هذا المقال من المشاركات المتأهلة للدور النهائي من جائزة تعليم جديد التربوية، في نسختها الأولى,
إنَّ التحولات والتغيرات التي يشهدها العصر الحالي خاصة في مجال المعلومات والمعارف والنظريات والاكتشافات والتطورات الناجمة عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سوف تؤثر بلا شك على صورة المدرسة والمناهج الدراسية في المستقبل؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تغير في مهامها وأدوارها على المدى القريب أو البعيد.
المناهج الدراسية هي وسيلة التعليم لتحقيق أهدافه وخططه، وهي الترجمة الفعلية والعملية لأهداف التربية وخططها واتجاهاتها، وهي الحقل التطبيقي للمبادئ والنظريات التربوية، وفي ظل المعرفة والمعلومات المتجددة أضحت الحاجة لهندسة المنهج التعليمي كي يكون أداة فعّالة في التعامل مع هذا الفيض الهائل من المعلومات، وإعداد أفراد نافعين لأنفسهم ولأمتهم قادرين على تحمّل المسؤولية وتحقيق التنمية الشاملة مع المحافظة على الثوابت والقيم في هذا العصر الذي أصبحت فيه المعلومات والمعارف والتطور التكنولوجي السمة البارزة له.
من أجل ذلك يتضمن هذا المقال عرضًا للجوانب المرتبطة بهندسة المنهج ودورها في تعزيز الابتكار في العصر الرقمي ومتطلباته وفيما يلي عرض لأبرز المحاور:
- هندسة المنهج وعملياتها.
- دور المنهج في تنمية الابتكار.
- الاقتصاد الرقمي ومتطلباته.
أولاً- هندسة المنهج Curriculum Engineering
مفهوم هندسة المنهج:
تذكر بعض المعاجم اللغوية الأعجمية أن كلمة هندسة ( (Engineering تعني فرع من العلوم والتكنولوجيا الذي يهتم بالتصميم للمباني، واستخدام المحركات، والماكينات، والهياكل (Compact Oxford English Dictionary،2016)، وتعرف أيضًا كلمة هندسة بأنها تطبيقات العلوم التي تستخدم لتصميم شيء وهذه التطبيقات للعلوم تستخدم في التصميم والتخطيط، وصيانة المباني، والماكينات، وكل الأشياء التي تخص عملية الصناعة (Encarta Word English Dictionary،2016)، كما أن هذه الكلمة تشتمل على معنى الاختراع لشيء ما، قد يكون في شكل خطة أو تصميم لشيء ما” (محمد وعبدالعظيم ،2011م،ص342).
يعرف بو شامب Beauchamp (1987م) هندسة المنهج بأنها كل العمليات الضرورية لجعل نظام المنهج يؤدي وظيفته في المدرسة (ص 137)، في حين يعرفها علي (2011م) بأنها عملية وضع المواصفات التخطيطية والتنفيذية والتقويمية التي تحدد الصيغة الشكلية للمنهج -فيما يعرف بوثيقة المنهج- وتضمن تحقيق أهدافه ومن ثم استمراره وبقاؤه في التربية المدرسية (ص25).
مما سبق يمكن القول بأن هندسة المنهج منظومة تحافظ على استمرار عمل المنهج لتحقيق أهدافه من خلال عدة عمليات أبرزها عملية التخطيط والتنفيذ والتقويم، كما يتضح من التعاريف السابقة أن الوظيفة الرئيسة لهندسة المنهج هي التأكد من كون نظام المنهج قابلا للتنفيذ، بما يوضح مهامه الأساسية داخل البيئة المدرسية.
عمليات هندسة المنهج:
يذكر بوشامب Beauchamp بأن عملية هندسة المنهج تشتمل مجموعة عمليات بناء المنهج وتطبيقه وتقويمه وتطويره، وقد تكون تلك العمليات اللازمة الحيوية لتفعيل هندسة المنهج متمثلة في بناء وتشييد وتكوين المنهج وتطبيقه وتقويم الأداء الخاص به وأيضاً تطويره(بوشامب،1987،ص 137).
