ارتبط مفهوم “دينامية الجماعات” بالعالم الألماني ” كورت لفين” K Lewin والذي عرّفها بقوله :” جموع القوى النفسية والاجتماعية المتعدّدة والمتحرّكة والفاعلة التي تحكم تطوّر الجماعة” ومن خلاله أصبح حقلا معرفيا بهتم بظروف نشأة الجماعة وتكوينها، شروط تكوين الجماعة، عوامل تفكك الجماعة وتماسكها، تأثير الجماعة في سلوك الفرد وفي تفكيره، عوامل القوّة والضعف في المجموعات….
ويعتبر مفهوم التفاعل مفهوم مركزي في هذا العلم، استفادت منه علوم التربية من خلال “الدراسات التربوية البيداغوجية من منظور سيكو سوسيولوجي، بفعل تزايد الاهتمام بظاهرة الجماعات في المجال التربوي ، وبديناميتها ، والتواصل في التربية وأهمية بيداغوجية التمثلات وبدور القيادة التربوية ، وتأثيرها بمناخ الجماعة وأهمية الموقع الذي يحتله المتعلم ضمن شبكة العلاقات داخل الفصل وأثر مناخ الفصل الدراسي على مردودية مريديه (متعلمين ومدرسين) من جهة أخرى”.
والحديث عن تقنيات التنشيط من خلال مجموعة الفصل يفضي بالضرورة إلي دينامية الجماعات كتعبير عن التفاعل الحاصل بين المتعلمين أفرادا ومجموعات وعبر البحث عن طرق تنشيط مستحدثة تفضي إلى الانتقال من بيداغوجيا المدرّس إلى بيداغوجيا المتعلم، حيث يعتمد المعلّم في مختلف مراحل أنشطته تقنيات تنشيطية متنوّعة تكسب المتعلم جملة من المهارات الحياتية ( حل المشكلات، التفاوض، لعب الأدوار….) التي يصبح من خلالها الفاعل الرئيسي في بناء المعارف واستخلاص النتائج، وتوفر لمجموعة التلاميذ المشاركة الفعلية والفعّالة في العملية التعليمية عبر تعزيز التعلم الذاتي.
1ـ تعريفات
الجماعة: مجموعة من الأفراد مدفوعين لتحقيق هدف مشترك عن طريق أنشطة مرتبطة ومتفاعلة.
الدينامية: يعني القوة والحركة والحيوية ونقيضه الثبات والسكون.
هل أن مقياس العدد كاف لكي يدل على الجماعة.؟
مثال: إذا كان هناك 4 أشخاص في المصعد الآلي ، هل يكفي ذلك للحديث عن جماعة في ذلك المصعد
ـ هل يكون 10 أفراد ينتظرون الحافلة في المحطة جماعة؟
بالنسبة لعلم النفس الاجتماعي لا يمكن الحديث عن مجموعة في المثالين السابقين ولكن عن أنفار معزولة ولكي نستطيع الحديث عن مجموعة لا يكفي أن يكون جمع من الأفراد بل لابد من توفر الشروط التالية:
1 ـ أن يكون بين هذه الأفراد شكل من أشكال التفاعل.
2 ـ أن يكون لهم هدف مشترك مهما كانت أهميته.
3 ـ أن يتأثر بعضهم بالبعض الآخر.
4 ـ أن يكون بينهم شكل من أشكال الحاجة إلى بعضهم البعض.
- الأفراد الموجودون في المصعد يتحولون إلى جماعة إذا وقع خلل بالمصعد أو إذا أغمي على أحدهم. ويتحوّل الأفراد المترقبين للحافلة إلى مجموعة إذا تفاعل بعضهم ببعض للحديث عن التأخير أو إيجاد وسيلة نقل أخرى .
- لأن في هذه الظروف حسب KURT-LEWIN -1948. يصبح في حاجة إلى بعضهم البعض ومصير الواحد منهم يصبح مرتبطا بمصير الآخر ووجودهم في بوتقة واحدة يمثل عاملا أساسيا لمفهوم المجموعة ففي هذه اللحظة بالذات يقع التحول من جمع لأفراد لتتكوّن الجماعة.
