هذا المقال هو الثالث من سلسلة مقالات حول ” منهج مونتيسوري التعليمي “من إعداد رشيد التلواتي من فريق عمل تعليم جديد والتي ينشرها حصريا على صفحات المدونة. يمكنكم قراءة المقال الأول السيرة الذاتية لماريا مونتيسوري من هنا، والمقال الثاني مبادئ و فلسفة منهج مونتيسوري من هنا.
يرتكز منهج مونتيسوري التعليمي على فكرة محورية هي “مرافقة التطور الطبيعي للطفل في بيئة معدة ومُهيأة ومُوافِقة لاحتياجات سنه”.
الشق الأول من الفكرة هو مرافقة الطفل على التطور طبيعيا.
مرافقة الطفل على التطور طبيعيا يعني إعطاؤه الوقت الكافي لاكتساب الأشياء واستيعابها، من أجل الفهم وإعادة الإنتاج. حيث نجد أن ماريا مونتيسوري تتكلم دائما عن “عقل الطفل المُمْتَصُّ The Absorbent Mind ” وهو ما يجعل منه ملاحظا جيدا و منتبها كثيرا لكل ما يراه.
مرافقة الطفل على التطور طبيعيا، يعني ترك الطفل يفعل الأشياء بنفسه. فمثلا من غير المجدي ومن غير الضروري دفعُ الطفل إلى المشي عبر الإمساك بيديه، فمن الناحية الفيزيولوجية الجسم البشري مُعدٌّ ومكيف للتحرك عموديا، ولهذا من المهم إذن ومن الضروري ترك الطفل يكتسب هذه القدرة بمفرده.
عليه أن يكون قادرا على إنجاز المهام المطلوبة منه بشكل مستقل ليقدم دليلا على وجود التركيز والاستجابة لديه. وطبعا لا شيء يمنعكم من التواجد بجانبه ليحس بوجودكم، وهو الشيء الذي سيمنحه المزيد من الثقة. وإذا ما أحسستم بأي صعوبات تواجهه لا تترددوا في التدخل سواء عبر الكلام أو عبر تشجيعه على مواجهة ذلك العائق. فكل هذه الإشارات الصغيرة المليئة بالحب يكون لها الوقع الكبير في نفوس الأطفال.
بيمنا الشق الثاني هو إعداد واعتماد بيئة مناسِبة لخصوصيات واحتياجات كل مرحلة عُمرية. وهذا لا يعني ترك الطفل يتصرف على هواه وكيفما اتفق، بل إعداد وسط يمكنه فيه العمل بحرية.
إذن، فإعداد وتصميم بيئة مناسبة لحاجيات الطفل المتعقلة بسنه هي قبل كل شيء مُلاحظة الطفل بدقة من أجل توفير الوسائل التعليمية الأكثر مُلاءمة له.
إعداد وتصميم هذه البيئة يعني توفير محيط يدور حول وسيلة معينة وحول لعبة أو ألعاب مرتبة و مُخزنة ومنظمة بعناية، بطريقة تجعل الطفل يصل إليها بكل سهولة. بيئة مونتيسوري تسعى إلى تحفيز الطفل بإعطائه الرغبة للذهاب طبيعيا إلى الوسيلة (الأداة) ومناولتها و اللعب بها وفهمها.
ومثلما هو الحال بالنسبة للبيئة التعليمية وفق منهج مونتيسوري، فالوسائل أو الألعاب التعليمية كذلك لها شروط حددتها ماريا مونتيسوري في خمسة خصائص هي:
1- درجة الصعوبة
تقترح مونتيسوري أنشطة على درجة من الصعوبة مناسبة لنمو وسن الطفل حتى يتمكن من فهمها والتعامل معها.
2- الحِسّيّة
يهتم الطفل بالوسائل الطبيعية أكثر من غيرها، لهذا ينغي أن يحس الطفل بهذه الوسائل وبحجمها و ثقلها و بالأصوات التي يمكن أن تصدرها، فعندما يشاهد الطفل هذه الوسائل أو الألعاب ويناولها بيده (مربعات، كرات، أرقام …) يصبح الفهم سهلا بفضل التأثير البصري المنقوش في دماغ الطفل.
3- المُلاءَمة
أن تتناسب مع عمر واحتياجات الطفل:
على المواد والوسائل والأدوات المستعملة أن تكون مُلائِمة للطفل، سواء من حيث وزنها أو حجمها، لتسمح له بالتعامل معها ومناولتها بكل يسر وبكامل الاستقلالية، بشكل يجعله ينجز الأنشطة على أتم وجه، هي إذن خصائص ضرورية لتضمن للطفل الاستقلالية الكاملة أثناء الأنشطة.
4- التصحيح الذاتي
تسمح هذه الأدوات والوسائل للطفل بجعل عملية الفهم ذاتية، فهو يتعلم انطلاقا من أخطائه دون الحاجة لتدخل المدرس أو المرشد، وهذا شيء غاية في الأهمية يدفع الطفل -شيئا فشيئا- نحو تكوين وبناء نظرة تجاه نفسه تعزز ثقته بنفسه وتجعله ينظر إلى ذاته بكل إيجابية.
5- التناغُم والانسجام
كلما كانت هذه الأدوات منسقة ومنظمة كلما كان الطفل متشوقا وراغبا في لمسها واللعب بها. فكل ما هو جميل ومتناغم يلفت الانتباه ويخطف أبصار الكبار كما الصغار.
باختصار وكخلاصة لهذه النقاط الخمسة، لابد وأنكم فهمتم أنه من الأفضل -حتى لا نقول من الضروري- أن نضع جانبا كل الألعاب التي تصدر أصواتا غير طبيعية وتضيء من كل جهة، فهذا النوع من الأدوات والألعاب يشتت تركيز وانتباه الطفل (ومنه عملية الفهم التي هي غايتنا) ويبعده عن الهدف من النشاط أيضا.
ملحوظة: The Absorbent Mind هو كتاب من تأليف ماريا مونتيسوري، شرحت فيه كيف يتعلم الأطفال في سنواتهم الأولى.
إضافة: الصور أدناه لبيئة العمل في منهج مونتيسوري.
السلام عليكم ورحمة الله اعجبني كثيرا منهج مونتيسوري هل لي ان اطلع على كتبها بالعربية وشكرا