يتغير العالم ويتطور بسرعة هائلة، وكذلك كافة مناحي الحياة، ومنها مجال التعليم الذي يتطور تبعاً للتطور العلمي والتكنولوجي والمعرفي في ظل الانفجار المعرفي، ولأننا كأفراد نواكب هذا التطور ونعيش من خلاله، فعلى التعليم أن يكون ملائماً وموازياً لذلك التطور. الأمر الذي يترتب عليه تطوير المنظومة التعليمية بأكملها (بيئة تعليمية، ومناهج وكفاءات وأدوات)، ولا يخفى على أحد أن التعليم يشهد تطوراً ملحوظاً في مجال تكنولوجيا المعلومات والتي فرضت على المؤسسات التعليمية واقعًا جديدًا في آليات وطرائق التدريس، مما جعلها مسؤولة أمام الجميع عن تأهيل الطلبة ورفع كفاءتهم، ليكونوا قادرين على مواكبة التطورات التكنولوجية ومواجهة التحديات والمعيقات من ناحية والاستعداد التكنولوجي من ناحية أخرى، الأمر الذي جعل المعلم والطالب والمؤسسة التعليمية تواجه بعض التحولات والتحديات نتيجة للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجيا التي طرأت على المستوى الدولي والمحلي.
وبسبب ذلك التطور العالمي تم إدخال نظام جديد وهو التعليم الالكتروني، الذي يتطلب أدوات وأساليب تختلف عن التعليم التقليدي، وعليه لا بد من تقديم مناهج جديدة للطلاب باعتبارهم صانعي المعرفة، والعمل على توفير تقنيات لذلك، فالمعرفة أصبحت متاحة لديه الكترونياً، ولا بد من أن يكون التعليم متاحاً في أي زمان وأي مكان، مما يتطلب تجهيزات تقنية واتصالات (شبكة إنترنت، بريد الكتروني، حاسوب…) وأساليب تعليمية مختلفة (تعليم محوسب، تطبيقات تتواصل بأشكال مرئية ومكتوبة.)
لقد وسع التعليم الإلكتروني حدود التعلم فهو صورة مرنة للتعليم، يهدف لإتاحته للجميع، بحسب قدراتهم وإمكاناتهم، من خلال العمل على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية بين الطلبة جميعا دون تفرقة، من أجل الوصول إلى الطلبة الذين يعيشون مناطق بعيدة ولا يستطيعون الانتقال إلى المكان التعليمي.
وفي ظل التعليم الإلكتروني وحاجة المتعلمين إلى البحث والتنقيب عن المعرفة والتعامل مع ما يستجد من مواقف حياتية ومشكلات تعليمية مستحدثة في عصر المعلومات فإن العملية التربوية الحالية تهدف إلى إكسابهم مهارات الاتصال والتواصل.
مفهوم الاتصال
هو عملية نقل الأفكار والمعلومات التعليمية التربوية من المعلمين للطلبة وبالعكس، أو من المعلمين إلى زملائهم في العمل، وذلك كتابياً أو شفهياً، مما يؤدي إلى توحيد الجهود لتحقيق أهداف المؤسسة التربوية ورسالتها. والتواصل عامة هو عملية تفاعل بين مرسل ومستقبل مع رسالة معينة في سياق اجتماعي معين، من خلال وسيط لتحقيق هدف محدد.
يشكل الاتصال والتواصل الإيجابي في حقيقته جوهرا وركيزة أساسية للعملية التعليمية وأداة إذا امتلكها العاملون ساعدتهم على تسهيل مهماتهم وتحسين أدائهم وبناء شخصياتهم، فالاتصال والتواصل هو عملية تفاعلية، وليس مجرد نقل البيانات والمعلومات وتصف هذه البيانات والمعلومات بأنها القلب النابض للعملية التعليمية.
كما أنها عملية تفاعلية ذات محتوى محدد تتم في سياق محدد، وتتضمن نقل معلومات ومشاعر واتجاهات وأفكار وخبرات باستخدام وسائط محددة كاللغة والإشارات وغيرها من أساليب التواصل اللفظي وغير اللفظي.
وتعد مهارات مكتسبة يمكن للفرد التدرب عليها وتطويرها من خلال التعلم والخبرة، وتتلخص في مهارة القراءة والعرض الفعال، والاستماع والإصغاء، كذلك مهارة الكتابة، والحديث، وإدارة اللقاءات، والاجتماعات.
