حظي التعليم والتعلم بالجزء الأكبر من اهتمام الإنسان منذ أن وطئت قدماه الأرض، وهذا ما يفسر تطور الحضارات الإنسانية عبر العصور المتعاقبة منذ نشأة الحياة البشرية، حتى وصلت الحضارة الإنسانية إلى ما وصلت إليه في عصرنا الحالي، والذي يعتبر من أزهى العصور التي مرت بها الانسانية قاطبة؛ بما يشهده من ثورة في عالم التكنولوجيا والاتصالات.
ورغم أن التعليم الإلكتروني ليس وليد اليوم؛ حيث استخدمته العديد من المؤسسات التعليمية، والتدريبية، في دول شتى منذ فترة عقود، إلا أنه فرض نفسه كواقع؛ عمل على تغيير العديد من الأنماط، والعادات السلوكية، والاجتماعية، كالتسوق والتواصل بين الأفراد، والتنشئة الاجتماعية، من خلال استخدام شبكات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والوتس آب والانستجرام؛ وذلك إثر الأزمة التي تعرض لها المجتمع الإنساني، والتي عرفت بجائحة الكورونا.
وقد واجه التربويون مشكلة حقيقية تصدوا لها بجلدً وإصرار لكي تستمر العملية التعليمية التعلمية قائمة، من خلال تفعيل نظام التعليم عن بعد، وبهذا لا يفقد المتعلم حظه من التعلم، ويكتب للعملية التعليمية التعليمية الاستمرارية والديمومة.
والتعليم عن بعد نمط من أنماط التعليم الإلكتروني يمكن أن يشرح فيه المحتوى التعليمي بدون التقاء المعلم بطلبته وجاهياً، وانما يتم ذلك من خلال مواقع تعليمية تقوم المؤسسات التعليمية بتصميمها ويتواصل من خلالها المعلم بطلبته وهم في منازلهم أو مكاتبهم من خلال أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية، غير محددين بوقت ثابت، ولا بمحتوى تعليمي معين.
وفي هذا الصدد؛ فقد أشار عميره وطرشون وعليان (2019) إلى عدد من الخصائص الذي يمتاز بها التعليم عن بعد نورد منها: توفير آليه توصيل سريعة للوسائط التعليمية إلى المتعلمين وذلك باستخدام وسائط اتصال متعددة تعتمد على المواد المطبوعة، والمسموعة، والمرئية، وغيرها من الوسائط التكنولوجية المتقدمة، وتحصيل الطلبة على المعلومات، وقواعد البيانات على شبكة الاتصالات العالمية، والتواصل مع زملائهم مباشرة، والمشاركة في الحوارات والمناقشات، ووجود تباعد بين المتعلم والمعلم في عملية التعليم من حيث الزمان والمكان أو كلاهما معا؛ مما يؤدي إلى تحرير المتعلمين من قيود المكان والزمان مقارنة بنظم التعليم التقليدية، ووجود مؤسسة تعليمية ما مسؤولة عن التعليم والتعلم عن بعد تشرف على تخطيط البرامج وإعداد المواد التعليمية، وعمليات التقويم والمتابعة، ووجود اتصال ثنائي الاتجاه بين المؤسسة التعليمية والمتعلم لمساعدته على الاستفادة من البرامج، أو الدخول في حوار مع المعلم وزملائه من الدارسين الآخرين.
ويرى زيتون ((2005 أن هناك العديد من الأهداف المتوخاة من التعليم عن بعد؛ ومن أهمها: رفع المستوى الثقافي والعلمي والفكري في المجتمع للمحرومين منه، والتغلب على مشكلة نقص الموظفين والمؤهلين في العملية التعليمية، وتحفيز الطلبة على الدراسة وتشجيعهم عليها بتحدي العوائق الجغرافية، ووضع مصادر تعليمية متنوعة بين يدي المتعلم مما يؤدي إلى تضييق فجوة الفروق الفردية بين المتعلمين، واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في تقييم الطالب لوجود أدوات تقوم بتقييم درجات الطالب بناءً على الاختبارات التي قام باجتيازها.