ولقد جاء هذا المصطلح الحديث نسبياً كردة فعل على الجمود في صناعة المناهج الدراسية واتهامها من قبل المنظرين والخبراء في التحول إلى الوقوع في أسر قوالب جاهزة ومنقطعة عن التغيرات المحلية والقومية والعالمية الحادثة وقد تزامن ظهور وتفعيل هذا المفهوم مع نشأة علم تطبيقي وليد من التقاء علمين أشمل وهما علم الإدارة وعلم المحتوى، “والتربية تشبه علم الهندسة في كثير من الأمور فهي تهتم بهندسة الإنسان Human Engineering ، ولذلك ينبغي أن تأخذ منها بعض الأنماط السلوكية في أداء وظائفها، ومن هنا كانت حتمية التطوير والتغيير للمناهج الدراسية العربية تستدعي بالضرورة الأخذ بهذه النظرة التكاملية للأمور التي تنادي بإتباع مدخل النظم Approch Systems في تصميم المناهج الدراسية وتطويرها ” (محمد وعبدالعظيم،2011م،344).
وفي ضوء ما سبق يمكن التوصل إلى أن العمليات الرئيسة لهندسة المنهج هي (علي،2011م،ص109):
1- تخطيط المنهج:
وهي الخطوة الأولى نحو هندسة المنهج، وتقوم بها جماعات العمل، حتى يتم تغطية المنهج عرضاً وطولاً (عرضاً فيما يختص بمدى مكونات المحتوى الثقافي، وطول بمدى التتابع داخل المواد)، وقد يكون التنظيم الأفقي بواسطة الصف أو المستوى، أما التنظيم الرأسي، فيكون بواسطة محتوى الثقافة، وإذا وضع المنهج موضع التنفيذ، فإن وظيفة التخطيط تصبح وظيفة تطوير مستمرة.
2- تنفيذ المنهج:
هو مجموعة من العمليات التي تهتم بوضع نظام المنهج حيز التنفيذ داخل النظام التعليمي، فوظيفة المنهج هي: معرفة ما سيقوم المعلمون بتدريسه، والتنبؤ بنتائجه التعليمية، ولن يتحقق ما سبق إلا من خلال تطبيق المنهج. وتتجلى أهمية هذه الخطوة في كونها تنقل المنهج من النطاق النظري إلى نطاق التنفيذ والفاعلية، من مجرد تنظيرات (خيالية كما يتصورها البعض) إلى مجال واقعي على الأرض، يمكن نقده من خلال العيوب التي تظهر أثناء تدريسه داخل الحجرات الدراسية؛ ولذلك يتطلب المنهج إشراك المعلمين في تخطيط المنهج منذ البداية.
3- تقويم المنهج:
هو مجموعة الأحكام التي تزن بها جميع التعليم والتعلم وتشخيص نقاط القوة والضعف فيه بقصد اقتراح الحلول التي تصحح مسارها، وبالتالي فإن عملية التقويم تتضمن تقدير التغيرات الفردية والجماعية، والبحث في العلاقة بين هذه التغيرات وبين العوامل المؤثرة فيها.
ثانيًا- دور المنهج في تنمية الابتكار
يقوم المنهج بدور مهم في مجال التحفيز من خلال تقديم قضايا تعليمية تتحدى تفكير الطلاب وتثير حب الاستطلاع لديهم، كما يمكن عرض مشكلات تثير الطلاب وتشجعهم على المشاركة أو التحدث مع بعضهم البعض من خلال عمل حقيقي، وتتصف القضايا ذات الصلة بعملية التعلم والمتضمنة في المنهج المدرسي بالفاعلية والأهمية والضبط الذاتي وتسهم هذه القضايا في دفع الطلاب للتساؤل وحب الاستطلاع واستثمار الطاقات في سبيل تحقيق مستقبل أفضل. ويصمم المنهج المدرسي لتحدي تفكير الطلاب؛ لأنها تسهم في صياغة مشكلات حقيقية يتفاعل معها الطلاب لفترة زمنية مناسبة وتسعى لبناء معرفة مترابطة ومتكاملة بشكل تدريجي.
ويؤكد بيرز (2014م) أن المحرك الأول والأساسي نحو اكتشاف المعرفة هو إحساس المتعلم بأنه متعلم مستقل بذاته، ومثل هذا المتعلم يبحث ويكتشف أفضل المعلومات المتاحة ويستخدم المصادر ونتائج الدراسات والمحتوى في المنهج يركز على حقل معين من حقول المعرفة مع الاهتمام بربط حقول المعرفة المختلفة ببعضها بما يحقق عملية التطوير والتغير(ص121).
