المقدمة
يموج العالم بالتغييرات والتطورات المستمرة، ففي مرحلة سمي بعصر المعلومات ثم أطلق عليه عصر ما بعد الصناعة، وأخيراً عصر المعرفة والعولمة وآخر المطاف عصر الثورة الصناعية الرابعة والتي ظهر آخرها في التحول الرقمي لمجالات الحياة كافةً، حيث أصبح واقعاً لا يقبل التأويل، ولا يختلف اثنان أنَّ التحول الرقمي في مجال الحياة يؤثر بدوره على المهام والأعمال المطلوبة من المؤسسات المجتمعية، ولهذا فقد بات من الضروري توافر مؤسسات تراعي التقدم والتطور الملحوظ في العصر الرقمي. والمؤسسات التربوية والتعليمية كغيرها تجتهد في مواجهة تحديات التحول الرقمي للتكيف مع الثورة الرقمية والتقنية الحاصلة في العالم، وللاستجابة لكل المستجدات التي تطرأ في جميع الجوانب الحياتية.
لكن المؤسسات التعليمية لها صفتها الخاصة، “حيث تعتني ببناء شخصية الإنسان، فهي أداة حيوية في المجتمعات الإنسانية، ويرجع ذلك إلى أنَّ التربية هي من المداخل الرئيسة للتطوير الشامل للبشرية، وهي الحصن المنيع الذي تلجأ إليه المجتمعات إذا تعرضت للمصائب والمحن”.(رشاد وعباس، 2020، ص114). لهذا فإنَّ القيادة التربوية للمؤسسات التربوية والتعليمية التي تسعى لتحقيق التنافسية والانسجام مع المتغيرات الإقليمية والعالمية أمام صراعٍ شديدٍ يتطلب منهم بذل الجهود الحثيثة، والارتقاء بكل كفاءة واقتدار؛ وصولاً لتحقيق الهدف المنشود.
كما أنَّ أصحاب القرار في المجتمع باتوا يهتمون بالمدرسة؛ لكونها المؤسسة التربوية والتعليمية التي تعددت مهامها ومسؤولياتها إضافة إلى دورها المهم في تنشئة الجيل وتدعيمه بالقيم والاتجاهات فهي تشرك المؤسسات المجتمعية في تحقيق أهدافها، وتتعاون مع مؤسسات المجتمع الأخرى في تحقيق أهدافها المشتركة. (الطويل، 2009)
وتعد الإدارة المدرسية من عناصر الإدارة التربوية الأهم في البيئة التربوية؛ كونها في تلامس مباشر مع الطلبة وفي تماس مباشر مع تطبيق البرامج والأنشطة والسياسات والاستراتيجيات التربوية التي تطرحها الجهات المسؤولة في الدولة بشكل عام، ووزارة التربية والتعليم بشكل خاص، وإنَّ أي عملية تغيير منشودة في المجتمع تبدأ من المدرسة، وتنتهي بقياس أثرها في المجتمع.
كما أصبحت الإدارة المدرسية علماً من العلوم التربوية التي فرضت نفسها على مؤسسات إعداد وتدريب المعلم؛ “وذلك لما للإدارة المدرسية من أهمية و أثر واضح في إنتاجية العملية التربوية من مختلف أوجهها وأبعادها تخطيطاً وتنظيماً وإشرافاً وتوجيهاً وتقويماً، علاوة على ذلك فالإدارة المدرسية تعد من أهم عناصر الإدارة التعليمية، حيث أنها دائمًا في تماس مباشر مع العملية التربوية”.(أحمد وحافظ، 2012، ص5)، و”هي التي تكون مبنية على قواعد صلبة ومعايير ذات جدارة وكفاءة وفاعلية ومرجعية علمية، مستنبطة من المجال العملي والخبرات السابقة للقائمين والمسؤولين عن هذا القطاع، والتي ينبغي أن تختبر قبل وضعها في حيز التنفيذ، ومدير المدرسة الفعال ذو الجدارة هو من يتبنى هذا المفهوم ويسعى دائماً إلى تطبيقه بكفاءة واقتدار”. (المعيض، 2013، ص8)
وما أحوجنا اليوم للمطالبة بإدارة مدرسية تتمتع بجدارات ومؤهلات إدارية وقيادية تنسجم مع حجم التحديات والصعوبات التي تواجهها المؤسسات التربوية، والتي آخرها كان جائحة كورونا التي فرضت التباعد الاجتماعي والبحث عن برامج واستراتيجيات تعليمية تتناسب مع الحفاظ على صحة الإنسان، ولهذا زادت مناداة العديد من الجهات المعنية بالاعتناء بالتعليم الإلكتروني بنماذجه وأشكاله المختلفة (المتزامن وغير المتزامن) ومحاولة تطبيق آليات التعليم المدمج، كوسيلة للحفاظ على أيقونة العملية التعليمية في ظل انتشار فايروس كورونا.
ويستدل على التعليم الإلكتروني بأنه نظام تعليمي يستخدم تقنية المعلومات وشبكات الحاسوب في تدعيم وتوسيع العملية التعليمية التعلمية من خلال مجموعة من الوسائل منها الإنترنت حيث توظف فيه الشبكات التي قد تكون شبكات محلية في المدرسة أو شبكة واسعة مثل: الإنترنت، والأجهزة التكنولوجية الحديثة؛ لتقديم المادة التعليمية مع تفاعل المتعلمين معها، وتقديم المساعدة المباشرة وغير المباشرة لهم من خلالها. (نصرات، 2014)
وإن تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات أشبه بالمدرب الصامت للموارد البشرية، لذا على المؤسسات البدء في تغيير نظرتها لوظائف تكنولوجيا المعلومات غير المرئية مثل زيادة الجدارة المعرفية والمهارية الرقمية، وتعمل تكنولوجيا المعلومات على تحسين مهارات العاملين في مجال التعاون والوصول إلى المعلومات وصنع القرار. (Tafti & Krishnan,2009)
وعليه ينبغي العناية بالجدارات الرقمية لدى القيادات التربوية في مؤسسات التربية والتعليم كافة، وإعدادها بشكل مخطط وممنهج وفق التطورات والمستجدات في التعليم الالكتروني، “فعنصر الجدارة الرقمية في القائد التربوي تنطوي على القدرات الرقمية للاستخدام الموثوق والحاسم لتقنية مجتمع المعلومات (IST) للعمل والترفيه والاتصال، وهي مدعومة بالمهارات الأساسية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدام أجهزة الكمبيوتر لاسترداد المعلومات وتقييمها وتخزينها وإنتاجها وتقديمها وتبادلها، والتواصل والمشاركة في الشبكات التعاونية عبر الإنترنت” (13,p2020 ,European Commission).
لهذا يركز التقرير حول الجدارات الرقمية وأهمية العناية بها في ظل جائحة كورونا والمناداة للتباعد الوجاهي، وصولاً لآليات تطوير الجدارات الرقمية التي يمكن من خلالها الارتقاء بالإدارات المدرسية في فلسطين.
