تعد التنمية المهنية للمعلم من أهم العوامل التي تساعد على تميز وارتقاء المعلم، فتطوير المعلم مهنيا وثقافيا تبقيه دائما قادراً على مواكبة التطور، والقيام بدوره على أكمل وجه (الجنيبي،2014). لذا أصبح من الضروري على المعلم رفع كفاءته أثناء الخدمة، من خلال الدورات والبرامج التدريبية المتنوعة، التي من بينها أسلوب الزيارات المتبادلة بين المعلمين (دليل الإشراف التربوي 1419). ولقد أكدت دراسة الجنيبي (2014) على أهمية أسلوب الزيارات المتبادلة بين المعلمين والتي تعد من إحدى استراتيجيات التنمية المستدامة ومدخلا مهما لتحقيق أهدافها. ومن هذا المنطلق سنتناول في هذا المقال عدة محاور وهي: المحور الأول: مفهوم الزيارات المتبادلة وأنواعها. والمحور الثاني: دور الزيارات المتبادلة في التطوير المهني للمعلم.
مفهوم الزيارات المتبادلة وأنواعها
تضم وزراه التعليم بين جنباتها معلمين ذوي خبرة وكفاءة عالية، بذلوا كثير لبناء أجيال نتباهى ونتفاخر بها في جميع التخصصات، وأيضا تضم معلمين جُددا حديثي خبرة، انضموا إلى مهنة التعليم حبا منهم لهذه المهنة النبيلة، وبين هؤلاء وهؤلاء فارق من الخبرة في مجال التعليم لا تغطيه الشهادة، وعليه، فإن من أسهل الطرق وأفضلها لنقل هذه الخبرة هي الزيارات المتبادلة بين معلم ذو خبرة ومعلم جديد مازال يفتقد هذه الخبرة (اللواتيه،2011).
ويُعنى بالزيارات المتبادلة بأنها أسلوب يقوم به المعلم بزيارة معلم أخر في نفس المدرسة أو مدرسة أخرى، لتبادل الخبرات فيما بينهم، وتبادل الرأي في المواقف التربوية داخل الصف؛ لتحديد نقاط الضعف ووضع الحلول المناسبة، وتعزيز مواطن القوة لديهم (دليل الإشراف التربوي 1419).
كما عرف المعايطة (2012) الزيارات المتبادلة أنها أسلوب في الإشراف التربوي حيث يقوم معلم بزيارة معلم آخر، ضمن خطة محددة، بإشراف المشرف التربوي؛ لتحقيق أهداف تعليميه محددة.
ولقد أوردت الأدبيات عدة أنواع للزيارات المتبادلة بين المعلمين ومنها: معلم المادة الدراسية الواحدة، هنا يقوم المشرف التربوي بتنظيم جدول لتبادل الزيارات؛ لتقريب وجهات النظر وتبادل الخبرات بين معلمي المادة الواحدة (الجنيبي،2014). معلم الصف الواحد، وفيه يقوم معلم الصف الواحد بزيارة معلم آخر مختص بتدريس الصف نفسه؛ ليتناقشوا حول طرق إدارة الصف، والنشاطات المختلفة، ورسم الخطط الفصلية أو اليومية والاختبارات (1991,Robbins). ومعلم المرحلة التعليمية، حيث يقوم معلم المرحلة الواحدة بزيارة معلم المرحلة ذاتها، ليتناقشوا في خصائص النمو والتطور والعوامل النفسية المؤثرة على الطلاب، والمشكلات المعيقة لتحصيلهم العلمي (الضويلع،1997). زيارات المعلمين القدامى للجدد والعكس، وهنا يتبادل المعلمون الخبرات في الجوانب التدريسية المتنوعة كالعروض، وإدارة الصف، والتقويم، وغيرها (الجنيبي،2014).
دور الزيارات المتبادلة في التطوير المهني للمعلم
للزيارات المتبادلة بين المعلمين دور في التطوير المهني حيث أنها تسهم في نقل المهارات والاستراتيجيات الجديدة إلى أرض الواقع وتطبيقها في الصفوف الدراسية، وتقلل من العزلة بين المعلمين، وتوطد العلاقات الحميده بين المعلمين و تعزز التعاون والمشاركة في الأفكار، وتبني ثقافة العمل التعاوني؛ لتساعد المعلمين على نقل وتبادل الأفكار والخبرات الناجحة، وتعزز جانب التأمل والنقد البناء لدى المعلم المتعلقة بمهارات التدريس، وتعتبر وسيلة عون ومساندة للمعلمين المبتدئين (الطافش،2004) كما أن لها دورا كبيرا في رفع أداء المعلمين، وكفاءتهم الإنتاجية وزيادة معرفتهم بكل ما هو جديد في مجال التربية والتعليم (المزروع، 2006). وتزيد من ثقة المعلم بنفسه وانتمائه لمهنته وتسهم إيجابا في النمو المهني للمعلم (دياب، 2012).
