إن الهدف من هذا المقال هو محاولة إلقاء الضوء و فهم عدد من المشكلات التي يمكن أن تواجه المتعلم أثناء عملية التعلم و اقتراح بعض الحلول لها، حيث سنحاول الإجابة على بعض الأسئلة التي يمكن أن يطرحها أي شخص مهتم بالعملية التربوية، و سنعتمد في إجاباتنا على نتائج البحوث التي أجريت في ميداني علم النفس التربوي و علم النفس الإدراكي.
من وجهة نظر تقليدية، تُعرف العملية التربوية بأنها عملية تدور بين شخص يدَرِّس معلومات تدخل في إطار منهج معين و آخر يستقبل تلك المعلومات و يقوم بتخزينها، إنها علاقة بين مرسل و مستقبل أي ذات اتجاه واحد. و انطلاقا من هذا التعريف يمكن لنا أن نقول بأن العملية التعليمية كانت تعتمد أولا و أخيرا على المدرس و أن التلميذ يقتصر دوره على التلقي فقط.
إن ما يقوم به التلميذ لاستيعاب المعلومات جعل التربويين يركزون على أهمية الدور الذي يقوم به المتعلم في العملية التربوية الناجحة. و بتعبير آخر، يمكن القول بأن الدور الذي يقوم به المتعلم لا يقل أهمية عن دور المدرس، حيث يُنظر اليوم إلى العملية التعليمية بأنها عملية تفاعل بين معلم و متعلم في محيط معين. و انطلاقا من هذا التعريف يمكن القول بأن التلميذ أصبح يلعب دورا جوهريا في العملية التعليمية، و قد دفع هذا الدور واضعي المناهج و المدرسين إلى الأخذ بعين الاعتبار خصائص التلاميذ أثناء عملية التدريس. و هذه الخصائص لا تنحصر فيما يسمى بالفروق الفردية و لكن تشمل الطرق التي يتبعها التلاميذ لاستيعاب المعلومات، و قد أثبت علماء النفس الإدراكي أن التلاميذ لا يتبعون منهجا واحدا في التعلم ، الشيء الذي دفعهم إلى تقسيم المتعلمين إلى فئات. في هذا الصدد قسم جان بيار أستلفي Jean – Pierre ASTOLFI التلاميذ إلى الفئات التالية:
- السمعي: التلميذ الذي يعتمد في تعلمه على الذاكرة السمعية.
- البصري: التلميذ الذي يعتمد في تعلمه على الذاكرة البصرية.
- الاعتمادي: التلميذ الذي له اهتمام كبير بالمعلومات أو المؤثرات و يولي اهتماما كبيرا للظروف الاجتماعية و العاطفية لعملية التعليم.
- المستقل: يعطي اهتماما للقدرات الشخصية و لا يربط بين عملية التعلم و الظروف الاجتماعية المحيطة بها.
- المفكر: لا يعطي الإجابة إلا بعد التحقق من صحتها و يفضل عدم إصدار قرار خوفا من الوقوع في الخطأ.
- المندفع: يعطي إجابة سريعة و لو كانت خاطئة.
- المتمركز: يركز اهتمامه على موضوع معين و لا ينتقل من نقطة إلى أخرى إلا بعد الانتهاء من الأولى.
- الشمولي: يهتم بعدة أمور في وقت واحد و تكون دراسته للمواضيع على عدة مرات.
- المنتقد: يهتم دائما بنوع العلاقة الموجودة بين مختلف العناصر من تضاد و تناقض.
- التشابهي: يهتم بالتشابهات و بالعناصر المعروفة حتى لو أدى ذلك إلى إهمال العناصر المهمة.
- الإنتاجي: يعمل على اكتساب المعلومات بطريقة إيجابية.
- المستهلك: يعمل على اكتساب المعلومات بطريقة حيادية.
- المثابر: يميل إلى وضع جميع إمكانياته الذهنية للقيام بأي نشاط.
- الواقعي: يقوم بعملية توافق بين المجهود المبذول و طبيعة النشاط الذي يقوم به.
