مقدمة:
من الأمور التي تؤخذ في الاعتبار عند تصنيف منظومة التعليم الفعالة هي وضع جودة التدريس في مكانة مهمة مع إكساب الدارسين للمعرفة إضافة إلى القيم والمهارات التي هم بحاجة إليها خلال مراحل تعلمهم المختلفة طوال حياتهم.
ويعتبر وضع خارطة أهداف التعليم والتعلم في استراتيجية واضحة من المسلمات في تصنيف منظومة التعليم الفعالة، وقد تتعلق هذه الأهداف على سبيل المثال بتحسين جودة المدرس، ووضع آليات لإدارة شؤون المدرس ودعمه الكامل وتطوير أدائه والحفاظ على هذا المستوى مدى عمره المهني.
من المنطقي إذن أن نضع بعض الأسئلة التي ستساعدنا حال الإجابة عليها في توضيح دور جودة المدرس في تطوير مخرجات التعليم ومنها على سبيل المثال: إلى أي مدى تركز خطط التعليم والأهداف والاستراتيجيات التعليمية على المدرس وجودته؟
وتلعب هذه الأهداف دوراً مهماً بوصفها خطوطاً استرشادية واضحة المعالم لنجاح منظومة التعليم.
في هذا المقال، سنقوم بإلقاء نظرة على دور المدرس في هذه المنظومة وموقعه من خطط التعليم مع وصف الأهداف التعليمية والاستراتيجيات المتخذة من أجل تحسين التعليم والتدريس والوصول إلى جودة المدرس في علاقته بمخرجات التعليم.
تضم معظم خطط التعليم استراتيجيات تشجع فعلياً كلا من الجودة والتعليم، على سبيل المثال تطوير المناهج التعليمية وتطوير وتعليم المدرس، وزيادة نسبة المدرسين لتتماشى مع زيادة أعداد الطلاب وتحسين ظروف الفصول الدراسية وزيادة الاعتمادات المالية المخصصة لذلك. وتشمل بعض الخطط استراتيجيات مباشرة لتحسين جودة المخرجات التعليمية، وتشمل هذه الاستراتيجيات أيضاً جمع البيانات من أدوات التقييم من أجل تحقيق تحسين فعلي في مستوى أداء الطلاب والتعليم وتوضيح الرابط بين مرحلة ما قبل المدرسة والمخرجات التعليمية المستقبلية، وتطوير دلائل إرشادية لنشر نتائج الطلاب لتحسين التعليم والتعلم الذاتي، ورصد دور الآباء في دعم التعليم خارج المدرسة.
إن من الأهمية بمكان، لتحسين جودة التعليم، أن تشمل الأهداف والاستراتيجيات التعليمية التركيز على تحسين نوعية المدرس والإدارة التعليمية للمدرسة. وتضم الاستراتيجيات المصممة لتحقيق هذا الهدف عدة أمور، منها استقدام المدرسين الأكفاء، وتوفير مغريات بقائهم بالعمل وتحسين مستوى تعليم وتدريب المدرسين، وتوزيعهم بشكل أكثر عدلاً، وتقديم محفزات لهم مثل تحسين المرتبات، وجعل مسارهم المهني أكثر جاذبية، ومتابعة أداء المدرس، ووضع معايير أعلى لتأهيل المدرسين ووضع تدريبات متخصصة لمدرسي التعليم غير الحاصلين على مؤهل تربوي رسمي.
وتوجد علاقة قوية بين نوعية المدرس وطرق تدريبه ومخرجات تلك التدريبات التي يتلقاها أثناء وقبل الخدمة وأثرها المباشر عليه وعلى المخرجات التعليمية، فيجب أن تكون هناك مؤشرات لمعرفة كيف يحفز المدرسون المتخصصون تلاميذهم للوصول إلى مستوى أداء أفضل يساعد على ارتفاع جودة مخرجات التعلم.
إن قدرة المعلمين على القيام بتدريس المادة العلمية (معرفة المعلم بالمحتوى، والمعرفة التربوية الخاصة بالمحتوى) والحاجات المعرفية التي يقدمها المعلمون إلى الطلاب داخل حجرة الدراسة، ومقدار الوقت المستخدم في تدريس المادة العلمية (المنهج الدراسي) وجودة طرق التدريس التي يستخدمها المعلم داخل حجرة الدراسة كلها من عناصر ودلالات جودة المدرس.
