القراءة الذكية من أهم المهارات التي يحتاجها الطلاب و الباحثون لمواجهة التحديات التي تطرحها مسألة كثرة المراجع و المصادر ، في ظل عالم تنمو فيه المعلومة و تنتشر بسرعة غير معهودة من قبل . كما أن القارئ العادي أيضا لابد له أن يتسلح بمهارة القراءة الذكية ليستطيع التعامل مع مسألة ضيق الوقت أمام غزارة المعلومة و تنوع مصادرها. هذا يدفعنا للتساؤل حول ماهية القراءة الذكية ؟ قواعدها ؟ و تقنياتها ؟ لكن قبل الخوض في هذا الموضوع ، لابد من تشخيص وضعية القراءة في الوطن العربي ، حتى نكون على دراية بحجم التحديات التي نواجهها في هذا الإطار .
1- القراءة في الوطن العربي
ذكر عباس العقاد معللا شغفه بالقراءة ” إن حياة واحدة لا تكفيني ” , فعلا من يقرأ يشعر أنه يضيف لحياته حيوات الكتاب اللذين قرأ لهم . كما أن ألبرتو مانغويل يتحدث في كتابه “تاريخ القراءة” A History of Reading عن القراءة بوصفها ضرورة للحياة كالتنفس, ويضع في بداية الكتاب عبارة ”اقرأ كي تحيا”. لكن هذا الأمر أبعد ما يكون عن الواقع العربي ، فقد أكدت الإحصائيات أن كل مليون عربي يقرؤون 30 كتابا فقط. كما بلغ إجمالي الكتب التي نشرت في العالم العربي 27809 كتابا في عام 2007 ، تمثل الكتب المــنشورة في الأدب والأديان والإنسانيات 65 في المائة منها. من جانب آخر ، أكدت الإحصائيات أن كتابا واحدا فقط يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي، مقابل كتاب لكل 500 إنكليزي، و كتاب لكل 900 ألماني. وفيما يخص معدل القراءة في العالم العربي ، فقد أكدت الإحصائيات أنه لا يتجاوز 4 في الــمائة من معدل القراءة في إنكلترا.
و في مجال الإنترنت قدر عدد المدونات العربية بحوالي 490 ألف مدونة، وهي نسبة لا تتعدى 0.7 في المائة من مجموع المدونات عالمياً. و عن دوافع استخدام الإنترنت لدى المواطن العربي، فيأتي دافع الترفيه أولاً بنسبة 46 في المائة ، بينما لا يبلغ دافع التماس المعلومات إلا 26 في المائة.
من جهة أخرى ، ذكر موقع مستجدات سويسرا معلومات و أرقاما مهمة عن القراءة في العالم العربي، نوردها فيما يلي :
- تساهم الدول العربية ب 1.1% فقط في معدّل الإنتاج العالمي للكتاب .
- يقرأ كل 20 عربيا كتابا واحدا في السنة ، بينما يقرأ الأوروبي 7 كُـتب في السنة .
- يبلغ معدّل القراءة عند الإنسان العربي 6 دقائق في السنة ، مقابل 36 ساعة للمواطن الغربي.
- لا يتجاوز معدل إصدار الكتب الجديدة 5000 كتاب سنوسا في العالم العربي ، بينما يصدر في أمريكا وحدها ما يزيد على 290 ألف كتاب جديد كل سنة .
- 30% من شعوب الوطن العربي لا يستطيعون القراءة حسب تقرير منظمة اليونسكو لعام 2008 .
- خلال الألف عام التى مضَـت منذ عهد الخليفة المأمون، ترجَـم العرب من الكُـتب ما يساوي عدد الكُـتب التى تُـترجمها إسبانيا خلال عام واحد فقط !
- في مقابل ترجمة إسرائيل لما يناهز 15 ألف كِـتاب سنوياً إلى اللغة العِـبرية، وهي لغة منقرِضة أصلاً، لا تترجم الدول العربية مجتمعة أكثر من 330 كتاباً سنوياً !