بعد أن تحدثنا بإيجاز عن العلاقة بين عملية التعليم و عملية التعلم، نتطرق إلى العلاقة التي تربط التلميذ بمحتوى المادة الدراسية وذلك لما لها من أهمية في نجاح أو فشل العملية التعليمية. إن تطرقنا لهذا الموضوع سيكون في إطار ما يسمى بسهولة أو صعوبة المادة الدراسية و سنحاول أثناء ذلك، توضيح هذه العلاقة انطلاقا من طريقة أو آلية عمل الدماغ البشري.
أثبتت الدراسات العلمية أن للكائن البشري نوعين من الدماغ:
الدماغ البدائي و الدماغ العلوي (أوالقشري)، و لكل من هذين الدماغين علاقة مع العملية التعليمية من حيث النجاح و الفشل. ويقول ميشال دو كوافي Michel de Coeffé حول وظيفة هذين الدماغين:
– الدماغ البدائي: يرسل المعلومات القادمة من الحواس و من الواقع إلى درجة الوعي، و يقوم بتخزينها بعد إتمام تغييرها حسب الغرائز و الواقع المعاش. و هذا النوع من الدماغ يقوم بترغيب الفرد أو تنفيره و ذلك لكي يجد له متعة أو ليجنبه الإزعاج. و من ثم يقوم هذا النوع من الدماغ بإعادة نفس نماذج العمل الذهنية.
– الدماغ العلوي أو القشري: يقوم هذا الدماغ بإصلاح تجاوزات الدماغ البدائي و يحاول أن يبصر العالم بطريقة أفضل و أن يتعامل معه. و ميزة الدماغ العلوي – عند مقارنته بالدماغ البدائي- تكمن في قدرته على الانفتاح و قدرته عن طريق التبادل المستمر أن يكتسب آليات عمل جديدة و أن يطبقها و بالتالي يقوم بتخزينها، إن هذا الدماغ ينمي نفسه بنفسه.
مما سبق ذكره عن وظيفة الدماغ البدائي و الدماغ العلوي، يمكننا القول أن بعض مشكلات الطلبة الدراسية يمكن أن تعود إلى اعتماد بعض المتعلمين في دراستهم على الدماغ البدائي. في الواقع، إن هذا المستوى من الدماغ يقوم بمقارنة محتوى المادة الدراسية و التراكيب الذهنية الموجودة في الذاكرة، إذا كان هناك تطابق بين هذه المعطيات و تلك، يسمح الدماغ البدائي بمرور المعلومة، أما إذا لم يكن هناك تطابق أي في حالة وجود معطيات لا يمكن فهمها بتطبيق النماذج الذهنية المخزَّنة في الذاكرة يقوم هذا النوع من الدماغ برفض هذه المعلومة ووضعها في صورة نحكم عليها بالصعوبة.
إن هذا الإحساس يقف حائلا أمام القيام بأي مجهود لفهم المادة العلمية، الشيء الذي يجعل كل عملية تعليمية مستحيلة. إن نجاح العملية التعليمية تتطلب من التلميذ السيطرة على الدماغ البدائي والاعتماد على المستوى العلوي من الدماغ لأنه هو الذي يمكنه من إثراء نماذجه الذهنية وبالتالي من فهم المادة العلمية.
ما المقصود بعملية التعلم؟
إن عملية التعلم هي عملية إعادة قولبة التصورات الذهنية التي نستطيع من خلالها فهم أو إعطاء معنى للأشياء. فبدون حدوث عملية التغيير هذه، لا يمكن أن نتصور حدوث عملية تعلم. فعملية التعلم إذن تحدث نتيجة عدم قدرة الفرد على فهم المعلومة الجديدة، فيجد نفسه في حالة عدم استقرار إدراكي مما يؤدي به إلى تعديل في محتوى خبراته السابقة حتى يتمكن من استيعاب المعلومات الجديدة.
حول هذه النقطة يقول د. محمد زياد حمدان:
“عندما تعجز القدرات الاستيعابية أو يصعب عليها احتواء المادة أو الخبرة الجديدة، يختل الاستقرار أو الاتزان الفكري في الدماغ، فيبادر بإجراء بعض التعديلات و تنظيم جديد لبنائه الاستيعابي (…) ليصبح حينها قادرا أو مؤهلا لإدراك الخبرة الجديدة واحتوائها”.
