هذا المقال من المشاركات المتأهلة للدور الأول من جائزة تعليم جديد التربوية، في نسختها الأولى.
-إشكال أولي
لقد اخترنا الاشتغال على موضوع درس اللغة العربية في الأقسام الابتدائية بالمدرسة المغربية في المنهاج الجديد، قصد الوقوف على أهم التغيرات والسياقات التي مست هذا الدرس الذي عرف نقلة بيداغوجية وتحولا ديداكتيكيا بفعل الشروع بتعميم العمل بالمنهاج الدراسي الجديد المسمى والمنعوت سابقا بالمنهاج المنقح للسنوات الأربع من التعليم الابتدائي، والذي تم تعميمه ابتداء من الموسم الدراسي:2018-2019.
وما يميز المنهاج الجديد هو توصيفه لهندسة لغوية جديدة قائمة على الاعتراف بالتعدد والتنوع من خلال الإقرار بثلاث لغات دفعة واحدة يلزم تعليمها ويفرض تدريسها في القسم الابتدائي بدءا من السنة الأولى من هذا التعليم.
وهذا الحضور لهذا التعدد في قطب اللغات بالمنهاج الجديد أثار نقاشا واسعا بين المتدخلين والفاعلين في الشأن التربوي والتعليمي.
وبالتالي فهذا الإشكال هو الذي جعلنا نشتغل ونبحث عن دواعي ومشروعية هذا التعدد اللغوي الحاضر في المنهاج الجديد منطلقين من مجموعة من الاعتبارات التربوية والمعطيات الديداكتيكية، والسياقات البيداغوجية التي تستلزم المساءلة والمتابعة الدائمة عن الدوافع الأساسية، والبواعث المباشرة الداعية لحضور هذا التعدد اللغوي في المنهاج الجديد.
أهمية اللغة في بناء التعلمات
تعد اللغة العربية مكونا هاما وأساسيا من مكونات الهوية، فهي الأداة المشكلة للنسيج الحضاري والثقافي لجميع دول العالم العربي بما في ذلك المغرب، لذلك حرص النظام التعليمي المغربي في مساره التاريخي الطويل على توريثها للأجيال القادمة، وعمل على صيانتها وتقويتها والرفع من مستواها وحصيصها الزمني، وأدائها في البرامج التعليمية لتقويم اللغة العربية بوظائفها التعليمية و التواصلية على أحسن وجه، ومن أجل أن تؤدي مهامها في التنمية والتقدم….. مما جعل تدريس اللغة العربية وتعلمها من أبرز القضايا المحورية المطروحة في المنظومة التعليمية المغربية. وظل درس اللغة العربية حاضرا في جميع مشاريع الإصلاح التي عرفها ميدان التعليم في السنين الأخيرة.
فاللغة العربية من أبرز وظائفها التواصل في إبلاغ حاجيات ورسائل المتخاطبين إلى السامعين. فهي تقوم بوظيفة التواصل والتبليغ والإخبار من خلال إيصال مراد المتكلم إلى المخاطب من أفراد العشيرة اللغوية التي ينتمي إليها ذلك المخاطب وفق التعاقد التخاطبي الجامع والقائم بين المخاطب والسامع…[1].
فالتواصل إذن يعد من أبرز خصائص اللغات بصفة عامة، بحيث لا يمكن إسقاط، أو إبعاد وظيفة التواصل ضمن الوظائف الكبرى، والأساسية التي تؤديها اللغة في المجتمع الإنساني، وهذا الموضوع ظل محل اتفاق بين عدد كبير من اللغويين واللسانيين.[2]
وهو ما أدى بكثير من اللسانيين إلى أن يعرفوا اللغة بأنها أداة للتواصل، وقناة للتخاطب، ووسيلة من وسائل الاتصال والتفاهم بين الشعوب وبين مختلف الأجيال… وعليه فإن اللغة بوصفها نسقا من العلامات والرموز، فهي تمنح القدرة للمتكلم من أن يتواصل مع غيره.
