مقدمة
جميع الذين تناولوا قضايا التواصل الإلكتروني توصلّوا إلى النتيجة المعروفة، وهي سلبية تلك البرامج على العلاقة بين أفراد الأسرة، فالباحثة حنان الشهري -مثلا- وبعد سردها لقائمة من الإيجابيات، ذكرت “فيما جاء قلة التفاعل الأسري أحد أهم السلبيات“[1] وبيّنت في دراستها أن 38% من المبحوثات تدنى لديهن التفاعل الأسري بسبب برامج التواصل الإلكتروني، لكني في هذا التقرير سأقلب الفرضية وأنظر بعين الرضى لبعض برامج التواصل الإلكتروني بين أفراد الأسرة، وسأختار الواتساب مثالا، لكونه الأكثر شهرة والأسهل استخداما ويتيح لأفراد الأسرة الواحدة التواصل داخل مجموعة واحدة بخصوصية تامة.
الإحساس بالقرب
تستطيع الأم السعودية مثلا، أن تتحاور مع ابنها الذي يدرس في أمريكا في أي وقت، فبرنامج إلكتروني مثل الواتساب يتيح لها الحوار المباشر والتفاعل من خلال إجابته على أسئلتها في نفس اللحظة وكأنه أمامها، وهذا ما لم تحققه الرسائل قبل الإنترنت التي تصل بعد ما يُقارب 10 أيام أو أكثر من كتابتها وإرسالها، أيضا لم تكن تُحققه المكالمات الهاتفية ذات التكلفة المرتفعة، كما أن بعض البرامج الإلكترونية تحتاج إلى كمبيوتر ومعرفة به، وهذا لا يتوافق مع غالبية الأمهات. بينما لا يتطلب الواتساب سوى هاتف محمول، ويكفي الإلمام بالقراءة والكتابة للتواصل وبث المشاعر من خلاله. وتواصل الأم الآني مع الأبناء البعيدين عبر هذه البرامج يجعلها تستقر نفسيا وعاطفيا من خلال اطمئنانها وتواصلها مع الأبناء لتشعر بقربهم أو وجودهم حولها.
الناحية الأمنية
ومثلما ضربنا بالأم مثالا في الإحساس، سأضرب بالأب مثلا في الناحية الأمنية، فبإمكانه التواصل المباشر -مثلا- مع ابنته الطالبة في الجامعة من خلال الواتساب، والاطمئنان على حضورها وانصرافها. وفي وقت الطقس الخطر كهطول الأمطار الغزيرة وأثناء تواجدها في الباص، وهذا ينطبق على الأبناء سواء في مراحل دراسية مختلفة أو في سفر. أيضا من خلال التنبيه على المخاطر التي قد تعترض الأبناء سواء من مقاطع فيديو أو رسائل متناقلة.
تحديد المكان
يتميز التواصل الإلكتروني عموما بخدمة تحديد المكان عبر الخارطة الإلكترونية، حيث لم تعد هناك حاجة للوصف الكثير وغير الدقيق، فبمجرد إرسال خارطة إلكترونية يستطيع أي فرد من أفراد الأسرة تحديد الهدف والوصول إليه بدقة متناهية.
الحل الأمثل عند الضجيج
في أماكن العمل عادة -سواء كانت مدارسا أو مصانع أو محطة قطارات وباصات أو مراكز تجارية أو قاعات الأفراح- قد يعتلي الضجيج المكان، الأمر الذي يمنع سماعنا للشخص على الطرف الآخر من الهاتف، ليصبح التواصل الكتابي عبر برنامج إلكتروني هو الحل الأمثل لمثل هذه المشكلات.
الحل العملي دون تضييع الوقت
التواصل الإلكتروني مناسب للأب المشغول عادة، فهو يستطيع أن يقدم رسالته بعبارة محددة في ثوان وجيزة، أو توصيل فكرة بأقل عدد من الكلمات دون الاضطرار للحديث الكثير.
زرع الإيجابية في أفراد الأسرة
يحاول الأب أو الأم أو الإخوة زرع الإيجابية لدى أفراد الأسرة من خلال نقل أو صياغة تلك العبارات المحفزة أو تلك التي تتناقل عن تطوير الذات، وكذلك من خلال العناوين التي يفترض اختيارها بدقة لمجموعة الأسرة في الواتساب.