و يؤكد وليم جيمس Willam James أن المعرفة هي الأساس في إعداد أي منهج تعليمي، ولابد من الأخذ في الحسبان كيفية تنظيم مستويات المعرفة الثلاثة في عملية بناء المنهج (في السرور,2005,ص ص 53-54), وهي:
1- معرفة ماذا؟ Knowledge -of:
وتعتمد المعرفة في هذا المستوى على التذكر والحفظ ومعرفة العناوين الرئيسة والمفهومات والمصطلحات.
2- معرفة عن Knowledge-about:
وهي معرفة التفاصيل، حيث تبنى على عناصر المعرفة مثل: التمييز والتفسير والقدرة على استيضاح الحقائق أو المفهومات أو النظريات.
3- معرفة كيف Knowledge-how:
وهي المعرفة المرتبطة بالتجربة والممارسة والخبرة.
وتتسلسل هذه المستويات الثلاثة باستمرارية من المستوى البسيط إلى المستوى المعقد. وتتجلى مسؤولية معد المنهج في تحديد مستوى التعقيد في المستوى الواحد من المتعلمين المحددين لتعلم المنهج الواحد.
ويذكر عرب(2010م) أن هندسة المناهج الدراسية وتصميمها للابتكار لها مردودات تربوية فاعلة وإيجابية مثل: تدريب العقل على التفكير والتأمل والتحاور. فما يفهمه المتعلم بالمنطق والإقناع والبصيرة العلمية يتحول عنده إلى مادة وواقع وخبرة شخصية حياتية، وبذلك يسهم المنهج الابتكاري في انبثاق الأفكار الجديدة والمتجددة وفي انطلاق التصورات الحديثة والمعاصرة، بدلاً من أن تكون تلك التصورات بمثابة حواجز تحول دون حركتها للأمام (ص112)، ويهدف بناء المنهج الابتكاري تحقيق الآتي (البلوشي،2010م،ص37):
- تدعيم الأصالة والتنوع بتشجيع المتعلمين على ممارسة الابتكار والتفكير الابتكاري.
- إثارة المشاركة وتشجيع تلقائية التعبير والطلاقة في الأفكار وهي أمور ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالقدرة على حل المشكلات.
- تنمية ثقة الطلاب في إدراكاتهم الخاصة وأفكارهم الشخصية على أساس أن هاتين الخاصيتين ترتبطان ارتباطًا وثيقًا بالقدرات الابتكارية عند الطلاب.
- إثارة القدرة على الإحساس المشكلات وإثارة حب الاستطلاع والرغبة في التساؤل والبحث والاستفسار.
- تدريب القدرة على الحساسية بالمشكلات والارتباط بالواقع العملي.
- حث المتعلمين على التمكن من المفهومات النظرية والقوانين وكذلك السيطرة على جوانب المعرفة للمجالات الجديدة المختلفة.
ثالثًا: الاقتصاد الرقمي Digital Economy
الاقتصاد الرقمي هو التسمية المستخدمة للإشارة إلى الاقتصاد القائم على الإنترنت أو اقتصاد الويب، وهو الاقتصاد الذي يتعامل مع الرقميات أو المعلومات الرقمية أو الزبائن الرقميين والشركات الرقمية والتكنولوجيا الرقمية والمنتجات الرقمية ، كما يقصد بالاقتصاد الرقمي التفاعل والتكامل والتنسيق المستمر بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات من جهة، وبين الاقتصاد القومي (الوطني) والقطاع الدولي من جهة أخرى، بما يحقق الشفافية والفورية والإتاحة لجميع المؤشرات الاقتصادية المساندة لجميع القرارات الاقتصادية والتجارية والمالية في الدولة خلال فترة ما (غزازي،2008م،ص5).