ولعل هذا البعد التواصلي المميز للغة مشعر بالبعد التواصلي المميز للإنسان، من حيث إن اللغة من أحد مركبات شخصية الإنسان، بل هناك من ذهب إلى أبعد من هذا عندما صرح بأن الاتصال والتواصل من أبرز شروط بقاء الإنسان، وهو من الأوصاف والمستلزمات الداعمة الضرورية لاستمرارية هذا الإنسان، ومن المقومات المؤكدة لديمومته واستمراريته في هذا الوجود….[3].
وهو ما يعني من جهة أخرى أن التواصل يعد من أبرز طبائع الإنسان، ومن أهم خصائصه التي تجعله كائنا متميزا، ومتفردا عن غيره من الكائنات الحية [4].
وبالتالي فإن اللغة تعد حاملة للرمز، ومتضمنة للقيم المحمولة في الذاكرة الجماعية للإنسان وللمجتمع، وهي بهذا التحديد والوصف عنوان الهوية الفردية والجماعية للإنسان.
لعل هذه الوظائف المتعددة، والأدوار المتداخلة والمتشابكة للغة، هي التي جعلت الفلاسفة قديما وحديثا يتجهون إلى الاشتغال على اللغة في كثير من أبعادها جوانبها ومستوياتها، خاصة ما تعلق بالكيفية التي يجري بها اكتساب وتعلم وتعليم اللغة.
اللغة والتعلمات
لقد توسع الاهتمام باللغة العربية في الفترة المعاصرة، وتعددت الحقول المعرفية التي قاربت اللغة العربية في مستوياتها المتعددة والمختلفة، ومن هذه العلوم علم اللسانيات وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم التدريس ….
فقد اهتمت هذه العلوم بالمحور الجامع بين اللغة والتعلمات، وطريقة تعليمها في جميع المستويات.
وهذا مدعاة أن نقول إن اللغة هي أداة فاعلة في التربية والتنشئة الاجتماعية، فهي بمقدورها دمج الفرد في المجتمع، وغرس القيم الإيجابية في نفوس الناشئة لإعدادها للحياة والمستقبل …[5].
وبالتالي فإن تدريس وتعليم اللغات يكتسي أهمية كبيرة، وحضورا بالغا على جميع المستويات، والأصعدة لأن اللغة هي الأداة الصانعة والمركبة للمعالم النفسية لشخصية الطفل والمتعلم على حد سواء، خاصة في المراحل العمرية الأولى من حياته….
فقد دلت البحوث في الدراسات النفسية التي أنجزت مؤخرا على مدى أهمية تعليم اللغة في أقسام الأولية والابتدائية فهي أداة فاعلة في بناء المعالم النفسية والعقلية والوجدانية للطفل والمتعلم على حد سواء..[6].
وبصفة عامة تعد اللغة من أبرز المداخل الأساسية في اكتساب المعارف الأولية، وتحصيل كفايات التعلم في مؤسسات وفضاءات التربية والتعليم[7].
هذه الاعتبارات جعلت الارتباط حاضرا وقائما بشكل كبير وقوي بين اللغة والتعليم، وبموجب هذا الارتباط بين اللغة و التربية، فقد اشتغلت كثير من العلوم والمعارف على اللغة وطرائق تعليمها، مما أهل اللغة لأن تكون موضوعا للمقاربات المتعددة، منها خاصة مقاربة اللسانيات التعليمية أو البيداغوجية التي تهتم بوظائف اللغة الأساسية و البحث عن إمكانيات استثمارها وتقريبها لحقل التربية والتعليم، من خلال البحث عن أشكال وطرق جديدة في تعليمها وتعلمها.
ومن أبرز المجالات التي لقيت الاهتمام البالغ وحظيت باهتمام اللسانين التطبيقيين هو مجال تعلم اللغة وتعليمها، مع التركيز والعناية بشكل خاص بمجالات القراءة و التواصل والمحادثة…
ومما لا نشك فيه أن اللسانيات التعليمية من العلوم المرشحة والقادرة على الإجابة على معظم الإشكالات ومختلف القضايا والأسئلة التي لها صلة وارتباط بمشاكل تعلم اللغات.
-دور اللسانيات التطبيقية في تعليم اللغة العربية
إن اللسانيات التطبيقية تعد جزءا من العلوم التطبيقية، وهي العلوم التي تزايد الاهتمام بها في السنين الأخيرة بشكل كبير.