اختيار العناوين
قروب أسرتي :
جميل أن يقوم الأب أو تقوم الأم بإنشاء قروب ( مجموعة ) خاص للعائلة على برنامج الواتساب يحمل مسمى مميز كـ ( عائلة عسل ـ قروب أجمل بيت -قروب أسرتي حياتي ) وهكذا… فقط يحتاج إدارة مميزة ومرحة ومتزنة.
جربوه! فهو ممتع حقاً … تمنياتي لكم بأُسر سعيدة[2]
وسيلة تعليم
يعتبر الواتساب وسيلة تعليم في غاية الأهمية، فهو يُنمي مهارات الكتابة والطباعة والإملاء والقراءة السريعة للأطفال، كما أنه يمكن أن يُستخدم لتعليم لغات أخرى أو الاستزادة من مختلف العلوم، إضافة إلى النقل السريع للأخبار وخاصة بين أفراد الأسرة.
الإمكانيات
من خلال وسيلة الاتصال الإلكتروني الواتساب، بالإمكان تصوير مقاطع الفيديو أو الصور وإرسالها، لتكون الصور أكثر وضوحا، كما يمكن أيضا وضع الروابط التي تحيل إلى مواقع للتعلم أو مواقع إخبارية اجتماعية ترفيهية أيا كانت. و يحتوي الواتساب كذلك على خاصية الرموز التي توضح حالة المرسل فيما لو كان مبتسما أو غاضبا أو متعجبا وغيرها من الرموز الكثيرة التي يستخدمها البرنامج.
الاستنتاج
لا شك أن الفوائد والإيجابيات التي ركّزتُ عليها في هذا التقرير عديدة وكثيرة، ولكن تحتاج إلى وعي بأهمية وكيفية التواصل من خلال الوتساب، وقد بيّن د. فهد المغلوث[3] عددا من الآداب منها:
1 – من الأفضل التقليل قدر الإمكان من الموضوعات المنقولة لأن هذا يشير إلى التميز.
2– عدم نسيان شكر من تتواصل معه، أو ترد عليه بكلمات الثناء التي يستحقها.
3 – الحرص على الردود الجادة المتعلقة بالموضوع، وليس البعيدة عنه، وحبذا الدخول في الموضوع مباشرة دون مقدمات.
4 – ابتعد عن الرد القاسي والمجاملة قدر ما تستطيع.
التوصيات
على الأسرة أن تهتم بالرسائل التي ترسلها للأبناء من خلال الواتساب، وعليها أن تعي أن الحروف المكتوبة تنقصها لغة الجسد، فقد يتخيل الإبن أو الإبنة تجهم أو غضب الوالدين عند إرسال رسائل توبيخية، لذا توصيتي هي أن يُستخدم للإيجابيات فقط، ولدي توصية أخرى وهي للشركة المنفذة بأن تُميز القروب المخصص للعائلة حيث تختلط القروبات مع بعضها وقد يتم إرسال رسالة متداولة بالغلط إلى قروب العائلة، أيضا أتمنى لو كان هناك ميزة إخفاء القروبات التي لا أحتاج إلى متابعتها بشكل مستمر مثل قروب العائلة.
الخاتمة
كل هذه الإيجابيات، لا تغني أبدا عن جلوس أفراد الأسرة مع بعضهم البعض في مشاركة ودية سواء كان طعاما أو حديثا أو نزهة أو تناول شاي في الهواء الطلق.
المراجعة:
[1] أثر استخدام شبكات التواصل الإلكترونية على العلاقات الاجتماعية. رسالة ماجستير للباحثة حنان بنت شعشوع الشهري
[2] المستشار الأسري فهد العامر، على حسابه في الفيس بوك.
[3] موسوعة د. فهد المغلوث للحوار(1)، كيف تكون محاورا نجاحا، الطبعة الثانية 1430 هـ ص133- 135 بتصرف.
موضوع رائع وجدا نم سىد مجموعة نقاط مفيدة
الموضوع جدا واقعي ومفيد الله يجعله في ميزان حسناتك
مقال ممتاز ويلامس الواقع بمصداقية ..
ممتاز جدا شكرا