تعتبر إدارة الصف واحدة من الاهتمامات الرئيسية للمعلمين والإداريين عند اعتماد التقنية في الفصول الدراسية، لأنهم كثيرا ما يحتاجون إلى وسيلة لتأمين شاشات الأجهزة أو ضمان عدم تمكن الطلاب من الانتقال إلى واجهات غير مناسبة مثل شبكات التواصل الاجتماعي. ما يعني أنهم يعيشون تحديا كبيرا في إبقاء الطلاب مركزين على مهامهم الدراسية وعدم صرف انتباههم إلى واجهات الأدوات الرقمية المختلفة أو التواصل مع الأصدقاء عبر الرسائل النصية أو الوسائط الاجتماعية.
و كثيرا ما يلجأ المدرسون إلى سحب هذه الأجهزة من الطلاب لتجنب مشكلة صرف انتباههم. لكن التجارب أثبتت أن استعمال القوة لا يجدي نفعا في حل هذه المشكلة.
الحل الحقيقي هو الإدارة الصفية والرفع من جودتها، وهي أقوى وأهم المهارات التي يجب توفرها في مدرس اليوم، و يعتبرها العديد من المدرسين مهارة يصعب تحقيقها. كما يعتقدون أن إدارة الفصول الدراسية التي تدمج التقنية تحتاج إلى مقاربات جديدة ومجموعة متكاملة من المهارات. في حين أن العديد من الطرق التقليدية لتدبير الفصول الدراسية يمكن توظيفها بسهولة داخل الفصل الدراسي الغني بالتقنية، طبعا مع بعض التعديلات الطفيفة.
وفيما يلي عرض لأهم 5 إرشادات ضرورية في إدارة جيدة للفصل الذي يستخدم الأجهزة التقنية المحمولة. أو بعبارة أخرى هي 5 إجراءات تدبيرية ينبغي أن يعرفها كل مدرس، من أجل استخدام سليم للأجهزة المحمولة داخل الفصل الدراسي:
رسم توقعات واضحة
ينبغي أن يفهم الطلاب جيدا التوقعات المنتظرة منهم في استخدام التقنية داخل الفصل الدراسي، من خلال الالتزام بضوابط واضحة لا تختلف كثيرا عن الضوابط أو التوقعات التي يرسمها القانون الداخلي للفصل الذي تصوغه وتتوافق عليه جماعة الفصل بداية السنة الدراسية. فمثلا يمكن إضافة بنود تتعلق بالهواتف الذكية، بما يفيد حظر استعمالها إلا للأغراض التعليمية البحتة، بحيث يجب ضبطها في الوضع الصامت ولا يسمح بتناولها باليد، وغير ذلك من التنبيهات المهمة للطلاب و التي تبين بوضوح التوقعات المنتظرة منهم في تعاملهم مع أجهزتهم الرقمية داخل الفصل، أو بنود قانون الاستخدام والعواقب المترتبة عن انتهاكها.
تقبل معارضة الجديد
عند استخدام أنواع جديدة من الأدوات الرقمية أو التطبيقات أو البرامج أو الأجهزة، فغالبا ما يحتاج الطلاب بعض الوقت لتغيير نظرتهم الساخرة إلى هذا الجديد، فمثلا إذا أردنا منهم استخدام iMovie على الآيباد لإنتاج مقاطع فيديو في سياق تعليمي مناسب، لا عيب في تشجيعهم على إنشاء فيديو سخيف واحد قبل البدء في تنفيذ التعليمات والمهام الجدية بكل دقة وتركيز. بعض المشاكل في استخدام التقنيات الجديدة تنشأ عن حداثة الجهاز، لذا فإن فترة الإندهاش الأولية بالجهاز التي يمر منها الطلاب، يجب أن نتعامل معها بشكل عادي، قبل أن يتجاوزوا هذه الفترة ويتحولوا إلى حالة أكثر تركيزا على مهامهم الدراسية.
الحرص على المشاركة
ينبغي أن تكون الدروس جذابة وتجعل الطلاب أكثر ارتباطا بالمهام المطلوب منهم إنجازها، فمثلا يمكن ذلك من خلال ربط مدة الإنجاز بدرجات التقييم، وتوسيع نطاق التعليمات للطلاب الذين ينهون إنجازاتهم بسرعة أكبر. فقد يصاب الطلاب بالملل حين يطلب منهم إنجاز مهام لا تحمل بالنسبة لهم أي مغزى أو لا تمثل لهم أي تحدٍ لقدراتهم.
باستخدام تطبيق مثل سوكراتيف Socrative، يمكن للطلاب استخدام هواتفهم النقالة لإكمال النشاط في وقت وجيز ويتم تقييم إنجازاتهم بعد ذلك مباشرة. وهذا لا يبقيهم فقط أكثر تركيزا على مهامهم، بل يمكن المدرسين كذلك من تقديم تقييم جيد للطلاب يقيس تقدمهم ويجعلهم أكثر مشاركة في تحسين مستوى إنجازاتهم. فدمج التقنية في التعيم يجب أن يؤدي عموما إلى رفع مستوى مشاركة الطلاب داخل الفصل.
المراقبة والحركة
استجابة لأعضاء هيئة التدريس و الإدارة الذين يشعرون بالقلق إزاء الاستخدام غير الملائم للأجهزة الرقمية داخل الفصول الدراسية، قام كارل هوكر الخبير في تكنولوجيا التعليم، بصياغة عبارة مختصرة جميلة تلخص ما ينبغي أن يقوم به المعلم. هذه العبارة هي “عينان، قدمان” Two Eyes, Two Feet. ومعناها أن أفضل طريقة لضمان تركيز الطلاب على مهامهم وعدم انشغالهم بالجهاز الرقمي في اهتمامات خارجة عن نطاق الموقف التعليمي، هي المشي في أنحاء حجرة الدرس وإلقاء نظرة على العمل الذي يقوم به الطلاب، مع فتح باب الحوار والنقاش مع المضبوطين في حالة تسلل، قبل تطبيق الإجراءات المترتبة عن مخالفة القانون الداخلي كما ذكرنا في الفقرة الأولى أعلاه.
إبعاد التقنية أحيانا
رغم أن تقنيات التعليم مهمة جدا في تحسين التعليم سواء داخل الفصل الدراسي أوخارجه، فإن بعض الدروس تكون أفضل لو تمت بدون أدوات تقنية. لكي يدرك الطلاب أن التقنية ليست سوى أداة يتم استخدامها من أجل التعلم، ولا تصلح بالضرورة دائما للتعلم. فحين يؤدي استخدامها إلى نتائج عكسية لابد من إبعادها. ومن تلك الحالات التي يتم فيها إبعاد التقنية عن الطلاب كما هو معروف، جمع الهواتف المحمولة الخاصة بالطلاب خلال الإختبارات الفصلية النهائية، لأن استخدام الورقة والقلم كاف لتقييم مستوى تحصيل الطلاب. فعندما يتم استخدام التقنية المناسبة في سياقها المناسب داخل الفصل، سيتحسن مستوى تعامل الطلاب مع التقنية بشكل يجعل تركيزهم على التعلم أكثر من التقنية.
هل لديك أفكار أخرى ترى أن هذا المقال لم يتطرق إليها؟
سنكون جد مسرورين لو شاركتها معنا في التعليقات أدناه.
جزاكم الله خيرا