الجدارات الرقمية بين الضرورة والتنفيذ في ظل جائحة كورونا
جاءت جائحة كورونا دون تقدير أو تحضير من المؤسسات المجتمعية كافة لطرق وآليات التعامل معها، وعليه أحدثت تغييرات كبيرة وأثرت في العديد من مجالات الحياة، وأوجدت فجوة في دراسات الباحثين والمختصين في الشؤون التعليمية، كما أعادت النظر في العديد من الثوابت التي كانت مستقرة في الأذهان لسنوات طوال.
ونتيجة لهذه الجائحة لجأت كثير من دول العالم إلى غلق مؤسسات التعليم، فقد أحصت اليونسكو (138) دولة اتخذت قراراً بإغلاق تام أو جزئي للمدارس، ما يعني أن حوالي (1.4) مليار طالب عبر العالم تأثروا سلباً، وعلى غير موعد جاءت الجائحة؛ لتجبر البلدان العربية على انتقال مفاجئ نحو التعليم الالكتروني والتعلم عن بعد، وحاولت الوزارات المعنية تسهيل العملية بتوفير منصات للتعليم الإلكتروني، وتحديد أدوات التعليم (غنايم، 2020)
فعلى القيادات الإدارية(مديري المدارس) إعادة النظر في أدوارهم المطلوبة منهم، وتحقيق الانسجام في ممارساتهم الإدارية مع جائحة كورونا، التي فرضت التباعد الاجتماعي والمناداة بالتعليم الالكتروني والتعلم عن بعد، وفي هذا المجال يشير الخميسي (2020) إلى أهم المتطلبات الإدارية في ظل كورونا، والتي منها استحداث تنظيمات إدارية وتربوية جديدة، للتنسيق بين المدارس والمنازل، وتطوير الشراكة بين المدارس والمنازل في تعليم وتعلم الأبناء، وإتاحة برامج التنمية المهنية المستدامة للأطقم التعليمية بالمدارس، وإعادة النظر في طرق الاتصال والتواصل مع كافة منسوبي المدرسة.
لهذا بات من اللازم الاهتمام بالقيادة المدرسية كونها المسؤول الأول عن كل ما يدور في المدرسة وحجر الزاوية في تحقيق أهدافها، فعليها الانتقال من أدوارها التقليدية إلى أدوار مغايرة تنسجم مع الفكر الإداري الحديث، وتتلاءم مع معطيات العصر ومظاهره، وهذا يتم من خلال إعادة النظر في وظائف العمليات الإدارية بما يتلاءم مع التعليم في ظل جائحة كورونا.
وعند النظر إلى مهام قادة المدارس في ظل كورونا “نجد أن العمل الإداري انتقل من المعاملات الورقية والتعاملات الوجاهية مع العاملين والطلبة والمجتمع المحلي إلى تعاملات إلكترونية عبر المنصات الإلكترونية”. (Omer & Mehmet, 2012,p 250) “فالقائد المدرسي هو القادر على استثمار التكنولوجيا في جميع وظائف العملية الإدارية القائمة على التخطيط والتنظيم والتنفيذ والرقابة والمتابعة والتقويم؛ وذلك بهدف تحسين أدائها وتعزيز مركزها التنافسي”. (عبد الرحمن، 2018، ص 3)
وعليه يمكن القول أن جائحة كورونا ساهمت في إحداث تغييرات كبيرة في وظائف ومهام مدير المدرسة، من خلال سيطرة التقنيات والانتقال من إدارة النشاط المادي إلى إدارة النشاط الافتراضي، والانتقال من الإدارة المباشرة إلى الإدارة عن بعد، والانتقال من القيادة المرتكزة على المهام أو على العاملين إلى القيادة المرتكزة على المزيج (تكنولوجيا المستفيد) والانتقال من الرقابة بمفهوم مقارنة الأداء الفعلي مع المخطط إلى الرقابة المباشرة الآنية. (غنايم، 2020)
وعطفاً على ما تواجهه وزارة التربية والتعليم في فلسطين من تحديات جراء جائحة كورنا وسعيها الدائم إلى تطوير الكادر البشري وتدريبه وفق استراتيجيات التعليم الالكتروني، فقد برزت عدة أفكار وأنشطة لوزارة التربية والتعليم تتمثل في استخدام التكنولوجيا في التعليم، والتدريب على تطبيقات جوجل، وإعداد تدريب عبر الصفوف الافتراضية، إضافة إلى اهتمام الوزارة في محافظات غزة بقناة روافد التعليمية التابعة لوزارة التربية والتعليم، كمحاولة لمواجهة الأزمات والكوارث التي تعترض التعليم الوجاهي وتحد من فاعليته.
ولتحقيق الانسجام مع متغيرات العصر عملت وزارة التربية والتعليم في السنوات السابقة على اعتماد مهارات الحاسوب الأساسية، وذلك ضمن السياسات العامة لوزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية كمتطلب لجميع الوظائف الإدارية، وبمراجعة التقرير الربعي الأول والثاني والثالث والرابع لوزارة التربية والتعليم العالي المقدم للحكومة الفلسطينية يمكن رصد حجم الإنجازات التي حققتها الوزارة على جميع الأصعدة، والتي من أهمها: “إعادة إحياء مبادرة التعليم الإلكتروني الفلسطينية التي تهدف إلى تطوير المناهج الإلكترونية، والبنية التحتية في المدارس، وتحسين واقع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم الفلسطيني”(وزارة التربية والتعليم، 2011، ص80-87).
وقد جاء في الخطة التطويرية (2011-2012) أن “الوزارة نفذت العديد من البرامج المتعلقة بتنمية المهارات الإدارية والفنية للموظفين، وقامت بتدريب جميع المعلمين ومديري المدارس على الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب، واستخدام التكنولوجيا في التعليم والتعلم، والإدارة الإلكترونية”.(وزارة التربية والتعليم، 2011، ص51)
وهناك تطور ملحوظ في مجال الإدارة الإلكترونية منذ العام (2010-2011) حيث تعمل وزارة التربية والتعليم به في الإدارة المدرسية، من خلال برنامج الإدارات التربوية، حيث تتيح لمدير المدرسة الاطلاع على بيانات طلبته والمعلمين والتشكيل المدرسي، كما يشمل نظام الادارة الالكترونية المجتمع المحلي وأولياء الأمور، كلاً حسب الصلاحيات المخولة له.
ومن خلال الدراسات التي أجريت حول الجدارات الإدارية والرقمية اتضح أن معظم المهارات القيادية لدى مديري المدارس كانت بين درجتي المتوسط والجيد، ومنها ما كان بدرجة الضعيف، ومن هذه الدراسات على سبيل المثال لا الحصر: “فقد بينت دراسة شاهين (2013) أن الأسلوب الإداري للبعض في المدارس يتصف بالجمود والتقيد الشديد، فهو أسلوب يعيش أفكارا لا تتماشى مع متطلبات العصر الحالي، كما أوصت دراسة الدحدوح (2014) بضرورة نشر ثقافة الإدارة الإلكترونية وتوفير الإمكانيات البشرية التي يطلبها تطبيق الإدارة الإلكترونية بالمدارس”.
و”العصر الصناعي الرابع يتميز بدمج التقنيات ببعضها البعض، كما يتميز باختراق التكنولوجيا الناشئة في المجالات المختلفة بما فيها الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو وغيرها” (المياحي وآخرون، 2020، ص 474).