ونعتت بالتطبيقية لأنها علم يراهن على ما هو عملي إجرائي على حسب ما هو نظري، إذ يتوخى هذا العلم الجديد إيجاد الحلول المتعلقة بمشكل تعلم اللغات وطرق تعليمها واكتسابها في الوسط التعليمي.
فهذا العلم يشتغل على طرائق وتقنيات تدريس اللغات عامة واللغة العربية خاصة سواء تعلق الأمر بالبعد المتعلق بتقديم المعارف والموارد لمتعلم هذه اللغة، أو تعلق الأمر بدعم التعثرات والصعوبات التي قد تعترض وتواجه المتعلم في اكتسابه وتحصيله وتعلمه للمعارف ذات الصلة باللغة…
ومما يميز هذا العلم الجديد انفتاحه على عدد من الحقول العلمية والمعرفية كانت حقولا معرفية حقة أو إنسانية، و على مختلف القضايا اللغوية والتواصلية، فهو حقل معرفي متداخل ومتعدد التخصصات “Interdisciplinaire”…
كما يشتغل هذا النوع من التعليم على طرائق علاج التعثرات التي يعاني منها المتعلم في تعلمه للغة العربية[8]. بدءا من الأقسام الأولية والابتدائية…
و من أبرز المدارس اللسانية الجديدة اشتغالا على تعليمية اللغة بصفة عامة اللّسانيّات العرفانيّة، أو المدرسة اللسانية المعرفية التي ارتبط ظهورها بأعمال عددٍ من اللّسانيين الانجليز، الّذين اهتمّوا بالبحث في علاقة اللّغة بالذّهن، وعدلوا عن الاتّجاه السّائد الذي ساد خلال سبعينيّات القرن الماضي في مواقفه واختياراته من تعليم اللغات، بحيث ركزت هذه المدرسة على مرحلة الطفولة والصغر في تعلم اللغة وفي اكتسابها واقترحت الأنشطة التواصلية طريقة ومادة في اكتساب اللغة.
وعلى العموم فاللسانيات التعليمية من العلوم الجديدة التي أحدثت تحولا كبيرا في الدراسات اللغوية الجديدة وهذا العلم أعني علم اللسانيات التعليمية يسمى كذلك بالبيداغوجيا التعليمية واللسانيات التطبيقية، ذلك أن هذا العلم الجديد من حسناته انه يهتم بالبعد التعليمي والتدريسي للغة في البعد التطبيقي من حيث تشخيص الطرق الناجحة والآليات الفاعلة في التدريس، وإظهار الوسائل المساعدة على تعليم اللغة وتعلمها، والوقوف على أهم الإكراهات والصعوبات والتعثرات التي تواجه متعلم اللغة في جميع مراحل تعلمه وفي جميع المسالك التعليمية.
وهذا العلم الجديد له علاقة مباشرة بديداكتيك اللغات أو تعليمية اللغات أو منهجية تدريس اللغات، ويراد بهذا المفهوم مجموع الخطابات التي أنتجت حول تعليم وتعلم اللغة سواء تعلق الأمر باللغة الأولى أم باللغة الثانية الأجنبية المراد تعليمها.
واللسانيات التعليمية تراهن على استثمار نتائج البحث اللساني المعاصر بجميع مدارسه واتجاهاته ومذاهبه من خلال ربط هذه النتائج بمجال ديداكتيك تعليم اللغات la Didactique des Langues عامة، وديداكتيك اللغة العربية خاصة…..[9].
ومما حملته اللسانيات التعليمية من خطابات توجيهية للمشتغل والمتدخل في تعليم وتعلم اللغات، هو أن التعلم في مراحل الطفولة أنفع وأيسر وأسهل، لأن هذه المرحلة تكون أكثر ديناميكية وفاعلية في التعلم مقارنة بالفترات والمراحل الأخرى من حياة الإنسان[10].
