يشعر بعض الوالدين بصعوبة في الشرح والتوضيح فيما يخص الأعراق المختلفة والعنصرية للأطفال، لكن الأمر في الحقيقة ليس بتلك الصعوبة المتصورة. و فيما يلي دليل يوضح كيفية التعامل مع هذا الموضوع يتوافق مع ما يناسب عمر طفلك.
هل تحدثت مع أطفالك عن الأعراق المختلفة والعنصرية؟ ربما تعتقد أنهم ما زالوا صغارًا أو أن الحوار حول هذا الموضوع غير مهم؟
تقول راشيل برمان، مديرة الدراسات العليا لبرنامج دراسات الطفولة المبكرة في كلية ريلستون في تورنتو، وباحثة في مشروع يدعى ” يمكننا التحدث عن العرق؟: “إنهم ليسوا صغارًا أبدًا، وأن الحوار المستمر حول العرق والعنصرية هو فكرة جيدة”. وأضافت: “الأطفال بحاجة إلى الكبار لمساعدتهم على احترام و تقبل الآخرين”، كما تقول: “إن عدم الحديث عن العرق والعنصرية يبعث برسالة إلى الأطفال -بغض النظر عن العمر- مفادها أنه يحرم التحدث عن هذا الموضوع.” كما أضافت أنه من الممكن أن الأطفال المعرضين للعنصرية بحاجة إلى المساعدة في التعبير عن مشاعرهم ومعرفة كيفية التغلب على ما يواجهونه.
لكن كيف تبدأ تلك المحادثة؟
لكل فئة عمرية احتياجات مختلفة. تابع القراءة لمعرفة طرق تناول الموضوع مع طفلك.
الرضع والأطفال الصغار
يولد الطفل وهو خالي الذهن من المفاهيم والمعاني المختلفة، لكن الدراسات التي قامت بها برمان، أظهرت أنه رغم ذلك يتفاعل بشكل مختلف مع الاختلافات العرقية، حتى قبل ستة أشهر من العمر. و توضح برمان هذا الأمر أكثر: “الفكرة القائلة بعدم التحدث بصراحة مع الأطفال حول العرق والعنصرية لأنهم صغار و أبرياء جدًا أو أن ذلك يمكن أن يساعد على نشأة العنصرية أو ربما يقولون أشياء سيئة.. فكرة لا أساس لها من الصحة”
لمواجهة أية رسائل ضارة قد يتلقاها الأطفال، احرص على إنشاء بيئة تمكن الطفل من التعرف على الاختلافات و أوجه التشابه بين الناس من مختلف الأعراق والثقافات والأديان في سن مبكرة، كما تقول كارين موك، المتخصصة في علم النفس التربوي ومستشارة حقوق الإنسان في تورنتو. كذلك احرص على أن تقرأ لطفلك الكتب المصورة وتشاهد معهم البرامج التلفزيونية والأفلام التي تحتفي بالأطفال من جميع الألوان والثقافات.
أيضًا، كن مستعدًا للإجابة على الأسئلة. وتوضح برمان: “قد يبدأ الأطفال الذين يبلغون من العمر سنتين أو ثلاثا بالسؤال عن الاختلافات، مثل الإعاقة والجنس، أو الصفات مثل لون البشرة والشعر”. لكن ماهي أفضل طريقة للرد على فضولهم حول هذا الموضوع؟ تذكر آنيتي هنري، رئيسة ديفيد لام في التعليم متعدد الثقافات، وأستاذة في قسم تعليم اللغة ومحو الأمية في جامعة كولومبيا البريطانية، إعجابها برد إحدى الأمهات على تعليق ابنتها. “كنت في السوبرماركت، وكانت هناك طفلة صغيرة من ذوي البشرة الفاتحة تبلغ من العمر تقريبا ثلاث سنوات، قالت لأمها: ” أنظري إلى السيدة البنية.” أجابت أمها: “أوه، نعم، أليست جميلة؟” فكرت في الأمر مليا، وأعتقد أنها أم ذكية واحتفلت بالفرق بدلاً من أن تقول: “أليس من الرائع أننا مختلفون؟”
مرحلة ما قبل المدرسة
في عمر الثالثة تقريبًا، يبدأ الأطفال في استخدام معيار العرق -من بين معايير أخرى- لاتخاذ القرارات حول من سيشاركهم اللعب، كما تقول برمان. إنهم يفعلون ذلك بفضل التحيزات التي طوروها بدون وعي أو لأنهم يعتقدون أن الأشخاص الذين يشبهونهم، يناسبونهم أكثر من غيرهم. يمكن للأطفال في هذا العمر أيضًا أن يبدوا عبارات مؤذية، ويحتاج الآباء إلى الاستعداد للرد على ذلك، تقول برمان: “إذا أبدى طفل تعليقًا على طفل آخر، مثل” تبدو بشرته قذرة، فلا توقفه أو تغير الموضوع. ” “بدلاً من ذلك، اسأل طفلك عن سبب اعتقاده ذلك و وضح له أن البشرة الداكنة ليست كما ذكر. خذ تعليقات طفلك وأسئلته على محمل الجد.” يجب على الوالدين أن يكونوا حذرين للغاية بشأن تمرير تحيزاتهم وتعصبهم قبل أن يفهم الأطفال مفهوم العنصرية، كما يقول شيمي كانغ، وهي طبيبة نفسية ومديرة برنامج الصحة العقلية للأطفال والشباب في فانكوفر.