- حجم الجماعة
النتائج التجريبية المعاصرة ( ميكيالي ) بينت أن أفضل التفاعلات تتحقق إذا كان عدد أفراد الجماعة بين 5 و10. فالمجموعة من 6 إلى 8 أفراد مع وجود منشط قدير، تضمن التوازن بين دينامية الجماعة والوقت المخصص للانتاج. فبمثل هذا العدد يسهل التواصل ويسمح بالوحدة والانسجام بين عناصر الجماعة. أما الجماعة المركبة من شخصين أو أربعة أشخاص فإنها مهددة بالانقسام إذ تكثر الخلافات الشخصية وتتصاعد الطباع الحادة كما هو الشأن إذا تجاوز عدد الأفراد العشرة.
الشروط التاريخية التي ساهمت في تبلور مفهوم دينامية الجماعات
تصنيف الجماعات
المعايير
نوع الجماعات |
عدد الأفراد |
حياة المجموعات
|
نمط العلاقات |
الوعي بالأهداف |
خصائص الأفعال المشتركة |
الحشد foule
|
مهـم |
من بضع دقائق إلى أيام
|
العدوى والانفعالية
|
ضعيف
|
أفعال انفعالية في وقت قصير.
|
تجمع groupement
|
متغير من الأصغر إلى الأكبر
|
من أسابيع إلى شهور(مخيمات، نوادي، زوايا…)
|
علاقات سطحية
|
متغيّر |
محدودة
|
عصابة ـ رهط bande
|
من 4 إلى 20
|
من أسابيع إلى أشهر
|
العدوى في البحث عن التشابه والتوحيد مع القائد
|
وعي متوسط
|
سلوكات محرمة أو مرفوضة من المجتمع
|
جماعة ثانوية
|
متغير
|
طويل ( منظمات، أحزاب، جمعيات.. | علاقات وظيفية
|
متغيّر | تخطيط روتيني، بروز البيروقراطية…
|
وضعيات وبنيات الجماعات
تقنيات التنشيط التربوي
هي مجموعة من التقنيات الموظفة لتنشيط جماعة معينة لأجل تحقيق أهداف التكوين بالنسبة للكبار وأهداف التدريس بالنسبة للتلاميذ.
1 ـ الزوبعة الذهنية
تقوم على إشراك كل التلاميذ في المناقشة بهدف إنتاج واقتراح أفكار بشكل جماعي أو لإيجاد حلول لموقف أو وضعية مشكلة وتستند إلى جملة من الشروط أو المبادئ.
أ ـ عرض المنشط المشكلة أمام المجموعة وتوضيحها وتحديد عناصرها.
ب – إدلاء كل مشارك بآرائه واقتراحاته دون حكم أو نقد للآخرين .
ج – عدم نقد أفكار المشاركين وتأجيل ذلك حتى يتم الاستماع لكل المساهمات.
د – عدم ايقاف وحصر الطاقة التعبيرية للمتدخلين.
هـ – العمل على إغناء النقاش.
و – جمع التدخلات وتدوينها.
ز – تحليل الأفكار والاقتراحات في النهاية للخروج باستنتاج عام.
2- فيليبس 6/6
تقـــــــــــوم هذه التقنية على:
– توزيع جماعة القسم على مجموعات تضم ستّة أعضاء يتداولون في موضوع التنشيط أو الدرس لمدّة 6 دقائق بمعدّل دقيقة لكل عضو.
– تختار كل مجموعة منشطا ومقررا وناطقا باسمها.
– يحاور المنشط الأعضاء بمعدل دقيقة لكل عضو.
– يدوّن المقرّر ما يدور في كل حوار.
– عند انتهاء المحاورات تعاد قراءة التقارير ثم يناقشها أعضاء الفرق لمدة 5 دقائق.
– يعلق الناطق تقرير مجموعته ويقرأه على جماعة القسم.
3 – تقنية المحادثة
يختار كل تلميذ أحد الرقمين 1 أو 2 ليتسمى به داخل مجموعة ثنائية .
– كل حامل للرقم 1 يسأل زميله رقم 2 مدة دقيقة ثم تتبادل الأدوار.
– يعرض كل تلميذ نتيجة حواره أمام كامل القسم.