ومن أبرز المدارس التي تشتغل على البيداغوجيا التعليمية: اللسانيات المعرفية La linguistique cognitive التي طرحت بزعامة نيوبورت Newport فرضية مفادها أنّ الفرد، كلما تقدّم في العمر، قلّتْ قدرتُهُ على تعلّم اللّغة واكتسابها، انطلاقا من هذه النظرية –الأقل هو الأكثر The less is more .[11]
-المستجدات في المناهج التربوية: السياق والحدث
إن أكبر منعطف عرفته المنظومة التعليمية المغربية هو الشروع في تنزيل التدابير ذات الاولوية التي جاءت في سياق خاص، يتحدد هذا السياق على ما جاء من نتائج صادمة مقلقة حملتها التقويمات الوطنية والدولية والبحوث التدخلية التي كشفت بالأرقام عن التدني الواضح، وعن التراجع الكبير في المكتسبات الدراسية للمتعلمين، من حيث عدم ملاءة البرامج والطرائق البيداغوجية في التدريس والتعليم مع الحاجيات التربوية للمتعلمين.[12]
و بناء على التشخيص الأولي و الكاشف لواقع المنظومة التعليمية في المغرب التي تعرف تراجعا ملحوظا في التعلمات، حملت التدابير ذات الأولوية دعوة صريحة، و خطابا عاجلا في ضرورة مراجعة البرامج والمناهج التعليمية.
وبالتالي وضعت هذه التدابير من رهاناتها وأولوياتها الأساسية في الإصلاح، تحسين المنهاج الدراسي للسنوات الأربع من التعليم الابتدائي قصد الرفع و تنمية الكفايات الأساسية في القراءة والكتابة والرياضيات والتفتح العلمي للمتعلم …[13]. والعمل على تصحيح وتعديل التعثرات التي يعيشها المتعلم بشكل تدريجي.. مما جعل هذه التدابير تدعو بشكل مستعجل وعلني إلى تغيير البرامج التعليمية بدءا من السنوات الأولى من التعليم الابتدائي.
وبناء على ما جاء في هذه التقارير تم إعداد صيغة جديدة ومنقحة للمنهاج الدراسي الخاص بالتعليم الابتدائي وتم تقسيمه إلى ثلاثة أقطاب رئيسية.[14]
وبالتالي نقول من أجل أن تكون اللغة العربية مسايرة لعصرها، ومواكبة لزمنها، ومستجيبة لحاجيات المتعلم وإمكانياته ومتطلباته وتطلعاته في المستقبل، فقد عرف مشروع إصلاح برامج اللغة العربية وتعليمها في المدرسة المغربية نقلة نوعية في السنين الأخيرة من خلال الشروع في تنزيل الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التعليمية، لا سيما في القسم المتعلق بالتدابير ذات الأولوية لا سيما التدبير رقم -1- وهو التدبير المتعلق بالبرامج والمناهج. وهو مؤشر على أن هذه المشاريع سعت جميعا إلى تعزيز تعلم اللغة العربية وتحسين تدريسيتها والرفع من أدائها وموقعها في البرامج التعليمية، وتأهيل مدرسيها، باعتبار اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد. وعلى هذا الأساس والاعتبار يكون تعليم اللغة العربية إلزاميا لكل الأطفال المغاربة، وفي كل المؤسسات التربوية ابتداء من التعليم الأولي …..
و المنهاج الجديد للغة العربية يتأسس على مجموعة من نتائج الأبحاث والدراسات العلمية والتربوية والسيكلوجية والاجتماعية التي أنجزت من لدن خبراء في التربية والديداكتيك، ما يعطيه أهمية تربوية كبيرة.
كما عمل المنهاج عل استحضار منظومة القيم في بناء الدرس، بحيث ألزم المعلم استحضار هذا البعد سواء في محطة التعلمات أو في محطة التقويم والدعم، بحيث تم التركيز في مجال التربية على السلوك المدني الذي أصبح يراهن على القيم أكثر من مراهنته على المعارف.
كما تمت مراعاة النمو الجسدي والفزيولوجي والنفسي للمتعلم وجعل التعلمات والمعارف تحضر فيها المستويات المهارية والأبعاد الوجدانية للمتعلم.
