دلت نتائج البحوث العديدة أن التعليم الإلكتروني يساعد على تقديم فرص للطلاب للتعلم بشكل أفضل، ويترك أثراً إيجابياً في مختلف مواقف التعلم، كما يعمل على تقديم فرص التعلم متمركزة حول الطالب، وهو ما يتوافق مع الفلسفات التربوية الحديثة ونظريات التعلم الجادة، ويقدم أداة لتنمية الجوانب الوراء معرفية للتعلم، وتنمية مهارات حل المشكلات وتقديم بيئة تعلم بنائية جادة، وفرصاً متنوعة لتحقيق الأهداف المتنوعة من التّعليم والتعلم، ناهيك عن دوره في إتاحة فرصة كبيرة للتعرف على مصادر متنوعة من المعلومات بأشكال متنوعة تساعد على إذابة الفروق الفردية بين المتعلمين أو تقليلها.
ونرى أن التّعليم الإلكتروني يساعد على تعلم اللغات الأجنبية، فالعولمة فرضت على الكثيرين تعلم اللغات الأجنبية لتحسين مهاراتهم للعمل في بيئة عالمية، وكان الحل الأمثل هو التعلم عبر شبكة الإنترنت.
لم يظهر مصطلح التّعليم الإلكتروني وفلسفته الحالية فجأة، ولكنه ظهر وتطور من خلال ثلاثة أجيال بدأت منذ بداية الثمانينات حتى وصلت إلى الشكل الحالي وكان التطور كما يلي:
- الجيل الأول: بدأ أوائل الثمانينات من خلال أقراص مدمجة، وكان التّفاعل والانسجام فردياً بين الطالب والمعلم مع التركيز على دور الطالب.
- الجيل الثاني: بدأ مع استخدام الإنترنت حيث تطورت طريقة إيصال المحتوى إلى طريقة شبكية وتطور معها المحتوى وعملية التّفاعل والاندماج والتواصل من الفردية إلى الجماعية، ليشترك فيها الطلاب مع معلم واحد.
- الجيل الثالث: بدأ في أواخر التسعينات من القرن الماضي، مع مفهوم التجارة والأمن الإلكتروني بالتزامن مع تطور تقنيات الوسائط المتعددة وتكنولوجيا الواقع الافتراضي والاتصالات، مما أتاح تطور استخدام الوسائط الإلكترونية وإيصال واستقبال المعلومات، واكتساب المهارات والتفاعل بين الطالب والمعلم وبين الطالب والمدرسة وبين المدرسة والمعلم.
أنواع التّعليم الإلكتروني
- التّعليم المتزامن: التّعليم بالاتصال المباشر بوجود الطالب في الوقت ذاته أمام أجهزة الحاسوب لإجراء النقاش والمحادثة بين الطلاب أنفسهم، ومع المعلم عبر غرف المحادثة، أو القاعات الافتراضية. ومن إيجابيات هذا النوع حصول الطالب على تغذية راجعة فورية، ومن سلبياته حاجته إلى أجهزة حديثة وشبكة اتصالات جيدة. ومن أدواته: اللوح الأبيض، الفصول الافتراضية، المؤتمرات عبر الفيديو، المؤتمرات عبر الصوت، غرف الدردشة.
- التّعليم غير المتزامن: وهو التّعليم بالاتصال الذي لا يحتاج إلى وجود الطالب في الوقت ذاته أمام أجهزة الحاسوب، ومن إيجابياته حصول الطالب على المعرفة في الأوقات الملائمة له، وبالجهد الذي يرغب في تقديمه، كما يمكن للطالب الرجوع للمادة إلكترونيا كلما احتاج. ومن سلبياته عدم الحصول على تغذية راجعة فورية من المعلم، كما أنه قد يؤدي إلى انطوائية شخصية الطالب، ومن أدواته: البريد الإلكتروني، الشبكة النسيجية، القوائم البريدية، مجموعات النقاش، نقل الملفات، والأقراص المدمجة.
