقدم التعليم سيتقدم الوطن بأسره لأنه سيخرج لنا علماء يحققون الرؤى والغايات.