قرار تلاه القرار لاتباع أساليب جديدة في نمط التعليم، يحكمها العالم الافتراضي بدأ بالتزامن مع ظهور أزمة فايروس كورونا التي اجتاحت العالم بأسره، فكان لِزامًا علينا كمعلمين من باب أداء رسالتنا السّامية أن تكون هذه القرارات الطارئة هي حبل النجاة الذي نقدمه لأبنائنا الطلبة، إنه التّعلم الإلكتروني المصطلح المعاصر، عرفناه كعلم نظري، أو كعلم قد اقتصر على مدارس بمواصفاتٍ خاصة، والآن نحن وفي ظل هذه الظروف بأمس الحاجة إليه في قطاع التعليم الحكومي والخاص على حد سواء، وفي جميع أنظمتنا التعليمية، خاصة وأن التعليم الإلكتروني في أزمة كورونا العالمية قد أثبت جدارته في إيصال الفكرة والمعلومة؛ لذا علينا جميعا أن نعمل لامتلاك القدرة على التعامل ضمن هذا الإطار في التعليم، فالتعلم الإلكتروني قد دخل أكثر البيوت واستطاع طلبتنا الانسجام في قوانينه واستجابوا لمحْدَثاته، حتى أن الأهل كان لهم دور كبير في هذا النمط التعليمي الجديد؛ فأصبحوا قادرين على مواكبة هذا النمط التعليمي، فقاموا بمتابعة الدروس الإلكترونية ومراقبة عملية إتمام الواجبات مع أبنائهم؛ لذا لنعترف جميعا بأن التعلم الإلكتروني هو الطريق الأمثل و الذي لولاه لتوقفت عجلة التعليم، وأُغلقت الكتب وألقيت الأقلام في أدراجها إلى حين انتهاء الأزمة، فالتعلم الإلكتروني هو: استخدام لأدوات الإنترنت والحاسوب من أجل إيجاد بيئة التعلم.
ففي 14/3/2020 قررت وزارة التربية والتعليم الأردنية إغلاق كافة المؤسسات التعليمية والتربوية، واستبدال كل النشاطات التعليمية الواقعية بأخرى افتراضية، فبدأنا نرى تناثرا للأفكار والحلول في كيفية استخدام التعلم الإلكتروني والتعلم عن بعد تحديدًا، فبدأت مجموعات الواتس أب والفيس بوك والمنصات الإلكترونية، ونُقلت الفيديوهات وبدأ المعلمون إبداء آرائهم بين القبول والرفض، وبدأت الكلمات التالية تتردد في كل بيت أردني (عن قرب الطلاب مش مركزين بدهم يركزوا عن بعد ؟ ما في انترنت، ما في أجهزة ذكية، ما عندي وقت، ما في فراغ في البيت)، فهل فعلًا يُعد التعلم الإلكتروني أصعب من التعلم التقليدي؟ هل يستطيع التعلم الإلكتروني إيصال المهارات الأساسية للطلبة؟
ويتبلور هنا السؤال من المسؤول في ظل كل هذا الارتباك والصّخب الذي حدث في بداية الأزمة؟ هل هو المعلم الذي لا يريد أن يطور من مهاراته التكنولوجية والتخلي قليلًا عن نمط التعليم التقليدي؟ أم هو الطالب الذي رأى في الانترنت عالمًا من اللّعب وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي؟ أم هم الأهل الذين ضجوا بداية قلقًا حول كيفية حصول أبنائهم على المعلومات؟ أم هي الوزارة التي لم تقدم الدّعم الكافي لتطوير معلميها في تكنولوجيا التعليم؟ وعليك أن تفتح باب التساؤلات أكثر حول أمية التكنولوجيا أو في أفضل الظّروف إقصاء عملية التعليم الإلكتروني عن العملية التعليمية في ظل القرن الواحد والعشرين؟ وهنا يخطر في بالنا سؤالٌ مهمٌ، ماذا لو لم تكن كورونا؟ كيف لطالب قد اضطره ظرفٌ ما للغياب ليومين أو ثلاثة أن يواكب ما تلقاه أقرانه في المدرسة؟ على المعلم أن يعيد ما فات الطالب من دروس، أو إرهاق الأهل في شرح معلومات قد تكون صحيحة أو مبتورة الصحة، أو اضطرار الأهل لإحضار معلم لشرح المادة، لكن هنا نعود لحل أفضل للمعلم وللطالب ولأهله واختصارًا للوقت والجهد أن تكون المادة الإلكترونية جاهزة مسبقًا يعود إليها الطّالب متى أراد، فهذه المادة الإلكترونية الجاهزة مسبقًا هي الحل الأمثل لأي طالب أراد أن يستحضر معلوماته او لطالبٍ قد غاب عن دروسه.