مفهوم التعليم الإلكتروني
عرفته الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير بأنه يغطي مدى واسعًا من التطبيقات والعمليات، مثل التعلم المعتمد على الشبكة العنكبوتية، والتعلم المعتمد على الحاسوب، والصفوف الافتراضية، والإنترنت، والمشاركة الرقمية، كذلك نقل المحتوى بواسطة شبكة الإنترنت أو أشرطة الفيديو، والصوت والبث عبر الأقمار الصناعية والتلفاز التفاعلي، بالإضافة للأقراص المدمجة، وفي التطبيق نلحظ سيطرة تقنيات الإنترنت على التعلم الإلكتروني، باعتباره أحد صور التعلم عن بعد، والذي يوفر تفاعلاً بين الطلاب والمعلمين، وبين الطلاب وزملائهم وبين الطلاب والمحتوى التعلمي، ولعل أحدث مفاهيم التعلم الإلكتروني أنه تعليم وتعلم عبر شبكة المعلومات الدولية باستخدام الحاسوب والوسائط المتعددة وتكنولوجيا الإنترنت.
ويمكن تعريفه بأنه عملية للتعليم والتعلم باستخدام الوسائل الإلكترونية كالحاسوب وبرمجياته المختلفة، وشبكات والإنترنت، والمكتبات الإلكترونية وغيرها، والتي تستخدم في عملية نقل وإيصال المعلومات بين كل من المعلم والمتعلم لأهداف تعليمية محددة وواضحة.
تنفيذ التعليم الإلكتروني
التعليم الإلكتروني له أكثر من طريقة لتنفيذه وجميعها تعتمد على استخدام الإلكترونيات، مثل أن يسجل المحتوى على قرص مضغوط CD أو على الشبكة الدولية للمعلومات، وذلك بشكليه المباشر وغير مباشر، وهو الأمر الذي يسمح للمتعلم بالتواصل مع المادة التعليمية والمعلمين والزملاء عن بعد في الوقت والزمان المناسبين.
كما أنه تعزيز للممارسات ودعمها من خلال الأدوات التكنولوجية المختلفة، القائمة على الويب أو الموزعة على شبكة الإنترنت، أو تلك المعتمدة على استخدام الشبكة العنكبوتية وتوظيفها لأغراض التعليم، من خلال تفاعلات تزامنية أو غير تزامنية. ولعل التطور في مجال تكنولوجيا التعليم أدى إلى ظهور عدد من المستحدثات التكنولوجية التي صار توظيفها في العملية التربوية ضرورة ملحة.
إن تنفيذ التعليم الالكتروني يعمل على تعزيز الممارسات التعلمية ودعمها، باستخدام الأدوات التكنولوجية المختلفة التي تكون قائمة على الويب أو موزعة على شبكة الإنترنت أو المعتمدة على استخدام شبكة الإنترنت وتوظيفها لأغراض التعليم، وهو تفاعلات تزامنية أو غير تزامنية بوساطة تقنية الإنترنت وتطبيقاتها في الشبكة العنكبوتية.
متطلبات التعليم الإلكتروني
لعل من أهمها توفر حاسوب مجهز بمودم، واشتراك بشبكة إنترنت، وبريد الكتروني، والحد الأدنى من المعرفة التقنية في استخدام الحاسوب، حيث يجري التواصل بتنسيق مسبق بواسطة وسائل الاتصال الإلكتروني المختلفة، وفي حالات أخرى باستخدام تقنيات إضافية وبرمجيات خاصة، مثل القاعة الافتراضية أو الحرم الجامعي الافتراضي، تبعًا لطبيعة المادة التعليمية، والتقنيات المتوفرة لدى المؤسسة التعليمية.
ومن متطلبات التعليم الإلكتروني المهمة وجود بنية تحتية شاملة تتمثل في وسائل اتصال سريعة وأجهزة ومختبرات حديثة للحاسوب الآلي، مع تأهيل وتدريب المعلمين على كيفية استخدام تلك التقنيات والتعرف على دورها في مجال التعليم، مع الاستثمار في بناء مناهج ومواد تعليمية إلكترونية، ووجود تشريعات وقوانين تسهم في دعم العملية التعليمية الإلكترونية، بالإضافة لبناء أنظمة معلومات قادرة على إدارة عملية التعليم بصورة ملائمة.