الأطفال في سن المدرسة
عندما يبدأ الأطفال الدراسة، يصبحون أكثر عرضة لموضوع التمييز العرقي، مما يعني أنهم قد يحتاجون إلى إرشادات أكثر وضوحًا عن العرق والعنصرية. فالأطفال في هذا السن يتلقون بالفعل رسائل خفية، غالباً ما تكون غير معلن عنها من التلفزيون والأفلام والسياسيين حول من يمتلك السلطة ومن له شأن أعلى في مجتمعنا، كما يتقول برمان. يجب أن نبدأ تعليم الاطفال ليكونوا قارئين ناقدين ومنظرين. من إحدى الطرق للقيام بذلك هي خلال طرح أسئلة مثل: “هل هناك مجموعات معينة لا تحصل أبداً على دور البطل في الكتب؟” و “من الذي يمكن اعتباره” جميلًا؟”.
كذلك تعد هذه المرحلة العمرية هي الوقت المناسب الذي يمكننا فيه البدء بتعليم الأطفال طرقًا لمكافحة العنصرية والتحيز. ولكن للقيام بذلك، على الوالدين أولاً ان يصارحوا أبنائهم بفكرة أن بعض الناس قد يكونون معرضين للمعاملة غير العادلة بناء على لون بشرتهم أو ثقافتهم. و أكدت كانغ أنه من المهم التأكيد عند التحدث إلى الأطفال على المعاملة غير الجيدة التي يتعرض لها بعض الناس، مما قد يشعر الأطفال بأنهم قادرون على إحداث تغيير.
من المهم أثناء التحدث مع الأطفال اختيار التفاصيل المناسبة حسب الفئة العمرية، كما تقول برمان. على سبيل المثال، يمكننا أن نحدث الأطفال عن المعاملة السيئة التي يتعرض لها البعض، لكن قد لا نضطر لذكر الاعتداء الجنسي عند الحديث مع أطفال في سن مبكرة.
من الضروري كذلك مساعدة الأطفال على إدراك أن العنصرية والتعصب لا يقتصر على الماضي. فعندما يتعلق الأمر بالأحداث الجارية، تقترح كانغ أن نخبر الأطفال بالحقيقة، وأن نقدم لهم معلومات مناسبة للعمر، مع منحهم فرصة توجيه النقاش للكشف عما يخالجهم. كما أوصت كانغ قائلة: “اسأل أطفالك عن الجانب الذي يهمهم في القصة.” “قد لا يرغبون في معرفة كل التفاصيل. طمئنهم لأنه من المهم أن يشعر الطفل بالأمان. ”
ترى هنري أن الوالدين يجب أن يتناولوا موضوع العنصرية و التمييز العرقي بشكل مباشر مع أطفالهم إذا أرادوا تغيير الطريقة التي ينظرون بها إلى الأمور. “هذه لحظة يجب أن نساعد فيها أطفالنا على فهم دورهم كمواطنين بالغين في المستقبل”، كما أضافت: “وذلك يبدأ من الآن”.
المراهقين
يمكن للأطفال الأكبر سنًا القيام بمحادثات أكثر عمقًا حول قضايا العنصرية والتعصب والدور الذي من الممكن أن يقوموا به في الدعم. في هذا العمر، يمكنك إجراء مناقشات أكثر تطوراً حول مواضيع مثل قضية التمييز العنصري، كما تقول هنري. قد يحصل المراهق على حقائق غير صحيحة من خلال الإنترنت. نوهت كانغ: “يجب على الوالدين أن يكونوا على علم بالمكان الذي يحصل أطفالهم على معلومات منه.” “من السهل جدًا أن تجد نفسك على مجموعة نقاش في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يوجد الكثير من الكراهية. لذا يجب على الوالدين أن ينتبهوا إلى وجهات النظر المتطرفة.” يجب على الوالدين تشجيع أطفالهم على التفكير بشكل نقدي حول أي مصدر، وإذا كنت تعتقد أن آراء أطفالك متطرفة، حاول تصحيح أي خرافات لديهم.
*مقال مترجم
رابط المقال الأصلي:
https://www.todaysparent.com/family/parenting/how-to-talk-to-kids-about-racism-an-age-by-age-guide
أحيّي الكاتبة ريما الأحمدي على ترجمة هذا المقال الهادف، خاصّة ونحن
نواجه تزايد التواصل بين بني البشر عبر وسائط التواصل الاجتماعيّ وعبر
وسائط الإعلام المرئيّة والمقروءة والمسموعة.
طبعًا للوالدين دور في هذه التربية لاحترام المختلف، ولكن هناك دور لا يقلّ
أهميّة للمؤسسات التربويّة ولوسائط الإعلام وللقادة ورجال الدين وو…
بوركت جهودكم. (أرجو الانتباه أن كلمة سنّ مؤنّث لذا نقول هذه السنّ!)
شكرا لك د. محمود على التعقيب والملاحظة القيمة. منكم نستفيد ونتعلم .