1- التعليم في عصر الاقتصاد الرقمي
بدأ اهتمام الباحثين الاقتصاديين بالاستثمار في رأس المال البشري من خلال التعليم منذ القرن الثامن عشر، فلقد أكد آدم سميث وماركس ومارشال ومالثوس وغيرهم على أهمية التعليم. وتعد محاولة استروملين من أسبق المحاولات في دراسة القيمة الاقتصادية للتعليم عام (1924م)، ثم أتى من بعده مارشال الذي يعتبر من أول من أشار بصورة مباشرة إلى اعتبار التعليم في التنمية الاقتصادية، كما أشار مارشال إلى أن ما ينفق على التعليم ينبغي ألا يقاس بالعائد المباشر فيه، فهناك فائدة عظيمة تأتي من التعليم حين تنكشف المواهب والقدرات وربما يغطي اكتشاف نابغة في مجال ما إلى تغطية نفقات مشاريع ضخمة (القرعان،2013م،ص28).
كما قام بعض الاقتصاديين بقياس العائد من التعليم وتأثيره على النمو الاقتصادي ومنهم شولتز ودينيسون وبيكر وسولو وبلوج وغيرهم، حيث تركزت أفكارهم على فكرة القيمة الاقتصادية للتعليم: إن الشعب المتعلم هو شعب أكثر إنتاجية، وأنه كلما زاد استثمار بلد ما في التعليم كامل كان تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية أسهل (أخضر،1995م،ص72).
وتكمن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة في المجتمع الإنساني بكونها تؤثر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية وعلى نمو حياة الإنسان عمومًا، حيث أصبحت المعلومات موردًا أساسيًا من الموارد الاقتصادية شأنها شأن الموارد الطبيعية، بل تتميز بأنها المورد الاستراتيجي الجديد الذي لا ينضب بل يزداد حجمه باستمرار مع الممارسة والمشاركة حيث أصبحت التكنولوجيا تمثل (80٪) من اقتصاديات العالم المتقدم أما (20٪) الأخرى فإنها لرأس المال والعمالة والموارد الطبيعية (علي،2007م،ص113).
ومن بين أنواع التعليم التي تنطوي على الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التعلمُ الإلكتروني، والذي يعتمد على التقنية الحديثة كوسيلة فاعلة لتحصيل المعرفة وحفظها ونقلها بأشكل مختلفة.
ويعرف مانك Mank (2005م) التعلم الإلكتروني على أنه: “ذلك النوع من التعليم الذي يعتمد على استخدام الوسائط المتعددة وشبكات المعلومات والاتصالات (الإنترنت) التي أصبحت وسيطًا فاعلاً للتعليم الإلكتروني، ويتم التعليم عن طريق الاتصال والتواصل بين المعلم والمتعلم وعن طريق التفاعل بين المتعلم ووسائل التعلم الإلكتروني الأخرى، كالدروس الإلكترونية والمكتبة الإلكترونية والكتاب الإلكتروني”، وقد انتشر هذا النوع من التعليم بشكل سريع وأصبح من الواضح أن له مستقبلاً كبيرًا وهو ما دفع العديد من الخبراء مثل (Jennex،2004؛ Coakes،2003) إلى التأكيد على أن التعلم الإلكتروني هو البيئة التعليمية والعلمية التي توظف التقنية بشكل مدمج مع العملية التعليمية وتستخدم فيها الحواسيب والأوعية المعلوماتية الأخرى إلى جانب شبكات الاتصال.
ويمكن القول بأن التعلم الإلكتروني يعد أهم دعائم الاقتصاد الرقمي في ضوء التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاتجاه المتزايد نحو مجتمع المعلومات الرقمي، كما يسهم في تغيير فلسفة التعليم من تعليم المجموعة إلى تعليم الفرد، كما يفتح مجالات للتواصل مع المجتمع عن طريق تقديم برامج ودورات على الإنترنت دون الحاجة إلى وجود معلم، بالإضافة إلى تراكم الخبرات، فأي جهد مبذول سواء في إعداد مقرر دراسي أو برامج تدريبية يستفيد منها جميع الطلاب والمؤسسات داخل المجتمع (جمعة،2009م،ص9).
2- المنهج في عصر الاقتصاد الرقمي
يذكر لايتفوت ((Lightfoot،2014،P80 أن المناهج في عصر الاقتصاد الرقمي تمتاز بأنها:
- تزود المتعلم بالقدرة على التعلم الذاتي والتعامل مع المصادر المتعددة للمعرفة.
- تسهم في بناء الشخصية المُنتِجة، وهو هدف تسعى المناهج في عصر الاقتصاد الرقمي إلى تحقيقه.