- يصدر الناشرون العرب سنوياً كتاباً واحدا لكل رُبع مليون شخص في العالم العربي، مقابل كِـتاب لكل خمسة آلاف شخص في الغرب، أي مقابل كل كِـتابيْـن يصدُران في العالم العربي، هناك 100 كِـتاب يصدر في الغرب.
- معظم أمناء المكتبات العربية ليسوا متخصِّـصين في عِـلم المكتبات، بل ربما لا يحبّـون القراءة أصلا !
المعلومات المذكورة أعلاه تتناغم مع احصائيات اليونسكو لسنة 2013 ، فيما يخص معرفة القراءة و الكتابة :
أ- تحليل الإحصائيات:
من خلال قراءة و تحليل هذه الإحصائيات نصل إلى خلاصة مفادها أن وضع القراءة في العالم العربي لا يبشر بخير ، مع العلم أن الأرقام المشار عليها أعلاه تخص جميع أنواع القراءات بما فيها كتب الطبخ و التنجيم…. وهذا يدفعنا للتساؤل حول نسبة قراء النقد الأدبي ، أو النص الإبداعي، أو العلوم بأنواعها !
ب- أسباب ضعف القراءة في العالم العربي
تعددت أسباب ضعف القراءة في العالم العربي ، و يمكن اختصار أهمها في النقط التالية:
- الوضع الاقتصادي المتدهور الذي لا يسمح بشراء الكتب .
- انتشار الأمية التي تبلغ أعلى مستوياتها في دول عربية معينة .
- عدم التنشئة التربوية على حب المطالعة .
- ارتفاع نسبة الهدر المدرسي و الالتحاق المبكر بسوق الشغل .
2- القراءة الذكية : مهارة القرن 21
أ- تعريف القراءة الذكية
ب- قواعد القراءة الذكية
يقول الشاعر والناقد الإنجليزي تشارلز لامب 1755- 1834: ” ليست القراءة سوى حوار صامت”.
لذا فلا يصح أن تمر المعلومة ولا الفكرة على القارئ مرور الكرام، وإنما عليه أن يتوقف عندها ويمحصها فتثير في عقله عشرات التساؤلات حولها وعن ارتباطها بما سبقها وبما سيليها، فيعود بعينه وكأنه يسأل المؤلف عما ثار في عقله وباحثاً عن إجابات لهذه الأسئلة التي توقدت في نفسه، وهكذا يستمر الحوار بين القارئ وبين سطور الكتاب الذي بين يديه، وكأنه يجلس مع الكاتب نفسه فيحاوره ويسأله.”
يقول رينيه ديسكارتيس عالم الرياضيات الفرنسي 1596 – 1650: ” إن قراءة الكتب الجيدة هو بمثابة التحاور مع أعظم العقول التي عاشت عبر العصور . “
ج- برنامج القراءة الذكية
يقول ساجد العبدلي في كتابه عن القراءة الذكية :
“ لا بد للشخص الذي يرغب في الدخول الجاد إلى عالم القراءة أن يكون له برنامج محدد واضح المقاصد والخطوات ، هذا مع العلم بأنه لا يمكن القول بوجود برنامج واحد ثابت يناسب جميع القراء ، فلكل برنامجه الأمثل والأفضل . لكن وبصورة عامة فإن هناك قواعد كلية يجب أن يراعيها أي برنامج سواء كان لهذا الشخص أو لذاك. “
و من خلال تدوينة له في مدونته ، يقترح الكاتب البرنامج العملي التالي لتفعيل نظرية القراءة الذكية على أرض الواقع :
أولاً: اختر الوقت المناسب للقراءة:
أول القواعد الكلية لبرنامج القراءة الجاد، هو اختيار التوقيت المناسب للقراءة وذلك من خلال تحديد وقت القراءة الأفضل والزمن الذي يجب أن تستغرقه، ففي حديث لأبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ”ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة”. وفي هذا الحديث الشريف يحدد النبي عليه الصلاة والسلام مواقيت النشاط البشري وهي أول النهار وبعد الزوال و آخر الليل، أي أن الإنسان يكون في ذروة نشاطه بعد فترات الاستراحة راحة الليل وراحة القيلولة وقبيل الفجر.