وتعد ظروف كل من التلاميذ الأقران داخل حجرة الدراسة من المؤثرات على عملية التعليم، ومثال على ذلك هو معدل التباين في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للطلاب. ويعتبر عدد الطلاب في كل فصل ومؤشرات العنف داخل المدرسة بين التلاميذ من المعوقات التي يجب أن يتغلب عليها المدرس وتعتبر أيضاً من عناصر ودلالات جودته.
إن التعليم الجيد ضروري كي يتمكن الطلاب من التحصيل والتعلم وأن ذلك التعليم، فهو يتطلب التأكيد على مدى حصول ومعرفة المعلمين بالمحتوى الملائم والمعرفة التربوية، وأن جميع العاملين في مجال التعليم يضطلعون بمسؤوليتهم على أعلى مستوى.
مستوى الإجادة بالنسبة للمعلم:
يتم قياس هذا البعد عن طريق إظهار الخيوط الخمسة للبراعة، وهذه الخطوط ضرورية للتعلم بشكل فعال ولا ينظر إليها باعتبارها أهدافاً منفردة، بل بوصفها تعريفاً للبراعة تعتمد فيه الخيوط بعضها على بعض، وتتضافر بعضها مع بعض في منظومة واحدة وتتمثل في:
- إدراك المفاهيم، أي استيعاب المفاهيم والعمليات والعلاقات.
- المهارات الإجرائية أي الكفاءة في تنقية الإجراءات بمرونة، ودقة وكفاءة، وبأسلوب مناسب.
- الكفاءة الاستراتيجية والقدرة على صياغة الموضوعات وعرضها وحلها.
- التفكير المنطقي المرن أو القابل للتغيير والقدرة على التصور والتأمل والتفسير والتبرير المنطقي.
- النزعة الإيجابية المثمرة، وهي الميل الفطري لرؤية المادة العلمية باعتبارها مادة يمكن فهمها ونافعة وتستحق العناء المبذول فيها مصحوباً بنوع من ثقة الطالب بقيمة الكد والاجتهاد وثقته بكفاءته الشخصية.
وهناك بعض الإرشادات التي نضعها في هذا المقال يمكن أن تساعد في تحسين جودة المدرس من ناحية والمساهمة في تطوير مخرجات تعليم أفضل نوجزها في النقاط التالية:
- جذب مجموعة جديدة من المدرسين الشباب المتحمسين والمؤهلين جيداً لمهنة التدريس.
- توظيف المدرسين إذا كانت هناك حاجة فعلية لذلك، وهذه هي الطريقة الوحيدة لتخفيف الآثار السلبية والتي تسبب في تدني مستوى الأداء في مجال التعليم في المدارس والذي ربما ساهم أيضاً في انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية.
- قضاء وقت أطول في التدريس من خلال زيادة عدد ساعات التدريس، أو تقليل معدل غياب المدرس.
- سن إصلاحات وتشريعات لتحسين مرتب المدرس ووضع فرص سريعة لترقية المدرسين الأكفاء.
- وضع آليات لإشراك الآباء في تحسين مستوى التلاميذ.
- تفعيل نظم المراجعة الداخلية والتقييم الذاتي داخل المدارس ومراجعة أداء المدرس ومقارنته بمستويات الجودة المطلوبة.
- وضع آليات لتطوير أداء المدرسين ذوي الأداء المتدني وتدريبهم بصورة مستمرة.
- وضع مؤشرات بأعداد ونسب مئوية للمدرسين المدربين ومتابعة ذلك بصفة دورية وقياس آثر التدريبات عليهم من خلال أدائهم المهني داخل الفصول.
- تدريب المدرسين في مجال الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتوجيه الدعم المالي لذلك.
- إقناع المدرسين بالذهاب إلى المناطق النائية لتعليم الأطفال في أماكن إقامتهم دون تحمل مشقة التنقل.
- العمل على إنشاء فصول متعددة المراحل تستطيع أن تناسب الفئات المتسربة من التعليم وضمهم بطريقة أو بأخرى إلى حضانة التعليم مرة أخرى والاستفادة من معدلات الإسراع التعليمي في ذلك.