و في نفس السياق، يقول سعد خليفة مقرم مستندا على دراسات جان بياجيه :
” إن الفرد يصل إلى المعلومة من خلال عملية التنظيم الذاتي Self Regulation عن طريق الاستيعاب للفكرة الجديدة Assimilation و إجراء مواءمة أو تعديل Accomodation في التركيب المعرفي السابق للفرد Cognitive structure ، ولذلك فإن التلميذ الذي يواجه مشكلة جديدة يصبح في حالة من عدم التوازن الإدراكي و يجد نفسه مضطرا لأن يعمل ما في وسعه ليحل هذه المشكلة ويصل إلى مرحله التوازن المعرفي “.
استنادا إلى هذه المعلومات إذن، يمكن القول أن عملية التعلم لا تعني إضافة معلومات جديدة إلى معلومات معروفة وموجودة داخل الذاكرة وقت حدوث عملية التعلم، بل تعني وجود تفاعل بين مجموعتين من المعطيات، بعضها جديد و البعض الآخر تم استيعابه.
و حول هذه النقطة تقول فيفيان دو لاندشير Viviane DE LANDSHEERE:
” إن خبرات و قدرات التلاميذ لا تزداد بطريقة تراكمية و لكن بإعطاء صورة جديدة لخبراتهم و لتراكيبهم المعرفية”.
و خلاصة القول يمكن لنا أن نقول أن عملية التعلم هي عبارة عن نشاط ذهني و عقلي يقوم به المتعلم لإعطاء معنى للخبرات التي يمر بها. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النشاط لا يقتصر على التلميذ فقط، بل يقوم به كل فرد يجد نفسه أمام موقف جديد يستدعي القيام بنشاط ذهني، فمثلا عندما يريد أحدنا استعمال جهاز لأول مرة يقوم بقراءة طريقة التشغيل، ذلك لأن هذه العملية نادرا ما تقع بمحض الصدفة، بل تقع بعد عملية فهم لطريقة التشغيل.
و بتعبير آخر، يمكننا أن نقول أن عملية تشغيل الجهاز جاءت نتيجة تطبيق طريقة معينة اكتسبناها بعد القيام بنشاط ذهني أدى إلى إعطاء صورة جديدة أو لنقل إلى إثراء مضمون الذاكرة. عندما نريد استخدام الجهاز للمرة الثانية أو الثالثة لا نقرأ طريقة الاستعمال بل نقوم باستدعاء النموذج الذهني الذي اكتسبناه و نقوم بتطبيقه.
كيف تحدث عملية الفهم و الاستيعاب؟
عندما يكون التلميذ في موقف تعليمي معين، يقوم بنشاط ذهني يؤدي إلى استيعاب المعلومات و تخزينها. و السؤال الذي يمكن أن نطرحه بشأن ذلك هو: كيف يتمكن المتعلم من أن يستوعب محتوى المادة العلمية؟
للإجابة على هذا السؤال يمكن لنا أن نستند إلى الدراسات التي قام بها أنطوان دو لا جارندوري Antoine DE LA GARANDERIE زعيم التيار التربوي الذي يعرف باسم ” الإدارة التربوية للعمليات الذهنية ” Pédagogie de la gestion mentale. يهتم هذا الباحث بدراسة طبيعة النشاط الذهني الذي يقوم به التلميذ أثناء العملية التعليمية. إن هذه العملية – حسب رأي أنطوان ترتكز على عنصريين أساسيين هما:
أولا: المشروع و يقصد به أن يكون للتلميذ هدف يرمي الوصول إليه من وراء فهمه للمادة العلمية بل و أن يتصور نفسه -عند حدوث العملية التعليمية – في حالة تطبيق لذلك المشروع.
