مع كثرة الكتب في مجال التربية وتشعبها وتخصصها وعمقها في بعض الأحيان وعرضها لنظريات تربوية الى آخر القائمة، في الوقت الذي لا يجد فيه كثير من الآباء والأمهات الوقت لكل هذه القراءات المتخصصة: فإن وجود كتب شاملة ومختصرة ومباشرة أمر له أهمية كبيرة بالنسبة للوالدين خاصة إذا كانت النصائح المقدمة نتيجة خبرات متراكمة متفاعلة وليست دراسات أو نظريات لم يمارس صاحبها دور الأبوة أو الأمومة مما يجعلها أحيانا صورا مثالية مبتورة الصلة عن الواقع، تقع بين الإفراط والتفريط مما يسبب التيه للمربين خصوصا مع ضيق الوقت للقراءة أصلا.
لذا سنعرض تلخيصا لكتاب قواعد التربية لكاتبه ريتشارد تمبلر وهو كاتب استلهم من تجربته في تربية أبنائه على مدار ثماني عشرة سنة، ووضع كتابا ضمّنه قواعده التي استخدمها في التربية.
يقول: “هذه القواعد تركز على الحقائق المهمة – الأشياء المرتبطة بتوجيهات وقيم طفلك، وكذلك صورته عن ذاته”، كما أنه ينبه على أن هذه القواعد يمكن تطويعها لتلائمك أنت وأطفالك وأن المغزى هو اتباع روح القاعدة وليس النص الحرفي: “حين تفكر في المسؤولية الملقاة على عاتقك -كأب أو أم- فقد تجد نفسك عاجزا عن التفكير، فما تقوله وما تفعله على مر السنين سيكون له تأثير بالغ في تحديد ما إذا كان طفلك سيكبر ليكون شخصا متزنا أو فاسدا” لذا هيا بنا لتصحيح الكثير من الأخطاء والعادات السيئة التي يقع فيها الأبوان.
-
استرخ
أفضل الآباء الذين أعرفهم يشتركون في ميزة واحدة: وهي أنهم يتعاملون مع الأمر بكل هدوء، وعلى العكس فإن أسوأ الآباء دائما ما تجدهم متوترين بشأن شيء ما – ليس بمدى كفاءتهم كآباء- بل بأشياء من قبيل النظام المفروض على أبنائهم مما يجعل من الصعب على الأطفال أن يكونوا على طبيعتهم أو الاستمتاع بأوقاتهم، بيد أن أفضل من عرفت من الآباء يتوقعون من أبنائهم أن يكونوا صاخبين ومهملين، ودائمي الحركة والشجار والشكوى، لذلك يتعاملون مع تلك الأمور بتمهل وروية.
في حالة التعامل مع الأطفال أنت بحاجة للتعامل مع الأساسيات وليس عليك بعد ذلك أن تبالغ في القلق إزاء أزرار قميصه المفتوحة…
-
ركز على مواطن قوتك وعززها
هل تشعر بالغيرة حين ترى الآباء الآخرين وهم يقضون ساعات مع أطفالهم في اللعب، بينما أنت لا تفعل إلا لدقائق خالية من الحماس؟ أو ترين تلك الأم التي تتقن ابتكار مغامرات جذابة لأطفالها، أو البنت الذي يصحبها والداها لدرس الموسيقى… والقائمة تطول.
ربما فهمت المقصد الآن.. لا تركز على ما يفعله الآخرون، بل اختر شيئا من الأشياء التي تتقن فعلها لأطفالك ولا يستطيع الآخرون فعلها، تلك الأشياء التي تقلل من قيمتها لكنها قيّمة فعلا.
فمثلا إن كنت تحب القراءة فيمكنك الاستمتاع لساعات وأنت تقرأ لأطفالك محاكيا الأصوات ومقلدا الشخصيات، أو مشاركتهم في إعداد الطعام، تعلمهم ركوب الدراجات، أو تشاركهم في برنامجهم المفضل، لذا من المهم معرفة ما تجيد فعله والتركيز عليه.