- استقدام مدرسين ذوي مهارات لغوية خاصة للمساعدة على استمرارية حضور الأطفال للمدرسة.
- إصلاح المقررات التعليمية بطريقة أو بأخرى منها على سبيل المثال: تجزئة المقررات الدراسية في الفصول الأولى إلى مهارات محددة بوضوح، وإلى نتائج تعليمية متميزة.
- تدريس موجه نحو تمكين كل طفل من إبراز ما اكتسبه من مهارات معينة مثل المهارات الثقافية.
- تفعيل التعليم عن بعد خاصة في المراحل المتقدمة من التعليم.
- ابتكار طرق جديدة لتحسين التعليم مثل اقتراح تعليم تفاعلي بواسطة الراديو (الإذاعة) كطريقة لدعم تدريس مواد معينة مثل اللغة والرياضيات في الفصول الدراسية المبكرة.
- تقليل الحواجز أمام تعليم الأطفال الأكثر عرضة للاستبعاد من منظومة التعليم النظامي.
- تعزيز تعليم الأطفال بلغتهم الأصلية خاصة في المراحل المبكرة من التعليم.
- دعم برامج التغذية المدرسية والتي يمكنها جلب الأطفال إلى المدرسة حيث يلعب المجتمع المحلي أحياناً دورا مهما في تدعيم هذه التغذية.
- مرونة المواظبة المدرسية أو جعلها بشكل تبادلي بحيث تسمح للأطفال في المجتمعات المحلية ممارسة مهامهم المنزلية مع أسرهم بجانب الحضور إلى المدرسة.
- اقتراح برامج تعويضية للأطفال الذين لم يحققوا المستوى الأدنى من المعايير.
- جعل التعليم في المراحل الأولى بلا مصاريف أو على شكل منحة أو هبة كي تستهدف الفقراء.
- توفير أموال لجهود الإقناع و التحسيس والتي تشجع الجماعات المحلية على إرسال أولادهم إلى المدرسة.
- دعم الطلاب ذوي التحصيل الدراسي الضعيف.
المراجع:
- أحمد مصطفي خاطر: (2012) التخطيط الاجتماعي مدخل القرن الواحد والعشرين، المكتب الجامعي الحديث بالإسكندرية ط4.
- أمين عبد العزيز حسين: (1999) إدارة الأعمال وتحديات القرن الحادي والعشرين، القاهرة المكتب الحديث.
- جاميس بوفام: ( 2005). تقويم العملية التدريسية ما يحتاج أن يعرفه الُمعلٌمون، ترجمة مؤيد حسن فوزي، غزة، دار الكتاب.
- سلامة عبد العظيم: (2005). الاعتماد وضمان الجودة في التعليم، القاهرة: دار النهضة.
- السيد أبو هاشم: (2004). سيكولوجية المهارات، القاهرة: مكتبة زهراء الشرق.
- محمد أمين المفتي:(2013). الجودة من أجل تنمية الإبداع، مجلة بحوث ودراسات جودة التعليم، العدد الثاني، الهيئة القومية لضمان جودة التعليم.
لا شكّ أن نجاح عمليّة التعليم – التعلّم يرتبط بجودة
تأهيل المعلّمين قبل الالتحاق بالخدمة، ومواصلة دعمهم
وإثرائهم أثناء الخدمة.
وجودة المعلّمين لا تقتصر على إتقانهم لموضوع تخصّصهم،
بل تشمل كذلك مدى إلمامهم بأساليب وطرائق التدريس المتنوّعة،
ومعرفتهم الكافية بطرائق التقييم والقياس المختلفة.
ومّما يسهم في نجاح عمليّة التعليم – التعلّم وجود مناهج دراسيّة
حديثة وجيّدة، وتوفّر بيئة مدرسيّة ملائمة، وتعاون الأهل الإيجابيّ البنّاء.
مقال رائع من حيث المحتوى والأهمية والكشف عن وسيلة فاعلة لتطوير مخرجات مدارسنا التعليمية سيما عند ربطها بالتنمية المهني الذاتية لمعلمينا الأفاضل وتذكيرهم بأنهم هم فقط من يملكون مفاتيح تطورهم وتطور منتجاتنا ومخرجاتنا التعليمية