تعد استراتيجية التنبؤ الموجه واحدة من الاستراتيجيات التي تشجع على إثارة الاهتمام والفضول للمادة العلمية قبل عرضها على المتعلمين، وكذلك تساهم في جعل المتعلمين يأخذون دورا فاعلا أكثر في العملية التعليمية يحفزهم لامتلاك مهارات التحليل والمنطق وتدعيم الرأي بالأدلة والبراهين وكذلك يساعدهم على رؤية المواضيع من جوانب مختلفة، مما يسهل بالتالي على المتعلم فهم المعلومة من خلال التنبؤ بها مسبقا ثم التحقق من صحة التنبؤ من عدمه.
و هناك عدة طرق لتطبيق استراتيجية التنبؤ الموجه وجعلها ملائمة لطبيعة المادة العلمية ومستوى المتعلمين، و التي بالإمكان إجمال خطواتها كما يلي:
1- يبدأ المعلم باختيار المادة العلمية أو الموضوع الذي يرغب في طرحه على المتعلمين، و قد تكون المادة العلمية في صورة كتاب أو قصة مصورة أو مسموعة أو فيلم أو وثائقي أو موقع إلكتروني أو غيرها من المصادر. كما يمكن استخدام هذه الاستراتيجية قبل القيام برحلة تعليمية أو قبل استضافة ضيف للمؤسسة التعليمية مثلا أو لغرفة الصف للحديث عن موضوع ما.
2- يختار المعلم أو من سيطبق هذه الاستراتيجية أهم المعلومات والمفاهيم المتعلقة بالموضوع الذي سيعرضه على المتعلمين لاحقا. و يتم عرض هذه المعلومات بحيث يراها جميع المتعلمين عن طريق كتابتها مثلا على السبورة أو عرضها على جهاز المسلاط (البروجكتر).
ينصح بان يكون اختيار المعلومات التي سيناقشها المتعلمون بناء على كون المعلومات ذات طبيعة مثيرة للجدل وتتضارب الأراء حولها، أو تلك المعلومات التي تثير لدى المتعلم الرغبة في معرفة الإجابة عنها، أو مشكلة قائمة متشعبة الزوايا والأوجه وتتطلب وضع الحلول لها.
3- يمكن للمعلم أن يطلب من المتعلمين كتابة المعلومات التي عرضها عليهم أو يمكنه أن يقوم بتوزيع أوراق عليهم محتوية على المعلومات التي سبق وأن عرضها عليهم. وكذلك بإمكان المتعلمين أن يستخدموا أجهزة الكومبيوتر لنفس الغرض.
4- يوضح المعلم للمتعلمين نوعية الإجابات التي يتوقع الحصول عليها وأكثر الإجابات المستخدمة شيوعا وكذلك أسهلها، و هي الإجابات التي تكون على نحو:نعم/لا، صح/خطأ، موافق/غير موافق، أتفق/لا أتفق.
5- يطلب المعلم بعد ذلك من المتعلمين أن يقرأوا المعلومات التي لديهم ويجاوبوا عليها بأحد الإجابات المقترحة.
ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن كل هذه الخطوات تتم قبل عرض المادة العلمية على المتعلمين. ممكن أن يستعين المعلم بنماذج معدة مسبقا يقوم بتوزيعها على المتعلمين.
6- يعطى المتعلمون الوقت الكافي لتدوين إجاباتهم ثم بعد ذلك يطلب منهم المعلم أن ينضموا لزميل آخر ليكونوا مجموعات صغيرة، مكونة من شخصين، يقوم كل فرد فيها بعرض إجاباته ومناقشتها مع زميله. كما ومن الممكن أيضا أن تحتوي المجموعة على أكثر من شخصين وذلك يعود لتقدير المعلم أو من يدير النقاش و كذلك عدد المتعلمين. وتعتبر هذه الخطوة مهمة جدا في هذه الاستراتيجية ولا ينبغي للمعلم تخطيها لما لها من فوائد تعود على المتعلمين وتكسبهم مهارات التحليل والتفكير الناقد والدفاع عن الرأي وتدعيم وجهة النظر بالحقائق إلى غيرها من المهارات الحياتية المهمة.
7- بعد انتهاء زمن المناقشة في المجموعات يحث المعلم المتعلمين على مشاركة وعرض إجاباتهم أمام باقي زملائهم، كأن يتطوع أحد المتعلمين للوقوف أمام الجميع وعرض إجاباته وشرح وجهة نظره، وبعد أن ينتهي يقوم زميل آخر ويشرح وجهة نظره وهكذا.