- التّعليم المدمج: يشتمل مجموعة من الوسائط والتي صممت لتتمم بعضها البعض، وتعزز التعلم وتطبيقاته. ويشمل برنامج التعلم المدمج العديد من أدوات التعلم، مثل برمجيات التعلم التعاوني الافتراضي الفوري، المقررات المعتمدة على الإنترنت، ومقررات التعلم الذاتي، كما يمزج هذا النوع من التّعليم بين التعلم المتزامن وغير المتزامن.
متطلبات التّعليم الإلكتروني
توفير البرمجيـات التعليميـة التـي تـوفر تطبيقـات مناسبة لإدارة الـتعلم الإلكترونـي، وأنظمـة الـتحكم والسـيطرة والمتابعـة للشبكات الإلكترونية، وتـدريب المعلمين والطلاب علـى حـد سـواء علـى مهـارات التعامـل مـع تكنولوجيـا المعلومات والاتصالات، وكيفية استخدام الوسائل التقنية في التعلم والاتصال والتواصل وعلى البرمجيات التعليمية والتقنيات الحديثة المستخدمة في عملية التّعليم الإلكتروني.
كما يتطلب التعليم الإلكتروني توفير الكوادر الفنيـة المتخصصـة في تشـغيل وتطوير الشبكات الإلكترونية والتدريب عليها، ومتابعة مشاكلها لضمان الجودة والاستمرارية، مع ضرورة وجـود خطط وبرامج مدروسـة لتطبيـق التّعليم الإلكترونـي، والاسـتفادة مـن تجـارب المؤسسات التعليمية الرائدة في هذا المجال، إضافة إلى التزام مزودي الخدمة بتحسين سرعة الانترنت للحصول على جودة عالية، وذلك لتمكين المعلمين والطالب من الاستخدام الأمثل لنظام التّعليم الإلكتروني.
مميزات التّعليم الإلكتروني
يتميز بعـدة مميـزات تمنحه الأفضلية على المقررات الاعتيادية، ولعل أهمها إمكانية تعامـل الطالـب مـع المواد التعليمية في أي وقت وأي مكان وليس بالضرورة تواجده في الفصول الدراسية، وبالتالي دراسة المقرر والاطلاع عليه عدة مرات وإعادة إجراء التمارين والتدريبات كل بحسب قدراته وسرعته، مما يجعلهـا قادرة على مواجهة الفروق الفردية إضافة إلى قضائها على بعض المشكلات مثل الخجل والانطواء، وتشجيع الطلبة على محادثة معلميهم بجرأة وشجاعة.
ناهيك عن إمكانيـة عـرض المحتوى بأشكال متنوعة مدعمة بوسائط متعددة سـواء كانـت سـمعية أو بصريـة في مواجهـة مختلف أنماط التعلم لدى الطلاب، مع إمكانية تعديل هذا المحتوى وتطويره بسـهولة وسلاسة. ويعد التّفاعل والانسجام بين الطالب والمادة العلمية مقياسا لجـودة المقـرر الإلكتروني، فكلما كـان للطالب دورا إيجابيا وفاعلاً في المقرر الإلكتروني، كلما كان أكثر جودة، إذ أنه يسـاعد الطالـب على البقاء في حالة انتباه وتركيز، كما يستغل كافة حواسـه وبالتـالي ضـمان بقـاء المعلومـة في ذهن الطالب لفترة طويلة.
كما لا يخفى على الجميع إتاحة المقررات الإلكترونية للطلاب فرصة الاتصـال بكـم هائـل من المعلومات، عبر الروابط التشعبية ومقاطع الفيديو والصوت التي يقوم المقـرر بتزويـدها للطلاب من أجل إثراء معرفتهم، وإتاحة المجال لمن يرغـب مـنهم بالحصـول عـلى معلومـات إضافية.
وكما أن المقرر الإلكتروني ذو فائدة كبيرة للطلاب فهو مفيد للمعلم على حد سواء، حيث يســتطيع المعلــم مــن خلالــه اســتخدام طــرق التــدريس المتنوعة مثــل: المحاكــاة، والــتعلم بالاستكشاف، والتعلم المبني على الخبرة، والعلاج الفردي وغيره. ويسهل كذلك عملية تصحيح الاختبارات والواجبات، ويقدم للمعلم إحصائيات عن مـدى تحصـيل وتقـدم الطـلاب كـأفراد وكمجموعة، كما يمكن أولياء أمور الطلاب من الاطلاع على المادة العلميـة المقدمـة في المقـرر الإلكتروني وعلى نتائج أبنائهم أولاً بأول.
