عديدة هي الأشكال التي يتجلى من خلالها الابتكار في التعليم، فإدماج التكنولوجيا في هذا الأخير، كما استخدام أساليب تعليمية جديدة، و أيضا مقاربة النوع الاجتماعي، إلى جانب الإبداع في التصميم الهندسي للمدرسة … كلها تجليات لفلسفة الابتكار في التعليم، و الاتجاه الداعي لإحداث قطيعة مع التصور التقليدي للمدرسة و النظام التعليمي ككل. هو اتجاه عالمي إذن، يدعو لإعادة تعريف المدرسة، و إلى إعادة توزيع الأدوار داخل الفصول الدراسية سعيا لتفعيل التعليم المتمركز حول المتعلم، و جعل المدارس أماكن لتفجير الطاقات و اكتشاف المواهب و التربية على الاختيار و الإبداع، و هو ما تجلى بالفعل في عدة مشاريع تعليمية عالمية، سنتعرف و إياكم على 13 من أكثرها ابتكارا و إبداعا في العالم، سواء من حيث التصميم أو المقاربة التربوية أو كذلك انفتاح المدرسة على محيطها الخارجي.
1- نيجيريا: ” ماكوكو “، المدرسة العائمة
تقع المدرسة في الحي العائم ” ماكوكو Makoko ” و هو من الأحياء الفقيرة في لاغوس، و قد بنيت على شكل مثلث من ثلاثة طوابق، على مساحة تقدر بحوالي 300 متر مربع.
صممت المدرسة – التي تم إنشاؤها من قبل شركة الهندسة المعمارية NLE ومؤسسة هاينريش Heinrich والأمم المتحدة – لِتَحَمُّلِ ارتفاع منسوب المياه في البحيرة، و تشمل فصولا دراسية بطاقة استيعابية تصل إلى 100 مقعد، بالإضافة إلى ملعب للرياضة، و مرافق صحية.
مدرسة ماكوكو، بتصميمها المبتكر و المندمج كليا في البيئة المحلية يمكن أن تكون نموذجا يحتذى به في القارة الإفريقية، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار تضاعف سكان 28 دولة إفريقية بحلول عام 2050، و ما يطرحه ذلك من تحديات على جميع الأصعدة بما في ذلك التعليم.
2- الدنمارك: Ørestad Gymnasium، المدرسة في مكعب
صممت مدرسة Ørestad Gymnasium بطريقة مبتكرة جدا مستوحاة من فكرة المدرسة المفتوحة أو المدرسة الواحدة بقاعة واحدة one room; one school، حيث يقضي أكثر من 1000 من طلاب المرحلة الثانوية نصف الزمن المدرسي في التعلم في ما يشبه ” المكعب الزجاجي “، في قطيعة تامة مع التصاميم التقليدية للمدرسة، بهدف تشجيع الطلاب على التفكير بمرونة في مختلف المواضيع.
ووفقا لمدير المؤسسة، ألان كيير أندرسن Allan Kjaer Andersen، يفترض أن تكون المدرسة مفتوحة وفي اتصال و تفاعل مع العالم الخارجي، و من هذا المنطلق، تسعى مدرسة ” ارستاد كمنايشم ” إلى توفير تعليم يمارس من خلاله الطلاب البحث العلمي و التعلم التعاوني من أجل حل مشاكل مستوحاة من الواقع المعيش، حيث تشجع الفضاءات المفتوحة في المدرسة – و التي تشبه الطبول العملاقة – الطلاب على بناء تعلماتهم بأنفسهم بمساعدة المعلم، و الذي يكتفي بلعب دور المرشد أو المسهل لعملية التعلم.
