للمعلم أدوار عديدة في الحياة المدرسية، وحتى أن دوره اخترق حدود المدرسة وأخذ يترك أثره على الأسرة والمجتمع وأصبح دوره يلعب مكانته في كل مكان، لدرجة أن الأدب يدعو إلى الوقوف باحترام للمعلم كونه أقرب ليكون رسولا يبث الخير في الأمة.
فالمعلم له التأثير الأكبر في بناء الأجيال، ومن بين المقررات التي اعتنت بالمجتمع، وخاصة الأسرة ضمن المناهج المدرسية هي ما يخص علم التربية الأسرية التي أصبحت من المقررات المهمة التي يتم تدريسها، وعليه لا بد من تحديد دور المعلمة بصورة أكثر شمولية. و رغم أن دورها يكون دائماً الأكثر حضوراً، إلا أننا سنهتم -في هذا المقام- بدورها في مقرر التربية الأسرية.
بداية، جميعنا نعرف أن علم التربية الأسرية يضع جُل اهتمامه في مساعدة أفراد الأسرة والمجتمع، ويكون بالعادة لصيقا بالفتيات كونهن هن أساس تكوين الأسرة، والمدرسة هي المؤسسة النظامية التي تدرس فيها المناهج المختلفة، ومنها منهج التربية الأسرية الذي يعتبر أكثر المناهج استخداماً للتقنيات المختلفة.
فالتربية الأسرية : هي المجال الذي يركز على النواحي الإنسانية والأسرية ويعمل على تنمية الفرد عقلياً وصحياً ونفسياً في الاتجاه الصحيح وتهيئة الجو الأسري الصحي وكذا الغذاء والكساء المناسبين.
وتتضمن هذه المادة عدة مجالات، فمنها ما يخص مرحلة الطفولة والأسرة وعلاقاتها واقتصادها، وما تسكن وما تلبس وما تؤثث به منزلها، وأيضاً ما يحتوي عليه المنزل من أجهزة مختلفة الأداء. وتتناول هذه المجالات الدراسات العلمية والعملية لحاجات الطلبة في مجتمعهم الأسري، وبذلك تستهدف مناهج التربية الأسرية بمختلف المراحل التعليم تمكن الطالبات من تحصيل المعارف والمعلومات وتكوين المهارات والقيم والاتجاهات المرتبطة بالحياة الأسرية بما يتناسب والمجتمع بصورة متطورة وأكثر عطاء وخبرة.
لذا فكان لا بد أن تكون معلمة المقررات الأسرية واسعة المدارك للمستجدات على الساحة العلمية والتربوية والتغييرات المجتمعية ومتطلباتها وتوقعاتها المتحددة. وتجعلها ذو دراية تعلم كل شيء، بالإضافة إلى أنها تكسب النزعة إلى التجريب والتجديد والوثوق بنفسها في تنظيم المواقف التعليمية، و تكون على ثقة بأنها المرشد والدليل لطالباتها في بيئتهم الأسرية، وما تشتمل عليه من أنشطة واستراتيجيات تدريبية بحُرية واختيار وأمان، بالإضافة إلى القدرة على البحث والاستقصاء لحل المشكلات التربوية، ناهيك عن أن تلك المميزات ستكسب المعلمة استراتيجيات تقويمية تتفق مع التطور التقني لتقويم نمو المتعلم العقلي والاجتماعي والحسي ليضمن استمراره.
فالمعلمة تكون بمثابة محور للعمل في المدرسة وعمودها الفقري وترتكز قيمتها على مدى وعيها وإلمامها بمسؤولياتها المتنوعة والمتجددة والمتطورة والشاملة والمتناسبة مع متطلبات العصر، محققة الأهداف التربوية بجوانبها المختلفة، والمشاركة الفعَّالة والإيجابية من خلال عملها كعضو في المؤسسة التعليمية، في إعداد المواطنة الصالحة الذي تعرف ما لها وما عليها، ويكون ذلك برعاية النمو الشامل للطالبات المتعلمات جسديًا وعقليًا وانفعاليًا.
