التعامل مع المراهقين والتحدث معهم أمر قد يستعصي على عددٍ غيرِ قليلٍ من الأسر، إنه السهل الممتنع لا المستحيل. هو أمر غاية في الأهمية ينبغي إيلاؤه العناية الكاملة التي يستحق، سواء من ناحية التنظير التربوي أو فيما يتعلق بتبادل الخِبْرات والتجارب بين المعنِيين، أولياءَ أمورٍ كانوا أو مدرسين.
لعل أولَ وأهم أمر أو سلوك ينبغي على البالغين عمله أثناء التعامل مع المراهقين سواء كانوا أبناءهم وبناتهم أو طلابهم أو أقرباءهم… هو أن يكُفوا عن طرح أسئلة غير منطقية من قبيل: لماذا هم ليسوا مثلنا؟ لماذا لا يتصرفون مثلنا؟ لماذا كل هذا العِناد؟… لأن الحقيقة والأمر العادي هي أن جميع المراهقين الأصحاء (سلامة بدنية ونفسية) مِزاجيون إلى حد ما، وعنيفون ويميلون إلى السرعة في نمط عيشهم. إنها -إن شئنا القول- وظيفتهم! أو هكذا يجب أن يكونوا.
إنها فترة حرجة ومرحلة عُمرية تتطلب الكثير من الاهتمام والرعاية.
ماذا حدث لطفلي الصغير اللطيف؟
تَغيراتٌ كبيرة يُواجهُهَا المراهقون جسديًا وعقليًا وعاطفيًا. ففي فترة المراهقة يكبر الأطفال ويصير الانفصال عن الأبوين وخاصة الأم أمرا حتميا، بل وضروريا ليعتمدوا على أنفسهم فيما بعد. و هذه السيرورة -على الرغم من أنها قد لا تبدو كذلك- إلّا أنها عملية مُؤلمة بالنسبة لهم أيضا، تماما كما هو بالنسبة لأولياء أمورهم. فمع نضج المراهقين، يواجهون أُمورا ليست بالهيِّنة، مثل:
– تغيرات فسيولوجية ضخمة.
– حاجة متزايدة للاستقلالية.
– الرغبة في مزيد من الخصوصية.
– تعلُّق أكبر بأقرانهم.
فكيف نتحدث معهم (وليس إليهم)، وهم الذين كانوا إلى وقت قريب أطفالا محبوبين، بينما هم الآن لا يُبْدون أي حماس للتجاوب معنا، نحن الراشدون الذين نتقدم في السن دون أن ندري، نحن الراشدون الذين أصبحنا نميل إلى الهدوء والسَّكينة أكثر ونبحث عنهما ربما أكثر من بحثنا عن شيء آخر. فكيف نتصرف في مواجهة هؤلاء المراهقين الذين يعقدون العزم على التحدي في كل وقت.
هو طريق صعب، لكن يجب علينا أن نمشيه. الطريق يبدأ بأن نقتنع أولا بضرورة بذل جهد أكبر للتحكم في الوضع، ثم ثانيا الحرص على معرفة الأمور التي يجب علينا فعلها، وتلك التي ينبغي تَجنبُها.
تأكدوا أنه، في جميع الأحوال، وحتى في ظل أفضل الظروف، سيكون التواصل مع ابنكم المراهق محدودًا. وهو شيء يجب تفهمه وقبوله حتى تسير الأمور بشكل أحسن.
1- أُمورٌ ينبغي القيام بها
– كونوا مستمعين جيدين. إذا كان ابنكم المراهق يرغب في مشاركة شيء ما (أي شيء) والحديث عنه، فلا تترددوا في التفاعل معه واغتنام هذه اللحظة الثمينة والنادرة.
– اعتذروا عندما تخطِئون.
– عند الحديث مع المراهق، ابقوا دائما تعليقاتكم مختصرة. وحددوا وقتا مناسبا للحديث عن مواضيع غير جذابة، مثل الواجبات المنزلية. ركزوا أولا على ما تم تحقيقه من طرفه قبل تقديم النقد البناء.
– احرصوا على مشاركة المراهق اهتماماته وهواياته كلما كان ذلك ممكنا.
– احترموا خصوصية ابنكم المراهق، وافهموا حاجته لذلك (مكالمات هاتفية خاصة مثلا). وهو الأمر الذي سيدفعه لا محالة لمشاركتكم بعضا من عالمه الداخلي طواعية و عن طيب خاطر.
– امنحوهُ استقلالية متزايدة، ليتأكد أنكم تتقون فيه، ولتزيدوا من احتمال لُجوئه إليكم عندما يحتاج دعما أو مساعدة.
– تثمين الإيجابيات لدى المراهق مهما كانت صغيرة.
– الدعم والإرشاد بدل التوبيخ.
– إشعار المراهق بالحب والاهتمام، باعتدال دون مبالغة.
2- أُمورٌ تجنبها ضروري
– مناقشة المراهق وقت غضبه.
– إفشاء الأسرار التي قد يبوح بها المراهق لكم. و هو ما قد يجعله يفقد الثقة فيكم، ويقرر عدم مشاركتكم عَوَالِمه الخاصة مرة أخرى.
– استعمال القسوة، سواء في الكلام الوالدين أو في ملامح الوجه.
– كثرة طرح الأسئلة، و بدل ذلك يجب طرحها بصيغة خفيفة وغير مباشرة، مثلا بدلا من: “لماذا تأخرت 15 دقيقة في الوصول إلى المنزل؟” نقول ” لقد انتظرناك 15 دقيقة لنتناول الطعام معا”. هو اختلاف صغير، لكن له وقعا كبير و سيُولِّد مقاومة أقل.
– التركيز على السلبيات وإعطاؤها أكبر من حجهما.
– مقارنة المراهق بغيره من أصدقائه أو زملائه المراهقين.
– تجنب المحاضرات، ما أمكن، وكثرة النصائح التي يعتبرها المراهق مزعجة.
كخلاصة، نشير إلى أنه لا توجد خطة جاهزة نطبقها لضمان أن يكون التعامل مع المراهقين ناجحا وهادفا، بل هي خُطط نغيرها حسب الحاجة وحسب الظروف وحسب ملاحظتنا الدائمة…
ملحوظة: تم استعمال لفظ المذكر في الموضوع للتخفيف فقط، والمقصود به الدلالة على الجنسين معا.