وكما يشير الجنيبي (2014) أن الزيارات المتبادلة تشجع المعلمين المبدعين وتزيد حماسهم، مما يدفعهم إلى مزيد من الإبداع، وبذل المزيد من الجهد، وتوثق العلاقات الحميدة وتبث الثقة والمحبة والاحترام بين المعلمين. كما أنها توفر نظام تدريب مهني مستمر؛ لتحقيق الربط بين ما هو نظري وعملي في الميدان التربوي؛ للمساعدة على وضع حلول مناسبة لمشاكل الطلاب (عطار وآخرون، 2005). ويسهم أسلوب الزيارات المتبادلة في إطلاع المعلم على أساليب تدريس مختلفة، وتساعده على تطوير أدائه، واستثمار للخبرات التربوية للمعلمين (العجمي 2008).
وأشارت دراسة عيدروس (2009) أن تبادل الخبرات بين المعلمين داخل المدرسة أحد أساليب التنمية المهنية المعتمدة بنسب متفاوتة، فقد بلغت نسبة المعلمين الذين يرون أنها لا تعتمد أبداً (10٪)، ورأى (45٪) منهم أنها تعتمد أحياناً. كما جاء تطبيقها خارج المدرسة بنسب متفاوتة، فبنسبة (86.75٪) يرون أنها لا تعتمد أبد، ويرى (7.22٪) منهم، أنها تعتمد أحياناً، بينما يرى (3.30٪) منهم أنها تعتمد دائماً. وأوصت دراسة الراسبي (2008) بضرورة تفعيل دور الإشراف من خلال قيام المشرف بتنظيم تبادل الخبرات بين المعلمين ذوي الخبرة، للمعلمين حديثي الخبرة، ومن ثم عقد اجتماع لمعرفة جوانب الاستفادة من أجل رفع مستوى تحصيل الطلاب، وتحسين أداء المعلم المهني.
ومن جميع ما سبق يتضح أن الزيارات المتبادلة عدة أنواع، جميعها تساعد المعلم على تحسين أدائه في العملية التعليمية، والتصدي للمشكلات التي تواجهه وإيجاد الحلول المناسبة لها. كما أشار المقال إلى دور الزيارات المتبادلة باعتبارها من أساليب التنمية المهنية المعتمدة في الواقع الفعلي للتطوير المهني للمعلم؛ فهي تسهم في نقل المهارات والاستراتيجيات الجديدة إلى أرض الواقع وتطبيقها في الصفوف الدراسية وتبادل الأفكار والخبرات بين المعلمين، وتشجع المعلمين على مزيد من الإبداع، وتوطد العلاقات الحميدة بينهم.
المراجع
الطافش، محمود. (2004). قضايا في الإشراف التربوي. دار البشير.
عطار، عارف توفيق، عيسان، صالحة عبد الله، ومحمود، ناريمان جمعه. (2005). الاشراف التربوي اتجاهاته وتطبيقاته العلمية. مكتبة الفلاح.
المعايطة، عبد العزيز عطا الله. (2012). اتجاهات حديثة في الإشراف التربوي. دار وائل للنشر والتوزيع.
الجنيبي، حمد بن رامس. (2014). مدى فاعلية تبادل الزيارات بين معلمي التربية الإسلامية في إنمائهم المهني ومعوقاتها من وجهة نظرهم بسلطنة عمان [رسالة ماجستير، جامعة السلطان قابوس]. قاعدة دار المنظومة.
الحارثي، رسماء علي. (2009). واقع ممارسة مشرفات اللغة العربية ببعض أساليب الإشراف التربوي في ضوء معايير الجودة [رسالة ماجستير، جامعة أم القرى]. قاعدة دار المنظومة.
دياب، صباح محمد. (2012). فاعلية استخدام أسلوب الزيارات المتبادلة بين المعلمين في تنمية مهارة المعلم التدريسية من وجهة نظر المعلمين والمعلمات بمنطقة بنها بجمهورية مصر، المجلة العربية للعلوم الاجتماعية،2(1)،69-134.
الضويلع، سالم مبارك سالم. (1997). دراسة تقويمية لأساليب الإشراف التربوي المطبقة في المرحلتين المتوسطة والثانوية بمنطقة النماص التعليمية من وجهة نظر المعلمين والمشرفين التربويين [رسالة ماجستير، جامعة أم القرى]. معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي.
عيدروس، أسماء محمد. (2009). التنمية المهنية لمعلم التعليم الأساسي بسلطنة عمان [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة عين شمس.
اللواتية، طاهره عبد الخالق. (2011). التوأمة بين المعلمين، مجلة التطوير التربوي،67(10)،1.
المزروع، هيا. (2007). تصميم برنامج لتنمية مهارات التدريب بالزملاء والاتجاه نحوه وزيادة فعالية الذات في تدريب العلوم لدى الطالبات المعلمات في تخصصات العلوم الطبيعية بكليات التربية، مجلة التربية العلمية،7(2)،1-37.
وزارة التربية والتعليم. (1419هـ). دليل مفاهيم الإشراف التربوي. https://edu.moe.gov.sa/Aflaj/Departments/PublishingImages/Pages/Future
المراجع الأجنبية
Robbins, P. (1991). A review of the coaching literature, Journal of staff development,12(1),22-27.
شكرا على هذا المقال.
مشاهدة الدروس التطبيقية سواء من المعلمين الجدد أو القدامى وربطها مع التقنيات الحديثة في التعليم لا شك أن له شأنا كبيرا في تبادل وتطوير المهارات التعليمية.
مقال رائع جدا