3- الولايات المتحدة الأمريكية: Big Picture Learning، المدرسة في العالم الحقيقي
يطبق نظام Big Picture حاليا في 55 مدرسة في الولايات المتحدة، و هو عبارة عن نموذج للمدرسة التي تسعى لتقليص المسافات بينها و بين سوق العمل، عبر تعبئة مجموعة من الخبراء في مجالات مختلفة لمواكبة الطلاب في دراستهم، و تنمية قدراتهم الإبداعية. و في هذا الإطار، يصرح رودني ديفيس Rodney Davis مدير الاتصالات في المؤسسة، أن أهم عنصر من عناصر التعلم في مدرسة Big Picture ، هو أن يتعلم الطلاب في العالم الحقيقي، أو ما يصطلح عليه: التعلم من خلال التدريب. و لتحقيق ذلك يتم ربط مشاريع الطلاب بمجالات اهتمامهم، سواء كانت تقنية أو قانونية أو تجارية.. بتوجيه و مواكبة الخبراء في المجال.
4- السويد: روضة الأطفال Egalia، مدرسة المساواة بين الجنسين
يستند النظام المدرسي Egalia على مبدأ المساواة التامة بين الطلاب، فبدلا من استخدام ضمائر “هو” أو “هي”، ينادى الطلاب بأسمائهم الشخصية. و يهدف هذا الإجراء إلى تجنب أي شكل من أشكال التمييز، و من تم يتعلم الأطفال الحكم على بعضهم البعض بناء على السلوك، وليس بناء على الأحكام النمطية المسبقة القائمة على أساس الجنس، و في هذا الصدد تقول لوتا رجلن Lotta Rajalin مديرة المدرسة:
” من المهم أن يتعلم الأطفال أسس الديمقراطية نظرية و ممارسة، ليكونوا مواطنين صالحين يؤمنون بالمساواة و ينبذون كل أشكال التمييز. فالثقة بالنفس هي أساس التعلم والتطور.”
5- كاليفورنيا: AltSchool، مدرسة في وادي السليكون
تمثل AltSchool قطيعة تامة مع التعليم التقليدي، بنظام تقييم يسمح بقياس وتحسين المهارات التكنولوجية، ويتيح للطلاب التفكير بمرونة من أجل التكيف مع التغيرات العالمية.
يتعلم الأطفال كل يوم التعامل مع الدارات الكهربائية المطبوعة، ونماذج 3D … وكل ما يساعد على استشراف المستقبل. و وفقا للرئيس التنفيذي للمؤسسة، ماكس فنتيلا Max Ventilla، فتجربة المدرسة يمكن أن تذهب إلى أبعد من مجرد استهلاك المعارف والأرقام، لتشمل تعليم الأطفال مهارات حل المشاكل. فالتعلم الاجتماعي و الوجداني يجب أن يكون من الأولويات، كما يجب أن يكون الطلاب جزءا من عملية تحديد الأهداف.
يذكر أن AltSchool تعنى بتدريس الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 14 عاما، بدأت في سان فرانسيسكو في عام 2013 و أصبح لها اليوم فروع في بروكلين ونيويورك وبالو ألتو و كاليفورنيا، كما تخطط للتوسع عالميا في المستقبل.
6- كمبوديا: Sra Pou Vocational School، مدرسة لبناء مجتمع
تم بناء المدرسة الكمبودية المندمجة في بيئتها المحلية بتعاون بين جميع أفراد المجتمع و لصالح المجتمع، و ذلك بناء على فكرة للشركة المعمارية الفنلندية Rudanko & Kankkunen.
الهدف من المدرسة هو أن يتعلم الطلاب كيفية ترجمة اهتماماتهم وتحويلها إلى مشاريع ملموسة، إلى جانب تعزيز استقلالية السكان من خلال تعلم أساسيات التجارة و كيفية تسويق المنتجات المحلية، كما يتم استخدام المبنى خارج أوقات الدراسة كقاعة بلدية لتعزيز المشاركة المدنية و صنع القرار الديموقراطي.