وقد أثبتت دراسات تربوية عديدة مثل (البلوي، 2019 ،Christina, Michael, Laura, Emily & Emma, 2020؛ Yubaedi, Agus & Bagus, 2020؛ Karakaya, Arik, Crimen & Yilmaz, 2020؛ Ichsan, Rahmayanti, Purwanto, Sigit & Rahman, 2020) فاعلية نظام التعليم عن بعد في استمرارية العملية التعليمية التعلمية بحيث لم ينقطع تعليم وتعلم الطلبة خلال أزمة كورونا التي اجتاحت العالم بأسره.
وقد تنبهت وزارة التربية والتعليم في الأردن لأهمية تدريب المعلمين على استخدام التقنيات العلمية باقتدار، حيث استحدثت العديد من الدورات المتعلقة باستخدام الحاسوب وكيفية التعامل مع البرامج الحاسوبية كالوورد (Word) ومعالجة النصوص والعروض التقديمية ((Power Point واستخدام برنامج الجداول الإلكترونية وكيفية إنشائها من خلال برنامج (Exeel) وكيفية التعامل مع الملفات الإلكترونية مثل (, ppt, pdf, doc html) وتحويل المستندات النصية بصيغة word)) إلى مستندات بصيغة ( (pdfأو غيرها وتشغيل ملفات الصوت والفيديو باستخدام البرامج الملائمة لها، والتعامل مع برامج تحرير الرسومات والصور والأشكال الرقمية، واستخدام أدوات الذاكرة داخل الجهاز وخارجه، وضغط الملفات وفك الملفات المضغوطة (Compressed Files) ، وإجادة التعامل مع شبكة الإنترنت، وكيفية الدخول إليها، وكيفية التعامل مع برامج التصفح عبر الإنترنت، والحصول على المعلومات التعليمية عبر (Google Chrome, Internet Explorer, Google Scholar)، وإجادة استعمال البريد الإلكتروني، وكيفية إرسال الرسائل الإلكترونية واستقبالها، وكيفية استعمال بعض المنصات التعليمية للتعامل مع الطلبة (Google Classroom, Zoom, Microsoft Teams)، وغيرها من المواقع التعليمية، والتواصل مع الطلبة صوتا وصورة، ونشر المقاطع الصوتية والفيديوهات التعليمية عبر المنصات التعليمية الوسائط المتعددة، وربط الأجهزة بشبكة الإنترنت، وتوصيلها، واستعمال وإدارة الملفات، وبالتالي يستطيعون مواكبة التطور التقني في القرن الحادي والعشرين بمهارة واقتدار، والتمكن من تدريس موادهم الدراسية وإعداد الخطط التدريسية، وأوراق العمل، والاختبارات للطلبة إلكترونياً، وتجهيز الجداول الإلكترونية الخاصة بالطلبة، وتطوير أساليب التواصل مع الطلبة، وأولياء الأمور، من خلال مواقع تم تصميمها لهذه الغاية.
وفي ضوء أزمة كورونا وتبني التعليم عن بعد، يحتاج تعليم الرياضيات؛ ذلك العلم التجريدي القائم على المفاهيم، والحقائق، والمسلمات، والبديهات، والذي يعتمد على الفهم، والتفكير، يحتاج تعليمه إلى طرق واستراتيجيات تعليمية يستخدمها المعلم بأسلوب يعمل على تنمية قدرات الطالب المعرفية والذهنية والمهارية، إضافة إلى معلم على قدر كبير من التدريب المتميز في استخدام تكنولوجيا الانترنت والاتصالات ، وقادر على خلق بيئة إلكترونية تفاعلية غنية بالمواقف، والأنشطة، والوسائل التعليمية، والتي تحفز الطلبة على الانخراط في مناقشات، وحوارات رياضية، بين الطلبة ومعلمهم من ناحية، وبين الطلبة أنفسهم من ناحية أخرى.
