المُقدمة
لم يعُد التوجه السائد في مُجتمعنا الآن مُرتبطاً بمدى تقبل أو رفض العولمة، بقدر ما أصبح مُرتبطـا بكيفيـة مواجهـة التحديات الناتجة عن العولمة على مُجتمعاتنا، ومن أبرز التحديات التي نواجهها اليوم التطور التكنولوجي الهائل والسريع، حيث تغيرت معالم الحياة الإنسانية في مُختلف جوانبها بفعل التطوارت والإنجازات الرقمية والذكية والعلمية المُتلاحقة، وأصـبح تطـور الأمم يُقاس بمدى تمكنها وتطبيقها للتكنولوجيا في مُختلف المجالات. (سليم،2013).
وتٌعتبر التطورات التكنولوجية الحديثة التي شهدها العالم في مُنتصف عقد التسعينات من القرن الماضي نقلة نوعية وثورة حقيقية في عالم الاتصال حيث انتشرت شبكة الإنترنت في كافة أرجاء البلاد وربطت بلاد العالم مُترامية الأطراف، ليصبح من السهل التواصل مع أي شخص بغض النظر عن موقعه ومكانه أو الحصول على البيانات والمعلومات المُختلفة في أي وقت، فأصبح العالم كقرية صغيرة، وهذا مهد الطريق لكافة المُجتمعات للتقارب والتعارف وتبادل الآراء والأفكار والرغبات، كما إن الاستفادة من كل مُتصفح في الشبكة جعلنا نستخدم الوسائط المُتعددة بأنواعها المُختلفة، ثم أصبح أفضل وسيلة لتحقيق التواصل بين الأفراد والجماعات، ليكون مُتطلبا أساسيا لإنسان العصر الحالي، ويُغزو مجالات الحياة الاجتماعية كافة بمُحركات البحث المُتعددة ومواقعه المُتنوعة. (شاهين، 2015).
الخلفية النظرية
يُعد الإدمان على الفيسبوك من المفاهيم والمُصطلحات التي ظهرت حديثاً خاصة بعد الثورة المعلوماتية والرقمية وما تبعها من انتشار لكثير من الأدوات التي أصبحت تُسهل التواصل فيما بين الأفراد، بالرغم من ردود الفعل السلبية التي تُشكلها بعض الأدوات على الأفراد، خاصة الإنترنت، وما تبعه من وسائل اتصال وتواصل اجتماعي وذلك جراء قضاء أوقات طويلة في استخدامات الإنترنت، وما ينتج عنها من أمراض صحية ونفسية، وتراجع في التعليم والتحصيل العلمي نتيجة سيطرة هذه التكنولوجيا على كثير من الأفراد خاصة فئة الشباب منهم.
ويُعتبر الإنترنت من الأدوات التي حولت العالم الواسع مُتعدد الأطراف إلى قرية صغيرة، تمكن الأفراد من خلاله التجوال في هذا العالم بكل سهولة ويسر، وبدون أية تعقيدات أو مُراقبة، حيث أرسى هذا التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات نوعاً جديداً من الاتصال الاجتماعي بين أفراد الفضاء الإلكتروني الافتراضي، الذي عمل على تغيير وتعديل سلوكيات الأفراد وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية فيما بين بعضهم البعض، سواء في أساليب تواصلهم أو تفاعلهم، حيث أطلق على هذا النوع من الخدمات الإلكترونية التي تعمل من خلال شبكات الإنترنت بشبكات التواصل الاجتماعي، أو بشكل أدق مواقع التواصل الاجتماعي، التي عملت على تبديل كل ما يتعلق بالمفاهيم القديمة فيما يخص التواصل والتفاعل بين الإفراد، خاصة فيما يُعرف بموقع الفيسبوك.
والبحث في مجال إدمان الإنترنت بشكل عام و إدمان الفيسبوك بشكل خاص هو من البحوث الحديثة وقد ركزت البحوث تلك بشكل كبير على دراسة مفاهيم إدمان الإنترنت، وكيفية تشخيص هذا الإدمان وما هي أسبابه وعلاجاته، في حين لم يتم التركيز على مُشكلات الإنترنت وما يُخلفه من نتائج سلبية على الأفراد، وكيف يُعرض الإنترنت والإدمان عليه الشخص الذي يُفرط في استخداماته للخطر، وقد يكون سبباً في تمزيق العلاقات الأسرية، والتسبب في العنف والعدوانية بين الأفراد داخل الأسرة الواحدة، وربما يؤدي بها إلى التفسخ، خاصة بين الزوجين إن لم ينتبه أحدهما إلى الآخر جراء قضاء أوقات طويلة على الإنترنت والتنقل من موقع الى آخر وعدم إعطاء وقت مُناسب للعلاقات الزوجية.