واقع درس اللغة العربية في المدرسة المغربية
لتحقيق هذا الهدف واستجابة لما حملته المشاريع الإصلاحية من توصيات لا سيما ما تعلق بمشروع الإطار المتعلق بتنزيل التدابير ذات الأولوية في مشروعه الأول الذي نص بضرورة ولزوم إعادة النظر في منهاج اللغة العربية ابتداء من السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، والعمل على تطوير هذا الدرس في سياق التجديد والابتكار وروح العصر الذي تعرفه المناهج الدراسية اليوم، لما في هذا التجديد من الملائمة مع مستجدات العلوم الانسانية التي تعرفها الساحة التعليمية اليوم.[15]
وتتوخى هذه المراجعة للمناهج تحقيق التوافق مع متطلبات المتعلم وحاجياته التي يفرضها مجتمع المعرفة، وتعمل على تسهيل انخراطه وحضوره في هذا المجتمع الذي يتغير اليوم بشكل كبير وبوتيرة سريعة….[16].
كما توخت المراجعة المراهنة على المنهاج الفاعل في تحقيق النجاح الدراسي في محور تعلم وتعليم اللغات [17].
وهو ما يؤكد أن درس اللغة العربية عرف منعطفا جديدا، وتحولا عميقا مع الشروع في إعمال البرنامج الجديد. وهو برنامج يضع في أهدافه الأساسية، ومن اختياراته الكبرى النهوض بتدريس اللغات عامة، بإعطاء اللغة العربية المكانة التي تليق بها من خلال التركيز على الرفع من الحصيص الزمني لمكوناتها ومداخلها ووحداتها خاصة في السنوات الأولى من التعليم ….
بحيث تم تفعيل العمل بالوحدات، بحيث تم تجزيئ برنامج كل سنة من السنوات الست في القسم الابتدائي إلى ثماني وحدات. ويستغرق تنفيذ الواحدة منها خمسة أسابيع؛ تخصص هذه الأسابيع: الأول والثاني والثالث والرابع لتقديم الدروس الجديدة والخامس للدعم والتقويم والأنشطة.[18]
ويهدف البرنامج الجديد المنقح إلى تحسين الكفايات التواصلية للمتعلم في القراءة والكتابة والتعبير، مع تصحيح التعثرات التي تعترضه بشكل مندمج وسلس خلال الأنشطة الصفية….[19].
إضافة إلى عناية هذا البرنامج بشكل أكبر بمهارة التواصل الشفهي باعتباره هدفا أساسيا يسهل للمتعلم التواصل مع جميع المتدخلين في العملية التعليمية.
فالتواصل الشفهي هو الطريق الأقوم والسبيل الفاعل لاكتساب المعارف والمهارات والقيم والمواقف المحمولة في الوحدات الدراسية والتعليمية التي تحمل هدفا عاما وهو تنمية القدرات المعرفية والمهارات الشفهية للمتعلم في اللغة.[20]..
ومن مساعي هذا المنهاج المنعوت بالجديد هو توسيعه من حصيص مكون القراءة ليصل هذا الحصيص إلى خمس ساعات في الأسبوع بمعدل حصة في اليوم مدتها 50د، قاصدا بهذا الرفع تنمية قدرات المتعلم وتنمية مكتسباته ورصيده في اللغة العربية لتأهيله وتمكينه من إنتاج النصوص وممارسة التعبير الشفهي[21].