ولكن دراسة واقع التعليم في فلسطين التي جاءت ضمن إعداد الخطة الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم (2017-2022) أظهرت أن مستوى استخدام الوسائل الرقمية في التعليم (78.1%) كما أن (78.2%) من مواد ومقررات التكنولوجيا تنفذ دون توظيف أية وسيلة تكنولوجية، كما أوضحت الدراسة أن أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية تتمثل في الأمية الحاسوبية لمديري المدارس، على الرغم من كثرة المشاريع التي تستهدف التكنولوجيا في التعليم. (وزارة التربية والتعليم، 2017، ص77)، كما أوضح تقرير التنمية الرقمية المنفذ من قبل منظمة الإسكو (2019) بأن هناك فجوة رقمية في عدة دول منها فلسطين، حيث أوصى بضرورة إعداد الخطط والاستراتيجيات لتحقيق التنمية الرقمية في كافة قطاعات المجتمع. (الإسكو، 2019)
إضافةً لما سبق فإن العالم بأجمعه يعيش مع أجيال الإنترنت الصاعدة التي لها خصائصها وصفاتها الخاصة بها، فهي أجيال متصلة إلكترونياً متشابكة اجتماعياً لا تستجيب للحوافز والمؤثرات التي كانت تجدي نفعاً في السابق، حيث تحتاج لمؤثرات جديدة تنسجم مع أداة العصر(الأنترنت)، وعليه ظهر الاهتمام بمفاهيم جديدة مثل المواطنة الرقمية، والفجوة الرقمية وغيرهما، وهذا ما يعزز التوجه نحو التعليم الإلكتروني، وتوجيه أجيال الإنترنت نحو الاستخدام الأمثل للتقنيات الرقمية.
وتبعاً لما سبق فالاستجابة للاقتصاد الرقمي وتجليات الثورة الصناعية الرابعة، سيترتب عليه استحداث وظائف جديدة في المستقبل ذات علاقة مباشرة بالتقنيات الرقمية، وهذا ما أكده تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات، حيث أشار إلى أن حدوث جائحة كورونا في ظل التطور التقني والتكنولوجي أعاد النظر في المهارات والجدارات الرقمية محاولة لسد الفجوة الرقمية بعد جائحة كورونا.
ولأنَّ مواجهة التحديات العالمية في التطور والارتقاء تمثل ضرورة وطنية كبيرة أهمها الانتقال للتعليم المدمج والإلكتروني، فمن الضرورة تطوير الجدارات الرقمية لدى قادة المدارس في وزارة التربية والتعليم، حيث أن الجدارات الرقمية كمفهوم يجمع في طياته (المعرفة، والرغبة، والمهارة) ويغطي عدة محاور منها: (الاتصال والتواصل الرقمي، وحل المشكلات الرقمية، وإنشاء المحتوى الرقمي وإدارته) التي يمكنها تحقيق الاستثمار الأمثل للتقنيات الرقمية، وموائمة متطلبات العصر، وتحقيق أهداف المؤسسة التربوية بكفاءة واقتدار في ظل جائحة كورونا.
إضافةً لما سبق نجد اهتمام المؤسسات العالمية وجوائز التميز العالمية بموضوع الجدارات الرقمية، وتضمينها كأحد معايير التميز في الإدارة المدرسية، وهذا ما ظهر في تقرير الاتحاد الأوروبي (2020) حيث أوضح الجدارات الرقمية الواجب توافرها في القيادات الإدارية كاستشراف لتحقيق التميز في السنوات المقبلة.
التأصيل النظري والتربوي لمفهوم الجدارات الرقمية
تعتبر القيادات الإدارية المورد البشري الأهم في المؤسسات التعليمية، كما تمثل رأس المال الفكري الذي يمكن من خلاله إحداث التطور والنمو وصولاً لدرجات متقدمة في دوائر التميز والإبداع، ولهذا اهتمت المؤسسات الإدارية والمتخصصون فيها برفد مفهوم مناسب في الفكر الإداري وعليه جاء أسلوب الجدارة مدخلاً ليشكل الأداة القوية والطريق الأمثل في تحسين الأداء الوظيفي للقيادات الإدارية وتحقيق أهداف المؤسسات التعليمية.
إنَّ التحديات العالمية التي تواجهها المؤسسات حالياً مثل: العولمة بمظاهرها المختلفة، وثورة المعلومات والاتصالات، والتنافسية “تفرض على القيادات الإدارية ضرورة اكتساب المهارات التي تمكنها من العمل في ظل ظروف تنافسية جديدة تختلف عن الظروف التي اعتادت العمل فيها من قبل، ومن ثم فإن هذه الخطوة هي نقطة البداية لأي استراتيجية إدارية سليمة في بناء وتكوين شخصية قيادية قائمة على الجدارات” (رشاد وعباس، 2020، ص 111).
وتعتمد الجدارات على وجود مجموعة من الخصائص الشخصية التي يتميز بها الفرد دون غيره كالمعارف والمهارات والأنماط الذهنية والدوافع الكامنة وما شابهها، والتي يمكن استخدامها في تحقيق الأداء الناجح، ومن جانب آخر تشكل مجموعة من العناصر والصفات التي تتعلق بالكفاءة الفنية والإدارية والانضباط في العمل وحسن التعامل والسلوك والسمات والمؤهلات الشخصية والعلمية والعملية التي تمكن الموظف من تحقيق معدلات أداء خارقة وقياسية، تفوق المعدلات العادية كالابتكار والإبداع والخبرة الفنية والجودة (سالم، 2019).
مفهوم الجدارة
الجدارات لغةً
الجدارة في اللغة العربية: “جمع جدارة، وهي مصدر جدر ب أو جدور ل يجدر جدارةً، فهو جدير، والمفعول به مجدور به، يقال جدر بهذا المنصب/ جدر لهذا المنصب: أي صار مستحقاً وأهلاً له، خليقاً به جدرت بنجاحه”. (ابن منظور، 1999، ص 344) وشهادة الجدارة: “تعني شهادة تؤيد صاحبها في مجال ما، ونظام الجدارة: يعي مجموعة القواعد والتعليمات التي تضعها مؤسسة ما لإدارة شؤون الموظفين والعاملين بها” (البرعي والتويجري، 1993، 223).
وجاءت كلمة الجدارةCompetency، أو كلمة جدير Competent في اللغة الإنجليزية، مرةً بمعنى كفاءة Efficiency، ومرةً بمعنى مهارة Skills، ومرةً بمعنى اقتدار Pwledge، ومرة بمعنى الخبرةExperience ، وبرغم تعدد هذه المعاني لكلمة الجدارة، إلا أن الترجمة الأكثر شيوعاً للكلمة في الأعمال والموارد البشرية هي الجدارة Competency (أبو نابي، 2019)
يظهر لنا بأن الجدارة جاءت بمعان عديدة خاصة في قواميس اللغة الإنجليزية مثل الكفاءة، والمهارة، والاقتدار، والخبرة، كما تبين أن الجدارة هي الاستحقاق والشخص الجدير هو الذي يتصف بالدقة والإتقان في العمل وهو القادر على تحقيق التميز والتمايز في الأداء.