7- نيويورك: P-TECH High School. Brooklyn، المدرسة التي تربط المرحلة الثانوية بالجامعة
أطلقت ثانوية P-TECH عام 2011 من قبل شركة آي بي إم IBM لمنح الطلاب مسارا جامعيا بديلا من ست سنوات لتجنب السنوات الأربع الاعتيادية التي يقضيها الطلاب عادة في المدرسة الثانوية. وهكذا، وبفضل دورات التوجيه والتدريب في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يحصل طلاب السنة الخامسة و السادسة على دبلوماتهم بشكل مباشر من جامعة نيويورك للتكنولوجيا، الجامعة الشريكة في البرنامج، حيث سيواصل البعض منهم الدراسة في وقت لاحق – وفقا لستانلي لتو Stanley Litow، وهو مهندس بارز من نظام P-TECH – مما يوفر لطلاب المدارس الثانوية مسارا واضحا من المدرسة إلى سوق العمل.
8- هولندا: مدرسة “ستيف جوبز”، المدرسة التي تفكر بطريقة مختلفة
كما يوحي بذلك اسمها، فمدرسة ستيف جوبز تتعارض مع نموذج التعليم التقليدي الذي يفترض تعليم الأطفال في نظام موحد، و بوتيرة تعلم واحدة. و هكذا يختار كل طالب في مدرسة ستيف جوبز مساره الدراسي و يتعلم بالوتيرة التي تناسبه، و ذلك عن طريق وضع و تنفيذ خطة تطوير فردية Individual Development Plan، والتي يتم تقييمها وتعديلها كل ستة أسابيع من قبل الطفل بمساعدة من والديه و مدربه. (المدرسة لا تستخدم مصطلح “المعلم”). و بناء على نتائج IDP، تقدم للطفل وضعيات جديدة للتعلم الشخصي متناسبة مع اختياراته، و بمساعدة حاسوب محمول يمنح لكل طالب، و الذي يحتوي على تطبيقات لتوجيه تعلمه الفردي، فكل طالب -حسب مؤسس المدرسة- يعد استثناء، ويستحق أن يتعلم بوتيرته الخاصة.
9- كاليفورنيا: مدرسة Brightworks، التعلم وسط المخاطر
تستخدم مدرسة Brightworks التي أطلقتها Gever Tulley في عام 2011 بعضا من أخطر الأمور التي ينصح الآباء عادة أبناءهم بعدم القيام بها، فالأطفال في هذه المدرسة يستخدمون الأجهزة المنزلية، و يوسخون ثيابهم، بل و يمكن حتى أن يوظفوا النار لتحقيق مشاريع فنية كاملة.
تهدف المدرسة إلى تكوين أفراد قادرين على رفع تحديات القرن الواحد و العشرين و حل الأمور المستعصية على الآخرين، أفراد لهم قدرات إبداعية هائلة لإحداث التغيير المنشود و المشاركة الفعالة في خدمة الإنسانية.
وتقول Tulley و Justine Macauley، منسقي البرامج من Brightworks:
“نحن نشجع الطلاب لبناء تعلماتهم بأنفسهم، كما ندعمهم و نوجههم لاكتساب المهارات التي تستهويهم، واستكشاف اهتماماتهم” .
10- أوهايو: مدارس Carpe Diem Aiken، المدرسة بتصميم مكتبي
تصميم مدرسة كارب ديم أقرب منه إلى مبنى للمكاتب من مدرسة كلاسيكية، فالغرفة الرئيسية، التي تستخدم كمركز للتعلم، مقسمة إلى 300 كابينة (واحدة لكل طالب)، تحتوي كل منها على جهاز كمبيوتر يوجه الطالب في دراسته.
يقول الدكتور روبرت سومرز Robert Sommers الرئيس التنفيذي لشركة كارب ديم:
“في كارب ديم، نطبق مبدأ تخصيص التعلم، حيث نبدأ بفهم الطالب و من تم نقوم بتكييف التعلمات لتستجيب للاحتياجات الفردية للطالب و طموحه و رغبته في النجاح.”