خطاطة بيانية لأقطاب المنهاج الدراسي الجديد
حسب مشروع المنهاج الدراسي الجديد للتعليم الابتدائي لسنة 2018:
الاقطاب المعرفية | قطب اللغات | قطب
الرياضيات والعلوم |
قطب
التنشئة الاجتماعية والتفتح |
عدد الساعات المخصصة
|
15 | 7 | 5 |
النسبة المئوية %
|
55%,55 | 93%,25 | 52%,18 |
-المنهاج الدراسي الجديد لقطب اللغات
المكونات الدراسية
|
اللغة العربية |
اللغة الأمازيغية |
اللغة الفرنسية |
عدد الساعات المخصصة
|
10 | 2 | 3 |
النسبة المئوية %
|
67%,66 | 33%,13 | 20% |
– القراءة من أجل النجاح
استجابة مع هذا الإصرار والاختيار بضرورة مراجعة المناهج يأتي مشروع القراءة من أجل النجاح أو القرائية في سياق خاص، يتحدد هذا السياق في السعي نحو الرفع من الرصيد اللغوي والمعجمي للمتعلم، و العمل على تقوية مهاراته التواصلية بمده بالمهارات الصوتية التي تمكنه من النطق الصحيح والسليم والسديد بحروف اللغة العربية، وتأهيله للتعبير والتواصل اللغوي بكل طلاقة ويسر وسهولة في أنشطته الصفية اليومية من خلال استثماره للحكاية.[22] لأن استثمار الحكاية يجعل المتعلم ويسهل عليه اكتساب القدرة على التواصل وعلى استعمال اللغة العربية الفصيحة في أنشطته الصفية أو الموازية…
وهذا المشروع يهدف إلى تحسين تعلم وتعليم القراءة للمتعلمين والمتعلمات بالمستويات الأولى من التعليم الابتدائي منطلقا من هذا الاعتبار وهو أن مهارة القراءة هي البوابة الرئيسية والمدخل المهم لكل العلوم والمعارف لأن المتعلم إذا لم يتعلم القراءة في وقت مبكر سيجد صعوبات كبيرة ستعترض سبيله وطريقه في تعلم المواد الأخرى.
وقد تم الاعتماد على الحكاية في بناء الأنشطة، لأن الحكاية تعتبر دعامة أساسية لبناء الأصوات (الحروف) من أجل الوصول إلى الطلاقة الجيدة، وقد تم تبني الحكاية في الطريقة المقطعية باعتبارها منطلقا للمتعة والتسلية، بحيث تقدم كل حكاية خلال أسبوعين في عشر حصص.
-المحددات الأولية لدرس اللغة العربية في المنهاج الجديد
حمل المنهاج الجديد مجموعة من المحددات من أبرزها:
-جعل المتعلم في القسم الابتدائي وفي جميع المستويات قادرا على التواصل باللغة العربية، ومتمكنا من فهم النصوص وعلى الإنتاج الشفهي والكتابي.
-تجديد تعليم اللغة العربية بالاستفادة من الطرائق والمناهج الجديدة المعتمدة في التدريس والتعليم.
-استثمار المقاربات اللسانية والبيداغوجية الجديدة في تعليم اللغة العربية مع الانفتاح على المدارس اللسانية الحديثة التي تشتغل على تعليم اللغات في الأقسام الأولية والابتدائية.
-اعتماد الكتاب المدرسي المتعدد بدل الكتاب المدرسي الواحد مع إيلائه ما يستحق من أهمية وعناية على المستوى التربوي والبيداغوجي والديداكتيكي.
-استثمار التكنولوجيات والرقميات وإعمال الوسائط الجديدة والصور الملونة وإدراجها ضمن الوسائل المعينة والمساعدة في تدريس اللغة العربية وتعليمها في جميع الأسلاك التعليمية.
-الاعتماد على الوحدات والمجالات ذات الصلة ببيئة وواقع المتعلم في عملية التدريس من خلال توزيع دروس ووحدات اللغة العربية بجعلها لصيقة مع بيئة المتعلم، وبالأخص بالوسط الذي يعيش فيه ذلك المتعلم.
-إدراج اللسانيات التعليمية والبيداغوجية وديداكتيك اللغات في عدة التكوين الخاصة بتأهيل وتكوين أساتذة التعليم الابتدائي.[23]
– الاعتماد على القواعد المضمرة في تعليم اللغة العربية، بدلا من القواعد المصرح بها من خلال التركيز على الأنشطة الشفوية في السنوات الثلاث الأولى، بحيث لا يتم الانتقال إلى التصريح بالقواعد إلا بعد أن يتمكن المتعلم من الاستعمالات اللغوية الحاملة للقواعد المضمرة..
-الاعتماد على المقاربة التواصلية في تعليم اللغات قصد جعل المتعلم قادرا على التواصل بهذه اللغة، مع إكسابه ومنحه القدرة التواصلية التي يحتاج إليها.
-الاعتماد على وضعيات تعليمية مساعدة على التعلم الذاتي، ومحفزة على بناء المعرفة اعتمادا على قدرات وخبرات المتعلم المكتسبة.