ورغم المزايا المتعددة للتعليم الإلكتروني والتي عملت على نجاح التعليم عن بعد، فقد أشار العديد من الباحثين ومنهم مراد ( (2014إلى مجموعة من المعيقات أمام نجاح عملية التعليم عن بعد بشكل كامل، ومن هذه العقبات نورد أهمها: عدم توفر الإنترنت في المدرسة في بعض الأحيان، وعدم كفاية عدد أجهزة الحاسوب في المدارس، والمشكلات الفنية التي قد تظهر في أجهزة الحاسوب والإنترنت، وعدم امتلاك الطالب جهاز حاسوب في البيت، وضعف فاعلية برامج تدريب المعلمين في مجال تكنولوجيا المعلومات، وقلة كفاية الوقت اللازم للمعلمين للتخطيط والإعداد لتوظيف تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في التدريس، وعدم أخذ بعض المعلمين موضوع التعليم عن بعد مأخذ الجد، وعدم الاهتمام الكافي من الطلبة للدراسة من خلال التعليم عن بعد، وعدم توفر المعالجة الفورية للأخطاء الفنية في المواقع التعليمية التي تشرف عليها المؤسسة التعليمية.
ومع هذا؛ فإن تلك المعيقات الآنفة الذكر في طريقها للتلاشي، بفضل جهود القائمين على المؤسسة التعليمية في الأردن، وتضافر الجهود، والإحساس بالمسؤولية، لإنجاح عملية التعليم عن بعد بشكل كامل.
المراجع العربية:
البلوي، ماحدة (2019). أثر استخدام المنصة التعليمية classroom google في تحصيل طلبة قسم الحاسبات لمادة image processing واتجاهاتهم نحو التعلم الإلكتروني، المجلة الدولية للبحوث في العلوم التربوية، 2 ( 2)، -123 .170
زيتون، حسن (2005). رؤية جديدة في التعلم- التعلم الالكتروني- المفهوم- القضايا- التطبيق- التقويم، الدار الصوتية للتربية، الرياض.
عميرة، جويدة وطرشون، عثمان وعليان، علي (2019). خصائص وأهداف التعليم عن بعد والتعليم عن تجارب بعض الدول العربية، المجلة العربية للأداب والدراسات الإنسانية، العدد 6.
مراد، عوده (2014). استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال وعوائق استخدامها في التدريس لدى معلمي ومعلمات مدارس تربية لواء الشوبك/ الأردن، مجلة البلقاء للبحث والدراسات، )17 1): -107 138.
مقدادي، محمد (2020). تصورات طلبة المرحلة الثانوية في المدارس الحكومية في الأردن لاستخدام التعليم عن بعد في ظل أزمة كورونا ومستجداتها، مجلة العرب للنشر العلمي، 19، -96 114.
Foreign References:
Christina, R.; Michael, S.; Laura, O.; Emily, T.& Emma, W. (2020). Digital Practice & Applications in a Covid-19 Culture, Higher Education Studies, 10 ( 3). 80- 87.
Ichsan, I.; Rahmayanti; H., Purwanto, A.; Sigit, D.& Rahman, M. (2020). PEB COVID-19: Analysis of Students Behavior and ILMIZI Model in Environment Learning,Jurnal Iqra’: Kajian LLmn Pendid, 5 ( 1), 1-11.
Karakaya, F.., Arik, S., Cimen, O. & Yilmaz, M. (2020). Investigation of the Views of Biology Teachers on Distance during the COVID-19 Pandemic, Journal of Education in Science, Environment and Health, 6 (4), 246- 258.
Yubaedi, S.; Agus, W.& Bagus, N. (2020). Factors Affecting the Adoption of E- Learning in Indonesia: Lesson from Covid-19, Journal of Technology and Science Education, 10 (2), 282- 295.