الجدارة اصطلاحاً
اتضح في المعاجم الإدارية أنَّ (الجدارة) Competence: هي “القدرة على العمل، وإنجازه، وحسن التصرف فيه بسرعة وبتكلفة منخفضة، مما يجعل صاحب هذا الوصف جديراً بإسناد العمل إليه أو أهلاً له” (سرحان، 2014، ص 956).
ويرى (جرادات) أنَّ مصطلح جدارات “ظهر بشكل واضح عام 1973م من قبل ديفيد ماكليلاند، ثم جرى استخدام هذا المفهوم بشكل واسع من قبل المختصون، ويعني عند معظم الكتاب بأنه مجموعة من المعارف والمهارات والاتجاهاتـ أو يعني القدرة على الأداء بكفاءة عالية، وكذلك القدرة على الاستجابة للتغييرات المختلفة”. (جرادات، 2016، ص 3)
وهناك من يُعرّف الجدارات من خلال التفرقة بينها وبين الكفاءة، وذلك بقوله أنَّ الجدارة هي مجموعة من السمات والمؤهلات الشخصية والعلمية والعملية التي تمكن الموظف من تحقيق معدلات أداء متميزة، والكفاءة هي اصطلاح إداري متعلق بالموارد المتوفرة أو الطاقة التي يمتلكها الفرد، ومدى ترشيد استخدامها لتحقيق الأهداف، وتتحقق الكفاءة عندما نستخدم أقل كم ممكن من الموارد والمدخلات لإنتاج أكبر كم من المخرجات والنتائج المرغوبة، والكفاءة كذلك هي مقدار الأداء النافع مقسوماً على الحد الأقصى للأداء النافع الممكن تقديمه، كما أن الجدارة هي الجزء الباطن من الأداء، والكفاءة هي الجزء الظاهر للأداء (العرابي، 2019).
وفي ضوء ما سبق يمكن القول أنَّ الجدارات هي السمات والمهارات والمعارف الواجب توافرها لدى المدراء في المؤسسات، والتي من خلالها يمكن الاستثمار الأمثل للموارد وتحقيق كفاءة وفاعلية في الأعمال.
الجدارات الرقمية
يتسم القرن الحادي والعشرين بالتقنيات الرقمية السائدة في كل مؤسسات المجتمع والتي جاءت استجابة للتنافسية العالمية الشديدة، والمطالبة بالتغيير نحو الأفضل لحجز مكانة متقدمة بين أوساط المتنافسين، لهذا ظهرت مهارات ومعارف واتجاهات جديدة تتلاءم مع التحول الرقمي الكبير الحاصل في العالم، وفي هذا الشأن يشير كاروناناياكا ويراكون (2020) Karunanayaka & Weerakoon إلى أنَّ التكنولوجيا الرقمية سوف تعمل على تغيير ممارسات حياتنا اليومية بشكل متزايد، وأن المهارات الرقمية أمر لا مفر منه للأفراد في العصر الحالي للرقمنة من أجل استيعاب التطورات الرقمية سريعة التطور، وبالتالي أصبح تعزيز التعليم الرقمي حاجة أساسية في العصر الحالي.
وعرفت الجدارات الرقمية بأنها: القدرة على استكشاف ومواجهة الحالات التكنولوجية الجديدة بطريقة مرنة، لتحليل وتحديد وتقييم البيانات والمعلومات بشكل حاسم، بهدف استثمار القدرة التكنولوجية في حل المشكلات وبناء المعرفة المشتركة والتعاونية، وفي الوقت نفسه تعزيز الوعي الذاتي والإحساس بالمسؤولية الشخصية في داخل من يمتلكها واحترام الحقوق والالتزامات المتبادلة مع الآخرين. Calvani, et. al., 2010) )
ويحدد حامد (2018) جدارات العصر الرقمي في: التفكير الناقد- الابتكار والإبداع- التعاون والعمل في فريق القيادة- فهم الثقافات المتعددة- ثقافة الاتصالات والمعلومات- ثقافة الحوسبة وتقنية المعلومات والاتصالات- المهنة والتعلم المعتمد على الذات).
ويعرف بدوي وآخرون (2018) الجدارات الرقمية بأنها: “أن الجدارة الرقمية تعتمد على بناء الإدراك والسلوك المهني بمزاوجة المعرفة بالمهارة الرقمية على أساس أن المعرفة الباردة هي نظرية(الموظف من الناحية النظرية يعرف ما يجب القيام به)، أما المعرفة الساخنة هي على أساس الخبرة العملية(الموظف يعرف عملياً كيف يفعل ويوضح ذلك كمهارات)”.
وخلاصةً فإن الجدارات الرقمية هي: “مجموعة من المعارف، والمهارات، والقدرات، والخبرات، والقيم، والاتجاهات المطلوبة التي تحتاجها القيادات التربوية في ممارسات أعمالها الإدارية والتقنية عبر التقنيات الرقمية المختلفة، من معارف رقمية وإدارتها، ومعرفة الاتصال والتعاون الرقمي، والسلامة الرقمية وإنشاء المحتوى وحل المشكلات الرقمية والتي تنسجم مع مظاهر التحول الرقمي والتوجهات التربوية الحديثة وأهمها التعليم الإلكتروني وذلك لتحقيق معدلات أداء بكفاءة، وفاعلية عالية”.
مجالات الجدارات الرقمية
اهتمت المؤسسات الحديثة بالجدارات الرقمية كونها من أهم الجدارات التي يحتاجها الفرد للمضي قدماً في حياته نحو تحقيق الإنجاز والإبداع، وفي هذا الصدد فقد حدد البرلمان الأوروبي الجدارات الرقمية ضمن الجدارات التي يحتاجها الفرد في حياته في دول الاتحاد الأوروبي لضمان نجاح عملية التعلم مدى الحياة، وعلى أثر ذلك تم استخدام أداة قياس حيث تم استخدامها في جميع الدول الأوروبية للتعرف على مدى استجابة الدول للمتغيرات الحديثة.
وحدد الاتحاد الاوروبي للعلوم الجدارات الرقمية في عدة مجالات وهي:
- المعرفة.
- التواصل والعمل الرقمي.
- السلامة الرقمية.
- إنشاء المحتوى.
- حل المشكلات.
وقد حدد برنامج تنمية الجدارات الرقمية في كلية برين ماور في ولاية بنسلفانيا الأمريكية الجدارات الرقمية بأنَّها: خمسة مجالات تتشكل من: (مهارات البقاء الرقمي- الاتصال الرقمي- إدارة البيانات وحفظها- تحليل البيانات والعرض- صنع النقد والتصميم).
(North Merion Ave Bryn Mawr,2019)
وفي ضوء ما سبق يمكن القول بأن هناك اتفاق إلى حد كبير في تحديد مجالات الجدارات الرقمية، والتي تدور في غالبيتها حول المعارف والاستخدامات والمهارات للتقنيات الرقمية، وعليه نستخلص مجموعة من الجدارات الرقمية التي تتفق مع المتغيرات والتوجهات العالمية، وتنسجم مع البيئة الفلسطينية واحتياجها حيث تحدد فيما يلي:
- المعرفة الرقمية وإدارتها
ويقصد به: عملية تعليم وتعلم التكنولوجيا الرقمية، والبحث عن البيانات والمعلومات ذات العلاقة بالعمل والمهام المطلوبة ومعرفة طرق تخزينها وتحليلها وتقييمها، ثم عمل جميع تلك المهام والأنشطة المدرسية بواسطة التكنولوجيا الرقمية بما يتلاءم مع تحقيق أهداف التعليم الإلكتروني، ليسهم في تحقيق أهداف المدرسة بكفاءة واقتدار.