خصائص التّعليم الإلكتروني
يعتمد على استخدام الوسائط الإلكترونية والإنترنت في الحصول على المعلومات، كما يحدث التّعليم نتيجة التواصل بين المعلم والمتعلم، والتفاعل بين المتعلم ووسائل التّعليم الإلكترونية الأخرى كالدروس الإلكترونية والمكتبة الإلكترونية والكتاب الإلكتروني وغيرها، وذلك بالاعتماد على التّفاعل والانسجام بين الطلاب والمعلمين وبين الطلاب أنفسهم.
كما يقوم التّعليم الإلكتروني عبر الإنترنت على إيجاد موقع إلكتروني يخدم القطاع التعليمي، ويرتبط بشبكة الإنترنت، وتبنى فيه المعلومات على شكل صفحة تعليمية، ويعمل على ربط جميع الاقسام الإدارية بشبكة داخلية وخارجية تخدم العاملين وتقدم المعلومات التي يحتاجها الإداريون والمعلمون والطلبة، إضافة إلى تقليل التكاليف المادية التي يحتاجها التّعليم التقليدي، لأنَّه لا يحتاج إلى منشآت أو صفوف مدرسية، حيث يوفِّر التّعليم الإلكتروني على الطلاب والمعلمين الوقت والجهد، فلا حاجة لأن يذهبوا إلى المؤسسات التعليمية، بل بإمكانهم التعلُّم عن طريق الإنترنت، ناهيك عن توفير فرصة التّعليم لجميع الفئات العمرية حيث يستطيع كبار السن التعلُّم أيضاً، ولا نغفل أن التّعليم الإلكتروني يعد من وسائل التّعليم التي توفِّر الوقت وتعطي مساحة واسعة لزيادة الأسئلة ومن ثم زيادة المعلومات التي يتعلَّمها الطالب. كما أن للتعليم الإلكتروني بعض الخصائص المتعلقة بطبيعته وفلسفته والتي تميزه عن غيره من أنماط التّعليم التقليدي والتي يمكن عرضها فيما يلي:
- الكونيّة: إمكانية الوصول إليه في أي وقت ومن أي مكان.
- التفاعليّة: بين جميع الأطراف من محتوى المادة التعليمية وطلبة ومعلمين.
- الجماهيريّة: لا يقتصر على فئة دون غيرها، بـل يمكن لكل متعلم في أكثر مـن مكـان أن يتعامـل ويتفاعـل في آن واحد.
- الفرديّة: يتوافق مع حاجات كل متعلم ويلبي رغباته ومسـتواه العلمي.
- التّكاملية: تكامل بين كافة مكوناته.
- تقديمه للمتعلم: من خلال الوسائط المعتمدة على الحاسوب وشبكاته.
- إدارته: تتم بشكل إلكتروني.
- قلة تكلفته.
المراجع:
- الجرباوي، تفيده، 2020، “متطلبات التّعليم الالكتروني“، جريدة الأيام نشر بتاريخ 09/04/2020
- الأتربي، شريف، 2019، “التّعليم بالتخيل استراتيجية التّعليم الالكتروني وأدوات التعلم“، العربي للنشر والتوزيع.
- العيسى، ايناس عباد، 2020،” جودة التّعليم الإلكتروني وفوائده”، جريدة الحدث 07/09/2020.
- السبيعي، علي راسم والقباطي، علي عبد الله احمد، 2020، ” واقع استخدام التعلم المدمج من وجهة نظر معلمي ومعلمات اللغة العربية في تدريس طلاب المرحلة الابتدائية”، المجلة العربية للنشر العلمي AJSP، العدد الواحد والعشرون، تموز 2020.
- العيسى، ايناس عبّاد (٢٠٢١). درجة تطبيق الإدارة الالكترونية في مدارس القدس من وجهة نظر مديري المدارس، مجلة امتياز للعلوم التربوية والتعليمية، المجلد (٣). عدد (٣)، ص ص ١٩٨- ٢١٧ أكتوبر ٢٠٢١