يعد التعليم من السمات البشرية التي انفطر عليها الانسان، و هي صفة ملازمة له منذ نشأته، و هو ما يميزه عن باقي المخلوقات التي خلقها الله، و التعليم أيضاً عملية مستمرة تستمر باستمرار الحياة، فالإنسان يولد على الفطرة التي تدفعه إلى تلبية حاجاته النفسية والاجتماعية والمهنية والتعليمية…
و يعد التعزيز من أهم الأساليب التي يمكن أن تثير دافعية الفرد نحو إنجاز جديد و كذلك ضمان استمرارية الأفراد نحو السعي الجاد إلى تحقيق أهدافهم و طموحاتهم، إلا أن الإفراط فيه يُعد كابحاً لاستمرارية التفكير.
1- التعليم عملية تبادلية
يعد التعليم في الأساس عملية تبادلية تسير في اتجاهين، اتجاه خاص بالمتعلم وآخر مرتبط بالمعلم، لذا فهو يعتبر عملية تبادلية بالدرجة الأولى و تسير بكلا الاتجاهين، و فيه تتم عملية تبادل الخبرات و المعارف بين الطرفين، و كذلك، و في أحيان كثيرة، يتم فيها أيضا تبادل للأدوار، فمن الممكن أن يستفيد و يتعلم المعلم شيئا جديدا من تلاميذه تضيف إليه خبرة أو معرفه جديدة، لذا فليس من المعقول أن يبقى المتعلم مستقبِلاً فقط لمصادر المعرفة الخارجية، سواء من الأفراد أو من الطبيعة، دون أن يتفاعل معها ـو حتى يؤثر فيها، و ليس من المقبول في التربية الحديثة أن يبقى المتعلم مخزنا استراتيجيا للمعلومات التي يتم تكديسها و تخزينها داخل دماغه لكي يتم لاحقا استدعاءها وقت الضرورة، فهذا النوع من التعليم أكد جميع العلماء في العصر الحديث على أنه تعلم غير فعال و قد سمي بأسماء متعددة منها التقليدي، غير التفاعلي و كان آخرها لباولو فريري “التعليم البنكي” في كتابه” تعليم المقهورين” و هنا يُنظر إلى المتعلم بأنه عبارة عن بنك أو مصرف مالي يقوم المعلم بإيداع المعلومات في أدمغتهم، و من ثم يقوم بعملية سحب لهذه المعلومات و كأنها وديعة ماليه موجودة في مصرف، و بناءً على ذلك يقوم المعلم بسحب هذه الوديعة و قتما شاء، ضارباً بعرض الحائط اهتمامات و حاجات و ميول الطلاب و رغباتهم (فيريري، 1980).
2- أنواع التعزيز
يوجد نوعان من التعزيز يستخدمها المعلم داخل الصف وأثناء الحصة التدريسية وهما:
أولا- التعزيز الإيجابي
و هو ذلك النوع من التعزيز الذي يقوم به المعلم بعد الاستماع لإجابة أو مشاركة المتعلم الصفية خاصة بعد طرح المعلم لسؤال أثناء التدريس، و يكون هذا النوع من التعزيز مادياً أو معنويا:
– التعزيز الإيجابي المادي
هناك العديد من الأنواع التي يمكن للمعلم أن يستخدمها في هذا النوع من التعزيز، و على سبيل المثال لا الحصر: المكافآت العينية والهدايا، إضافة الدرجات للطالب في سجل الدرجات، شهادات التقدير… وغيرها من الأساليب التي يختارها المعلم.
– التعزيز الإيجابي المعني
وهو الآخر له أشكال متعددة ومنها: عبارات المدح والثناء، التكريم أمام طلاب الصف، التربيت على كتف الطالب، إظهار الإعجاب بالإجابة من خلال تعبيرات المعلم الجسدية وغيرها من الأساليب الأخرى التي يمكن للمعلم انتهاجها ليعزز طلابه معنوياً.
ثانياً- التعزيز السلبي
وهو ذلك النوع من التعزيز الذي يقوم به المعلم و يمارسه في الحصة التدريسية و له أشكال متنوعة نذكر منها على سبيل المثال: التعبيرات الجسدية و قسمات الوجه كرد فعل على إجابة خاطئة، مقاطعة الطالب أثناء الاجابة، السماح للطلاب الآخرين بالرد و التدخل أثناء إجابة الطالب، ألفاظ غير مقبولة اتجاه الطالب عند إجابته بطريقة خاطئة، التهكم على إجابة الطالب و غيرها من الاستجابات الكابحة و التي تساهم في إحباط الطالب و التي لاحقا قد تمنعه من الاستمرار في المشاركة و التفاعل في الأنشطة الصفية.