- الاتصال والتعاون الرقمي
ويقصد به: استثمار أشكال التكنولوجيا الرقمية كافة في التبادل والاتصال والتواصل الإلكتروني، من أجل مشاركة كافة العاملين والطلبة والمجتمع المحلي عبر التطبيقات التكنولوجية المناسبة، لتحقيق أهداف مدرسته، واستمرارية المشاركة مع كافة المنسوبين لتحقيق أوجه الإبداع والابتكار التعليمي.
- السلامة والأمان الرقمي
ويقصد به: “مجموعة القواعد والمعارف التي ترشد نحو الاستخدام الحسن والذكي للتقنيات الرقمية بأشكالها كافة، بحيث يمارس القائد التربوي أعماله ومهامه مع أخذ تدابير الحرص والوقاية من مخاطرها، والتي تعترض السلامة الجسدية والنفسية والأمنية، وتهدد حياة القائد والتابعين له، وصولاً للأمان والسلامة الرقمية والحفاظ على السمعة الرقمية للقائد وتابعيه، وتشكيل هوية رقمية محددة.
- إنشاء المحتوى الرقمي
ويقصد به: مساهمة القائد التربوي في إعداد مادة علمية أو محتوى ملائم ومناسب لذاته وأهدافه، ونشره عبر وسائل وتطبيقات التكنولوجيا الرقمية، وقدرته على تعديل وتنقيح ودمج المعارف والمعلومات في عرضه وإعداده للمحتوى المعد بطريقة علمية وفنية، مع التطبيق الإجرائي لأخلاقيات النشر وحقوق الملكية الفكرية.
- حل المشكلات الرقمية
ويقصد به: قدرة القائد التربوي على تشخيص المشكلات الرقمية ذات العلاقة بالجانبين: المادي والبشري، من خلال استشعار المشكلات الفنية في الأجهزة والتقنيات بأشكالها، وتحديد الاحتياجات التكنولوجية الملائمة لتحقيق أهدافه، وتحديد الفجوة الرقمية في التنمية المهنية والتطوير المهني للكادر البشري في الميدان التربوي، مواكبةً للتطور الرقمي، وتحقيقاً لعناصر التنافسية الإقليمية والعالمية.
الجدارات الرقمية في ظل كورونا وعلاقتها بالإدارة المدرسية
المؤسسة التعليمية هي المسؤولة عن إعداد الإنسان وتأهيله وتربيته وتكوينه؛ ليتناسب ودوره المنتظر في تطور مجتمعه ومن يتولى مهام إدارية داخل المؤسسة التربوية هم القادة الذين يقومون بالدور الأكبر في تحقيق هذه الغاية، لذلك كان لزاما على الإداري التربوي أن يمتلك الجدارات الإدارية، وتكمن أهمية امتلاك القائد التربوي للجدارة الإدارية في كونه يعد أحد أهم المكونات التعليمية في تحسين جودة التعليم، لذلك فإنه مسؤول عن تنظيم الأنشطة، وإدارة المؤسسة، ورعاية الموظفين الآخرين، واستخدام وصيانة المرافق والبنية التحتية” (Putri & Kristiawan & Rohana ,2020)
والمدير الجدير يفوض العاملين أعمال ومهام تساعد على تحسين جودة التعليم، وحتى يقوم هؤلاء بأداء مهامهم على الوجه الأكمل لابد من امتلاكهم للجدارات الإدارية، لذا فهو يعمل على إكساب الموظفين الجدارات الإدارية التي تعينهم على أداء وظائفهم بجدارة، وفي ظل التوجه نحو التعليم الإلكتروني وتفعيله في العملية التعليمية التعلمية فإن وظائف العمليات الإدارية التي يقوم بها مدير المدرسة ستتغير، وكذلك مجالات العمل المدرسي، لأن الممارسات الإدارية انتقلت في كثير منها من التواصل المباشر الوجاهي إلى التواصل الرقمي.
“ونجد أن العمل الإداري انتقل من المعاملات الورقية والتعاملات الوجاهية مع العاملين والطلبة والمجتمع المحلي إلى تعاملات إلكترونية عبر المنصات الإلكترونية”. (Omer & Mehmet, 2012,p 250) “فالقائد المدرسي هو القادر على استثمار التكنولوجيا في جميع وظائف العملية الإدارية القائمة على التخطيط والتنظيم والتنفيذ والرقابة والمتابعة والتقويم وذلك بهدف تحسين أدائها وتعزيز مركزها التنافسي”. (عبد الرحمن، 2018، ص 3)
وعليه يمكن القول أن جائحة كورونا ساهمت في إحداث تغييرات كبيرة في العمليات الإدارية ووظائفه، من خلال سيطرة التقنيات والانتقال من إدارة النشاط المادي إلى إدارة النشاط الافتراضي، والانتقال من الإدارة المباشرة إلى الإدارة عن بعد، والانتقال من القيادة المرتكزة على المهام أو على العاملين إلى القيادة المرتكزة على المزيج (تكنولوجيا المستفيد) والانتقال من الرقابة بمفهوم مقارنة الأداء الفعلي مع المخطط إلى الرقابة المباشرة الآنية. (المبحوح، 2019)
فمديرو المدارس عليهم إعادة النظر في أدوارهم المطلوبة منهم وتحقيق الانسجام في ممارساتهم الإدارية مع تجليات جائحة كورونا والاستعداد لما بعدها، وفي هذا المجال يشير الخميسي (2020) إلى أهم المتطلبات الإدارية في ظل كورونا والتي منها استحداث تنظيمات إدارية وتربوية جديدة للتنسيق بين المدارس والمنازل قائمة على الدمج بين التعليم الوجاهي والتعليم الإلكتروني، وتطوير الشراكة بين المدارس والمنازل في تعليم وتعلم الأبناء، وإتاحة برامج التنمية المهنية المستدامة للأطقم التعليمية بالمدارس، وإعادة النظر في طرق الاتصال والتواصل مع كافة منسوبي المدرسة.
وفي ضوء مجالات الجدارات الرقمية التي تم ذكرها سابقاً فإن مدير المدرسة يتمثل دوره في عدة مجالات منها: التشارك المعرفي والعلمي عبر التقنيات الرقمية، وإدارة مجتمعات التعلم الرقمية بتميز وإتقان، ونشر قيم الاتصال والتواصل الرقمي مثل قيم الاحترام والانضباط في العالم الرقمي، وضرورة التعرف إلى المشكلات الرقمية التي تعترض عمل التعليم الإلكتروني، وطرق نشر المحتوى الرقمي من دروس وأنشطة وتعليمات وخطط المدرسة بما فيها خطط اللجان عبر التقنيات الرقمية، إضافة إلى التواصل مع المجتمع المحلي وعقد اتفاقيات تعاون مع الجهات المعنية بما يحقق خدمة المدرسة، والمشاركة في حل المشكلات المجتمعية كتجسيد لمفهوم المسؤولية المجتمعية عبر التقنيات الرقمية.
