ركزت الأنظار مؤخرا على شبكة الفيسبوك وصفقة حصولها على الواتساب بمبلغ قياسي وصل إلى 17 مليار دولار، لكن شبكة الإعلام الاجتماعي العملاقة بدأت كذلك مبادرة أخرى ذات توجه خيري، إذ أعلن المؤسس و الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج في المؤتمر العالمي للجوال بإسبانيا الإثنين الماضي عن اتفاقية تعاون مع شركات كبرى في مجال التكنولوجيا والاتصالات لتوفير تعليم منخفض التكلفة وعالي الجودة لصالح رواندا.
المبادرة أطلق عليها اسم “SocialEDU”، و هي نتاج تعاون بين الفيسبوك و مجموعة من شركات التكنولوجيا الكبرى هي سامسونج و نوكيا و كوالكوم و إريكسون و برنامج أوبيرا. وتتلخص توجهات هذه الشراكة في خمسة عناصر أساسية وضرورية لتوفير التعليم الجيد في المناطق المحرومة، تم سردها في بيان صحفي كما يلي :
-
إغناء المحتويات التعليمية مجانا
-
توفير البيانات المفتوحة
-
الهواتف الذكية بأسعار معقولة
-
تطوير الخبرة في التعليم الإجتماعي
-
دعم الحكومة لمجالات الابتكار
تتلخص فكرة المشروع في متابعة الطلاب الروانديين لدراستهم عبر نموذج مطور من طرف شركة الفيسبوك، من خلال تطبيقات أو برامج مدمجة مع شبكة التواصل الإجتماعي ومتوافقة مع الهواتف الذكية. على أن تقدم المقررات من طرف موقع edX الذي تدعمه جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة طوكيو. ويمكن متابعة الدراسة عبر هذه التطبيقات للطلاب فقط بواسطة حساباتهم الشخصية على الفيسبوك.
مارك زوكربيرج خلال تقديمه لمشروع المبادرة في المؤتمر لم يرد كشف المزيد من التفاصيل، قائلا : “ليست هناك خطة واضحة … لكن المبادرة ستكون جيدة للفيسبوك، وأستطيع أن اقول أنها ستكون جيدة بالنسبة للعالم، وهي في شكلها الخاص بدولة رواندا ستكون بمثابة نموذج أولي لخطط المستقبل في باقي دول العالم”.
حكومة رواندا وعلى الرغم من توفيرها للتعليم مدعوما من دافعي الضرائب، فإن نظامها التعليمي مازال يحتل مرتبة متدنية مقارنة مع 166 دولة أخرى، بعد أن انخفض بـ 16 نقطة منذ 2009 حسب آخر الإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة. وتتجلى أهم مشاكل التعليم الرواندي في ضعف مهنية المدرسين، ذلك أن 40 في المئة من المعلمين خبرتهم المهنية ضعيفة، ومبادرة SocialEDU ستساهم في رفع الكفاءة المهنية للمدرسين بما يمكن من خفض هذا العجز المؤسسي.
كما تعتبر التكاليف المدرسية عائقا آخر من عوائق تقدم التعليم برواندا، فحتى الموارد الأساسية مثل الزي الرسمي، والكتب والأقلام … تؤثر بشكل خطير على معدلات التمدرس والأداء الدراسي للطلاب في البلاد. وتقول دراسة أجريت عام 2013 من طرف منظمات غير حكومية في رواندا، أن الوصول المفتوح للمعلومات عبر الأجهزة الرقمية يمكن أن يقلل من الحاجة إلى الكتب المدرسية والأعباء المالية لمتابعة الدراسة.
وتركيز الفيسبوك في مبادرتها على البيئة التعليمية ذات البعدين الإلكتروني والاجتماعي يمكن أن يكون أداة قوية لزيادة معدل متابعة الدراسة في التعليم الثانوي، والذي يصل حاليا 31 في المئة فقط من الطلاب.
و هكذا ،فإن المبادرة الجديدة للفيسبوك في جوهرها لن تؤدي فقط إلى حل مشاكل التعليم في رواندا، بل في بعض من دول العالم المتقدم كذلك. فعلى الرغم من أن التعليم على الإنترنت ينمو بشكل ملحوظ، مثل دورات MOOC أو المقررات الالكترونية ذات الالتحاق الهائل التي تتقدم في جلب جمهورها الواسع، فإن مهندسي هذه المقررات يكافحون في الاحتفاظ بجمهورهم بعد جلبهم، ذلك أنه حتى في الجامعات المتقدمة تكنولوجِياً مثل ستانفورد وعلى موقع معروف مثل Coursera MOOC، تقول الإحصائيات أن معدل 96 في المئة من الطلاب يغادرون الدروس بعد أسابيع قليلة فقط من التحاقهم بها. لذلك يعول كثيرا على الفيسبوك كواحد من أقوى المنصات الإلكترونية التي تحتفظ بمستخدميها لدرجة الإدمان، وعموما من المتوقع أن تلعب وسائل الاعلام الاجتماعية دورا هاما في إبقاء الطلاب مرتبطين دوما بمقرراتهم الدراسية.