- تمثل مدخلات العملية التعليمية، لتكون تنمية عمليات التفكير والقدرة على الإنتاج هي المخرجات، عبر تجاوز نمط التفكير والتعليم القديم القائم على التجزئة والتقسيمات المصطنعة، والاتجاه إلى المناهج المتكاملة بشكل جذري والتي تعين المتعلم على إدراك التداخل والاندماج بين الحقول المعرفية وتساعده على إدراك تكامل المعرفة وتكوين نظرة شاملة للظواهر المختلفة.
3- الاقتصاد الرقمي والابتكار
إن العلم والتكنولوجيا والابتكار والبحث والتطوير وجملة المخرجات التي تتمخض عنها مثل الاختراعات والاكتشافات والقوانين والمبادئ والأسس ليست مرغوبة لذاتها، بل لتطوير المجتمعات البشرية ومنه الاقتصاديات، عن طريق أنشطة الأعمال.
تطورت طبيعة المعرفة لتنتقل من مجرد وحدات نظرية علمية إلى بضاعة تباع وتشترى في الفضاء المعرفي، وما عزز العلاقة بين الابتكار والمعرفة هو تدني تكاليف الحصول عليها من هياكل التعليم والبحث العلمي عبر العالم وفي كل الأوقات وما عزز علاقتهما أيضًا مع الاقتصاد هو القيمة المضافة التي تولدها لتدعم المؤسسات، والتي عادة ما تنعكس إيجابيًا على المستهلك وقد تكون كذلك على المحيط والبيئة، لكن إذا حدثت انعكاسات سلبية فقد تكون في حد ذاتها نقطة انطلاق لمشروعات بحث وتطوير وابتكار أخرى (أوكيل،2011م،ص237).
كما تعد أنظمة الابتكار الحديثة إحدى الدعائم الأساسية في الاقتصاد الرقمي، فالأمر من وجهة نظر أوكيل (2011م) لا يتعلق بالاستخدام الكثيف للمعارف والمعلومات، ولكن ينطوي أيضًا على إنتاجها وتطويرها وبثها أو تسخيرها للمصلحة العامة، وعليه فالمعادلة التي تضمن نجاح الانتقال إلى اقتصاد أو مجتمع المعارف والمعلومات تخص جانبين هما إنتاج المعارف والمعلومات واستخدامها عمليًا أو تطبيقيًا (ص233).
وحسب رأي Barbrook المشار إليه في التقرير الثاني الصادر عن لجنة الأعمال و الابتكار والمهارات The business innovation and skills committee،2016)) أن الاقتصاد الرقمي يتصف ليس فقط بظهور تكنولوجيا جديدة (شبكة حاسب ووسائلها) ولكن بأنواع جديدة من العمًال (الحرفيين الرقميين) وكذلك استخدام ورموز أو شفرات تسهل عمليات المعاملة، كما أن التكنولوجيات الأحدث يتم تبنيها بسرعة أعلى مقارنة بالتكنولوجيات القديمة ما يرفع من أهميتها في تطور الاقتصاديات والمجتمعات.
الخلاصة:
مما سبق يمكن التوصل إلى بعض الأفكار أو الخلاصة العامة كما يأتي:
- ضرورة الاهتمام بعملية التخطيط التي هي أول مراحل هندسة المنهج وتطبيق أساليب حديثة في التخطيط التربوي، وعدم الاكتفاء بتخطيط المناهج وفقًا للنماذج التي تجعل العمل المنهجي عبارة عن قوالب يتم تقديمها بأسلوب نمطي وتقليدي، بينما التخطيط الشامل يتطلب وجود نظام فعال للمعلومات، والتي تطورت في العصر الحالي ويسرت عملية جمع البيانات وتحليلها وتصنيفها وتخزينها؛ مما يسهل على خبراء التخطيط عملية التخطيط والتنفيذ والتقويم بشكل دقيق وسريع.
- التوعية بأهمية الابتكار ووضع تحفيزات للإبداع والابتكار ومنح التسهيلات والمساعدات لكل المبتكرين وتوجيههم نحو الابتكار والاختراع.
- تأهيل المؤسسات التربوية بالتقدم في عالم الاقتصاد الرقمي لتحقيق الابتكار والتغيير التكنولوجي والتنافسية العالمية في تحسين المستويات التعليمية المتقدمة في المجالات التقنية.
