ما يواجه التعليم في ظل جائحة كورونا يمثل تحدياً جديداً يستدعي التفكير بطرق وأساليب جديدة ومختلفة عما سبق؛ وذلك كي ينجح التعليم في التعامل مع المستجدات ويتغلب على الصعوبات الحاليّة والمستقبلية.
أصبح التعليم الإلكتروني أحد أهم الخيارات المستدامة للعملية التعليمية، التي من شأنها تعزيز جودة المُنتج التعليمي، وقد ذكرت الدكتورة عهود الفارس، المشرف العام على الإدارة العامة للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد بوزارة التعليم، أن هذه المرحلة تُشكل منعطفاً جديداً لتطوير الأدوات والاستراتيجيات التعليمية، تزامناً مع استئناف الدراسة عن بُعد. (بغدادي،2020)
وكما أفاد تقرير (2020) UNESCO بضرورة التخطيط ووضع الاستراتيجيات لفترة انتقالية ولأهداف طويلة الأجل لتحسين التعليم وتطويره في ظل الجائحة، ويشمل التحسين والتطوير تصميم محتوى أكثر حيوية ومرونة، يصل لجميع فئات المجتمع بسهولة ويسر.
يتناول المقال تصورا مقترحا عن التعليم الافتراضي المستدام، والذي يهدف إلى تحسين عملية اكتساب واستخدام تقنيات التعليم والتعلم. أي باختصار تدريس المقررات الدراسية في بيئة افتراضية والتركيز في بناء المحتوى على دمج المهارات المعرفية والمهارات الحياتية، فهو تعليم يهتم بإعداد المتعلمين للتعامل مع المشكلات في مواقف مختلفة في كافة مجالات الحياة.
تمت صياغة المقال كإجابات لتساؤلات دارت في ذهني، وهي كما يلي:
ما هو المجال المقترح للتطوير؟
المجال المقترح للتطوير هو مجال تطوير المقررات الدراسية في التعليم العام، ويؤكد المقترح على استخدام طرق ووسائل تدريس تنتقل بالمتعلم من الطرق التقليدية؛ كالحفظ، والتذكُّر، إلى التقييم والابتكار، ويتحقَّق ذلك بتوظيف المعارف العلمية، ومهارات التفكير، والمهارات العملية، والاهتمام بالميول، والاتجاهات، والقيم العلمية أثناء التعليم، مما يُلبِّي متطلَّبات المتعلم وحاجاته كعضو فعّال في مجتمعه.
ومن الطرق الحديثة والملائمة لما يشهده العالم هذه الأيام، التعلم والتعليم باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي وتفعيل الفصول والمعامل الافتراضية، ومن هنا ظهرت الحاجة لمقترح يشجّع تعليم المقررات في بيئة افتراضية؛ مما يسهم في تحقيق الاستقرار للعملية التعليمية كما كانت قبل حدوث هذه الأزمات العالمية.
على ماذا يحتوي المقترح؟
أولاً: المصطلحات المستخدمة
- البيئة الافتراضية: بيئة التعلم الافتراضية هي بيئة متكاملة للتدريس حيث يمكن للطلاب القيام بكل ما يمكن القيام به في البيئة المعتادة ولكن يتم ذلك عبر الإنترنت، ويُعد التعلم الافتراضي الأساس لتقنيات التعلم الحديثة المعروفة باسم التعلم عن بُعد أو التعلم المدمج. (ماكوماس وآخرون،2016، ص.63)
- التعليم الافتراضي: هو طريقة لإيصال العلم وللتواصل والحصول على المعلومات والتدريب عن طريق شبكة الانترنت، ويقدم مجموعة من الأدوات التعليمية المتطورة مثل البريد الإلكتروني وإنشاء المواقع للمقررات الدراسية. (شاهين،2020)
- التعليم المستدام: هو التعليم الذي يشجع التغييرات في المعرفة والمهارات والقيم والمواقف لتمكين مجتمع أكثر استدامة وعدلاً للجميع ويهدف التعليم من أجل التنمية المستدامة إلى تمكين وتجهيز الأجيال الحالية والمستقبلية لتلبية احتياجاتهم باستخدام نهج متوازن ومتكامل الأبعاد، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة. (الببلاوي،2020)
أي هو تعلم مستمر مدى الحياة، فما يكتسبه المتعلم اليوم يبقى معه، وتزداد خبراته في ظله، ويستفيد من ثمراته في كافة جوانب حياته.
ثانياً: اختيار النموذج الملائم للمقترح
إنّ اختيار نموذج دون غيره لا يعني بالضرورة أنّ البقية غير صالحة للتطبيق، نحن لا نستطيع أن نُغفل جهود علماء المناهج في وضع النماذج التعليمية، لذلك لا يَسَعُنا تصنيفها كنماذج ناجحة وأخرى فاشلة، فالمعيار للاختيار هو مدى قابلية النموذج للتطبيق وملائمته لأهداف وتوجهات المجال المُراد تطويره.
فيما يلي نقاط مقترحة لاختيار النموذج:
- إمكانية تقديمه لجميع طلاب التعليم العام مع مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين
- يطور ويُحسّن نوعية التعليم بشكل شامل.