ثانيا: أثناء عملية التعلم، يقوم التلميذ بتكوين صور ذهنية – سمعية كانت أو بصرية- لما يقوم به المدرس أثناء شرح الدرس.و بتعبير آخر، لكي تتم عملية فهم المادة العلمية، يقوم التلميذ بترجمة المعلومات إلى صور ذهنية. إن عملية الترجمة هذه، تعتبر عملية أساسية لاستيعاب المعلومات واستدعائها من وقت إلى آخر. الشيء الذي يجب الإشارة إليه هو أن ترجمة المعطيات إلى صور ذهنية وبالتالي تخزينها داخل الذاكرة، يتطلب إيجاد علاقة معينة بين المعطيات الجديدة و المعطيات التي تم تخزينها. فبدون إيجاد أي نوع من العلاقة، لا نستطيع أن نترجم مضمون المادة العلمية إلى صور ذهنية و بالتالي لا تتم عملية الاستيعاب.
كيف يتم التفاعل بين المعلومات المستوعبة والمعلومات الجديدة؟
للإجابة على هذا السؤال يمكن لنا أن نقول: إن الذاكرة أنواع، منها الذاكرة البعيدة الأجل والذاكرة القصيرة الأجل ( آنية ) أو ذاكرة العمل.
إن الذاكرة القصيرة الأجل هي الوسط الذي تجري فيه العمليات الذهنية الأولية، أما الذاكرة البعيدة الأجل فهي التي تحتوي المعلومات التي تم إستيعابها و تخزينها على هيئة صور ذهنية.
إذا أردنا أن نفهم موضوعا معينا، فإننا نقوم باستدعاء المعلومات المخزنة أو جلب كل ما نعرفه عن ذلك الموضوع من الذاكرة البعيدة الأجل، حتى نتمكن من فهم المادة التي نريد دراستها. إننا في هذه الحالة نقوم باستدعاء المعلومات التي تم استيعابها في فترة سابقة ووضعها في الذاكرة القصيرة الأجل أو ذاكرة العمل، عندئذ يحدث تفاعل بين هذه المعلومات و تلك التي يراد فهمها. ينتج عن تلك العملية إعطاء صورة جديدة و إثراء للمعلومات التي تم استدعاؤها، ثم ترسل نتيجة هذا النشاط إلى الذاكرة البعيدة الأجل حيث يتم تخزينها على هيئة صور ذهنية.
ربما يتبادر إلى ذهن القارئ تساؤل حول إمكانية تخزين كل المعلومات في الذاكرة القصيرة الأجل، حتى نتمكن من استعمالها مباشرة أي دون الحاجة إلى استدعائها من الذاكرة البعيدة الأجل. في الحقيقة، إن إمكانيات الذاكرة القصيرة الأجل محدودة جدا، حيث أنها لا تستطيع أن تستوعب أكثر من ثمان وحدات (رقم هاتف) لذلك فإنها لا تستطيع أن تحتفظ بعدد هائل من المعلومات. إنها ترسل المعلومة الهامة و التي نحن بحاجة إليها إلى الذاكرة البعيدة الأجل، و تسقط المعلومة التي لسنا بحاجة للاحتفاظ بها.
هل يمكن استدعاء المعلومات من الذاكرة البعيدة الأجل متى و كيف نشاء؟
في الواقع، لا نستطيع أن نعطي جوابا قطعيا على هذا السؤال، فالمعلومات التي تم استيعابها يمكن استدعاؤها ولكن ليس بنفس الطريقة لجميع المتعلمين. إن التلميذ الذي يقوم بمراجعة دروسه بطريقة منظمة و علمية، يجد سهولة عندما يحاول استرجاع أي معلومة سواء لفهم معلومة جديدة أو لإعطاء إجابة.
في هذا الخصوص، يمكن القول أن الدراسات العلمية تؤكد أن ترسيخ المعلومات داخل الذاكرة لا يعتمد على عدد مرات مراجعة المادة العلمية و لكن على طريقة القيام بعملية المراجعة و ذلك حسب التقسيم الزمني. و بتعبير آخر و كما يقول ميشال كوافي Michel COEFFE و أوليفيي بريجن Olivier PRIGENT : “يمكن ترسيخ المعلومات بطريقة فعالة إذا قام المتعلم بتنشيط المعلومات متبعا في ذلك نظاما زمنيا معينا:
أ – التنشيط الأول: يكون في الفصل و يقوم به المتعلم قبل مغادرة قاعة الدراسة. و لهذه المرحلة أهمية بالغة لأنه بقدر ما تكون نسبة الاستفادة من شرح الأستاذ مرتفعة بقدر ما تقل نسبة المجهود الذي على المتعلم أن يقوم به في المنزل.