دور الجدارات الرقمية في تحسين جودة الأداء المدرسي في ظل جائحة كورونا
تحرص المدرسة الناجحة على الاهتمام بعنصر الاستدامة، والتي تكون في استدامة تحقيق الجودة والتميز المدرسي، واستدامة توافر ميزة تنافسية تمكنها من أن تحجز لها مكانة وسط دوائر التنافسية الإقليمية والعالمية، ولهذا فبالرغم من التحديات التي شكلتها جائحة كورونا أمام الأداء المدرسي وتحقيق جودته إلا أن القيادات الإدارية (مديري المدارس) تبحث دوماً عن الأفكار والمستجدات الإدارية التي تساعدها على تحقيق الأهداف المنشودة، وتحقيق مستويات متقدمة في جودة الأداء المدرسي.
وتمثل الجدارات الرقمية رافداً قوياً في تطوير مجالات العمل المدرسي والتي تتمثل فيما يلي:
- القيادة التربوية: ومن خلالها ستتحول الخطط المدرسية من الورقيات إلى النشر الرقمي بما يتضمن من نشر لخطط اللجان وتعميم رؤية ورسالة المدرسة للطلبة والمعلمين والمجتمع المحلي على المنصات الرقمية والصفوف الافتراضية، والمواقع الرقمية، كذلك الانتقال من التنظيم التقليدي إلى التنظيم ذو الطابع الرقمي، كما تمكن القيادة الإدارية (مدير المدرسة) من امتلاكها للعديد من المهارات اللازمة للتعامل مع التقنيات الرقمية بكافة أشكالها.
- التعليم والتعلم: من خلال الجدارات الرقمية يمكن مواجهة تحديات جائحة كورونا بحيث يتم تقديم الدروس والمنهاج المقرر في البيئات الرقمية، وممارسة الأنشطة والمهام في البيئة الرقمية، كذلك إعداد الاختبارات الإلكترونية، والتطلع إلى معرفة آليات التقييم والتقويم الرقمي، والاستراتيجيات التدريسية التي يمكن استخدامها في البيئة الرقمية.
- العلاقات الاجتماعية: وهذا ما يتجسد في غياب التعليم الوجاهي وقلة أطر التواصل في ظل جائحة كورونا فتظهر الجدارات الرقمية لتجسد المناخ المدرسي ونشر ثقافة تنظيمية محببة في البيئات الرقمية من خلال العلاقات الاجتماعية وعقد الاجتماعات والندوات والاحتفالات في البيئات الرقمية.
- إدارة الموارد البشرية: حيث يتم التعرف على الاحتياجات التدريبية للعاملين في ظل استخدام التقنيات الرقمية، ومحاولة عقد لقاءات تدريبية تسد الفجوات التدريبية، كذلك عقد دورات تطويرية في مهارات استخدام التقنيات الرقمية.
وعليه يتحقق التحسين المستمر في مجالات العمل المدرسي كافة، وتتحقق أبجديات فكر إدارة الجودة الشاملة القائم على تحقيق التحسين المستمر وتحقيق رضا المستفيد، واستدامة التواصل مع أصحاب العلاقة.
آليات تطوير الجدارات الرقمية في ظل جائحة كورونا وما بعدها
تتغلغل التقنيات الرقمية ومظاهر استخدام التكنولوجيا في الوسط التربوي والتعليمي الذي ينشد تحقيق التميز المستدام في مجالات عمله، والتي تأتي انعكاساً للتطورات الرقمية العالمية، وظهور أدوات رقمية جديدة، يمكن الاستفادة منها في العملية التعليمية. وفي ظل انتشار فايروس كورونا في العالم، والمطالبة المستمرة بتفعيل آليات التعليم والتعلم الإلكتروني، والتعلم عن بعد، ازداد التركيز على استخدام التقنيات الرقمية، والبحث عن أفضل الممارسات لتحقيق الاستثمار الأمثل والاستخدام الذكي للتقنيات الرقمية في مجالات العمل المدرسي.
يعتبر مدير المدرسة هو المسؤول الأول عن تحقيق التقدم والإنجاز في العمل المدرسي، من خلال استثمار الموارد المادية والبشرية وتتبع المتغيرات العالمية والإقليمية، وبث روح التغيير والتطوير، وممارسة الاتجاهات الحديثة في الإدارة التربوية؛ لكي يحقق أهدافه وأهداف مؤسسته التعليمية بكل كفاءة واقتدار ويلبي احتياجات المجتمع الذي يعيش فيه. وعليه تم تحديد مجموعة من الآليات المقترحة لتطوير الجدارات الرقمية في ظل جائحة كورونا وما بعدها، والتي تتضح بما يلي:
أولاً: إعداد وحدة لمتابعة التدريب الإلكتروني وتطويره، من خلال تشكيل إدارة التدريب الإلكتروني للموارد البشرية، تكون وظيفتها إعداد الخطط التدريبية، ودراسة الاحتياجات التدريبية، دراسة أثر التدريب، والتواصل مع المجتمع المحلي لعقد شراكات مع مؤسسات تدريب ومدربين جدد، وتحويل بعض التدريبات الوجاهية إلى تدريبات إلكترونية.
ثانياً: رصد الوزارة لمتطلبات وركائز عمليات التدريب الإلكتروني، لتنمية الجدارات الرقمية لمديري المدارس بكفاءة واقتدار.
ثالثاً: اختيار واستقطاب المدربين ذوي الجدارات التدريبية العالية، ليستطيعوا تحقيق أهداف البرامج التدريبية، وهذا يتحقق من خلال وضع مواصفات محددة لجودة وتميز المدرب، وإعداد الاختبارات المناسبة والملائمة لذلك.
رابعًا: إجراء تقويم قبلي مبدئي وتحديد الاحتياجات التدريبية للقيادات التربوية في وزارة التربية والتعليم وذلك يتحقق من خلال إعداد استمارة احتياجات تدريبية.
خامسًا: البدء بإعداد خطة تدريبية مناسبة لمظاهر التحول الرقمي في دول العالم كافة، ومناسبة لتطوير الجدارات الرقمية للقيادات التربوية في البيئة الفلسطينية بحيث تكون الموجه الرئيس للبرامج التدريبية المنفذة للقيادات التربوية، بحيث تتشكل الخطة من تحديد للأهداف العامة والإجرائية (السلوكية) وتحديد للمحتوى التدريبي الذي سيتشكل من الجدارات الرقمية ويحدد بما يلي:
المحور الأول: المعرفة الرقمية وإدارتها
ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال
– تحديد المهارات التي وجب امتلاكها وممارستها من قبل مديري المدارس في استخدام التقنيات الرقمية مثل مهارات تشغيل الأجهزة بأنواعها، وتشغيل التطبيقات الرقمية مثل تشغيل برامج التعليم الإلكتروني المختلفة كالزووم والإيميل، وتشغيل بعض المنصات التعليمية وتشغيل الصفوف الافتراضية بكافة أماكنها، سواء على (gmail) أو غيره، وتشغيل والتحكم بأجهزة التصوير المناسبة للتعليم الإلكتروني.