- يركز على الكيف وليس الكم.
- يهدف إلى مساعدة جميع عناصر البيئة التعليمية في اتخاذ القرار.
- يتم تطوير المنهج بالتعديل أو التكييف المستمر حتى يصل إلى ما يلائم المتعلمين.
- يركز على أن كل متعلم فريد من نوعه، وله قدرات واهتمامات مختلفة عن غيره.
- يحقق تعلم المعارف والعمليات وطرق التفكير والاستقصاء.
- يهتم بتوفر الإمكانيات المادية مثل الأجهزة، والغير مادية مثل الزمن الكافي.
كيف سيتم تطبيق المقترح؟
سيتم توضيح ذلك في الجدول التالي:
ما هو دور كل من: (المعلم – المتعلم – المنهج)؟
سيكون تأثير التعليم الافتراضي المُستدام عليهم، كما ذكرته (شاهين،2020) كما يلي:
المتعلم:
- نشيط فعال لديه طموح للتعلم.
- يستطيع أن يصل للمعلومة بنفسه.
- قادر على التواصل مع الآخرين.
- يمتلك الدافعية والثقة بالنفس.
- يفكر باستقلالية كاملة.
- يتعلم حسب قدراته وخبراته السابقة.
- يمارس دور الباحث لإيجاد الإجابات لتساؤلاته وافتراضاته.
المعلم:
- يوجّه ويدعم المتعلمين.
- بإمكانه التفاعل مع المتعلمين إلكترونياً.
- بإمكانه تصميم الأنشطة الإلكترونية.
- بإمكانه استعراض محتوى المادة وإيصال المعلومة للمتعلمين.
- يمتلك أدوات ومهارات إدارة الفصل الافتراضي بكفاءة.
- يتحلى بمهارات الاتصال والتفاعل مع المتعلمين.
- يستخدم وسائل متعددة وفعالة تلائم احتياجات المتعلمين في التعليم الافتراضي المستدام.
المنهج:
- يُركّز على تنمية مهارات البحث العلمي، والتي تعد من أهم مهارات التعلم الافتراضي المستدام، ومنها جمع المعلومات من مصادر متنوعة حيث يحتاجها المتعلم ليحقق أهدافه ويجد إجابات لتساؤلاته وافتراضاته بشكل منظم وصحيح في ضوء التطور المعرفي المتسارع.
- يُركّز على المهارات الحاسوبية واستخدام التكنولوجيا والاتصالات ويشجع المتعلم على معرفة كيفية استخدام أدوات إدخال وإخراج المعلومات.
- يُركّز على استخدام التطبيقات الإلكترونية التي تلائم المقرر.
- يُركّز على تنمية مهارات التعلم الذاتي في مجالات التخطيط والتنظيم وإدارة الوقت واتخاذ القرار لتقييم الذات.
- يُركّز على مهارات القراءة الناقدة والكتابة الإبداعية، والتي تساعد المتعلم في كتابة التقارير والملاحظات وتحليل البيانات وتنظيمها أثناء التعلم الافتراضي المستدام.
- يركز على مهارات الاتصال والحياة يتضمن مهارات الاتصال الشفهية والمرئية والكتابية.
- يركز على تنمية مهارات التفكير (الإبداعي – الابتكاري- التأملي – الناقد – البصري) والتي تمنح المتعلم تجربة ممتعة ومفيدة في رحلة التعلم الافتراضي المستدام، فهي أحد أهم أدوات منهج التعلم مدى الحياة.
تُعد المرحلة التي يمر بها التعليم استثنائية وعابرة، وسنتجاوزها بتوفيق الله، فالأنسان فُطِر على حب الاستطلاع والاكتشاف والبحث المستمر لما يعينه ويحقق أهدافه، والمستقبل الباهر بانتظار الذين يُعدّون له اليوم، نسأل الله عزوجل أن يكلل جهودنا بالنجاح.
المراجع
- الببلاوي،هبة: “التعليم المستدام.الكنانة”، استرجعت بتاريخ 25/2/2021،على الموقع التالي https://elkanananews.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%85/
- البغدادي،فاطمة: “تحولات التعليم في زمن ما بعد الكورونا”. استرجعت بتاريخ 25/2/2021،على الموقع التالي https://www.alarabiya.net/qafilah/2020/10/10/%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%8F%D9%91%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D9%81%D9%80%D9%8A-%D8%B2%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7
- شاهين، فاطمة عبد العليم: “التعلم الافتراضي ضرورة حتمية في عصر الرقمنة” استرجعت بتاريخ 25/2/2021،على الموقع التالي https://www.new-educ.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D8%B6%D8%B1%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D8%AA%D9%85%D9%8A%D8%A9
- ماكوماس،ويليام و المزروع،هيا و الشمراني، سعيد و منصور،ناصر و الصباريني ، محمد ” لغة التربية العلمية“،دار جامعة الملك سعود للنشر، 2016.
- UNESCO: “Distance learning strategies in response to COVID-19 school closures”, Retrieved in 25/2/2021, from https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000373305?posInSet=2&;queryId=N-8ea77989-29de-4ff3-997c-eaddc678be5b