ب – التنشيط الثاني: (يتم مساء اليوم الأول) يجب أن تكون عملية المراجعة الثانية قريبة من الأولى و يمكن الاكتفاء بقراءة المادة العلمية مرة واحدة، و ذلك بالاستعانة بكل ما من شأنه أن يساعد على عملية الفهم. باتباع هذه الطريقة، يمكن للمتعلم أن يحتفظ بالمعلومات الهامة داخل الذاكرة لمدة أسبوع. إذا قام المتعلم بهذه العملية (المراجعة في اليوم التالي) أي بدلا من الأول، يكون قد فقد حوالي 80 % من المعلومات المعطاة داخل الفصل.
ج – التنشيط الثالث: يقوم المتعلم بهذه العملية بعد أسبوع، مثلا في الليلة التي تسبق الدرس الموالي. إن هذه العملية تجعل المعلومات جاهزة لليوم الموالي و مخزنة لمدة شهر.
د – التنشيط الإضافي: إن عملية مراجعة رابعة بعد شهر تبقي المعلومات مخزنة لمدة ستة أشهر.
انطلاقا من هذا المبدأ، يمكن أن نقول أن عدم مراجعة الدروس أولا بأول، يخلق نوعا من الصعوبة عند محاولة استدعاء المعلومات التي تم استيعابها. الشيء الذي يلعب دورا سلبيا في العملية التعليمية. فنجاح العملية التعليمية يتطلب القيام بنشاط ذهني تحدث خلاله عملية تفاعل بين المعلومات الجديدة و المعلومات التي تم استيعابها في فترة سابقة. إن المعلومات التي تم استيعابها و لم يتم مراجعتها تبقى مخزنة في الذاكرة في حالة (خمول) تجعل عملية استدعائها صعبة، الشيء الذي يجعل العملية التعليمية تدور في ظروف غير مناسبة.
لماذا لا يستطيع بعض المتعلمين استرجاع المعلومات؟
إن عملية فهم المادة العلمية من عدمها تجعلنا نتساءل لماذا لا يستطيع بعض الطلبة استرجاع محتوى الدروس على الرغم من قيامهم بنشاط ذهني. إن هذا السؤال يدفعنا إلى الحديث عن نوع آخر من النشاط الذهني الذي يقوم به التلاميذ الذين لا يتحصلون، في أغلب الأحيان، على نتائج مرضية. في الواقع، إن النشاط الذهني الذي يقوم به هؤلاء التلاميذ لا يرمي إلى فهم المعلومات و بالتالي إلى استيعابها و تخزينها في الذاكرة البعيدة الأجل، و لكنه يرمي إلى حفظ المادة العلمية عن ظهر قلب. في هذا الخصوص يمكن لنا أن نتساءل لماذا لا تؤدي عملية حفظ المعلومات التي حفظت عن ظهر قلب إلى استيعابها و بالتالي إلى إنجاح العملية التعليمية.
للإجابة عن هذا السؤال يمكن أن نقول أن في الذاكرة بعيدة الأجل يوجد وسطين هما:
- الوسط اللفظي و فيه تخزن المعلومات التي حفظت عن ظهر قلب و التي لم يتم ترجمتها إلى صور ذهنية.
- الوسط الدلالي و فيه تخزن المادة العلمية التي تم استيعابها و ترميزها على هيئة صور ذهنية.
عندما يقوم التلميذ بحفظ المادة الدراسية عن ظهر قلب، أي دون إيجاد أي علاقة بين المعلومات التي تم استيعابها في فترة سابقة و المعلومات التي هو بصدد دراستها، تخزن المعلومات في الوسط اللفظي. إن طبيعة النشاط الذهني الذي يقوم به المتعلم في هذه الحالة لا يمكِّن، في أغلب الأحيان، التلميذ من استرجاع المعلومات و الاستفادة منها في فترة متقدمة من التعليم.