وبشكل عام فإن النظرة الحديثة لمعلمة التربية الأسرية تتمثل باعتبارها معلمة تراث، قدوة وتمثل دعامة أساسية من دعامات الحضارة. فالتربية الأسرية قائمة على المهارات التي تهدف المعلمة زرعها في طالباتها في مختلف المراحل العمرية، وأن تدربها على تنفيذ تلك المهارات بشكل ذاتي وتعلم ذاتي في آن واحد.
وفي كل ما ذكرنا نلاحظ أن معلمة التربية الأسرية تمارس أدواراً جديدة في ظل تغير النظام التعليمي الجديد فهو يرتكز قلباً وقالباً على المتعلم. أي أن المتعلم يشترك في جميع الأدوار ويكون هو العنصر الفعال وهو محور العملية التعليمة، لذا على المعلمة أن تصبغ دورها كدليل ومقوم وبالتالي قيام المتعلم بتجربته وعلى أساسها يتم تحوير مهام التوجيه والإرشاد لتكون التجربة التعليمية في التربية الأسرية تقوم بدورها تجاه حاجات المتعلم العلمية والأسرية والمجتمعية ويكون هناك باستمرار عامل مشترك بين المتعلم وكل ما حوله.
فلو أخذنا نظرة على أهداف بعض الكتب المنهجية التي تدرس التربية الأسرية نجد أنها جميعها تصنع من المتعلم متعلماً ذو اطلاع واسع ويمتلك تقنيات وقدرات على مواكبة التقدم التكنولوجي والعصري وحاجاته المجتمعية، فهي تركز على زرع قيم دينية وتوعوية تجاه الأسرة، وتُعوِّد على قيم وعادات إيجابية، واتجاهات، وثقافة تخدم حاجة الطالبة وتساعدها على التفكير وتوسع الأفق حول نفسها والمجتمع.
والتربية الأسرية تشمل أيضاً مجالات اقتصادية والقدرة على تنظيم الوقت وتحقيق الخيارات الصحيحة في الأمور الحياتية والمنزلية وفنون التعاملات، والأهم أنه حين تحصل على تلك العلوم تصبح لدى المتعلمة دائماً الثقة بالنفس فيما تفعل وتأكل وتلبس وتتكلم وترفع لديها روح الوطنية وحب الوطن وتراثه.
على المعلمة أن تراعي أن التقنية تعتبر إحدى ضروريات التربية الأسرية، وهناك جوانب يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند استخدام التقنيات في التربية الأسرية، من هذه الأمور:
– توفير الأجهزة المتطلبة لاستعمال هذه التقنية، وتكون ذات كلفة غير عالية.
– سلامة استعمال التقنيات الرقمية، ومنها شبكة الانترنت التي يمكن أن تكون وبالا على المجتمع وسلوكيات شبابه إذا فقد الجانب التوجيهي في الاستخدام.
– المشاكل الفنية التي قد يواجها أثناء استخدام التقنيات، ولهذا يجب تنبيه المتعلمات إلى الجوانب السلبية والايجابية والاستخدام الصحيح لتلك التقنية.
– ضرورة وضع برامج تدريبية للمعلمات، خاصة بكيفية استخدام الحاسب الآلي على وجه العموم أولاً وباستخدام الإنترنت على وجه الخصوص ثانياً، وعن كيفية استخدام هذه التقنية في التعليم ثالثاً .
وعليه، فالأمور والمهارات التي يتم اكتسابها لابد لها من مرشد(ة) أمين(ة) يمتلك كل الإمكانيات التي تؤهله للقيادة، لجعل الطالبات يقدن أنفسهن ويمارسن عدة أنشطة ليصبحن مثل معلمتهم، فالمعلمة قائدة تصنع أجيال تقود نفسها ومجتمعها وبيئتها إلى ما هو أفضل لحياة أكثر عطاء ومثالية وقدرة سواء مهنية أو علمية أو اجتماعية.
المراجع:
- مقررات التربية الأسرية للصفوف المتوسطة، لعام 1441، المملكة العربية السعودية.
- علي نبيل، نادية حجازي (2005): الفجوة الرقمية رؤية عربية لمجتمع المعرفة، الكويت: عالم المعرفة ، ص267.