أهمية وأهداف التعليم الإلكتروني
إن للتعليم الإلكتروني مجموعة من العناصر المتفاعلة التي ينبغي توفرها لتتحقق فلسفة التواصل في التعليم الإلكتروني، إذ على المتعلم أن يكون مستعداً للتواصل الإلكتروني، من خلال أسلوب التعليم والتعلم الإلكتروني مع المعلم الذي يشرف على عملية التعليم الإلكتروني ويتفاعل مع المتعلمين ويوجه تعلمهم ويقوم أدائهم. والذي بدوره يهدف إلى توفير بيئة تعليمية تفاعلية ومتعددة المصادر لخدمة عملية التعلم والتعليم، وإيجاد الحوافز التي تشجع التواصل بين منظومة العملية التعليمية، كما تساهم في تنمية مهارات الطلاب وإعدادهم بما يتناسب مع المتطلبات المستقبلية من خلال تقنية المعلومات في التعليم. كما يهدف لرفع مستوى قدرات المعلمين في توظيف تقنية المعلومات في العملية التعليمية، بالإضافة إلى تناقل الخبرات التربوية من خلال قنوات الاتصال التي تمكن المتعلمين والمعلمين من المناقشة والحوار وتبادل الآراء.
كما أن له أهمية كبيرة وفوائد متعددة، تتضمن سهولة الاتصال ما بين الأطراف في اتجاهات عدة، كمجالس النقاش والبريد الإلكتروني، وغرف الحوار، مما يساهم في تحفيز الطلاب على المشاركة والتفاعل مع المواضيع المطروحة في الوقت والمكان المناسبين، مما يطور مهارات الاتصال والتواصل المختلفة لديهم.
كما أن له دورا في عرض وجهات النظر المختلفة للمتعلمين من خلال المنتديات الفورية، الأمر الذي يتيح فرصا لتبادل وجهات النظر في المواضيع المطروحة، وبالتالي الاستفادة من الآراء والمقترحات ودمجها مع الآراء الخاصة بالطالب، مما يساعد على تكون أساس متين عند المتعلم.
ولا نغفل عن الاستمرارية في الوصول إلى المناهج، مما يجعل المتعلم في حالة استقرار وقدرة على الحصول على المعلومة التي يريدها في الوقت الذي يناسبه. مما يوفر المناخ النفسي والمادي الذي يؤمن الاتصال المفتوح، وبالتالي نصل إلى متعلم مشارك ومبدع، ومنفتح، يسعى دائمًا لنشر المعلومة التي يتعلمها، وبالتالي خلق بيئة متطورة في مجال تخصصه، ناهيك عن الإفادة القصوى من الزمن وتعدد طرق تقييم تطور المتعلم من خلال توفر أدوات التقييم الفوري، وطرق لتصنيف المعلومات بصورة سريعة وسهلة. والحصول على التغذية الراجعة لمدى تقدمه واستثارة الدافعية لديه للوصول إلى النتائج المطلوبة مما يؤثر على مهارات الاتصال والتواصل.
المراجع:
الجبالي، حمزة، (2016): التعليم الإلكتروني مدخل إلى حوسبة التعليم، ط(1)، دار صفاء للطباعة والنشر والتوزيع، عمان.
عايش، إيمان أحمد، (2020)، دور التعليم الإلكتروني في تنمية مهارات الاتصال والتواصل لدى طلبة جامعة القدس المفتوحة من وجهة نظرهم في فرع جنين، مجلة جامعة الأزهر، م22، ع2.
Wang shudong and yang fang. (2014): students perception toward personal information and privacy disclosure in E-learning the Turkish online journal of education technology, 13(1).
إعداد الإطار النظري
الإطار النظري هو أحد الأجزاء المهمة في رسائل الماجستير والدكتوراه. حيث يتضمن مراجعة للأدبيات المرتبطة بموضوع الرسالة وتقديم ما تتضمنه هذه الأدبيات من مفاهيم ونظريات وجوانب مختلفة. و ذلك بما يتناسب مع إيصال صورة واضحة للقارئ حول الموضوع الذي يتم بحثه وما تضمنته الأدبيات السابقة من معلومات حوله.