-
اترك لهم فرصة للعب
هل تريد من طفلك أن يكون بطلا في رياضة؟ لاعب كرة محترف؟ عازفا؟ ممثلا؟ طبيبا؟ وهل تحرص على تلقينهم دروسا في كل شيء يظهرون اهتماما به؟، هذا سيجعل حياتهم لا تطاق…. وأين اللعب في حياتهم، وكيف سيجدون مصدر متعتهم الخاصة؟
لابد من ترك أطفالنا بعض الوقت للعب الأحجيات، واللعب في الحديقة والاستكشاف بمفردهم، والبحث عن الحشرات، واللعب بالدمى.
-
لا تستمع لكل نصيحة
بماذا نصحتك والدتك؟ ماذا قالت لك صديقتك عن شراء شيء معين للطفل بينما ترى أختك بأنه ليس ضروريا؟…. يا للحيرة.
لا تتوقف النصائح للزوجين منذ ولادة أول طفل وربما قبلها حتى بلوغه العشرين وربما أكثر، هذا حقا مفزع ويصيب بالحيرة والجنون معا، لذا إليك الحل: لا تستمع، فقط ناقش الأمر مع زوجتك، ولا تنس أن تظل محتفظا بعقلك.
ولا تتس أنه ربما تكون هناك مساهمات مفيدة فاستفد منها ولكن احذر، فنجاح خطة أو أسلوب أو طريقة مع شخص ما لا يعني بالضرورة نجاحه معك ومع طفلك فلا يوجد أب مثل الآخر ولا طفل مثل آخر.
-
الآباء بشر وليسوا آلات
لذا فمن الطبيعي أن ينزعج الآباء من أطفالهم، مع أن الأطفال غير مسؤولين عن ذلك، وهذا ما يشعر به كل أب وأم.
أخبرتني صديقة أن هناك أوقاتا كانت تمر عليها وهي في حالة من الإرهاق والتعب بحيث كادت أن تنفجر، مما دعاني لأسألها عما كانت تفعل حينها، فقالت: إنه كان هناك حل واحد فقط: وهو ان تضع طفلها على الأرض بعيدا عن أي خطر، ثم تبتعد عنه بحيث لا تستطيع سماع صرخاته ريثما تستعيد توازنها مرة ثانية.
-
لا تهمل شريك حياتك
متى آخر مرة خرجتما لتناول العشاء بدون الأطفال؟ أو قضيتما أمسية مع الأصدقاء دون حديث عن الأطفال؟ أو احتفلتما وحدكما بمناسبة؟ أو أمضى وقته في عمل شيء كان يفعله قبل وجود الأطفال؟
لا تتركا الانشغال بالأطفال يلتهم حياتكما بالكامل، إننا نُحَمِّل أطفالنا ضغطا كبيرا حين يكونون هم محور حياتنا لأنهم سيعلمون أن نجاحنا الشخصي متوقف على نجاحهم وإخفاقهم وهذا حمل ثقيل.
لقد أحببت شريك حياتك لدرجة أنكما أنجبتما أطفالا، لذا من المهم أن يظل هذا الشخص أهم شخص في حياتك – حتى لو اقتضت الظروف أن يقل الوقت- لكن لابد أن يظل محور حبك.
إن أبناءك بحاجة لمعرفة أنكما تحبان بعضكما البعض أكثر من أي شيء، وعليك أن تجد الوقت لتزجية بعض الوقت سويا، كالخروج للتمشي، أو تناول وجبة خفيفة.
ثم هناك العلاقة الخاصة، والتي من الصعب إيجاد الوقت لها وأنتما مجهدان أو مشغولان لذا حاولا بذل بعض الجهد في هذا الأمر، وسوف تسعدان لرؤية أثر ذلك… وأخيرا ركزا على نوعية ما تقومان به وليس كميته ومقداره، فربما خمس دقائق من الاهتمام المتبادل يغنيان عن ساعات لا اهتمام ولا دفء فيها.