يمكن القول إذن، أن التلميذ الذي يعتمد فقط في دراسته على عملية الحفظ عن ظهر قلب، يجد نفسه غير قادر على استيعاب محتوى الدروس. وهذا يبين لنا أسباب فشل التلاميذ الذين يقضون ساعات طويلة في المذاكرة دون الحصول على نتائج مرضية. و على العكس من ذلك، إذا كان النشاط الذهني الذي يقوم به المتعلم يرمي إلى فهم المادة العلمية، يتوصل التلميذ إلى تكوين صور ذهنية يمكن تخزينها في الوسط الدلالي.
إن الاعتماد على هذه الطريقة في التعلم، هي التي تعطي أفضل النتائج شريطة أن يقوم التلميذ بمراجعة ما تعلمه بطريقة علمية. إن عملية المراجعة هذه، تجعل المعلومات في حالة يسهل استدعاؤها و وضعها في الذاكرة القريبة الأجل حتى يتم توظيفها لفهم المادة اللاحقة.
الخاتمة
لعلنا من خلال هذا الجهد المتواضع نكون قد قدمنا بعض المعلومات التي من شأنها أن تساعد المتعلمين على فهم بعض أسباب مشاكلهم الدراسية، و بالتالي التغلب عليها لبلوغ الأهداف المنشودة من وراء عملية التعلم. فنجاح العملية التعليمية يتطلب منا فهم آلية التعلم حتى نستطيع أن نجعل آلية عملية التعليم مناسبة لآلية عملية التعلم. و ذلك لا يتأتى إلا بوضع جميع إمكانياتنا في خدمة العملية التعليمية فهذا هو السبيل الوحيد لإنجاحها.
المراجع:
مراجع عربية:
1 – د. محمد زياد حمدان، ” ترشيد التدريس “، الأردن، دار التربية الحديثة، 1985، ص 315
2 – سعد خليفة مقرم، ” نظرية بياجيه و إمكانية الاستفادة منها في التدريس “، مجلة الدراسات التربوية، طرابلس، جامعة الفاتح، 1981 / 1982، ص 154 – 158
مراجع أجنبية:
1 – ASTOLFI ( J. P ); ” Styles d’apprentissage et différentiation pédagogique ” , cahiers pédagogiques, n° 254 – 255, Mai – Juin 1987, pp 12 – 14
2 – BRU ( M ); ” Les variations didactiques dans l’organisation des conditions d’apprentissage “, Toulouse, Editions Universitaires du Sud, 1991, 156 p
3 – COEFFE ( M ), PRIGENT ( O ), ” Les méthodes de travail pour réussir ” , Paris, Bordas, 1992, 223 p
4 – DE LANDSHEERE ( V ),” L’éducation et la formation ” ,Paris, P.U.F, 1992, 734 p
5 – GUIRAUD ( P ); ” Langage et théorie de la communication ” , in MARTINET(A ), Le langage, 1968, pp 145 – 167
مقالة راااائعة وموضوع غاية في الأهمية لمعرفة انواع المتعلمين كل الشكر والتقدير لكاتب المقالة
شكرا لك و أتمنى لك قراءة مفيدة
شكرا
بس بدي احكي انو ما بصير نحكي عن اعتماد الطالب على الذاكرة السمعية او البصرية فهي حواس يتم نقل المعرفة بواسطتها أي من الطرق والأساليب المتبعة في العملية التعليمية
ملاحظة جيدة أشكرك عليها – في البداية أقول لك أن هناك فرق بين الحاسة كالبصر و السمع و الذاكرة البصرية أو السمعية . فجميعنا نأخذ المعلومات عن طريق الحواس و لكننا نتعلم عن طريق بطرق مختلفة و عن طريق استعمال الذاكرة البصرية أو السمعية أو غيرهما. و السؤال المطروح هو: هل يتعلم كل الطلبة بنفس الطريقة ؟ الإجابة طبعا لا السؤال الثاني هو : ما هي المعايير الذي أساسها يمكن أن نصف الطلبة ؟ هنا أقول أن إحدى المعايير هي الذاكرة التي يعتمد عليها الطالب أكثر من غيرها عند القيام بعملية التعلم. فعندما نكون سمعيين تكون الذاكرة السمعية متطورة أكثر من الذاكرة البصرية و العكس صحيح.