1.1.2 الإدمان المفهوم والمُصطلح
يُعتبر مُصطلح الإدمان (Addction) مُصطلحا لاتينيا يتكون من (( Ad-dier وهو ما يعني أن العبيد لا اسم لهم، وهذا ما كان موجوداً في الحضارة الرومانية، وقد كانوا يُسمونهم بأسماء أسيادهم وقد تطور المُصطلح فيما بعد، إلا أنه بقي يدل على المديونية والتبعية الجسدية، حيث أصبح له قيمة قانونية في القرون الوسطى، وقد كان الرجل يُلزم بقرار قضائي بدفع ديونه بواسطة جسمه أي من خلال أداء عمل مُعين، أما الاستعمال النفسي لمُصطلح الإدمان فقد تطور إلى مفهوم معنوي خاصة أن الفرد المُدمن على مادة مُعينة يٌصبح عبداً لها، حسب ما جاء به (Dougall)، وهو ما يُعيد المُدمن إلى حالة الاستعباد، والصراع غير المُتكافئ مع جزء من نفسه. (يوسف،2015)
أما (عزت،2010)، فيُعرف الإدمان على أنه نوع من المداومة أو الاستمرارية على تعاطي مواد مُعينة، أو التعود على القيام بنشاطات مُعينة بشكل يومي لمُدة طويلة، والقصد منها دخول الشخص المُستخدم لهذه المواد أو المواضيع في حالة من النشوة والسعادة، بُغية الابتعاد عن الحزن والاكتئاب. (عزت،2010)
وُيعرف الإدمان أيضاً على أنه هاجس مُعين، أو نوع من الانشغال بمادة، أو موضوع، وهو الحاجة إلى الرغبة لزيادة استخدام موضوع الإدمان، وفقدان السيطرة، أو عملية عدم القدرة على ضبط الاستخدام ومواجهة عدة مُشكلات جراء الاستخدام المُتزايد لموضوع الإدمان والشعور بالأزمة في مواقف مُعينة قد تواجه المُستخدم جراء عدم قدرته على الامتناع عن استخدام تلك المادة أو الموضوع. (Hinic,2008)
وهو مُصطلح صاغه باحثون يتم تطبيقه على الأفراد الذين ينخرطون في استخدام “الفيسبوك” المُفرط والقهري لأغراض تغيير المزاج، مع نتائج شخصية سلبية، وبعبارة أخرى، فإن الشخص المُصاب بإدمان الفيسبوك قد يعيش بشكل شخصي تجربة فقدان السيطرة مع الاستمرار في استخدام (الفيسبوك) بشكل مٌفرط على الرغم من آثاره الضارة على الحياة الفرد. (Chakraborty, 2016).
أما (young,199) فتعرف إدمان الفيسبوك على أنه: “أن يقضي الشخص أكثر من 38 ساعة أسبوعياً على الفيسبوك.”
وقد عرفت مُنظمة الصحة العالمي الإدمان على أنه تفاعل الكائن الحي مع العقار، أو المادة ومن خصائصها استجابات وأنماط سلوك مُختلفة، وتشمل دائما الرغبة المُلحة على التعاطي أو المُمارسة بصورة مُتصلة أو دورية، وذلك من أجل الشعور بالإثارة النفسية، أو من أجل تجنب الآثار المُزعجة وقد يُدمن الشخص على أكثر من مادة. (حموده،2015)
أما ( ANDREASSEN,2012 ) فقد عرف الإدمان على الفيسبوك بأنه إحدى أشكال الإدمان على الإنترنت حيث يحتوي على عناصر أساسية عدة للإدمان تتمثل فيما يلي:
- السيطرة أو البروز : وتُعني السيطرة على التفكير والسلوك.
- المزاج : فهو يقوم على التعديل ويغرر في المزاج.
- الانسحاب : فيُشكل الشعور بالإحباط والانزعاج والقلق عندما يكون هناك مانع من استخدام موضوع الإدمان.
- الانتكاس : فهي تعبر عن الأنماط السابقة من السلوكيات.
- الصراع : فهو يُعبر عن اختلال في التوازن سواء كان داخلياً أو خارجياً، ويؤدي إلى صراعات على مستوى الأسرة، والعمل والتعليم، والنشاطات الأخرى.
2.1.2 ماهية الإنترنت
تعود فكرة نشأة الإنترنت الى العام 1945 حينما طرح بوش آلة أسماها (Meme machine) حيث كان الهدف منها هو تنظيم المعارف الإنسانية والربط بينهما، وتمكين الباحثين من استعادة المعلومات بطرق إلكترونية والقدرة على الوصول إليها. (امين،2008)
وقد بدأت عملية التفكير في إنشاء أول شبكة للاتصال على شكل شبكة وكالة مشاريع الأبحاث المُتطورة، وتبادل المعلومات(RPANET) ففي العام 1969، وهي عبارة عن شبكة واسعة أُنشأت من قبل وكالة مشاريع البحوث المُتقدمة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (ARPA)، وكانت تُعتبر كشبكة لاختبار التقنيات الشبكية الجديدة، وقد ربطت بين العديد من الجامعات ومراكز البحوث المُختلفة، من أجل التأكد من إمكانية نقل المعلومات بين الأجهزة.( صلاح، 2002 )
لقد ورد مُصطلح الإنترنت في بعض المعاجم كمُصطلحات التربية والتعليم، على أنها الشبكة الداخلية التي تُمكن أي من المُستفيدين بالاتصال بمراكز المعلومات سواء كان ذلك في الداخل، أو في أي مكان في العالم، حيث ساهمت هذه الشبكة في حلول العديد من المشاكل التي واجهت وتواجه المُستفيدين، وهي إحدى العوامل الهامة التي ساهمت ومهدت لظهور ما يُسمى بالعولمة. (جرجس،2005)
ويُعرف الإنترنت أيضاً على أنه أكبر شبكة كمبيوتر في العالم تهدف لربط جميع شبكات الكمبيوتر الحالية (إنترنت، الشبكة الواسعة، شبكة منطقة، شبكة شخصية وما إلى ذلك) جنباً إلى جنب مع جميع أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المُتصلة (الهاتف الذكي، الجهاز اللوحي المحولات وأجهزة التوجيه والمحاور وأجهزة الاتصال الأخرى). (ayu Puspita,2018)
يمكنكم قراءة المقال كاملا من خلال الملف المرفق