- ضرورة تجاوز الأساليب التقليدية في إدارة المؤسسات التربوية وتدريس المناهج، واعتماد الأساليب التكنولوجية الحديثة التي توفر الوقت والجهد وتساعد على توفير الظروف المناسبة لإنشاء مزايا تنافسية وتشجع على الابتكار والابداع.
- نشر ثقافة الابداع والابتكار داخل المدرسة وإشراك جميع المعنيين بالعملية التربوية فيها وإشعارهم بأهميته وحتميته لضمان الاستمرار والنجاح وتعزيز الاقتصاد الرقمي.
المراجع:
- أخضر، فايزة محمد حسن.(1995م).اقتصاديات التعليم للفتاة في المملكة العربية السعودية. رسالة دكتوراه غير منشورة ،جامعة عين شمس، القاهرة.
- أوكيل، سعيد.(2011م). الابتكار التكنولوجي لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التنافسية، الرياض: العبيكان للنشر والتوزيع.
- البلوشي، مريم سليمان.(2010م).واقع ممارسة معلمي التربية الاسلامية أساليب تنمية مهارات التفكير الإبداعي في تدريس الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي في سلطنة عمان. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة مؤتة.
- بوشامب، جورج (1987م).نظرية المنهج.(ترجمة ممدوح محمد سليمان وبهاء الدين السيد النجار ومنصور أحمد عبدالمنعم).القاهرة: الدار العربية للنشر.(نشر العمل الأصلي عام 1981م).
- بيرز، سيو (2014م) تدريس مهارات القرن الحادي والعشرين أدوات عمل. (ترجمة محمد بلال الجيوسي): الرياض مكتب التربية العربي لدول الخليج.
- جمعة، محمد سيد.(2009م-مارس).تطوير التعليم ودوره في بناء اقتصاد المعرفة. بحث مقدم إلى لمؤتمر الدولي الأول للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد. صناعة التعلم للمستقبل، المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، الرياض ،16-18مارس2009م.
- السرور، ناديا هايل.(2005م).تعليم التفكير في المنهج المدرسي، عمان: دار وائل.
- عرب، خالد.(2010م).الإبداع كيف ننميه في جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية، الرياض: دار الزهراء.
- علي، سعيد إسماعيل. (2007م). نحو استراتيجية لتطوير التعليم الجامعي في مصر، كتاب الأهرام الاقتصادي، فبراير (233). القاهرة: مؤسسة الأهرام.
- علي، محمد السَّيد.(2011م).اتجاهات وتطبيقات حديثة في المناهج وطرق التدريس. عمّان: دار المسيرة.
- غزازي، عمر.(2008م-ديسمبر). مكانة تكنولوجيا المعلومات والاتصال في الاقتصاد المعرفي، ورقة عمل مقدمة إلى المؤتمر العلمي الثاني حول إدارة قياس رأس المال الفكري في منظمات الأعمال العربية: مختبر التنمية الاقتصادية والبشرية، جامعة سعد دحلب البليدة ،الجزائر، ديسمبر 2008م.
- القرعان، إيمان صالح.(2013).أثر استخدام تقنيات التعليم الحديثة في تنمية الموار د البشرية من أجل الوصول إلى اقتصاد المعرفة في الأردن. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الاقتصاد والمال والأعمال، جامعة مؤتة، عمّان.
- محمد، وائل عبدالله وعبدالعظيم، ريم أحمد.(2011م).تصميم المنهج المدرسي. عمّان: دار المسيرة.
- Coakes, Elayne (ed.), (2003), Knowledge Management: Current Issues and Challenges, Idea Group Publishing, USA.
- Jennex, M & Olfman, L, (2004), Assessing Knowledge Management Success Effectiveness Models, Proceedings of the 37th Hawaii International Conference on System Sciences،
- Lightfoot, Michael D.(2014).Education Reform for the Knowledge Economy in the Middle East, Astudy of education policy making and enactment in the kingdom of Bahrain, PHD thesis, The Institute of Education :London.
- Mank, David, (2005),Using Data Mining for E-Learning، McGrawHill, New York.
مقال رائع بوركت جهودك دكتورة شكرا لك على كتابة المقال الأكثر من رائع
بحث رائع يستحق القراءة
شكرا لك على الجهد والمقال المفيد للباحثين وكل طالب علم