3- استجابات المعلم
كتبت الأعسر ( 1998 ) “في كتاب تعليم من أجل التفكير و الذي ترجمه للعربية” أن هناك العديد من الاستجابات التي يقوم بها المعلم أثناء عملية التعليم و التعلم، و التي يمكن أن تساهم إما في تعزيز التفكير أو كبحه عند الطالب، وذلك بغض النظر عما إذا كان هذا التعزيز إيجابيا أو سلبيا. ولهذا فإن استجابة المعلم تجاه إجابة الطلاب لها الأثر الكبير في تعزيز التفكير لدى الطلبة، فالتعزيز الإيجابي المباشر و المفرط (أثناء إجابة الطالب) له مردوده السلبي، و الذي يمكنه أن يكبح التفكير، فعند حصول الطالب على تعزيز فوري و مفرط في آن واحد على إجابته، خاصة إن كانت الإجابة سطحية وغير متعمقة، يولد عنده شعورا بالأمان و الوصول إلى الاكتفاء، وهذا بدوره يقلل من تركيز الطالب، و أحيانا تولد لديه عدم الرغبة في الاستماع إلى إجابات الآخرين.
لهذا يعتبر التعزيز المفرط والذي يحدث من المعلم دون الاهتمام بالكم أو النوع كابحاً للتفكير، فالطالب يشعر كأنه وصل إلى مرحة الكمال من جهة، ومن جهة أخرى يفقد التعزيز قيمته التربوية في نفوس المتعلمين.
إن الاستجابات المرتبطة بسلوك المعلمين المبنية على فهم واضح لأهمية هذه الاستجابات ودورها في استدرار الأفكار من المتعلمين يعطي فعالية أكبر للدرس، ويستنهض ويستفز عقول الطلاب للوصول إلى أفضل الحلول، إما من خلال الأعمال الثنائية المشتركة بين طالبين أو من خلال الأعمال الجماعية للطلاب، والتي تتميز غالباً بالحوار والمناقشة واستدرار الافكار والعصف الذهني وترسيخ مبدأ جماعية العمل (boudini، 2016).
4- أشكال الاستجابات المرتبطة بتنمية التفكير
تشير الأعسر (1998) إلى مجموعة من الأساليب التي من شأنها أن تعزز التفكير:
• تشجيع وتوظيف العمل الثنائي.
• توظيف العمل وفق مجموعات مكونة من 4 إلى 6 طلاب.
• طلب الاستيضاح من المعلم حول الفكرة.
• استخدام عبارات تساهم في تنمية التفكير مثل: الصورة ليست مكتملة، هل لك أن تضيف؟ أو توضح الفكرة…
• كتابة إجابات الطلاب على السبورة، وربط الأفكار مع بعضها البعض والخروج بفكرة جديدة.
• اتخاذ قرار جماعي باستثناء وحذف الاجابات غير المرتبطة بالفكرة الرئيسية.
• توظيف لغة الجسد بطريقة محفزة تساهم في توليد أفكار جديدة.
• توظيف لغة الوجه والتعبيرات الوجهية بطريقة محفزة تساهم في تنمية التفكير.
• الثناء على الإجابات المميزة، دون إفراط في التعزيز الإيجابي.
المراجع
hamida boudini التعزيز نوعان: سلبي وإيجابي، فماهي أشكال التعزيز المستخدمة والمعروفة في كلا النوعين.؟ [متصل] // بيت. – 6 أبريل، 2016. – 15 ديسمبر، 2018. – https://www.bayt.com/ar/specialties/q/279272/.
باولو فيريري تعليم المقهورين [كتاب] / المحرر نور عوض. – بيروت : دار القلم، 1980. – المجلد الأول.
صفاء يوسف الأعسر تعليم من أجل التفكير [كتاب]. – القاهرة : دار قباء للتوزيع و النشر، 1998.
مفيد بوركت
بعد إنحسار النظريات السلوكية التي ركّزت على نقل المعلومات. و تعريف االتعلّم بانه نتاج عمليات التفاعل مع المثيرات البيئية المادية و الاجتماعية و ما يترتب عليها من نتائج تعزيزية او عقابية. برزت النظريات البنائية المعرفية (بياجيه – فيجوتسكي وغيرهم) في التعليم و التعلّم. وفق هذه النظرية ،المعرفة عملية بناء يقوم بها المتعلم لخلق معاني شخصية بالنسبة له من المعلومات الجديدة التي يتلقاها في ضوء معرفته السابقة.
تغيّر التعلّم من عملية اكتساب معارف جزئية حسب قوانين علمية آلية، إلى عملية بناء فردية شخصية معتمدة على الحيز الذي جرى فيه التعلّم.
لذا اعتقد ان في مقدمة الاستاذ خلبل خطاء مطبعي في مستهل مقاله…يعد” التعليم” من السمات البشرية التي انفطر عليها الانسان.
المقصود ان التعلّم من السمات الشرية……. و كذلك في بقية المقال
مقال رائع جدا ومفيد … تسلم يدك ا/ مازن