8- بعد ذلك يقوم المعلم بعرض المادة العلمية التي استقى منها المعلومات سابقا ويطلب من المتعلمين أن ينتبهوا للمعلومات الواردة في المادة العلمية ليحددوا على إثرها فيما كانت إجاباتهم التي دونوها سابق تختلف أو تتفق مع ما يعرض في المادة العلمية.
9- في حال كون إجابة أحد المتعلمين تتفق مع ما ورد في المادة المعروضة فإنه يكتب بجانب إجابته السابقة ذلك ويدعمها بما ورد في المادة العلمية من إثباتات. أما في حال كون الإجابة التي دونها أحد المتعلمين تختلف عما ورد في المادة العلمية فإنه يدون كذلك بجانب اجاباته السابقة ويذكر جوانب الاختلاف عن إجابته التي كان يعتقد بصحتها.
10- تتم بعد ذلك مناقشة المادة العلمية على أجزاء بحيث يعرض المعلم مقطعا صغيرا من المادةالعلمية ويطلب من المتعلمين أن يتناقشوا مع زملائهم حول إجاباتهم ما قبل وما بعد عرض المادة العلمية وهل تغيرت أفكارهم وآراءهم أم لا.
11- وأخيرا يطلب المعلم من المتعلمين أن يشارك أحدهم إجاباته القبلية والبعدية ويتحدث عن وجهة نظره وكيف تغيرت آراءه بعد عرض المادة العلمية وما الأسباب التي كانت سببا في اختياره لإجاباته المسبقة.
أمثلة وتطبيقات:
لاحظ أحد المعلمين عزوف طلابه عن القراءة في بعض المواضيع المقررة التي يطلب منهم القيام بقراءتها والإلمام بمعلوماتها لزعمهم بأنهم ليسوا بحاجة للقراءة عن موضوع معين لمعرفتهم المسبقة بهذا الموضوع. وكثيرا ماكان يفاجأ المعلم عند عرض المادة على الطلاب بأنهم يجهلون الكثير من المعلومات حول الموضوع الذي طلب منهم القراءة عنه. لذلك قررالمعلم استخدام استراتيجية (التنبؤ الموجه) لإثارة فضولهم من جهة وقياس مدى ما يمتلكونه من معلومات حول هذا الموضوع من جهة أخرى. فقام المعلم بعمل نماذج للمتعلمين لمعرفة مقدار ما يملكونه من معلومات حول أضرار التدخين وبعض المعلومات الصحيحة أو المغلوطة في هذا المجال، ووزع المتعلمين في مجموعات من ثلاث ودعاهم للنقاش حول المعلومات التي كان قد أعدها مسبقا عن الموضوع. بعد فترة من النقاش وجد المعلم أن المتعلمين قد انقسمت آراؤهم مابين مؤيد ومعارض ومابين مختلف ومتشابه. عندها فكر المعلم في أن يرفع مستوى النقاش قليلا فطلب من كل متعلم أن ينضم في مجموعة مع الأشخاص الذين يوافقونه ويشابهونه في الرأي وقام بعقد مناظرة بين الفرق. بعد مدة من الزمن وبعد أن قام كل فريق بالدفاع عن رأيه مدعما بما يمتلك من إثباتات وحقائق، طلب منهم المعلم أن يبدأوا بالقراءة ليكتشفوا بأنفسهم الإجابات على كل معلومة ذكرها لهم المعلم في النموذج. كان المعلم يوقف القراءة بعد كل جزئية ليتناقش مع المتعلمين حول بعض النقاط التي ذكرت في النص. في النهاية طلب المعلم من بعض المتعلمين أن يتحدثوا عن إجاباتهم ما قبل وما بعد القراءة، وما الشواهد التي كانت في النص وجاءت مدعمة لإجاباتهم.
المراجع:
Duffelmeyer، R.، &Baum، D. (1992). The extended anticipation guide revisited. Journal of Reading، 35،654-656.
Fisher، D.، Brozo، W.، Frey، N.، & Ivey، G. 50 Instructional Routines to Develop Content Literacy.Pearson.(2011).
Head، M.، &Readance، J. E. (1986). Anticipation guides: Meaning through prediction. In E.K. Disher، T. W. Bean، J. E. Readance، &D.W. Moore(Eds.)، Reading in the content areas. IA:Kendall/Hunt
اشكرك على هذا البحث الشيق والمجهود الفكري المستنير . ولكن الواقع اننا نحتاج تطبيق تلك الاستراتيجيه على المعلم اولاً . وفي حال نجح المعلم في استيعابها بتفوق يتم ترشيحه لتعليم الصفوف الاوليه لكي يتم تنشأت جيل يستنتج ويفكر . شكراً
مقال مميز …تمنياتى بالتوفيق
مقال رائع ارجو تزويده بملفات المراجع او رابط للحصول على المراجع
هل تمكنت من الحصول على المصادر ؟