-اعتماد الحكاية لبناء التعلمات من أجل أن يمتلك المتعلم العربية الفصيحة ويتداولها ويستعملها بكل طلاقة في محيطه الدراسي.[24]
-خاتمة
إن هذا البحث كشف أن درس اللغة العربية في القسم الابتدائي يمر بتحولات عميقة وكبيرة مست مجالاته ووحداته.
كما عرف هذا الدرس عددا من التحولات في المكونات والأهداف خاصة في الاقسام الأولية والابتدائية.
لقد تبين لنا من خلال هذا العرض الموجز أنه رغم الجهود الكبيرة التي بذلت في درس اللغة العربية في القسم الابتدائي انطلاقا من تجديد المنهاج وإعادة النظر في أقطابه ومداخله ومكوناته والزيادة في حصيصه، ومن خلال توسيع دروس الأنشطة الشفهية والتواصلية قصد تنمية القدرة التعبيرية للمتعلم، فإن هذا الدرس مازال يعاني من صعوبات عديدة، ويحمل أعطابا كثيرة على مستوى التنزيل والأجرأة والتطبيق.
من ثم ينبغي للعاملين والمتدخلين في تدبير هذا الدرس الاستفادة من بحوث العلوم اللسانيات واللغوية الجديدة، واستثمار ما تحقق فيها من منجزات لا سيما ما يتعلق بالبحوث الميدانية في ديداكتيك اللغات التي تنجز في كليات علوم التربية في المغرب أو في الخارج، لأن هذا الاستثمار من شأنه أن ينمي ويعمل على تطوير هذا الدرس ليلبي حاجيات المتعلم، ويساير المستجدات التي يعرفها مجتمع المعرفة وعالم المعرفة بصفة عامة….
مراجع
– اكتساب اللغة العربية والتعلم اللغوي المتعدد للدكتور الفاسي الفهري مجلة أبحاث لسانية 1999 -مجلة أبحاث لسانية المجلد-4-العدد:1-2السنة:1999.
– التعثر اللغوي عند المتعلم المغربي محمد بنعمر.مجلة أبحاث اللبنانية العدد11-السنة2011.
– تطوير المناهج الدراسية في المنظمة التعليمية المغربية المنهاج المندمج ملف في مجلة :دفاتر التربية والتكوين العدد:12السنة:2012
-ديداكتيك التعدد اللغوي تعليم وتعلم اللغات ندوة دولية كلية علوم التربية -منشورات كلية علوم التربية السنة:2015.
-اللغة في المدرسة المغربية ملف خاص
– اللسانيات النسبية وتعليمية اللغة العربية لمحمدالاروغي منشورات اختلاف السنو:2011.
-اللغة والبيئة:لعبد القادر الفاسي الفهري منشورات الزمن:2003.
-اللغة في المدرسة المغربية ملف من انجاز مجلة المدرسة المغربية العدد:-3-السنة:2011.
-اللغة بين الاكتساب والتعلم لعباس الصوري:9 ضمن أعمال ندوة تعليم اللغات تعليم اللغات كلية الآداب مكناس 2002.
-ظاهرة التعدد للغوي ومضاعفاته في المحيط لمجتمعي لمبارك ربيع مجلة المدرسة المغربية العدد:-3-السنة:2011.
– مشروع المنهاج الدراسي المنقح للتعليم الابتدائي سنة 2015.وشرع في تعميمة في جميه مدارس النغرب ابتداء من الموسم الدراسي 2017-2018.
-المنجز اللغوي لتلميذ المدرسة المغربية دراسة ميدانية للتعثرات بحث ميداني بإشراف هشام فاتح.وهو من منشورات كلية اللغة العربية مراكش:2015.
-واقع اللغة العربية لأحمد اوزي مقدمة العدد:53 من مجلة علوم التربية المغربية السنة:2012.
[1]– محمد الاوراغي: اللسانيات النسبية وتعليم اللغة العربية إصدار دار اختلاف الجزائر: 2013.ص:9
[2]– محمد نافع: مفهوم اللغة ومفهوم الهوية بحث الأستاذ .مجلة عالم الفكر العدد:-4-مجلد:43- السنة:2015..
[3]– نبيل علي : الفجوة الرقمية مجلة عالم المعرفة-رقم السلسلة:318. ص:165.