ويحضرنا هنا سؤال كيف لنا أن نعمل على إيجاد دافعية التعلم الإلكتروني؟
كان الطَلبة سابقًا يستمدون دافعيتهم للتعلم من المعلم الملهم الذي يوظف استراتيجيات حديثة تخاطب ذكاء الطلاب، وقادرًا أن يدير الحصة الصفية بأدق تفاصيلها بعيدًا عن الملل مُقَدِمًا الكثير من المرح واللّعب مُحَرِكًا ومثيرًا للعقول التي أمامه. حسنًا، ما رأيك أيها المعلم لو قلت لك أنك تستطيع إدارة الحصة في الصّف الافتراضي وتقديم محتوى شيق وتكريس شخصيتك كمعلم ملهم في التعلم عن بعد، ماذا لو انتظر طلابك الدرس بفارغ الصّبر والشّوق يعلو أفئدتهم؟
ماذا لو سمع طلابك كل حرف مقدم بكامل وجدانهم وحواسهم؟
بالتأكيد أن اهتمامك سيزيد، وتقول أن تجربة التعلم الإلكتروني قد نجحت.
ولكن كيف تكون معلما ملهما في التعلم الإلكتروني؟ بالتأكيد الإجابة من خلال استخدامك أدوات ومحفزات أدائية تتناسب مع التعلم الإلكتروني، ومنها:
- جذب انتباه الطلبة: عليك أن تكون معلمًا محفزًا للتفكير ومخاطبًا لخيال الطّلاب، ابدأ بتقديم إحصائيات وأخبار سريعة من مواقف الحياة لجعل الطلاب يفكرون وينجذبون لك، وهذا ما يقابله بالتعلم التقليدي التهيئة.
- الإلقاء والتنغيم الصّوتي: أيها المعلم الرائع أنت الآن تخاطب طلابك من خلال صوتك، يجب أن تنغم في صوتك علوًا وانخفاضًا، مثيرًا لدافعية الطلبة لدرسك، فلا يمكن تقديم مادة صوتية بروتين ممل وعلى طبقة ونغمة واحدة، أعطِ الأدوات الصوتية وكأنك في الغرفة الصّفية ( استفهام، تعجب، فرح، حزن، غضب، صوت طفل، رجل… إلخ) إذن تنقل بين طبقات صوتك فهو الكاريزما التي تقابل بها طلابك.
- الإعداد والإنتاج والإخراج للمحتوى التعليمي: كل معلم قام بإنتاج محتوى تعليمي خاص به ويمكن أن يقدمه بطرق متعددة ومختلفة: نصوص، فيديو، صوت، رسوم بيانية، ولكن لهذا المحتوى شروط وأمور يجب مراعاتها حتى تكون جذابة وسهلة في إيصال المعلومة:
- تحديد أهداف التعلم المراد الوصول إليها.
- تصميم نشاطات التعلم.
- تصميم أدوات قياس حدوث التعلم.
- التقييم النهائي.
وهنا دعونا نتطرق إلى تصميم نشاطات التعلم وكيف يكون ذلك من خلال أدوات التعلم الإلكتروني:
– استخدم الألغاز الإلكترونية :
واجعل المتعلم يفكر كي يبدع، قدم له ألغازًا تحتاج تفكيرا، عززه على جهده المبذول في حلها، واعتمدها كوسيلة لتغيير الأسلوب النمطي في عرض المعلومات حتى لا يشعر المتعلمون بالملل، حثهم على التفكير واستخدم الألغاز المفتوحة ووفر للطلبة الوقت الكافي للتفكير.