ثانياً: اختر المستوى المناسب:
ثاني القواعد الكلية لبرنامج القراءة الجاد، هو الحرص على اختيار المستوى المناسب لابتداء القراءة وعدم التسرع باقتحام الكتب الصعبة لمجرد شهرتها أو الضجة التي تحيط بها، لأن ذلك سيؤثر على الحصيلة المعرفية الناجمة عنها.
من المهم أن يتصاعد الطالب في مستويات قراءته شيئاً فشيئا وذلك لأن العلوم تراكم معرفي ينبني بعضه على بعض، وإذا لم يحرص الطالب على الابتداء بتقويم الأساس فإن ما سيحاول أن يقيمه بعده لن يكون راسخاً أبداً.
ثالثاً: نوع قراءتك:
ثالث القواعد الكلية لبرنامج القراءة الجاد، هو تنويع القراءات في مصادر المعرفة المختلفة، فالإغراق في بحر واحد من المعارف يجعل القارئ محدود الثقافة، وغير قادر على الإبداع، لأن الإبداع لا يكون إلا بتلاقح العلوم واستشراف فلسفتها العامة التي تحيط بأجزائها المختلفة، وبشكل عام فعلى المثقف الذي لا يعمل في مجال التدريس أو البحث أن يتوسط في قراءته فيجعل نصف وقته لقراءته المتخصصة ونصفه الثاني للقراءة في المعارف المختلفة.
رابعاً: حدد أهدافك:
رابع القواعد الكلية هو تحديد ووضع الأهداف العامة من قراءة كل كتاب، فالواجب على القارئ أن يكون مدركاً لسبب قراءته للكتاب الذي بين يديه . فمن الخطأ أن يشرع القارئ بقراءة كل ما يقع بين يديه دون أن يدرك ولو بشكل عام ما الذي يريد أن يتحصل عليه من هذه المادة.
في نفس السياق ، لكن من زاوية أخرى ، يقترح موقع learning commons التابع لجامعة british columbia ، برنامج قراءة ذكية معبر عنه في الإنفوجرافيك التالي :
د- مهارة القراءة الذكية
حاولنا في هذا المقال ، و بشكل مختصر ، أن نعالج مسألة القراءة في العالم العربي من خلال تحليل الاحصائيات ، سعيا نحو التشخيص و معرفة الأسباب . كما تعرفنا على القراءة الذكية ، مفهومها ، قواعدها ، و تقنياتها ، مستئنسين في ذلك بالكتاب الرائع للدكتور العبدلي ، و مجموعة من الوسائط الرقمية ، فإذا كانت لكم تجارب ناجحة مع القراءة ، يمكنكم مشاركتها و مناقشتها مع الآخرين من خلال خاصية التعليقات أدناه .
المصادر :
الوضع الاقتصادي المتدهور الذي لا يسمح بشراء الكتب أنا شخصيا لا أراه عاملا من عوامل ضعف القراءة والحجة على ذلك توفر المكتبات والكتب الألكترونية بالآلاف مجانا,, بالإضافة إلى توفر أسواق للكتب المستعملة بابخس الأثمان ومع ذلك العرب لايقبلون على المطالعة, الإشكال الأساسي حسب تقديري في نظم التعليم ومناهج التربية، هي التي بوسعها أن تخلق للطلاب الحاجة للمطالعة وتسجعهم عليها.
أصبت أخي الكريم ، فطرق التدريس التقليدية و بيداغوجيا الشحن المنتشرة في مدارسنا ، و ربط التعليم بالوظيفة ، كلها عوامل ساهمت في عزوف الشباب عن القراءة.
يجب علينا احياء القراءة ولا نتحجج بالمال او الوقت فالله عز و جل جعل لنا 24ساعة في اليوم و هذا من رحمته و كذلك ارى ان شراء الكتاب ارخص من دفع فاتورة الانترنت انا شخصيا كان اول قراءتي للكتب هو كتاب القراءة الذكية للعبدلي و من ثم اصبحت احب القراءة ومتى كان وقت استراحتي قرات الكتاب
شكرا لكم
Thanks