ظهرت في الآونة الأخيرة تقنيات التعلم التكيفي، و انتشرت لدرجة أصبح البعض يُعطيها الأولوية على الساحة التعليمية، مما جعل الكثيرين يتجهون إليها و يعتمدونها سواء تعلق الأمر بالجانب النظري أو بالجانب العملي التطبيقي، بشقيه البحثي والفعلي، داخل عملية التعلم. ولعل أهم ما يشغل الباحثين منذ ظهور تلك التقنيات والمبادئ الجديدة في عملية التعلم وفقاً لأساليب وأنماط التعلم هو السؤال التالي: ما الذي يميز بيئات التعلم التكيفية عن بيئات التعلم الإلكترونية التقليدية ؟ و ما الذي يجعل الكثيرين يجزمون أنها صاحبة الريادة في العصر الحالي؟
لعل ما كُتب عن التعلم التكيفي كافٍ لتحديد مستلزماته وكافة وسائله، ولكن لكي نتعرف على أحقية وجدارة التقنيات التكيفية ووجودها على الساحة التعليمية لابد من مقارنتها بما هو متاح وموجود من بيئات إلكترونية تقليدية، حتى نقف على أهم أوجه المقارنة بين التقنيتين.
عندما ظهر التعلم المعكوس “الفصول المقلوبة” انبهر به العديد من المربين والمعلمين وكأنه الحل المثالي لجميع مشكلات طرق التعليم التقليدية، وسعى الكثيرون إلى الترويج لَهُ لِمَا له من مميزات، إلّا أنه مع التطور المستمر في تقنيات التعليم سرعان ما ظهر التعلم التكيفي بمبادئه، وأصبح يحتل مكانة متقدمة على الساحة التعليمية.
فما بين التعلم المعكوس ومبادئ التعلم التكيفي توجد حلول للعديد من المشكلات التربوية والتعليمية، سواء تعلق الأمر بالتدريس أو بتعلم الطلاب، أو بالمؤسسات التعليمية، أو بأولياء الأمور أنفسهم. فماهي بيئات التعلم التكيفية؟ و بماذا تتميز؟

1- بيئات التعلم التكيفية

هي بيئات تقوم على تعددية وتنويع عرض المحتوى وفقاً لأساليب التعلم الخاصة بكل متعلم، فيُقدم المحتوى وكأنه موجه لكل طالب على حدة، بحيث يتم تقديم مجموعة متنوعة من الأنشطة التكيفية تكون مراعية لاختلاف أنماط المتعلمين و مناسبة لقدراتهم الذهنية.

2- بيئات التعلم الإلكترونية

هي بيئات تقوم على تقديم المحتوى بواسطة مجموعة من الأدوات التكنولوجية المعتمدة على الإنترنت والوسائط الإلكترونية، دون مراعاة لنوعية واختلاف أساليب تعلم الطلاب المستخدمين لتلك البيئات.

3- الفرق بين بيئات التعلم التكيفية وبيئات التعلم الإلكترونية التقليدية

تتضح الفروقات بين بيئات التعلم التكيفية وبيئات التعلم الإلكترونية التقليدية من خلال العديد من أوجه المقارنة، والتي سوف نتناول بعضها في هذه المقالة كالتالي:

تختلف بيئة التعلم التكيفية عن بيئة التعلم الإلكترونية التقليدية في العديد من الجوانب، وهي:

أ- أساليب عرض المحتوى

تقوم بيئة التعلم التكيفية على تنويع أساليب عرض المحتوى وفقاً لاختلاف أساليب تعلم المتعلمين، بينما بيئة التعلم الإلكترونية التقليدية تقوم بتقديم المحتوى بطريقة واحدة مدعمة ببعض الوسائط المتعددة فقط، وكأنها تخاطب المتعلمين جميعاً بأسلوب تعلم واحد.

ب- إعداد المحتوى

في بيئة التعلم التكيفية يتم إعداد المحتوى بطريقة تكيفية، أي يتم تقديم نفس المحتوى بأكثر من طريقة  حسب أسلوب تعلم المتعلمين التي تخاطبهم البيئة، فيتم إعداد المحتوى بالطريقة السمعية لتقديمه لطلاب ذوي الأسلوب السمعي، وإعداد نفس المحتوى بالطريقة البصرية لتقديمه للطلاب أصحاب الأسلوب البصري… بينما في بيئة التعلم الإلكترونية التقليدية يتم إعداد المحتوى وتقديمه وكأنه مقدم لطالب واحد فقط.

ج- سيناريو التعلم الإلكتروني

في بيئة التعلم التكيفية يتم إعداد السيناريو بشكل يُوضح طرق تقديم المحتوى لأساليب التعلم المحددة في إجراءات البحث… فيختلف، مثلا، سيناريو البيئة المقدم للأسلوب السمعي عن المقدم للأسلوب البصري… بينما في بيئة التعلم الإلكترونية التقليدية يتم إعداد سيناريو ولوحات أحداث واحدة وبطريقة واحدة لجميع الطلاب.

د- الفروق الفردية

تقوم بيئة التعلم التكيفية على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين أو المتدربين، وذلك بتبنيها مبدأ تنويع طرق تقديم المحتوى، بينما لا تراعي بيئة التعلم الإلكترونية التقليدية الفروق الفردية بشكل كبير بين المتعلمين.

هـ- الأنشطة التعليمية

تقدم الأنشطة التعليمية في بيئات التعلم التكيفية بشكل يتناسب مع كل أسلوب تعلم وفقاً لطبيعته، بينما في بيئات التعلم الإلكترونية التقليدية يتم تقديم الأنشطة التعليمية بشكل عام للطلاب جميعهم دون مراعاة لأنماط تعلمهم المختلفة.

و- فُروقات أخرى

– يتم تصميم بيئة التعلم التكيفية بطريقة تسمح بتقديم نفس المحتوى بطرق متعددة.
– لابد أن تتوفر بيئة التعلم التكيفية على محتوى متعدد طرق التقديم و إلا أصبحت بيئة إلكترونية تقليدية.
– أثناء إعداد سيناريو التعلم في بيئة التعلم التكيفية لابد من توضيح الطرق المستخدمة لتقديم المحتوى مثل “سمعي، بصري، حركي، شمولي، تسلسلي، تأملي”… وفقاً لأساليب التعلم.
– يتم تقسيم العينة في البحوث العلمية التي تستخدم بيئات التعلم التكيفية وفقاً لأساليب التعلم المحددة بالدراسة من خلال استبيان معد لهذا الغرض، يتم تطبيقه على عينة البحث لتصنيفها وفقاً لأساليب التعلم المحددة سلفاً.