– استخدم الرسوم المتحركة :
أبدع أيها المعلم بإنتاج الرسوم المتحركة الخاصة بك، فهي لم تعد حكرًا على المبرمجين والمختصين ومع التطور التكنولوجي ظهرت العديد من التطبيقات والمواقع المجانية التي تستطيع من خلالها إنتاج فيلم كرتوني كما تريد وتحتاج، مناسبا لأهداف درسك وخادمةً للفكرة التي تريدها، ومن أشهر مواقع إنتاج الرسوم المتحركة موقع Goanimate، وكذلك موقع powtoon، وبرنامج VideoScribe الخاص بإنتاج أفلام whiteboard، هذه المواقع توفر العديد من القوالب والشخصيات والصور والأصوات مقارنة بغيرها، وهي سهلة وبسيطة يمكن تعلمها بسرعة.
– استخدم POWERPOINT :
اذا كنت من المعلمين الذين يستخدمون ال POWEREPOINT فبإمكانك إعداد عرض رائع ومميز من خلال شريط الأدوات الموجود في البرنامج، اختر خلفية مناسبة، ابحث عن صور مناسبة واخترها من تصنيف png لتزيد من جمال العرض، ومن الممكن البحث عن صورة متحركة من خلال تصنيف gif ، اختر animation يناسب عمر طلابك ولا تشتتهم بكثرة الحركات والصور، اجعل الخط واضحا وكبيرا وذا ألوان واضحة ، لا تكتب كثيرًا بل عبَر عما تريد بالصور، لأنها كما يقولون تعبر عن ألف كلمة.
– استخدم التحفيز اللفظي :
وذلك أثناء الشرح كقول أنتم أذكياء، رائعون … إلخ كما لو كانوا يشاهدونك في الصف، فذلك يزيد من انتباههم ويلفت أنظارهم للفكرة.
هل الهدف من التعلم الإلكتروني الحصول على علامة أم التعلم؟
في البداية دعونا نؤكد أن عملية التقويم هي العمود الفقري لعملية التعلم. يستطيع المعلم من خلاله تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف والاستفادة من التغذية الراجعة في تحسين نقاط الضعف ومتابعة الطالب الذي تبين أنه يحتاج لمتابعة، وفي التعلم الإلكتروني لا بد للمعلم أن يستخدام التقويم التكويني المرافق للدرس واستخدام وسائل تقويم متنوعة ومنها استراتيجية 1-2-3
في نهاية الدرس، يقوم المتعلمون بالإجابة بشكل فردي عن الأسئلة الثلاثة التالية:
1- ماذا استفدت من الدرس؟
2- ما هي الأشياء التي تود معرفة المزيد عنها؟
3- هل لديك أسئلة أخرى؟ ما هي؟ وذلك من خلال واجب يحله المتعلمون ويرسلونه إلى معلمهم.
و كما نعلم إن الهدف من عملية التعلم هو تحقيق الأهداف المرجوة والنتاجات المتوقعة ويتم تقييم الطلبة لنعرف مدى تحقيق النتاج، وكان ذلك يتم من خلال اختبارات ورقية يقوم بها المعلم وترصد علامة الطالب في التعلم التقليدي، ولكن هذا لا يمكن أن نقوم به في التعلم الإلكتروني، فهناك وسائل أخرى للتقييم تحقق للمعلم إمكانية رصد درجة إتقان الطالب للنتاج التعليمي ولا بد من تقييم إبداعي يتناسب مع تطور التعلم الإلكتروني ومن الأدوات المستخدمة في ذلك:
- Quizizz موقع لإجراء الاختبارات للطلاب أونلاين بطريقة مبتكرة.
- Oppia موقع لتصميم الدروس التفاعلية والاختبارات التفاعلية.
- Google forms يمكن اعداد اختبارات من خلال نماذج جوجل للتعليم.
وفي الختام أسأل الله عزوجل أن يبعد عنا هذا الوباء ويحمي الأوطان ونعود لنزين مدارسنا بوجودنا، شاكرين كل المعلمين الذين ما توانوا عن إتمام السير في هذه العملية التعليمية.
حبيبتي ميسو مبدعة كعادتك ان شاء الله بالتوفيق