– تحديث قوائم بأشهر المواقع والمتصفحات الإلكترونية ذات العلاقة بعمليات التعليم والمقررات الدراسية، وتقديمها باستمرار ضمن البرامج التدريبية.
– تضمين اللقاءات التدريبية بممارسات عملية لجلسات حوارية بين المدربين ومديري المدارس أو بين المدراء ومعلميهم، مع طرح موضوعات علمية مختلفة.
– تقديم دورات حول أمن المعلومات الرقمية، بحيث تتضمن التركيز على آليات تخزين البيانات والمعارف والتجارب العلمية في أنظمة رقمية آمنة بهدف الاستفادة منها في جوانب العملية التعليمية.
المحور الثاني: الاتصال والتعاون الرقمي
ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال:
– مهارة استخدام تطبيقات الاتصال والتعاون الرقمي كالزووم والفيسبوك والسكايب وغيرها.
– كيفية إعداد قاعدة بيانات رقمية لكافة الطلبة والعاملين وأولياء الأمور والمجتمع المحلي (جهات الشراكة).
– عقد لقاءات بين طلبة المدرسة وطلاب في مدارس محلية ودولية.
– نشر قصص نجاح للمعلمين حول استثمارهم الحسن للتقنيات الرقمية.
– عقد مسابقات ومبادرات طلابية عبر وسائل الاتصال الرقمي.
– إجراء الأبحاث الطلابية ونشرها عبر المتصفحات الرقمية.
– ممارسة قيم الحوار والمحادثة في استخدام وسائل الاتصال الرقمي.
المحور الثالث: السلامة والأمان الرقمي
ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال:
- تعزيز الوعي لدى الطلبة بخطورة المواقع الإلكترونية المحظورة.
- تحذير العاملين والطلبة بخطورة تقديم معلومات شخصية (البصمة الرقمية).
- توضيح آليات التعرف إلى مصداقية المواقع التعليمية والتجارية.
- توضيح آلية التعامل مع الغرباء والمجهولين عبر الإنترنت.
- تعزيز الاعتزاز بالدين الاسلامي وأخلاقياته أثناء التعامل مع التقنيات الرقمية.
- إعداد فيديوهات مصورة لآليات الحفاظ على الأمن الشخصي (سرقة الهوية الثقافية- الاحتيال- التحرش- الابتزاز).
- توضيح بالأمثلة لخطورة ظاهرة الإدمان للإنترنت وطرق تلافيها.
المحور الرابع: إنشاء المحتوى الرقمي
ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال:
- عرض الخطط الاستراتيجية والتنفيذية للمدرسة عبر بوابة العاملين الرقمية.
- عرض خطط اللجان المدرسية وكافة الملفات الخاصة بها عبر البوابات الرقمية الخاصة بالمدرسة.
- مساعدة المعلمين على حوسبة الدروس والأنشطة المدرسية ونشرها بإتقان عبر المتصفحات الرقمية.
- نشر المصادر التعليمية المختلفة من دوريات ودراسات وكتب وفيديوهات عبر المتصفحات الرقمية.
- التواصل مع خبراء البرمجة لإعداد تطبيقات وبرمجيات متعددة وهادفة لنشر المحتوى التعليمي المراد (الفيديو- الصور- الصوت).
- إعداد سيناريوهات مختلفة لنشر المحتوى الرقمي.
- وضع العديد من الصور والوسائط المتعددة في الموضوعات الرقمية.
- تقديم تغذية راجعة من إدارته للنشر والعمل عبر التقنيات الرقمية مع الطلبة والعاملين.
- إتقان مهارات التحليل للعمل في نشر المحتوى الرقمي كتحديد نقاط القوة والضعف.
- تشجيع المعلمين على استخدام استراتيجيات تعلم نشط قائمة على التكنولوجيا مثل التعلم المعكوس والرحلات المعرفية.
- تدريب المعلمين على طرق إعداد الاختبارات الإلكترونية وطرق تحليلها.
المحور الخامس: حل المشكلات الرقمية
ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال:
- تخصيص مدير المدرسة جزءا من الوقت لمناقشة المعلمين كافة وأولياء الأمور حول احتياج المدرسة من الأدوات والمصادر الرقمية.
- التعاون مع مختصين فنيين لإرشاد المجتمع المحلي لطرق التعامل مع المشكلات الفنية.
- إتاحة قناة اتصال وتواصل مستمرة مع كافة منسوبي المدرسة وخبراء في التقنيات لمعالجة المشكلات الطارئة في استخدام التقنيات الرقمية.
- تعيين فريق عمل للتواصل مع الطلبة غير القادرين على استخدام المتصفحات المستخدمة بمهارة عالية.
- تنمية مهارات إدارة المشكلات والأزمات للتعامل مع المواقف المتجددة في ظل الارتكاز على التعليم الرقمي.
- إصلاح الأعطال الفنية والمشكلات الطارئة بأقصى سرعة ممكنة.
- تدريب المعلمين على طرق مواجهة مشاكل الاختبارات الإلكترونية.
- عقد لقاءات لأولياء الأمور لمواجهة المشكلات الفنية في استخدام التقنيات الرقمية.
التوصيات
في ضوء العرض السابق لعناصر المقال الذي جاء حول الجدارات الرقمية في ظل جائحة كورونا وما بعدها، تم تحديد مجموعة من التوصيات يمكن إجمالها في النقاط التالية:
- الاهتمام والعناية بتدريب القيادات الإدارية (مديري المدارس) على الجدارات الرقمية بشكل عام ومجالاتها المحددة في المعرفة الرقمية والاتصال والتواصل الرقمي وحل المشكلات الرقمية وغيرها لما لها من دور في الارتقاء بالأعمال والوصول للأهداف المنشودة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحديد الاحتياجات التدريبية للقيادات الإدارية في ضوء الجدارات الرقمية لعقد برامج تدريبية مناسبة لذلك.
- طرح نماذج مشرفة للجدارات الرقمية داخل الوطن وخارجه وعرضها أمام كافة القيادات الإدارية (مديري المدارس) لشحذ الهمم وتحفيز الطاقات لممارسة الجدارات الرقمية بإتقان وتميز.
- عقد اللقاءات والدورات التي توضح مفهوم الجدارات الرقمية وطرق تعزيزها بين القيادات الإدارية (مديري المدارس) والعاملين.
- التوسع في الدورات التدريبية المقدمة للقيادات الإدارية (مديري المدارس) والتي تساعدها على اكتساب الجدارات المختلفة.
- الاستفادة من تجربة التعليم الإلكتروني في ظل جائحة كورونا في محافظات غزة مع إجراء تقييم لنقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات للاستفادة منها في استشراف العملية التعليمية التعلمية بعد جائحة كورونا.
- رصد للمشكلات والمخاطر التي يقع بها بعض الطلبة أثناء الاستخدام السيء للتقنيات الرقمية وتعميمها على المدراء مع وضع الحلول المناسبة لها، وطرق توعية منسوبي المدرسة بها.
المقترحات
يقترح المقال مجموعة من المقترحات التي يمكن من خلالها الارتقاء بالجدارات الرقمية في ظل جائحة كورونا وما بعدها وهي:
- إعداد تقويم لتجربة وزارة التربية والتعليم العالي بمحافظات غزة في التعليم الإلكتروني في ظل جائحة كورونا.