4 – تقنية حل المشكلات
هي تقنية يوزع خلالها المشاركون إلى مجموعات صغرى ( 3 أو 4 أفراد) من أجل مناقشة مشكل معيّن أو البحث عن حل لهذا المشكل وتتحدد أدوار المنشط والمشاركين عبر ثلاث مراحل:
5 – دراسة الحالة
يواجه المشاركون مشكلا أو حالة لمظاهر ملموسة فيعملون على تحليلها تحليلا دقيقا واختيار أنسب الحلول لمعالجتها. وتحدد أدوار المنشط والمشاركين كالتالي:
6- تقنية لعب الأدوار
هي تقنية تنشيط تقوم على تخيل واستحضار مجتمع الظاهرة موضوع الدراسة واستيعابه وتمثيله وتشخيصه. ولذلك فهي تتيح للأشخاص تقمص الأدوار والتكيّف معها.
7 ـ المناقشة على مراحل
- تقنية تتيح الإحاطة بجوانب موضوع معيّن على مراحل، حيث يتم إنتاج مجموعة من المساهمات عن طريق تجميع المشاركين إلى مجموعات للعمل لمدّة محدّدة ، وبعد ذلك تتم الموازنة بين مختلف الإنتاجات لاستنتاج خلاصة نهائية تنال موافقة الأغلبية.
أفردت الباحثة أسماء الشابي جزءا من دراستها للتعريف بمواصفات المدرّس المنشط وعدّدت خصائصه ومميزاته باعتباره” المحرك الأساسي للعملية التنشيطية والموجه لها، فهو الذي يتحمّل مسؤولية السير العادي لعملية التنشيط.” ، واعتمدت في بحثها نتيجة ما توصّل إليه الباحث محمد الصالح اللملومي حول سمات المنشط الناجح وملامحه.
وحسب روجرس Rogers. C. المنشط الناجح من يجعل من التلاميذ” متعلمين حقيقيين باحثين وممارسين ومبدعين.”
وفي بحثه عن صورة المنشط التربوي وملامحه يقترح اباحث عبد الكريم مصفوفة من الوظائف بدلالاتها ومواقفها.
فالمعلم المنشط يسهّل طريق النجاح عبر صقل المواهب وإدراك القدرات الكامنة لدى المتعلّم، يتوسّط بين المعرفة والمتعلّم وييسّر التواصل بين أفراد الجماعة الواحدة وبين مختلف الجمات الأخرى. وهو أيضا محلّل ومبدع عارف لطبيعة مهنته، مسيطر على محتويات المواد المعرفية، ينظر بعين ناقدة لعمله وللواقع ورهاناته وهو مبدع في تصوّراته ومشاريعه وبدائله وهو في الأخير منظّم بارع له قدرات على التنظيم الجيّد للجماعات والفضاءات والوسائل والأنشطة والعلاقات.
شروط نجاح العمل المجموعي
التواصل الجيد والتعاون واحترام قواعد العمل إلى جانب الثقة بالنفس. لابد من الوعي بالآخر وبالحاجة إليه وكذلك الإنصات والانضباط وضبط النفس حتى لا يتحول الصراع المعرفي إلى صراع شخصي.
التواصل الجيد. التعاون المثمر، الثقة بالنفس والوعي بالآخر و الإصغاء المتبادل و التغذية الراجعة. وتوفر صراعات اجتماعية معرفية وتشاور مثمر.
المراجع:
1 ـ محمد الدريدي: (2011) تقنيات التنشيط والتكوين في تونس. مطبعة بريما.
2ـ حمداوي جميل: (2015) التنشيط التربوي: دار الالوكة للنشر.
3 ـ أسماء الشابي: تقنيات التنشيط وتأثيرها على مستوى الدراسي للمتعلم. مجلة جامعة الزيتونة الدولية العدد 10 ص196ــ223 .
4 ـ محمد الصالح اللملومي : التبسيط في التنشيط، دليل مجموعات الأطفال والشباب ط1 أريانة—تونس ، الجمهورية للطباعة.
5 ـ عبد الكريم ثابت: (جوان 2000) في البحث عن صورة وملامح المنشط التربوي . اسهامات بيداغوجية.
6 – Aubry Jan Marie (1976) Dynamique de groupes. Montreal – Homme
7 – Rogers. C . Les groupes de rencontre. Potiers – France- Ed.Dunod.
بحث من الناحية العلمية لاباس به ، ولكن لم ترصد أمثال تحقق وتثبت صحة افتراض البحث ، مع مزيد من العطاء .