[4]– نبيل علي: الثقافة العربية وعصر المعلومات -سلسة عالم المعرفة رقم العدد :265- ص:345.
[5] – الدكتور احمد اوزي : ا للغة والوعاء الفكري:5.مجلة علوم التربية المغربية .العدد:53-اكتوبر:2012.
[6] – الدكتور الغالي احرشاو سيرورة اكتساب المعارف. مجلة الطفولة العربية الكويت العدد:-1-:1999
[7]-اللسانيات التعليمية :الواقع والأفاق .ضمن كتاب جماعي اللسانيات وتعليم اللغة العربية منشورات كلية الآداب مكناس :2002.
[8] مجموعة من المؤلفين :المنجز اللغوي لتلميذ المدرسة المغربية دراسة ميدانية للتعثرات بحث ميداني لمجموعة من الطلبة استغرق هذا البحث ثلاث سنوات بإشراف الاستاذ هشام فاتح. وهو من منشورات كلية اللغة العربية بمراكش:2015.
[9] – ديداكتيك اللغات هو مجموع من الخطابات حول تعليم اللغات وطرائق تدريسها وتعليمها وتعلمها وإظهار الإكراهات التي تقف وراء تدريس اللغة العربية…
[10] – مبارك ربيع : ظاهرة التعدد اللغوي ومضاعفاتها في المحيط المجتمعي التربوي المغربي ضمن ملف” اللغة في المدرسة المغربيةّ –مجلة المدرسة المغربية العدد:-3-السنة:2011.
[11] – -للوقوف على هذا الاتجاه اللساني الجديد المسمى بالاتجاه العرفاني يراجع: La linguistique cognitive عمل جماعي من تأليف:
. Catherine Fuchs – Jacques François, Jean-François Le
[12] – هي تدابير متفرعة عن الرؤية الاستراتيجية جاءت لمعالجة الاشكالات التربوية والبيداغوجية التي اثارتها اللقاءات التشاورية حول مستقبل المدرسة المغربية متخذة من الاطار المرجعي للرؤية الاستراتيجية سندا ومدخلا ومرجعا في الاصلاح….
يراجع: مذكرة الاطار في التنزيل الاولي للرؤية الاستراتيجية صدرت عن مديرية المناهج : 12/10/2015.
[13] – مشروع المنهاج الدراسي المنقح للسنوات الأربع الأولى للتعليم الابتدائي اصدار مديرية المناهج : 2015.
[14] -مستجدات المنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي اصدار مديرية المناهج : 2018..
[15] -يراجع مذكرة الإطار المتعلقة بتنزيل التدابير ذات الأولوية الصادرة عن مديرية المناهج يوم:15-10-2015.
[16] -مديرية المناهج :المنهاج الدراسي للتعليم الابتدائي مادة اللغة العربية للسنتين الأولى والثانية مارس2008ص:3
[17] خصوصيات اللغة العربية وإكراهات تدريسيَّتِها حوارمع الدكتور “الغالي أحرشاو”رئيس مختبر الأبحاث والدراسات النفسية والاجتماعية بكلية الآداب فاس.أعد الحوار.”محمد بنعمر”مكون تربوي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتعليم وجدة المغرب..منشور في موقع دفاتر تربوية.
[18] -دليل كتابي كتاب الاستاذ اصدار مديرية المناهج :2018.
[19] -حافظة التدابير ذات الأولوية :التدبير رقم:-1-تحسين المنهاج الدراسي للسنوات الأربع الأولى من التعليم الابتدائي.
[20] – مديرية المناهج :في رحاب اللغة العربية السنة-2- ابتدائي كتاب الأستاذ مكتبة المعارف 2018ص:14
[21] – مشروع المنهاج الدراسي المنقح للسنوات الأربع الأولى للتعليم الابتدائي الابتدائي مديريةالمناهج :2015.
[22] -دليل القراءة من اجل النجاح اصدار مديرية المناهج :2015.
[23] – ديداكتيك اللغات هو مجموع من الخطابات حول تعليم اللغات وطرائق تدريسها وتعليمها وتعلمها …
[24] -دليل القراءة من اجل النجاح مديرية البرامج2016.