- إعداد دراسات قائمة على ربط المجتمع المحلي والقيادات الإدارية (مديري المدارس) بما يخدم تطوير الجدارات الرقمية للكوادر التربوية.
- تنفيذ أبحاث إجرائية حول المشكلات التي تعترض التعليم الإلكتروني للمعلمين في المدارس.
المصادر والمراجع
أولاً: المراجع العربية
أبو نابي، علاء. (2019). الجدارة والكفاءة: نحو تصحيح الخطأ الشائع في التمييز بينهما، متاح على الرابط التالي بتاريخ5/6/ 2021. http://www.ala-abu-naba-a/.
أحمد، حافظ و حافظ.، محمد صبري (2012). إدارة المؤسسات التربوية. عالم الكتب.
بدوي، مأمون وفرح، فرح يس , حسب الرسول، أيمن.(2018) .أثر تكنولوجيا المعلومات على تنمية الجدارة الرقمية للموارد البشرية في شركات الإنشاءات والمقاولات السعودية: دراسة حالة شركة أبصار المحدودة، مجلة الجزيرة للعلوم الاقتصادية والاجتماعية، 9(1).
البرعي، محمد والتويجري، محمد. (1993). معجم المصطلحات الإدارية. مكتبة العبيكان.
حامد، نهلة حامد. (2019). انعكاسات التعليم الرقمي وأثره على النمو المعرفي وقدرات الإنسان. المجلة العربية للتربية النوعية، المؤسسة العربية للتربية والعلوم والأداب، (7). 51-76.
الخميسي، السيد سلامة. (2020). التعليم في زمن كورونا: تجسير الفجوة بين البيت والمدرسة، المجلة الدولية للبحوث في العلوم التربوية، المؤسسة الدولية لآفاق المستقبل، 3(4)، ص51 ص-73.
الدحدوح، أحمد. (2014). درجة ممارسة مديري مدارس التعليم الاساسي بمحافظات غزة للادارة الالكترونية وعلاقتها بادارة الوقت لديهم (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الإسلامية.
رشاد، عبد الناصر وعباس، هشام (2020). الجدارات الوظيفية اللازمة للقيادات الأكاديمية بالجامعات المصرية: تصور مقترح، مجلة الإدارة التربوية. الجمعية المصرية للتربية المقارنة والإدارة التعليمية، مصر، 7(25)، 105 – 207.
سالم، سالم (2019). مدخل لتنمية وتطوير الجدارات الوظيفية للموارد البشرية باستخدام التطبيقات التكنولوجية – منظومة فيينا نموذجا، مجلة كلية الادارة والاقتصاد للدراسات الاقتصادية والإدارية والمالية. جامعة بغداد، العراق، 11(4)، 940-963.
سرحان، ياسر عبد الله. (2014). المعجم الأساسي في المصطلحات الإدارية العربية القديمة والمعاصرة، المجلد 2، معهد الإدارة العامة، الرياض.
شاهين، نرمين. (2013). الأنماط القيادية لدى مديري المدارس الحكومية في محافظات غزة وعلاقتها بتعزيز ثقافة الإنجاز (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الإسلامية.
الطويل، هاني. (2009). المدرسة المتعلمة/ مدرسة المستقبل.ط2. دار وائل للنشر والتوزيع.
عبدالرحمن، إيمان جميل عبدالفتاح. (2018). “واقع تطبيق الإدارة الإلكترونية في وظائف العمليات الإدارية لدى مديري المدارس الأردنية في محافظة العاصة عمان وسبل تطويرها.” مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية: الجامعة الإسلامية بغزة – شئون البحث العلمي والدراسات العليا 26 (6). 1 – 28.
العرابي، محمود. (2019). دراسة كشفية لممارسات المدراء للمقاربة بالكفاءات، بحث متاح على الرابط التالي بتاريخ 8/6/ 2021، -www. Moheet . com /showfiles. Aspx find
غنايم، مهنى. (2020). التعليم العربي وأزمة كورونا: سيناريوهات للمستقبل، المجلة الدولية للبحوث في العلوم التربوية، 3(4)، ص75-104.
المعيض، خالد.(2008). القيادة الإدارية. معهد الإدارة العامة في السعودية.
منظمة الإسكو(الأمم المتحدة). (2019). تقرير التنمية الرقمية العربية 2019- نحو التمكين لشمول المجتمع. شعبة التكنولوجيا من أجل التنمية.
المياحي، لقمان والخروصي، حسين بن علي والجهوري، عبد الله بن علي، والجابري، نصر بن ناصر. (2020). أثر برنامج تدريبي في تمكين مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة لدى طلبة معهد العلوم الإسلامية بمسقط، المجلة الدولية للدراسات التربوية والنفسية، مركز رفاد للدراسات والأبحاث. 7(3). 473- 487.
نصرات، خليفة عبد الرؤوف. (2014). التعليم الالكتروني وأثره الايجابي في العملية التعليمية، المجلة الليبية للدراسات، دار الزاوية للكتاب، (6). 103-115.
وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية. (2011). الخطة التنفيذية لوزارة التربية والتعليم 2011-2012م، رام الله، فلسطين.
وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية.(2011). الخطة الخمسية التطورية الاستراتيجية (2011-2012)، رام الله، فلسطين.
وزارة التربية والتعليم الفلسطينية. (2017). الخطة الاستراتيجية لقطاع التعليم (2017- 2022)- النسخة المطورة للاستراتيجيات القطاعية الثالثة للتعليم، رام الله، فلسطين.
المراجع الإنجليزية
Tafti, A., Mithas, S and Krishnan, M.S. (2009). Complementarities Between Information Technology and Human Resource Practices in Knowledgework, WISE.
European Commission. (2020). Communication from the Commission to the Council, the European Parliament, the European Economic and Social Committee and the Committee of the Regions- E-skills for the 21st century: Fostering Competitiveness, Growth and Jobs (COM/2020/0496 final). Brussels: Commission of the European Communities.
Omer Faruk, Ünal, Mehmet, Mete (2012). The Impact Of Information Administrators’ Perspective. Proceedings of the World Congress on Engineering. 1- 3 July 2015, London, U.K.
Calvani, A., Fini, A., & Ranieri, M. (2010) Digital Competence In K-12: Theoretical Models, Assessment Tools and Empirical Research, Anàlisi: Quaderns de Comunicació i Cultura, 40. 157-171.
European Commission. (2015). Digital Competence in Practice: An Analysis of Frameworks (Report EUR 25351 EN). Garcilaso, 3. E‐41092, Seville (Spain): Joint Research Centre.
North Merion Ave Bryn Mawr.(2019). Bryn Mawr Digital Competencies Framework. Library and Information Technology Services.
Putri, M. N., Kristiawan, M., & Rohana, R. (2020). Mapping Principal’s Competency Of Secondary School, International Journal Of Educational Review, 2(2), 151-159 p152،.
شكراً من الاعماق للمقالة القيمة التي غطت كل ما في خلدي وما هو الواجب الغير ان يدركه مع التطور الحاصل في علوم التكنلوجيا الرقمية.