فالطالب لوحده لا يعرف أنه سمعي أو بصري و لكن الأستاذ الذي له دراية بهذا الموضوع يدرك ذلك .فمثلا إذا كان بصري يجد سهولة في المواد التي يستخدم فيها المدرس وسائل التعليم البصرية ابتداء من السبورة حيث يقوم المتعلم أثناء عملية الشرح بتكوين صورية ذهنية بصرية مثلا للرسومات أو الجداول التي يشاهدها و في فترة لاحقة – الامتحان مثلا – يقوم بعملية استرجاع لتلك المعلومات – تصل درجة التذكر لبعض الطلبة أنهم يتذكرون في أي مكان من السبورة كتب المدرس كلمة كذا و كذا. عندما يريد الطالب البصري كتابة كلمة معينة فإنه يكتبها و يدقق النظر فيها. ماذا يفعل في ذلك الوقت ؟ – يقوم الطالب في ذلك الوقت بمقارنة الكلمة التي كتبها مع الكلمة التي تم تخزينها في الذاكرة البصرية.
يجد هذا الجزء من الطلبة صعوبة في التعلم إذا كان المدرس يعتمد في شرحه على الكلام فقط.
أما في خصوص الطلبة السمعيين أقول فمثلا عند إجراء يقوم بعض الطلبة بتحريك شفاههم وهم يفكرون. ربما يتبادر إلى الذهن أن هؤلاء الطلبة قد حفظوا المنهج عن ظهر قلب. في هذه الحالة أقول إن أغلبية الطلبة اليوم يحفظون المنهج عن ظهر قلب و لكن فقط جزء منهم يقوم بتحريك شفاه في الامتحان. بكل بساطة أقول أن هؤلاء الطلية – السمعيين – يقومون بعملية حوار داخلي و أثناء تلك العملية يقومون بتنشيط ذاكرته السمعية. أما الطلبة البصريين فيفكرون إذا استطعنا القول بصمت و دون القيام بحوار داخلي.
أتمنى أن أكون قد وفقت في الرد على تساؤلك
الاعتمادي ليس ما يحصل على المعلومات بوفرة وانما هو من يعتمد على الغير في أي الحصول على المعلومة جاهزة من غير بحث ولا تنقيب أي يكون متلقي للمعلومة أي نموذج التعليم التقليدي الذي بدء يتلاشى حديثا بحكم الانفتاح على العالم واستخدام التكنلوجيا
أولا – لم يرد في المقال أن الاعتمادي هو الذي يحصل على المعلومات بوفرة كما ورد في ملاحظتكم
ثانيا – صحيح في المعنى العادي كما تقول حضرتك ، أن الشخص الاعتمادي هو الشخص الذي يعتمد على غيره أما المعنى الذي قصده الكاتب الفرنسي جان بيار أستلفي Jean – Pierre ASTOLFI _ و الذي ذكرته في المراجع ( المرجع الأول ) مقال بعنوان الأنماط التعلمية و عملية التفريق التربوية و الذي نشره في مجلة العلوم التربوية بفرنسا – أن الطالب الاعتمادي هو الذي يولي اهتماما أي يتأثر بالظروف التي تحيط به و عملية التأثر هذه تنعكس على نتائج العملية التعليمية. بتعبير آخر ، كما يقول بعض الطلبة – النتائج تعتمد على الظروف – أما الطالب الذي أطلق عليه جان بيار أستلفي Jean – Pierre ASTOLFI صفة المستقل و هو الطالب حسب هذا المفهوم هو الطالب لا يولي للظروف أي اعتبار و عادة ما يكون طالبا متميزا
أتمنى أن أكون قد وفقت في التوضيح
احسنت وافدت شكرا جزيلا
أتمنى لك قراءة مفيدة
جزاك الله خيرا
أتمنى لك قراءة مفيدة
بداية، أشكرك على هذه المعلومات المفيدة والقيمة. كما أشكر القائمين على موقع “تعليم جديد” على المقالات التي ينشرونها. لكن أدعو أخي الأستاذ ناصر عبد الحميد إلى مراجعة قاعدة الهمزة “إن” و”أن”.