برزت في بداية هذا القرن تطورات سريعة ومتتابعة بسبب التغيرات المتعددة في قطاع الاتصالات والتقنية والتي أثرت في أغلب جوانب الحياة حتى أصبحت عصبها الرئيسي، مما حمَل التربية عبئاً من المسؤولية العظمى في إعداد الإنسان الناجح والقادر على مواجهة تحديات هذا العصر والتكيف مع تلك التطورات.
لقد نالت حركات تطوير التعليم اهتمام معظم دول العالم، حيث اعتبرته الحل الأساسي لأغلب المشكلات الناتجة عن التغيرات المحتملة لعولمة الحياة، ومن وسائل ذلك إعداد وتدريب وتأهيل معلم متمكن يستطيع مواجهة تطورات هذا العصر المتجدد، وتوجيه قدرات وطاقات طلابه إلى تعرف المشكلات الحديثة والتعامل معها، فجودة المنظومة التعليمية مرهونة بالدرجة الأولى بجودة المعلم.
وإذا كان المعلم الكفء يعتبر ضرورة لمواجهة تحديات المستقبل وإصلاح التعليم، فإنه يعتبر أمراً لازماً للرياضيات وتدريسها، حيث تعتبر الرياضيات أكثر العلوم مسايرة لتطورات العصر. فالتقدم العلمي وتطور الفكر يعتمد اعتماداً مباشراً عليها، حيث أنها تنمي القدرات العقلية، وتكسب متعلمها المهارات الرياضية اللازمة للمقررات الأخرى، كما أنها العصب الرئيسي لأغلب التقدمات النظرية والعملية، لأنها تؤثر في حل أغلب المشكلات العصرية.
وعطفاً على هذه التحديات وما تنتجه من آثار ومخاطر، يظل معلم الرياضيات أحد حلول تخفيفها، بحيث هو القادر على تمكين مخرجات التعليم من المهارات والخبرات اللازمة للنجاح في القرن الحادي والعشرين.
لم تعد الطرق التقليدية في التدريس مجديةً، فعمليات التعلم والتعليم تجاوزت الكتاب المدرسي والوسائل التقليدية إلى وسائل عصر العولمة والسرعة والتقنية، ومهارات معلم القرن الماضي لا تتناسب مع معطيات دور معلم القرن الحادي والعشرين الذي تجاوز دوره في نقل المعلومات والمعرفة إلى إعداد متعلم قادر على النجاح في القرن الحالي.
وبهذا تتضح أهمية الأداء التدريسي لمعلمي الرياضيات، وتطويره في ضوء إطار التعلم الناجح للقرن الحادي والعشرين، بطرح مداخل تدريسية حديثة تشكل المنطلقات والمسلمات التي تحقق هذا التعلم الناجح، بحيث يشمل هذا التطوير التفاعل بين مكونات تدريس الرياضيات وفق ثلاثة محاور كالتالي:
- تخطيط التدريس: ويشمل عدة إجراءات من أهمها: تحديد نواتج التعلم المتوقعة، واختيار طرق تدريسية وتقنيات تعليمية وأساليب تقويمية فعالة، بما يتناسب وتحقيق أهداف التعلم الناجح في إطار التعلم الناجح للقرن الحادي والعشرين.
- تنفيذ التدريس: ويشمل عدة إجراءات من أهمها: تطبيق طرق تدريسية محققة للتعلم الناجح في إطار التعلم الناجح للقرن الحادي والعشرين، مع التدرج في التدريس بما يلائم مراحل التدريس البنائي.
- تقويم التدريس: ويشمل عدة إجراءات من أهمها: استخدام أساليب تقويمية متنوعة لقياس وتقويم مهارات القرن الحادي والعشرين، كملفات الإنجاز (Portfolio) والملاحظة وتقويم الأقران والتقويم الذاتي، مع التأكيد على مشاركة الطلاب في عملية التقويم وإجراءاتها، وتقديم التغذية الراجعة المستمرة لكافة أعمال ومشاركات الطلاب.
ولتحقيق ذلك ينبغي التركيز على تطوير طرق تدريسية تعين معلمي الرياضيات على تحقيق مهارات إطار التعلم الناجح للقرن الحادي والعشرين، ومن أهمها ما يلي:
- استراتيجيات تعليم وتعلم مهارات التعلم والابتكار ومنها: حل المشكلات، العصف الذهني، خرائط التفكير، القبعات الست، الخرائط الذهنية، برنامج الكورت لتعليم التفكير، التعلم القائم على الدماغ، التعلم التعاوني، التعلم القائم على المشروع، التعلم التنافسي، المناقشة.
- استراتيجيات تعليم وتعلم مهارات الحياة والتكيف ومنها: التعلم القائم على المشروع، التعلم التعاوني، التعلم التشاركي، الخرائط المعرفية، الاستقصاء، الاستكشاف، لعب الأدوار.
- استراتيجيات تعليم وتعلم مهارات المعلومات والإعلام والتكنولوجيا ومنها: الرحلات المعرفية عبر الويب، المحاكاة، الاستقصاء، الاستكشاف، الخرائط الإلكترونية، التعلم التعاوني الإلكتروني، المناقشة الإلكترونية، العصف الذهني الإلكتروني.
كما ينبغي تنظيم برامج تدريبية متطورة لتدريب معلمي الرياضيات على مهارات التدريس في إطار التعلم الناجح للقرن الحادي والعشرين، وعقد ورش تعليمية، ولقاءات وندوات علمية لتوعية معلمي الرياضيات بأهمية التدريس في ضوء مهارات إطار التعلم الناجح للقرن الحادي والعشرين، على أن يتضمن ذلك تطبيقات تدريسية لمهارات التعلم والابتكار، والحياة والتكيف، والمهارات الإعلامية، واستخدام التقنيات بفاعلية في التدريس، مع التأكيد على تطوير البيئة المدرسية.
لذلك لابد من مساعدة المعلم في التطوير وليس التفاني في البحث عما يرهقه ويزهده في عمله والسعي خلفه بالتنكيد