نموذج كارب ديم أثبت جدارته، حيث حصلت مدرسة أريزونا على معدل يقارب 92٪ في اختبارات AIMS، متجاوزة بذلك جميع المدارس الحكومية في الولاية، في حين كان المتوسط 65٪ فقط. أما في مدرسة انديانابوليس، فقد تمكن الأطفال من تحسين مستوى القراءة لديهم بما يعادل 3 سنوات في عام دراسي واحد.
11- بيرو: مدارس Innova، المدرسة التي بناها مصممون مشهورون على مستوى العالم
تعتبر إنوفا بمثابة انطلاقة لبلد ظل لفترة طويلة في مستويات متأخرة من الترتيب العالمي لجودة التعليم، فالمدرسة تجمع بين أشكال مختلفة من التعليم: التعلم الفردي والدروس الموجهة، والعمل الجماعي، ضمن المبنى الذي صمم ليكون نموذجيا و إيكولوجيا.
مدرسة إنوفا مفتوحة في وجه الأطفال من الروضة إلى الصف 11، حيث يقضون نصف يومهم في التعليم الموجه عبر الإنترنت، فيما يقضون النصف الآخر في الفصول الدراسية الكلاسيكية. و قد كانت النتائج مشجعة جدا، حيث في عام 2013، تمكن 61٪ من طلاب الصف الابتدائي الثاني من تحقيق درجة الإتقان في الامتحانات الاتحادية للرياضيات، علما أن المعدل الوطني هو 17٪ فقط.
12-نيويورك: المدرسة الزرقاء، المدرسة التي تدمج الفضول بالإبداع
الإبداع هو السائد في المدرسة الزرقاء، و التي تأسست كدار حضانة في عام 2006 من قبل مجموعة Blue Man Group، ساعية من خلالها لإحداث ثورة في أساليب التدريب لتجاوز الفجوة التي يعاني منها التعليم التقليدي، و هكذا نجد أطفال هذه المدرسة يبحثون مثلا عن كيفية تحسين إعادة التدوير Recyclage، أو حتى يبدعون تصاميم ثلاثية الأبعاد تجسد تصورهم لما يجب أن تكون عليه مدينتهم… مما يمكنهم في آخر المطاف من استيعاب الإشكالات الواقعية، و اكتساب الكفايات المستعرضة و مهارات التفكير.
13- كاليفورنيا: Samaschool، المدرسة التي ترفع شعار: لم يفت الأوان بعد
البحث عن وظيفة أمر صعبا جدا، وخصوصا عندما يكون الباحث قادما من منطقة محرومة، من هنا جاءت فكرة مدرسة Samaschool التي تساعد الكبار من الباحثين عن العمل، عن طريق إكسابهم المهارات الرقمية و مهارات ريادة الأعمال، و التي تعتبر ضرورية للولوج لسوق العمل في ظل الاقتصاد الرقمي.
يمكن للطلاب الاختيار بين دورة لمدة 10 أسابيع، والتي تدوم 80 ساعة، والدورات على الإنترنت و التي تدوم بدورها من 20 إلى 30 ساعة، و هو ما يمكنهم في آخر المطاف من إحداث تغيير جذري في وضعيتهم، و في وقت قصير، حسب تيس بوسنر Tess Posne الرئيس التنفيذي لشركة Samaschool.
المصدر
http://www.techinsider.io/the-13-most-innovative-schools-in-the-world-2015-9
لقد نسيت المدرسة البرمائية في المغرب …روعة اخي بارك الله فيك
شكرا لك أخي الكريم، سنضيفها في الحلقة القادمة إن شاء الله
عرض مميز وجميل لأكثر المدارس الإبداعية في التصميم والمحتوى والاهتمام.
دمت موفقاً أخ الحسن..
وسعدت بهذا العطاء التربوي المتدفق
شكرا لكم د أحمد. سعدنا بمروركم