أصبح مجال تكنولوجيا التعليم من المجالات الهامة والمفيدة في دراسة الظواهر التعليمية والكشف عن العلاقات الموجودة بينها، ونظراً لطبيعة هذا العلم فهو يقوم بخدمة كل العلوم في المجالات الأخرى لما يتمتع به من امتلاك الوسائل والأجهزة والتقنيات وأنظمة التعلم الحديثة المتمثلة في التعليم الإلكتروني والتعلم النقال وغيرها من الأنظمة التعليمية الأخرى، فكان من الضروري أن يتداخل هذا المجال مع المجالات الأخرى من العلوم الإنسانية. وفي الآونة الأخيرة شهد مجال علم النفس التربوي تغيرات كبيرة، ونتيجـة لذلك أصبح التعلم المنظم ذاتيا في الوقت الحالي محور اهتمام للبحـث، وأحـد المحـاور الضرورية للممارسة التربوية، كما حاولت العديد من النظريات والنماذج تمييز المكونات التي تحدد التعلم المنظم ذاتيا، والعمل على توضيح العلاقـات والتفـاعلات المشتركة بين تلك العمليات والأداء الأكاديمي، وكان من بين تلـك النظريـات النظريـة السلوكية، ونظرية التعلم المعرفي الاجتماعي، والنظرية الثقافية الاجتماعية، ونظرية معالجـة المعلومات. وبالرغم من اختلاف توجهات تلك النظريات في تفسيرها للتعلم المنظم ذاتيا، إلا أن نظرية التعلم المعرفي الاجتماعي لباندورا تعتبر من أهم النظريات التي حاولـت تفسير التعلم المنظم ذاتيا للمهارات التعليمية الأكاديمية داخل وخارج المدرسة، فهي تنظر إلى عملية التعلم على أنها عملية اجتماعية تتم داخل إطار محدد من العلاقات الاجتماعية بين الطالب و ذاته من ناحية، وبين الطالب ومعلمه وبين الطالب وأقرانه المتعلمين من ناحية أخرى.
مفهوم التنظيم الذاتي للتعلم
تشابهت المسميات (التنظيم الذاتي للتعلم والتعلم المنظم ذاتيا) على حسب توظيف كل منهما في الدراسات والبحوث، ولا يوجد اختلاف بينهما في التوظيف والتعريف فمهارات التنظيم الذاتي للتعلم هي مهارات التعلم المنظم ذاتيا، وسوف يقتصر المقال على ذكر مصطلح التنظيم الذاتي للتعلم، وقد نشأ التنظيم الذاتي للتعلم مع نشأة المدرسة السلوكية في علم النفس، والتي حددت ووصفت سلوك المتعلم تجاه تعلمه (نشط – فعال – مميز – بطيء – ضعيف).
ويعرف إجرائيا بأنه: عملية نشطة يكون فيها المتعلم مشاركاً نشطاً في عملية تعلمه يبحث ويحاور ويناقش على حسب ميوله واهتماماته .
وتعرف مهارات التنظيم الذاتي للتعلم بأنها: مجموعـة الطـرق والإجراءات التي يسلكها المتعلمون أثناء مواقف التعلم المختلفة من أجل تحقيق الأهداف المنشودة، ويمكن قياسها من خلال مقياس مهارات التنظيم الذاتي.
أهمية التنظيم الذاتي للتعلم
- التنظيم الذاتي للتعلم يعد أحد الحلـول المناسـبة لتحقيق جودة التعلم المنشودة فالكل مشارك نشط في عملية تعلمه.
- تساعد استراتيجيات التنظيم الذاتي على توسيع قدرات الطالب العقلية في تخزين واسترجاع البيانات.
- تنمي مهارات التنظيم الذاتي مهارات الاستماع والتلخيص والترتيب لدى المتعلمين، وهي مهارات أساسية وضرورية للتعلم.
- تساعد مهارات التنظيم الذاتي على إحساس المتعلم بالثقة بالنفس لما يتعود عليه من مهارات تصاحبه طوال مراحل تعلمه فهو تعلم مرتبط بشخصية المتعلم و مصاحب له طوال فترة تعلمه.
- يساعد التنظيم الذاتي للتعلم على تنمية قدرات المتعلم الأدائية في المواد العلمية من خلال تنظيم مراحل التعلم واتمام كل مرحلة على حدة.
مهارات التنظيم الذاتي للتعلم
- مهارة وضع الأهداف: ويقصد بها قدرة المتعلم على وضع أهداف محددة لتعلمه.
- ربط المعرفة السابقة بالحالية: ويقصد بها الاستفادة من المعارف السابقة وربطها بالمعرفة الحالية.
- مهارة البحث الذاتي عن المادة العلمية: ويقصد بها محاولة الطالب الوصول إلى معلومات تفيده في تحقيق المزيد من الفهم والتعمق في موضوعات تعلمه.
- مهارة إدارة وقت التعلم: يقصد بها محاولة الطالب تنظيم وقته وجهده وتوزيعهم على مهام تعلمه.
- مهارة المراقبة الذاتية للتعلم: ويقصد بها قدرة المتعلم على مراقبة تعلمه وتقييمه لمراحل تقدمه في التعلم واكتساب المعارف والمهارات.
- مهارة الضبط والتنشيط: ويقصد بعملية الضبط قدرة المتعلم على ضبط وقت تعلمه والتركيز على الهدف المحدد لمحاولة إنجازه، كما يقصد بالتنشيط التزود بالمعارف والحقائق التي تفيد المتعلم في تعلمه.
مبادئ التنظيم الذاتي للتعلم في ضوء استراتيجيات استخدامه
هناك أربعة مبادئ هامة تحدد مدى نجاح الاستراتيجية المستخدمة في التعلم وهي:
- مبدأ الخصوصية: حيث يتعلم المتعلم بشكل خصوصي يتناسب مع قدراته واتجاهاته وميوله، وتختلف درجة الخصوصية من مقرر تعليمي إلى آخر.
- مبدأ التوليد والانتاج: ويقصد بها ابتكار طرق جديدة للتعلم تتناسب مع درجة استعداد المتعلم.
- مبدأ التحكم والضبط: ويقصد بها إدارة التعلم حيث أن المتعلم حين يكون المتحكم الرئيسي في تعلمه، يكون أكثر استعدادا و إقبالا على التعلم.
- مبدأ الكفايات الشخصية: و تعني مدى امتلاك المتعلم للمعارف والخبرات التي تمكنه من التعلم.